إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   صامتة إلى الأبد.. 
السن:  
24
الجنس:   C?E? 
الديانة: الإسلام 
البلد:   السعودية 
عنوان المشكلة: متى تصنعين الحياة؟: أقوى من الاكتئاب متابعة 
تصنيف المشكلة: اضطرابات وجدانية: اكتئاب Major Depression 
تاريخ النشر: 26/10/2004 
 
تفاصيل المشكلة


هذيــــان ..

سيدي الفاضل
:
د. وائل

يبدو أنني فهمت بأعجوبة من رسالة المشاركات التي جاءت تعليقًا على رسالتي أنه يمكنني الإرسال للتعقيب في غير موعد
إرسال الاستشارات المتبع وحيث أنني كنت قد كتبت ردًا على سيادتكم في موعد فتح الباب السابق وفاتني الموعد فإنني سألحق هذا الرد بالرد الآخر وأعتذر لكم مسبقًا عن الإطالة ..

ربما يجدر بي أن أسمي رسالتي هذه (الحقيقة المرة)، ذلك لأنني ربما أخذني الغرور وأنا أرى الجميع يصفقون (للشجاعة، العظيمة، المبدعة) وكان يمكنني أن أصفق معهم وأختفي من وجه الأرض ..

لكني لم أرض النفاق لنفسي ولا أن أوصف بشيء لا أستحقه فوجب أن أعترف لكم جميعًا حتى تعرفوا حقيقتي.

بداية للرسائل الثلاث الرقيقة التي وصلت
كمشاركات:

للأخت أمة الله مع أني قرأت
مشكلتك من قبل إلا أني أعدت قراءتها، ويمكنك أن تلصقيها بقصتي فما زلت أعيش كل تفاصيلها إلا أني لم أعش بعيدًا عن أهلي في بداية حياتي، ثم إنني لأرحب بصداقتك، لكني لا أخفي عليك أنني كئيبة ومملة حتى إن أختي الوحيدة تقول أنها سترسب هذا العام في الثانوية لأن وجهي الكئيب يطالعها كل يوم ويسد نفسها، فإن كنتِ قد نجحتِ في صنع الحياة فسوف ربما تحتملينني، أما إذا كنتِ مازلتِ معي في بداية الطريق فلعلي أصيبك بانتكاسة لا تقومين منها أبدًا، وزوجك وأولادك بحاجة إليك.

الأستاذ الفاضل : عبد المنعم، أشكر لك لطفك .. وأحب أن أقول لسعادتك أن الغرق في الخيال من قلب حزين يكون أحيانًا بمثابة هدنة مع العقل أو محاولة للنسيان أو غياب عن الوعي .. هروب .. إلى أن نضمد جراحنا ونعود لمواجهة الحقائق التي لا تتجمل، وبقية الإطراء إجابته في الاعتراف الحزين.

الأخت الفاضلة: سهى أشكر لك نصائحك الطيبة وتجشمك التعب في الرد بإخلاص .. جاء التقرير وكأن الكلمات تتحدث عن شخص معروف جدًا بالنسبة لك، ولم تترددي بالقطع بأشياء يجوز فيها الظن أو خالفت القصد، وربما شعرتُ أنني كان يجب أن أرتب أفكاري حتى لا يضيع القارئ وسط الأسطر، فيفهمني وكأني أخرى لا تشبهني .. ولن أطيل ولكني سأوضح لحضرتك بعض الأشياء البسيطة حتى لا تلوميني ..

قلتِ أنني أفكر بالماضي كثيرًا لكني للأسف لا أفكر بأي شيء، وما كان سردي لبعض الماضي هنا إلا ليفهم الطبيب المعالج تاريخ ألمي وهذا طلب من شروط
الموقع في صفحة إرسال المشاكل ، ثم إن ألم الماضي الذي انقطع قلما يتذكره الإنسان، لكنه إذا كان مستمرًا فلا ينسى أبدًا.

