إغلاق
 

Bookmark and Share

على باب الله: أنا والجهاد وزويل!! ::

الكاتب: د.أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 11/10/2006


كنت قد بدأت في كتابة هذه المدونة ثم شغلتني أمور كثيرة، ثم عدت لأهمية الموضوع، وأهمية الشخص الذي يتناوله، د. أحمد زويل هو رجل يفخر به كل مصري وعربي، فهو مثال حي وجيد، وممتاز على أننا لسنا متخلفين بالوراثة، وأن أوضاعنا الراهنة تخبطا وحيرة وانهيار ليست قدرا مقدورا، وأنه ما إذا ما أتيحت لأحدنا الفرصة الحقيقية فإنه يكون قمة في إبداعه وإنتاجه، ومن تصاريف القدر أن يفوز "نجيب محفوظ" بجائزة نوبل في الآداب عام 1988، بينما يفوز زويل بالجائزة نفسها في العلوم بعد ذلك بسنوات، وكلاهما نتاج مصري، ولكن بمفارقة!! أحدهما نتاج عصر آخر، والآخر نتاج مكان مختلف، إنه عطاء الزمان والمكان حين تفاعل معهم المصري بتكوينه الأصيل، ولكن حاضر المصريين لا يبدو متسقا ولا منسجما بحيث يليق بما ينبغي لهم!!

المهم انتهز الدكتور زويل الانتصار الذي حققته المقاومة في لبنان ليتوجه إلى الأمة بخطاب جديد، وهو غالبا ما يخاطب الجميع، ولكنه هذه المرة تحديدا يتوجه إلى الناس مباشرة، وبتركيز ليتلو عليهم تصوراته عما يحصل، وعما هو ممكن، ونشرت الإندبندنت البريطانية، وترجمت"النهار" اللبنانية، ونشرت بكل فخر واندفاع هذا المقال/النداء إلى الشعوب العربية، فيما هي لا تزال تغرق في ركام الحروب ودمائها، من فلسطين إلى العراق إلى لبنان، والمجتمع الدولي من حولها تائه في تعقيداته لا يجد لها حلا ولا مخارج.. على حد تعبير الجريدة.

ويلتقط المخضرم "غسان تويني" في مقدمة قصيرة كتبها للمقال أن محور كلام زويل هو الحديث عن "الجهاد"... جهاد حقيقي مبني على ركائز أربع تتناول: تغيير الأنظمة السياسية، والتحرر من الأيديولوجية البائدة، ومن عقدة التآمر، إلى آفاق التحديث والتنوير، ويخدم مقدمته بالآية والشعار: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأقرأ ما يقوله "زويل" وأكاد أسعد وأرضى لأن ما كررته مرارا في تحليلاتي وكتاباتي أجد أصداءه في سطور صاحب نوبل العلوم!! لكنني أقتصد في الفرح لأن التشخيص قد يكون ميسورا للبعض، ويبقى الفعل منتظرا من الجميع، كما يقول هو بنفسه.

يتحدث عن أن حروب لبنان وفلسطين والعراق قد كشفت حقيقة أوضاعنا، وكذلك حالة الضمير الجماعي للمجتمع الدولي بما يتعين معه على "الشعب العربي"- هكذا في الترجمة أن يبني بنفسه نظاما جديدا لمستقبل جديد!!

ويمر بسرعة وببراعة على مفارقة أن العرب بناة الحضارات الممتدة في التاريخ الغابر هم أنفسهم من يعيشون حاليا في دول متدهورة الأحوال والأداء، ويردف "واضح أن شيئا ما قد اختل على نحو خطير"!! ثم يعدد الإمكانيات الطبيعية والبشرية والثقافية المتوافرة للشعوب العربية حاليا، صقل الموهبة، وإقامة نظام حكم سليم تبدو شروطا لعدم استمرار الوضع الراهن، بحسب زويل.

ثم ينطلق إلى ركائزه المقترحة للتغيير، فيذكر: إقامة نظام سياسي دستوري ديمقراطي يدعم الحريات، ويشير سريعا إلى حتمية الموازنة بين القيم الدينية ودورها، والقيم العلمانية- بالمعنى الإيجابي- في حكم الدولة، وهو انعكاس فيما يتصور للتوازن بين العقل والإيمان. ثم يتناول أهمية مفهوم وممارسة سيادة القانون بما تعنيه من تطبيقه على الجميع دون تمييز، ومحاصرة الحكم الفاسد وتجلياته.

في البند الثالث يلقي الضوء على ركيزة أخرى خطيرة، وهي إعادة النظر بأساليب التعليم والتثقيف والبحث العلمي بحيث تعمل على ترويج الفكر النقدي، والتحليل المنطقي، والانضباط، والعمل الجماعي. وفي الركيزة الرابعة يلفت زويل النظر إلى أهمية إصلاح الإعلام العربي الذي يرى أغلبه حاليا إنما يقدم عادة مسطحة للأذهان، وبرامج دعائية، ويشيد بقناة الجزيرة، ويدعو إلى تكرار نموذجها من أجل تحفيز العقول بإطلاق مناقشات وحوارات متحضرة في دوائر تتمتع بالحرية والمهنية والحكمة في ظل سيادة القانون. زويل ينسف بهدوء دعاوى الإصلاح التدريجي لأن مساراته كانت غير مناسبة دائما لنظام لم يكن فعالا طوال عقود.

