إغلاق
 

Bookmark and Share

يوميات ولاء حكايتي مع الكتابة (2) ::

الكاتب: ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 29/12/2005

الطريق إلى أوربا (1)

وقفت معكم المرة السابقة عندما كنت في الصف الثاني الثانوي، وعمري ستة عشرة عاماً، وحينما نشر أول مقال لي وتحركت أفكاري وأصبحت كلمات مطبوع على ورق يقرأه غيري ولم تعد مجرد مذكرات أو يوميات شخصية خاصة بي وحدي، بدأت اكتشف نفسي وما يمكنني أن أفعله في هذا العالم، وعرفت أن أفضل ما يمكنني أن أقوم به في هذا العالم هو الكتابة، وهي المهنة التي يمكن أن تكون مهنتي في المستقبل، وما دعم هذا في أعماقي هو إعجابي بفكرة الإعلام، وأعني الكلمة والوظيفة، وليست أجهزة الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة أو حتى الإلكترونية، فكرة الإعلام بوجه عام استهوتني للغاية، ووجدت انه من العظيم أن أعلم الآخر، وكم هو رائع أن تخبر الناس بما لا يعرفون وان تقول الحق وأن تقف بجوار المظلوم، وان تكون بجوار الحق دائماً وتساعد الآخرين، أحببت فكرة مساعدة الآخرين جداً، وكنت أدعو دائما وأنا لا أزال في المرحلة الإعدادية على ما أتذكر "اللهم أعني على خدمة ديني ووطني" الغريب أنني وقتها لم اكن أفهم أو أعي النصف الآخر من الدعوة، ولكنني وجدتني أدعو بهذا الدعاء دون ترتيب أو قصد، فكنت أعرف وقتها أن خدمتي لوطني تتمثل في تقديم الحقائق للناس وإعلامهم بما لا يعلمون هذه هي خدمتي للناس وللوطن، ثم مع السنوات عرفت ماذا تعني خدمة ديني التي تدخل فيها أيضاً خدمة الوطن، ويدخل فيها أي عمل خير وصالح.

والغريب هو أن أحد أسباب رغبتي الشديدة في احتراف الصحافة والكتابة هو إعجابي بشخصية روائية في الروايات التي كنت أقرأها وبطلها الأساسي صحفي يبحث عن الحق والحقيقة، ويقدم للناس الصدق بضمير وشرف على الرغم من الصعوبات التي يواجهها.

وقد أخبرتكم أنني وضعت الخطة للوصول للهدف، وكان هدفي في البداية الالتحاق بكلية الإعلام، ثم كان والدي العظيم صاحب الفضل الكبير علي الذي دفعني نحو حلم آخر أكثر جمالاً، فإذا كنت أبغي الحصول على مجموع مرتفع في الثانوية العامة لم لا أكون من أوائل الثانوية العامة على مستوى الجمهورية إذاً؟ لم لا أذهب في رحلة ترفيهية ثقافية لأوربا لمدة شهر للفسحة فقط والتمتع بدول من أجمل دول العالم؟ والتنزه وسط غابات أوربا الساحرة، واللعب في (يورو ديزني) مدينة الألعاب العالمية الشهيرة التي أسست على غرار (ديزني لاند) في الولايات المتحدة، (وأنا بالمناسبة أعشق اللعب في مدن الملاهي وأماكن الترفيه - مثل الأطفال تماما-ً، وأهوى ركوب الألعاب الخطرة، وكلما زاد الخطر زادت متعتي واستمتاعي بها) ومن هنا كبر الحلم واتخذ شكلاً جديداً فلم يعد مجرد دخول كلية الإعلام يكفي بل الهدف هو أن أكون من أوائل جمهورية مصر العربية، وأتذكر أن والدي رحمه الله كان يستغل هذه النقطة بداخلي للغاية وهي حبي للفسح والخروج وإعرابي أكثر من مرة أنني أحلم بزيارة أوربا للفسحة والتجول بها، بدأ يلعب على هذا الوتر بقلبي، وبدأت أستجيب له .

فقد كان يجلسني لمشاهدة البرامج التي تستضيف أوائل الثانوية العامة وتظهر فرحتهم وكان دائما يقول لي أمام شاشة التليفزيون: (تستطيعين أن تكوني مثلهم ...هم ليسوا أفضل منك، ابذلي الجهد ولابد أن يسدد الله خطاك، ولن يضيع الله تعبك أبداً) ولا تزال كلمات هذا الرجل العظيم (مدرس الرياضيات والأب والمعلم المثالي) هي مقود حياتي كلها والشعلة التي تنير لي الطريق رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته، فلولاه لما عرفت لذة النجاح ولما أدركت أن الحياة لا تأتي إلا لكل مجتهد واثق من الله .