مثال: كلمة تؤلمك قالها لك أحد الناس في يوم من الأيام، نسيتها لأنها ماض، ماذا لو كان مازال يكررها كلما يراك
؟؟

 ألن تتذكري كل مواقفها وفصولها وتظل مرارتها في حلقك كالموت ويبقى كل موقف، وكأنه حبل يجر كل المواقف السابقة وكأن تلك الكلمة تكبر تكبر وتلتهمك .. وتجدين نفسك بلا وعي تصرخين: من عشرة سنوات وأنا أسمع هذه الكلمة، ولن يكون لدى أحد الحق أن يتهمك أنك تفكرين بالماضي أو أن (قلبك أسود) لأنه لو لم يتواصل مع الحاضر لما تذكرته.

أما قولك: ما الذي لا تعرفينه
؟؟

وسأخبرك بالرغم من أنك لم تطلبي مني الإجابة، الذي لا أعرفه أن هناك مساحات للعلم والنور وانطلاق العقل، الذي تعلمه تفكيري طوال عمري أن يقف عند الإشارات الحمراء ظلمًا ولا يمكنه من تجاوزها حتى اعتاد على البلادة، لا أعرف كيف أعيش، كيف (أتواصل) في الحياة التي خلقنا الله فيها وقال (لتعارفوا) لأني لم أعرف عمري مثل أختي (أمة الله) إلا (القراءة والصمت والبكاء) وجدت أنني مازلت أعامل من عائلتي وكأنني في الابتدائي لكن المجتمع حولي يعاملني بشهادة ميلادي، ولم يبق بعد المقارنة بين التفكير والتصورات والعمر إلا أن تعلق على ظهري لافتة مكتوب عليها (متخلفة فكريًا)

أما قولك (أما الزواج فقد جربته وهكذا يعرف في مجتمعنا وأنت من هذا المجتمع ولا أُقر ذلك لكن لا أُنكر...) فلم يسعفني في هذه العبارة سوى وجه حائر لأنني لم أفهم معناها، لكن إن كنت تقصدين أن هذا هو شكل الزواج في المجتمع وهذه كيفيته ويجب علي الاستسلام كما تفعل الكثيرات وللأسف، سأخبرك أنني لم أكن لأتحمل هذا (وكلٌ ميسرٌ لما خُلق له).

ولم أقل أنني حزينة لانشغال أمي فمثلها مثل آلاف الأمهات اللواتي يخجلن من مصارحة أولادهم وإنما فقط أردت أن أوضح أنها لم تخبرني بالرغم من طبيعة عملها التي ربما كانت لتخفف عنها بعض الحرج، ثم أخبرك أنها توقفت عن العمل وأنا في الثامنة من عمري ولم تعد لمزاولته إلا من سنوات فقط عندما كبر أصغر أخ من إخواني وشعرتْ بالفراغ ..

أما القراءة فتضج بها جوانبي ولم يمنعني منها أحد لكن الصداقات والاتصال فنعم، هناك من يمنعني، وبشراسة (أنت تحسين أن عقلك مخذول وقد أكبرته ووعيت قدراته لكنك أسقطت التهمة على غيرك)هل يمكنك أن تجيبيني: كيف تنمو عقولنا ؟؟

ستقولين بالعلم،

حسنًا وإن لم نتعلم ؟؟ ستضمر، أليس كذلك ؟؟ لو لم يعرف الصغير أن التي تنير السماء اسمها الشمس ثم درس عنها في المدرسة والجامعة وعرفها هل كان سيدركها ؟؟ هل كان يعرف شيئًا غير أن هناك شيئا لامعا فوق ؟؟ لا، إذن هل هناك فرق بين من درس الشمس وخصائصها وفوائدها ومسار سيرها ومن لم يعرف عنها إلا شكلها ؟؟ وبقي يخمن عنها ويتخيل
؟؟

حسنًا، من هنا إذن فأنا لا أسقط التهمة على غيري، لأن الأهل هم المسئولون بدرجة أولى عن إيصال المعارف الأولية للحياة لأطفالهم وإعدادهم إعدادًا سليمًا قويًا لمواجهة العالم وتهيئتهم للانفصال عنهم حيث يقومون هم بحياتهم حتى تمضي عجلة الحياةبالإنسان