ويحذر "زويل" من لوم الآخرين، أو استخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية منوها إلى أن مسئولية الفرد عن تحسين الذات والمجتمع مذكورة بوضوح في القرآن الكريم:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". ويختم بمناشدة للشعب العربي بألا ينشغل بأيديولوجيات الماضي، ونظريات المؤامرة للمستقبل، ويذكر بأن إتباع السلبية يولد حالا من اللامبالاة، ويكسب الوضع الراهن شرعية. ويدعو المفكرين والزعماء إلى ممارسة أدوارهم التاريخية "إن شاءوا"!!

ويقرر أنه لن يمر وقت طويل قبل أن ينضب النفط، وتهاجر المواهب البشرية، ولكن إذا التزمنا ركائز التغيير، مع الجهاد من أجل الحداثة والتنوير، فسوف نحتل المكان الذي تستحقه في المستقبل. وأتوقف مرة ومرات بعد أن أنتهي من قراءته أمام مصطلح ومفهوم "الجهاد"، وما ناديت به منذ سنوات من "الجهاد المدني"، جهاد البناء والنماء، الجهاد من أجل تفكير نقدي، وتعليم إبداعي، ومنطق عقلاني، ونظام سياسي سليم، وإعلام حر وهادف وفعال!!
 
وأنا أعتبر هذا كله من الجهاد في سبيل الله، بل هو أخطر أحيانا من الجهاد بالسلاح، رغم احتياجنا لكل أنواع البذل والعطاء بحسب الظروف والمتطلبات. وحين كتبت عن "الجهاد المدني" سارع البعض برفض المفهوم ظنا منهم أنه بديل للجهاد بالقتال، أو هربا من جهاد التغيير السياسي الهام واللازم لأوضاعنا، ثم ها هي الأيام تعطينا الدليل تلو الدليل. والدرس عقب الدرس أن سلاح وحده لا يبني نهضة، ولا يصلح فسادا، ولا ينشأ أوضاعا نحتاجها!!

جهاد السلاح وحده فشل في أفغانستان، وهو يتخبط في العراق، ولكنه محاط ببقية أنواع ومسارات الجهاد قد انتصر في لبنان، ويمكنه تكرار الانتصار ومضاعفته إذا كان هناك وعي بنوع المعارك والتحديات، ومسارات استثمار الجهود والطاقات، والمشاعر المتحمسة، والأفكار المتجددة.

كيف يمكن فرز واقعنا حتى ننتقي ما ينفعنا منه، ونعالج ما يحتاج إلى علاج فيه؟! إلى متى سننتظر الحكومات، أو حتى المنتخب من مفكرين أو دعاة؟!
كيف نستثمر نصر "لبنان" في إعادة ترتيب أوضاعنا ثقافة ومجتمعا، فهما وممارسة؟! كيف نبني الاستعداد والدعم للمقاوم، وكل إمكانات القوة بأنواعها؟! كيف يبني "الشعب العربي" بنفسه نظاما جديدا لمستقبل جديد؟!

للتواصل:
maganin@maganin.com

واقرأ أيضًا:
الاختيار دائما.......مدفوع الثمن / مغامرات في السليم، صبرك علينا شويه / الآثار النفسية للحروب على الأطفال / السلام حلم الطفولة في الشرق الأوسط / سامعين أفنان بتقول إيه!!! / إذا كان مجنوناً، فاللهم أكثر منهم / وحدة للتدريب على طب الكوارث بالزقازيق /
دور الأخصـائي النفسـي في الأزمـات / الأطباء وإنقاذ مصابي الكوارث / مؤتمر قومي لطب الكوارث! / المؤتمر القومي السابع لطب الكوارث / فريق مركز طب الأزمات مصر بخير / هذا الذي أفعله..المجد للمقاومة / شكرا منظمة الصحة وفي انتظار المزيد /  تحيا كوريا الشمالية: يحيا حزب الله/ اغتيال الحرية: لبنان عروس العرب / رسائل فك الحصار 24 /7 /2006 / قانا...مذبحة إسرائيلية جديدة  / الإعلام الشعبي 30/7/2006 / سبقنا شعبولا، ولكن سوف نبدأ  / إعترافاتي الشخصية: لماذا هم قصار القامة؟ / قانا وما بعدها بيروت يصل ويسلم / لبنان لماذا؟ وفلسطين والعراق لا؟ / رسائل فك الحصار دمج فكرتين / ساخن من لبنان: المسار التصاعدي للمعنويات / هكذا لبنان يمنحنا نصرًا ... لا نستحقُهُ! / سيكولوجية الاكسترا أيضاً حرب لبنان حلاً / وجع المخاض 2/8/2006 / ساخن من لبنان: دفقة أمل (4) / أدنى من النمل الأبيض!!! / يا سلام على لبنان / وحملوها.... فطارت في الهوا الإبل/ لبنان فرصة لإعادة تنظيم البيت من الداخل / على باب الله: أمة في حرب/ أنا والجهاد وهواك / عاجل من لبنان 28/8/2006/ حروبنا وقتلانا 21/8/2006 / على باب الله: الأرض البور/ عاجل من لبنان 29، 30 /8/ 2006 / على باب الله: الإنسانة / على باب الله: قمر فالنسيا / أقول لهم نصرٌ.. فيقولون شيعة / على باب الله: مشروعان 



الكاتب: د.أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 11/10/2006