إغلاق
 

Bookmark and Share

المؤتمر القومي السابع لطب الكوارث ::

الكاتب: أ.عيد حسن
نشرت على الموقع بتاريخ: 12/06/2006

 

المؤتمر القومي السابع لطب الكوارث يكشف:
العشوائية تحكم إدارة الأزمات

إدارة أزمة كارثة عبارة السلام وتفجيرات دهب الإرهابية في جنوب سيناء كانت محور فعاليات المؤتمر القومي السابع والدورة المكثفة عن طب الأزمات والكوارث الذي نظمته الرابطة العربية للتعليم الطبي المستمر بالتعاون مع الجمعية الخيرية العلمية للرعاية المركزة للمرضى، عقد المؤتمر فعالياته تحت رعاية الدكتور علي أحمد العبد وبمشاركة طب عين شمس بالتعاون مع مركز تدريب طب الأزمات والكوارث بطب الزقازيق.

أكد الخبراء المشاركون في المؤتمر على غياب إستراتيجيته لإدارة الأزمات والكوارث في مصر والتي لم نعرفها إلا مع زلزال 1992 حيث تفتقد إدارة الأزمات في الكوارث إلى التنسيق والتعاون بين الجهات المنوط بها التحرك السريع والفوري لمعالجة تداعيات الأزمة وهو ما ترتب عليه قصور كبير في الكوارث الأخيرة وأبرزها كارثة غرق عبارة السلام في البحر الأحمر حيث الاتصال وسرعة استجابة بطيئة وإدارة الأزمة بأسلوب عشوائي فلا تدريب على طب الكوارث والأزمات ومستشفيات وزارة الصحة غير مؤهلة للتعامل مع الكوارث شبه الأسبوعية كما أنها تفتقد إلى التعاون مع المستشفيات الجامعية بجانب إسقاط البعد النفسي في تهدئة الناجين وأهالي الضحايا وهو أول من يذهب إلى مكان الحادث في فرنسا مما يترتب عليه آثار نفسية سيئة تمتد لسنوات لأهالي الضحايا والذين يقدر عددهم ب7 آلاف شخص في حاجة ماسة إلى مساندة نفسية.

طالب الخبراء بإنشاء مركز فني لبحوث الأزمات واستخدام سجل الأسنان وبصمة القدم في التعرف على أشلاء الضحايا حيث تكون هناك صعوبة في استخدام dna خاصة في حالات الجثث المتهالكة كما حدث في العبارة مع الارتقاء بإستراتيجية طب الأزمات والكوارث..

أكد الدكتور عاطف رضوان -مدير وحدة الأزمات بطب الزقازيق- على غياب إستراتيجية متكاملة للتعاون مع إدارة الكوارث والأزمات حيث أفرز الواقع غياب التعاون بين مؤسسات الدول المعنية بالتعاون مع الأزمات فلا يوجد تأهيل للجان ولا تدريب مع الكليات المنوط بها التخطيط لمواجهة آثار الأزمة سواء تمثلت في كليات الطب أو الهندسة أو التجارة ولذلك لابد من تدريس علوم الأزمات والتنسيق بين خدمات الطوارئ في مصر وعمل مناورات مشتركة واجتماعات متبادلة بين الجهات المنوط بها إدارة الأزمات مع ضرورة دعم القرار السياسي لمساندة التعاون والتخطيط لإدارة الأزمات على المستوى العملي بجانب إنشاء مركز للبحوث الفنية للأزمات وقاعدة معلومات للبيانات على المستوى الدولي للاستفادة من خبرات الأزمات السابقة وإضافتها للخطط المستقبلية ونشر ثقافة الأمان والتعاون مع الأزمات خاصة أن المواطن هو المستجيب الأول لأي أزمة مع أعمال شبكة اتصال بين مؤسسات التعاون مع الأزمة.

