إغلاق
 

Bookmark and Share

حكايات صفية :تفاصيل صغيرة ::

الكاتب: صفية الجفري
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/04/2005

بسم الله الرحمن الرحيم

(الحب الكبير تقتله كثرة الأسئلة الصغيرة)...
توقفت متأملة عند هذه العبارة في رواية (طوق الياسمين .. رسائل في الصبابة والشوق والحنين) للكاتب الجزائري واسيني الأعرج ...

كيف تقتل الحب الكبير الأسئلة الصغيرة، وهل ينسج الحب الكبير والعميق والقوي إلا صدق التفاصيل الصغيرة، وشفافيتها ؟

أم لعله يعني أن الحب الكبير إذ ابتنى واعتلى في النفس فكثرة الأسئلة الصغيرة علامة على أن السائل لم يفهم بعد .. ولم يدرك بعد .. وأن بناء الحب في قلبه كقصر من رمال على شاطئ بحر هائج ... لأن أوان الأسئلة الصغيرة التي تصنع التفاصيل الصغيرة للحب المتين بجميع ذراته وجزيئاته هو في البدايات لا النهايات .... وبقدر إشراق البداية ووضوحها وجلائها وصدقها . تكون النهايات الصافية ...

والنهايات هنا لا غاية لها .. هي كمالات يرتقي فيها أهل صدق المحبة ......

وحيث صدقت المحبة، وصح الود، بعد أن امتحن الحب بشدائد المحن، فصمد كما يصمد أهل الهمم العالية في مواطن الشدة، فيكون التماس العذر بعد العذر، فإن أعيت المرء الأعذار فليتهم حينئذ نفسه، وليعد باللائمة على قلب عجز عن الفهم أو العفو والصفح، فإن أبى القلب إلا السؤال والعتب، فليكن كما قال الشاعر :
           
عتبتم فلم نعلم لحسن حديثكم        أذلك عتب أم رضا وتودد

لي صديقة أنا بها أغنى وأسمى .. ساقها إلي دعاء مُلِحُُّ للكريم الودود أن يهبني صحبة أهل الصدق ... فكان أن توثقت صداقتنا وارتقت أخوة أسأله تعالى أن يتقبلها فيه ..
مرت صديقتي هذه بتجربة صداقة مع أخت لنا .. وكانت صداقتهما تظهر للعيان قوية متينة .. لكن كل شيء تغير و لكأنه لم يكن بينهما كل ذلك التفاني .. والسبب كان عجز أختنا تلك عن فهم التفاصيل الصغيرة، وعن الإجابة عن الأسئلة الصغيرة بعد أن قطعا طريقا طويلا من التآزر في طريق الخير والعلم والحياة! ولعل الروح لم تكن توائم الروح حقا، ولو كانت كذلك فإن الأسئلة الصغيرة في النهايات تظل صغيرة لا تقتل الحب الكبير!

الأستاذ الكبير عبد الوهاب مطاوع -رحمه الله رحمة الأبرار- تعلمت منه درسا في هذا المعنى .. حكى في كتابه (صديقي لا تأكل نفسك) قصة لأحد الأدباء العالميين عن مجموعة من القنافذ اشتدت بها الريح في يوم عاصف، فاقتربت من بعضها وتلاصقت طلبا للدفء والأمان، فآذتها أشواكها، فأسرعت تبتعد عن بعضها ففقدت الدفء والأمان، فعادت للاقتراب من جديد لكن بشكل يحقق لها الدفء والأمان، ويحميها في نفس الوقت من أشواك الآخرين، ويحمي الآخرين من أشواكها، فكان أن اقتربت ولم تقترب، وابتعدت ولم تبتعد ....

وكان من تعليقه
-رحمه الله- على هذه القصة قوله: وهكذا ينبغي أن نفعل نحن، أن تكون لنا دائرتنا الخاصة التي لا يقترب منها سوى الأصفياء وحدهم، الذين امتحنا صدقهم وإخلاصهم ومودتهم ..

وأزيد على ذلك امتحاننا لمواءمتهم لنا روحا.. إن هذا الامتحان في تصوري- أصعب من امتحان الصدق والإخلاص، لأنهما قد يوجدان فنغفل بهما عن التوثق من مواءمة الروح مواءمة تكفل استمرار الصداقة، وصمودها أمام الأسئلة الصغيرة أو الكبيرة، وإذا تجاهلنا تحقق المواءمة فينبغي أن لا يستغرقنا الألم أو الحزن كثيرا أو قليلا إذا هوى الصرح الكبير المتوهم، وليبقى الود والفضل فهذه سمة الكرام ...

وشكرا لوقتكم

تم تحريره بحمد الله في :
يوم الأحد : 15/3/1426هـ
24/4/2005م

لإبداء الرأي والمشاركة : safi_maganin@hotmail.com  

اقرأ أيضاً على صفحتنا تقارير وأخبار :
حكايات صفية: المكلا .. ملامح إنسانية!  / حكايات صفية:المكلا .. لمحات إنسانية 2 / صفية: المكلا .. لمحات إنسانية3  / المكلا ..لمحات إنسانية 4 /المكلا .. لمحات إنسانية (5)/ حكايات صفية : التسامح .. فضيلة المتناقضات . / حكايات صفية: الملائكة تلعن النساء فقط؟!  / حكايات صفية: لأنك إنسان! / حكايات صفية: ثرثرة صيفية !! / حكايات صفية: نسيم أهل الحجاز /
حكايات صفية: مساحات رمادية/حكايات صفية: المكلا .. لمحات إنسانية ( 6 )



الكاتب: صفية الجفري
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/04/2005