إغلاق
 

Bookmark and Share

تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(2) ::

الكاتب: أ.د.يحي الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/10/2005

تكلمنا في الأسبوع الماضي كيف يمكن أن نصف الأرق (الإرادي)، كعلاج للأرق، خاصة النوع الشخصي (غير الموضوعي) بأن نطلب من المريض ألا ينام، على مسئولية الطبيب، وبينا كيف أن هذا أمرا غير مألوف فيما شاع عن الطب النفسي من أنه ترييح، وتطليع اللي جوه، أو كيمياء زائدة وأخرى ناقصة، وكلام من هذا، ننتقل اليوم لمرض من أصعب الأمراض. وأكثرها إشقاءا لصاحبها.، وهو ما يسمى بنوبات الهلع.

يأتي المريض وهو يشكو من نوبات رعب. مفاجئ جدا بدون سبب ودون توقع يصاحب هذا الرعب كل الدلالات الدالة على اضطراب حاد في الجهاز العصبي السيمباثاوي يتصرف في هذا الحال كان الخطأ حادث فعلا وقادم فورا، ومن ذلك خفقان القلب وسرعة التنفس المتلاحقة والنهجان حتى الاختناق وعرق الكفين، ( وأحيانا القدمين أو كل الجسم ) وشعور بقرب النهاية،( الموت ) فعلا، عادة تكرر هذه النوبات :

 أولا بشكل متباعد ثم متلاحق دون مثير غالبا هل يمكن برغم كل هذه المعاناة أن نعالج هذا المريض بوصفة الأعراض ؟ ما أقسى أن يبدو ذلك لأول وهلة .

دون تعميم، هذا جائز قالوا وكيف كان ذلك؟ .

قلت : يأتيني المريض عادة وهو يتعاطى ما تيسر له من عقاقير سبق لزملائي الأفاضل وصفها، ولم تأتي بالنتيجة التي يرجونها .

لا لتقصير أو خطا في الوصفة أو ضعف فاعلية العقار ولكن لان هذا من طبيعة هذا المرض يقول لي هذا المريض صادقا أنا أموت في اليوم عدة مرات أنظر إليه لأستوثق من درجة ما من ثقته في شخصي، وأعقب سائلا، لكنك لم تمت ولا مرة من هذه المرات؟ يحتج أو يضحك، أو يتهمني أنني لا أشعر بما يعانيه ويتطور الحوار ببرود في الظاهر من ناحيتي مع احترام جدية شكواه، واحتجاج رافض من ناحيته مع محاولة فهم موقفي، وقد يستمر الحوار في هذا الاتجاه لجمل قصيرة (أرجو أن أوضح أن هذا الحوار لا يأخذ شكل الإقناع) أو الإيحاء بل هو بمثابة إلقاء الحقائق كما هي في وجه المريض، ومضاعفة في تحميل الطبيب مسئوليته ) قد تتطور الثقة – ولو من جلسة واحدة إلى درجة تسمح لي أن أقول له إنني مع الخفقان لأنه دليل الحياة ، ومع التفاعلات العصبية المزعجة (السابق ذكرها) لأنها دليل يقظة الجهاز العصبي، وأنني كطبيب مسئول عما يترتب عليها، وفي بلدي الطبيب والد ومسئول جدا، ثم نتفق على أن نرحب بكل ما يحدث برغم كل المعاناة ولو لمدة أسبوع بدلا من مقاومتها والجري ورائها دون طائل، مثلما حدث لسنين مضت، ( عادة ) .

أصف له أن يقبل الأعراض، بل أن يفتقدها إذا غابت، وان يمتنع عن كل الأدوية ولو لمدة أسبوع، قد يمتد بعد الاستشارة إلى اثنين فأكثر، بحسب الاستجابة ونمو الثقة بيننا وقد تتحسن الحالة ونبدأ طريقا جديدا وقد يذهب لمن هو أحدق مني ويتبع أسلوبا آخر، وفي ذلك خير .

اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: الشعب المصري ملطشة
تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(1)



الكاتب: أ.د.يحي الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/10/2005