إغلاق
 

Bookmark and Share

القعقاع بن عمرو.. ونهى الزيني ::

الكاتب: حبيب الرحمن
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/11/2005


شجون هي وأشجان أحاديث أمتي!!

كان لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع عمرو بالعاص رضي الله عنه موقف لطيف في فتح مصر، فقد بعث إليه عمرو يطلب مددًا؛ فأرسل إليه أربعة رجال! فتعجب عمرو بن العاص وأرسل لعمر يستوضحه؛ فردَّ عليه: إن كل رجل من الأربعة هو بألف رجل، وقال له أيضًا: «والله لصوت القعقاع في المعركة خير من ألف رجل»!!

وقد روي أن الذي قال ذلك هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ حيث قال: «صوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل»!!

وتحقيق النصِّ له مقامٌ آخر، ولكن الشاهد من الكلام هو أنني لا أدري ما الذي ذكرني بتلك الواقعة حينما قرأت حول أحداث انتخابات مجلس الشعب المصرية، فأثار انتباهي موقف الفاضلة الدكتورة المستشارة «نهى الزيني»؛ نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، وما أعلنته حول قضية التزوير في «دمنهور» لصالح الدكتور «مصطفى الفقي» مرشح الحزب الوطني، ضد مرشح الإخوان الدكتور «جمال حشمت».

نعم.. أقسم بالله لقد تذكرت تلك الواقعة!

تسألني: لِمَ؟!

فأجيبك: لقد وقع في نفسي أن هناك وجهًُا للشبه بينها وبين سيدنا القعقاع بن عمرو رضي الله عنه؛ فهي امرأة صوتها في المعركة خير من ألف رجل!!

وأرجو ألا يثور بعض المتشدقين المتحذلقين؛ ولا يرون في مقالتي شيئًا سوى أنني أشبِّه امرأة من عصر الجاهلية الحديثة (والعياذ بالله) بصحابي جليل من خير القرون، وأرجو أن يتفهموني بعقولهم قبل أن يحاكموني بألسنتهم.

فلقد تعجبت.. لماذا لم تصمت تلك الأنثى عندما صمت الذكور أشباه الرجال؟!

لماذا لم ترتعب من أجل منصبها الرفيع؟!

لماذا لم تكن أشدَّ حرصًا على حياتها -التي هي على ما أظن- هادئة وادعة؟!

لماذا آثرتْ أن تسبح ضد التيار؟!

لماذا أبتْ إلا أن تكون حادي الركب ورأس القافلة؟!

لماذا جهرت بالحقيقة في وقت تُدفن فيه الرؤوس حتى الآذان في الرمال؟!


فصرَّحت بأن الانتخابات قد زُوِّرت، وأنها على استعداد للشهادة بذلك أمام أي محكمة أو لجنة قضائية، صارخة في وجه القضاة: «أستصرخ همة القضاة الأحرار أن يتوقفوا عن المشاركة في الانتخابات؛ حتى ينالوا استقلالاً حقيقيًّا يمكِّنهم من السيطرة الحقيقية والكاملة على العملية الانتخابية من أولها لآخرها، وأن ينسب التزوير إلى غيرهم خير من أن ينسب إليهم»!

كم من الإرادات زُيِّفت على أصحابها!


كم من الرجال في مواقع بغير وجه حق! وكم غيرهم حجبوا عن مواقع بلا وجه حق!!

لماذا آثرت أن تتكلم؟!!

أي معدن فريد من النساء (بل من الرجال) هي؟!

ثم انظر إرادة الله؛ حين شاء ألا يذهب جهدها سدى؛ فأثارت تصريحاتها المياه الراكدة، وأجبرت النهر على تغيير مجراه! فأكد المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض ورئيس لجنة نادي القضاة أن: «القضاة يساندون المستشارة نهى الزيني في شهادتها، ونحن نقف معها حتى لا تضار من شهادتها»، وأكَّد أيضًا: «أن لجنة النادي لمراقبة الانتخابات تلقت عشرات الشهادات بشأن التجاوزات التي حدثت في الانتخابات في «دمنهور»، وتؤكد شهادة المستشارة «نهى الزيني»، وأنه جار التحقيق بشأنها».

مما أثبت أن صوتها بالفعل كان خيرًا من ألف رجل!!

لقد ارتأيت أن كتابة تلك الكلمات البسيطة هو حق واجب الأداء عليَّ تجاه تلك النجيبة؛ اعترافًا بحق المحسن في أن يُقال له: أحسنت، طالما أننا لا نستطيع أن نصرخ في وجه المسيء: أسأت!!

ومن صميم الحديث عن ذلك الموقف أن أتعرض للصورة المواجهة في المِرآة، من رجلٍ ما زلت أكنُّ لفكره ورأيه الاحترام، وأرى أنه من ألين أهل الحُكم عريكة، وأقربهم إلى الناس مودة، وأظن أن ما جرى لم يكن بيديه، وأن ما يقوله ربما يكون مجبرًا عليه، أو أنه يقوله في غمرةٍ من الكِبر وعزة النفس بالباطل، قد يمرُّ بها أيٌّ منَّا، وليس العيب في أن نخطئ، ولكن العيب هو أن نكابر الحق ونغالبه، وخير الخطائين التوابون!

وأعني بالكلام السابق الدكتور «مصطفى الفقي»، الذي صرح بكلام غريب لا يشبه نسق كلامه؛ من اتهام السيدة في كلمتها، وبأنها على اتصال بالإخوان، وأنها على صداقة بالدكتور«حشمت»، وأن خالها -الذي لا يذكر اسمه حتى- كان من الإخوان!!

وقد نفت السيدة غالب هذا الكلام، وأكدت أن لا هذا المرشَّح ولا ذاك يمثلان بالنسبة لها شيئًا، إلا إحقاقًا للحق!

وأظن أن القول في هذا المقام قولها؛ فكمْ من الإخوان من المستشارين والقضاة، ونربأ بسيادته عن أن يكون جاهلاً بذلك، فلماذا كانت هي الوحيدة الناطقة
؟!

ثم دعوني أتلقف ذلك التصريح بالطريقة المنطقية:

إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!

إن كانت سيادة المستشارة صادقة؛ فهي مصيبة ولا ريب في حق النظام الحاكم!

وإن كانت كاذبة فالمصيبة أعظم!!

إذ كيف وصلت إلى ذلك المنصب الرفيع، وتدرجت إلى نيابة رئيس هيئة النيابة الإدارية في مصر وهي امرأة كاذبة لا يوثق بأمانتها؟!

هل ارتضى النظام أن تكون نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية بوزارة «عَدْله» كاذبة؟!!

أتوجه للرجل بالنداء لعله يصله، وأتلو على مسمعه مقولة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري قاضيه، رضي الله عنهما، ولست أظنه يجهلها؛ حين نصحه قائلاً: «لا يمنعك قضاء قضيته أمس، فراجعت اليوم فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك.. أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل».

وأنا أستصرخ فيك العقل والحكمة يا سيدي، وأقول: مراجعتك للحق خير لك من التمادي في باطل لست بأهله! 

للتواصل:
 
maganin@maganin.com

اقرأ أيضا:
مسرحية الإسكندرية..قراءة ثانية-1  / على باب الله: (أحداث كنيسة الإسكندرية )  / يوميات رحاب: أحداث الإسكندرية..  / مسرحية الإسكندرية.. فوضوية الاستهزاء  / برنامج ((على البحر)) البذاءة تعلن عن نفسها!  / نحن وهُم.. والبون الشاسع 



 



الكاتب: حبيب الرحمن
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/11/2005