الدبمقراطية نظرية اقتصادية، لأن الاقتصاد عمودها الفقري، ومن غير نظريات وعقول ورؤى وتصورات واستثمارت وتنميات ومشاريع اقتصادية، لا وجود للديمقراطية إلا في أوهام الأصابع البنفسجية أو الملونة بأي لون آخر. ذلك أن تجرد الديمقراطية من النشاطات الاقتصادية، يعني تفريغها من جوهرها ومحتواها وتحويلها إلى وسيلة لتدمير البلاد والفتك بالعباد.
لأن الديمقراطية الخالية من القوة والقدرة الاقتصادية، تتحول إلى نقمة ومصدر إقلاق وتخريب وتدمير وتشرذم وتهجير وتشظي، واندخار في كينونات وفئويات ومذهبيات وتحزبات تتناحر وتتفاني لإبادة بعضها البعض، وكأنها تتراقص أمام أجيج الويلات التي ستحرقها وتنهيها.
فما أن ينعدم السلوك الاقتصادي في الديمقراطية، حتى تمتلك أدوات التفتت والتفرق والإضعاف والخسران، وهذا واضح في المجتمعات التي تتغنى بالديمقراطية وهي تجهلها بالكامل، وتحسبها صناديق اقتراع وحسب، أو وسيلة للقبض على الكرسي لا غير، وهذا المطب الذي وقعت فيه المجتمعات التي فُرضت عليها الديمقراطية أو استوردتها كأية سلعة أخرى، أدى بها إلى ما هي عليه من التداعيات والتفاعلات الاستنزافية المروعة.
وعليه فإن من الواجب استرداد الوعي الديمقراطي ومعرفة المرتكزات الأساسية الكفيلة بصناعة الحياة الأفضل، وهذا لا يكون إلا بتوفر العقول الاقتصادية الماهرة النزيهة الساعية لتنمية حقيقية، وإستثمارات في كافة الميادين والمواقع والموارد والأفكار، والإسهام بتأسيس البنية التحتية للنشاطات البحثية والمعرفية التي تعبّد الدروب نحو صيرورة متنامية، ذات آليات توفير فرص العمل وزيادة الإنتاج، وتلبية الحاجات الأساسية للإنسان الذي يعيش في أجواء ديمقراطية.
فلا يمكن القول بالديمقراطية كما هي عليه في مجتمعاتنا، التي تعيش في مآزق اقتصاردية صعبة وشديدة التفاعلات، مما يزيد في قهرها واحتقان طاقاتها وانصفاد قدراتها، فيدفع بها للانفجارات والتفاعلات المنفعلة العدوانية على الذات والموضوع، فتتحول إلى عصف مأكول يتصاعد منه دخان الخيبات والانكسارات الأليمة.
فهل سيتحقق الوعي الاقتصادي ونؤمن بأن الديمقراطية بحاجة لنشاطات اقتصادية، ذات قيمة تنموية متطورة تساهم في بناء الإنسان وما حوله وتمنحه الأمل بمستقبل زاهر سعيد؟!!
تساؤل في زمن يتوهم بالديمقراطية!!
واقرأ أيضاً:
القرارات ومحكمة الزمن؟!! / كليلة ودمنة، وأمة في محنة!! / معا نكون وضد بعضٍ لا نكون!! / التعري الديمقراطي!!