وخطتي بدأت في التنفيذ بوصل الليل بالنهار في ساعات استذكار تدريجية بدأت في أول الأمر بساعات قليلة حتى وصل في الأسابيع القليلة قبل الامتحان إلى ما بين 10 إلى 13 ساعة مذاكرة يومياً، وكنت أحمس نفسي دائماً بان الله لن يضيع تعبي هباء وأنه كلما بذلت جهدا كبيرا كلما كانت النتيجة ممتازة.

وكان ما يزيد الأمر صعوبة هو أن دفعتي للثانوية العامة (دفعة 1995) كانت هي الدفعة المزدوجة، والتي كانت آخر دفعة من الصف السادس الابتدائي وكانت معها أيضا الدفعة التي حصلت على الابتدائية بالوصول للصف الخامس فقط، فكنا دفعتين معاً، وكان عددنا وقتها 410 ألف طالب وطالبة وكانت أكبر دفعة تأتي في تاريخ الثانوية العامة وقتها (وطبعا الآن العدد يتجاوز هذا)، وكانت الشائعات متداولة بين الجميع أنه من الطبيعي أن تكون الامتحانات في غاية الصعوبة حتى يتم تصفية الناجحين بحيث يقل عدد المقبولين في الجامعات والمعاهد لأن الدفعة مزدوجة، وكانت فعلاً الامتحانات صعبة، ولا أنسى أبداً امتحان الجغرافيا الطويل والمعقد ومكتظ بخرائط، ولا امتحان اللغة العربية الذي يترك غزو التتار لمصر ويسألك عن ماركة ولون السيراميك في بلاط السلطان على رأي الراحل الجميل علاء ولي الدين في فيلم الناظر، ولا أنسى امتحان الإحصاء الذي احتوى على أفكار جديدة تماماً في المسائل.

أما المفاجئة المحزنة والمؤلمة وهي أننا اكتشفنا مرض أبي رحمه الله بمرض خبيث في منتصف الامتحانات وقبل انتهاء آخر امتحان ليلة امتحان اللغة الإنجليزية تحديداً، وأنه في مراحله الأخيرة .

وكم كان هذا قاسياً وصعبا ًومؤلماً، وكم كان الأصعب هو أن تخفي عنه حقيقة المرض وأن تتصرف معه وكان الأمر عارضاً والدواء سيأتي بمفعوله مثل أي حالة أخرى
!

عانيت كثيراً في هذه الفترة وقاسيت، ولن أسترسل في هذه النقطة، وانتقل بكم مباشرة إلى ليلة النتيجة مباشرة صباح قلق لأني انتظر النتيجة التي تعبت من أجلها كثيراً، ولأني انتظر ما يفرحنا في هذه الظروف القاسية، ولأني فعلاً كنت أريد إسعاد أبي المريض وأمي التي تعبت كثيرا من أجلي ومعي حتى انتهيت من امتحانات الثانوية العامة، والذي زاد الأمر قلقاً بالنسبة لي أنني حلمت يومها أنني حصلت على مجموع 71% واستيقظت من النوم أبكي لأن هذا المجموع طبعاً لن يدخلني أبداً كلية الإعلام !

ماذا كانت نتيجة الثانوية العامة؟ وهل تحقق الكابوس الذي حلمت به ليلة ظهور النتيجة ؟ أم استطعت التخفيف عن أسرتي حزن مرض أبي؟

هذا ما أخبركم به في المقال القادم...

فلكم تحياتي وشكري لسعة الصدر .

 *للتواصل:
 
maganin@maganin.com


*اقرأ أيضاً :
يوميات ولاء حكايتي مع الكتابة (1)
/ رجل وإمرأة (1)/ رجل وامرأة...(2) / يوميات ولاء : نيولوك أم قولبة ؟ / يوميات ولاء: اسمه أحمد ! / اعترافات أنثى : وأنا ...مسترجلة ! / اعترافات أنثى: متهمة بــ..الرومانسية ! / عندما تقول المرأة :"والنبي أنا عتريس..!" / يوميات ولاء: لو كنت كفيفة / ليسوا وحدهم أصحاب الديك البلاستيك ! / لسه جوانا شيء يعشق الحياة !


 



الكاتب: ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 29/12/2005