يضيف الدكتور رضوان أن هناك قصور في القيادة المسيطرة لإدارة الأزمات بحيث لا يستطيع أحد التنبؤ بأنه لن تكون هناك أزمة أو كارثة لكونها شيئا واردا في أسوأ الاحتمالات مشيرا إلى أن حادث عبارة السلام كشف عن سلبيات كثيرة في إدارة الكوارث الجماعية حيث كان من الواضح أن زمن الاستجابة كان بطيئا من خلال وسائل الاتصال بين القيادة وبين المسئولين بجانب الرعاية الصحية كانت تتسم بعدم الترابط وكذلك الخطة الإعلامية الموضوعة كانت دون المستوى للتعامل مع الأزمة خاصة لاستيعاب أقارب الضحايا من خلال تواجد فريق إعلامي كفء يستطيع استيعاب جمهور المنكوبين من أهالي الضحايا بجانب فريق دعم نفسي لهؤلاء الضحايا وذويهم والذي كان يؤدي إلى تهدئة أهالي المصابين والتعامل معهم بالطريقة العلمية الإنسانية المطلوبة.

ويشير الدكتور رضوان إلى أن مصر لم تعرف طب الكوارث إلا بعد زلزال1992كما لا يوجد تنسيق بين مستشفيات الجامعة ووزارة الصحة رغم وجود كوارث شبه أسبوعية كما أن مستشفيات وزارة الصحة ليس لديها القدرة على مواجهة أي كوارث بالإضافة إلى وجود تفرغ لإدارة الأزمات أو نائب للمسئول للحد من التأخر في اتخاذ القرار المناسب لآن المشكلة لا تكمن في إمكانيات مصر وهي كبيرة لكن انسجام القرار السياسي مع إدارة الأزمة في الوقت المناسب..
منظومة
ويشير الدكتور خالد السيد -أستاذ مساعد بطب الزقازيق وعضو وحدة إدارة الأزمات- إلى أن التعامل مع أي أزمة أو كارثة لابد أن تتم من خلال منظومة فريق عمل متكاملة لديه الخبرة والتدريب الكافي لتحديد الدور المنوط به في إدارة الأزمة خاصة أن الكوارث المفاجئة كما حدث في غرق عبارة السلام والحادث الإجرامي في دهب ينجم عنه هرج ومرج يبعث على الخوف وبدون السيطرة على الحدث ينجم عن ذلك زيادة في أعداد الضحايا أو المفقودين ولذلك يكون بداية عمل فريق إدارة الأزمات هو السيطرة على موقع الحدث من خلال قائد واحد لكل فريق من منظومة العمل سواء كان المشارك من الدفاع المدني، أو الشرطة أو الإسعاف والخدمات المعاونة حيث يتم تحديد كردون لمنظمة الحدث للدخول والخروج بحيث لا يسمح إلا للمؤهلين من الفرق التي تتعامل مع الحادثة لأن نسبة المخاطرة في هذه المنطقة تكون عالية سواء كانت منطقة حريق يحتمل وجود أشياء أخرى قابلة للانفجار أو انهيار قد ينجم عن انهيارات أو انفجارات أخرى.
 
ويطالب الدكتور خالد بأن تكون منظمة الخدمات والإسعاف آمنة في منطقة بعيدة عن المنطقة الخطرة حتى لا تزداد المخاطر كما حدث في انهيار بعض العمارات على بعض فرق مواجهة الكارثة بجانب وجود مداخل ومخارج لسيارات الإسعاف بدون عوائق لأن التعامل مع الأزمة في ظل إستراتيجية علمية متكاملة بين جميع الجهات المنوط بها مواجهة آثار الكارثة يخفف من حدتها ويقلل من نسبة المخاطر المحتملة ويحدد من زيادة عدد الضحايا مع ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة في مواجهة الأزمات وعلاج أوجه القصور بأسلوب علمي قائم على التدريب والتأهيل والتعامل بين فريق العمل لإدارة الأزمة.

آثار نفسية

الآثار النفسية التي تتركها الكوارث والأزمات رهيبة على حد ووصف الدكتورة داليا مؤمن -مدرس الطب النفسي بآداب عين شمس عضو مركز التدريب على طب الكوارث والمستشار النفسي عبر الإنترنت- حيث تستمر الآثار النفسية لسنوات طويلة ليس عند هذا الحد فحسب بل قد تظهر هذه الآثار بعد سنوات حيث يظل الشخص يتذكر الكارثة وكأنه يعيش فيها ويحلم بها وتؤثر على عمله ودراسته وعلاقته بالآخرين نتيجة لذلك فإن طرق التدخل النفسي جزء من إدارة الأزمة ففي فرنسا مثلا يربك الأخصائي النفسي ويختار الطبيب النفسي المناسب إلى موقع الحادث ويكون التدخل أثناء الكارثة وذلك عن طريق تحديد الأشخاص الذين كان رد فعلهم غير طبيعي للأزمة كالوقوف أمام الحرق أو الجري نحوه أو الهياج والعنف حيث يتدخل الطبيب النفسي في ذلك الوقت أو يشخص هذه الحالات ويقدم لها العناية النفسية حتى تصل إلى المستشفى.

وتضيف الدكتور داليا بعد حدوث الكارثة بفترة تتراوح بين يومين أو21يوما يتم عمل مناقشات جماعية مع الناجين ومع أهالي الضحايا ويتم عمل ما يسمى "بالتفرغ النفسي" وهو نوع من الفضفضة عما حدث وذلك حتى يعبروا عن كل انفعالاتهم ومشاعرهم أثناء الكارثة ويتم تعليمهم كيف يتعاملون مع حياتهم النفسية ومشكلاتهم الاجتماعية وقد بدأ بالفعل تطبيق مشروع للمساندة النفسية في الكوارث بعد كارثة العبارة فعدد الركاب1450راكبا وكل واحد منهم تأثر أسرته بالموضوع وهذا يعني أن هناك حوالي 7 آلاف شخص يحتاج إلى مساعدة نفسية.

تعديلات تشريعية

وتكتشف الدكتور منى قطب -أستاذ الطب الشرعي بكلية الطب بجامعة عين شمس- عن غياب تقنيات حديثة في تحديد هوية الضحايا في الكوارث الجماعية كما حدث مؤخرا في حادثة العبارة المنكوبة حيث توجد صعوبة بالغة في استخدام الحامض النووي dna في التعرف على أشلاء الجثث التي أصابها العفن وتعرضت للتشوهات من أسماك القرش لأن هناك مراحل في آخذ العينة من خلال الدم أو الأنسجة، وفي حالة تعذر ذلك يتم أخذ عينة من العظام لكن في حالة الكوارث الجماعية وتعذر استخدام الحامض النووي لتحديد كل جثة يستوجب ذلك إدخال تقنيات حديثة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ما يسمى بسجل الأسنان أو بصمة القدم وهي من الوسائل التي تحدد هوية الضحايا بسرعة في حالة الكوارث الجماعية، وهذا يستوجب إدخال تعديلات تشريعيه للاستعانة بهذه الوسائل المتقدمة في الطب الشرعي.

ويضيف الدكتور قطب أن هناك عدم تكامل بين منظومة العمل المنوط بها مواجهة آثار الكوارث في حالة وقوعها وهذا يزيد من تعقيد إدارة الأزمة وزيادة المخاطر حيث ما زال التعاون الكامل مفقودا بين الصحة والجامعة فيما يتعلق بالمستشفيات وكأنها جزر منعزلة حيث يدار كثيرا من الحوادث بطريقة عشوائية.
 
تدريب

وعن مشروع المساندة النفسية في الأزمات يقول الدكتور مدحت الشافعي -أستاذ الباطنة والمناعة الإكلينيكية بطب عين شمس رئيس المؤتمر- أنه يتم على أربع مراحل الأولى تم تدريب 50 شابا وفتاة من صناع الحياة على مدار ثلاثة أيام كاملة على المساندة النفسية أثناء الكوارث على يد البروفيسور لويس كروك -أستاذ الطب النفسي بجامعة باريس- والدكتور سعاد -الأخصائية النفسية الإكلينيكية بمركز الكوارث بفرنسا- كما ساهم في التدريب الدكتور داليا مؤمن -مدرس علم النفس بآداب عين شمس- وتحرك الشباب المدربون إلى بلادهم باحثين عن أسماء الناجين وأهالي الضحايا في الشئون الاجتماعية أو بالجهود الذاتية، وبدءوا في عمل ما تدربوا عليه وحولوا الحالات التي تحتاج إلى علاج نفسي إلى الأطباء النفسيين الذين تم الاتفاق معهم على تقديم العون اللازم.



الكاتب: أ.عيد حسن
نشرت على الموقع بتاريخ: 12/06/2006