ومن كتبت لك هذه الرسالة لم تُكْبر عقلها وتعي وتحس بخذلانه، إلا بعد أن عرفت بعد مضي زمن طويل جدًا ما هو العقل، وهل يحق لها بالفعل التفكير والتحليل والسؤال أم لا ؟؟ ولا أكون كاذبة إن قلت أن هذا حدث من قراءتي لمقالة
الدكتور وائل حفظه الله ( قيمة العقل في الإسلام ! ماذا جرى؟ ) ولذلك بقيت يومين أبكي إلى أن سطرت رسالتي التي قرأتِها بكل ألم .. أما زلت تظنين أنني أُسقط بالتهم على غيري ؟

ونهاية، إن عدتِ لكلماتي ستجدين أنني لم يكن (يزعجني) حاشا، وجود الكتب الدينية، وبيتنا به أكثر من عشر مكتبات فيها الدين والأدب والطب، كل ما حدث أنني قلت أنني لم أجد كتبًا (تتحدث عن الزواج) إلا كتب الأحاديث، التي بالطبع لا تشرح شرحًا دقيقًا لأشياء يجهلها مثلي، مثل كيف يفكر الرجال وكيف تتعاملين معهم وماذا يحبون وماذا يكرهون وكيف ستكون الحياة مع رجل بكل تفاصيلها الصغيرة

ثم أكرر شكري العميق لك، ولحرصك وإخلاصك، بالرغم من انشغالك جزاك الله خيرًا.

عودة ..
أستاذي الفاضل : قد لا أريد أن أخبرك أنني أكتب ورأسي مسند بكفي أشعر أن شيئًا فظيعًا يتضخم فيه وكأنه سينفجر .. أبكي ولكني سأكمل ..

سأعترف أنك أعطيتني ما ليس لي وكان يجب أن أرده إليك وأنسحب .. فلم أكن يومًا (أقوى من الاكتئاب) ولا أصنع الحياة كما ذكرت عن قصة أختنا حياة ( نموذج مجانين المشرف ) وقد أعدت قراءتها مع كل الروابط التي وضعتها لي مرة أخرى، وأظنني فهمت أنها مازالت تصنع حياتها بكل تفوق وإصرار، وأدعو لها الله من قلبي أن يوفقها ويرزقها السعادة والإيمان..

وقد كانت حكيمة رعاها الله عندما قالت بكل قوة (لا أريد حلاً جاهزاً، لا تعطني سمكة وعلمني الصيد) فهي بالفعل مشرقة صامدة قوية مبدعة، وهي التي تستحق كل كلمات الشكر والمدح التي أغرقتني بها وكتبها أصدقاء المشاركات، وبإذن الله سيأتي

اليوم الذي ترسل فيه
للموقع بأنها انتصرت على كل عقباتها، وكونت أسرة صالحة سليمة مطمئنة نافعة لنفسها ودينها ومجتمعها، وهذا غاية ما يطمح إليه الإنسان في الدنيا، وفقها الله

أما أنا، فحالتي تُصَوَّر كمن حفر قبرًا لميت ثم قعد بجواره ينتظره ليقوم بقدمه للقبر ويدفن نفسه، لن يتحرك الميت، وليس على المتبرع بحفر القبر إلا الانتظار إلى الأبد، أو أن يمضي ويتركه لأحد مصيرين: يبقى بلا دفن، أو يعيد الله زمن المعجزات ويعيد إليه روح الحياة ووقتها فقط: سيكون مخيرًا بين أن يمضي بانكسار إلى القبر .. أو بثبات إلى الحياة التي تفتح له ذراعيها

هذا الميت هو أنا......، وأرجوك لا تظن أنني أحتاج لكلمات الشكر لتكون بمثابة الدافع بالنسبة لي فإني لم أكتب من البداية لك إلا لأناشد عقلك لا لأستدر عواطفك، وقدرتي تلك التي تصفها على التعبير ما كانت إلا شرحًا مملاً سخيفًا من كثر ما أحاول إيضاحه يتبعثر مني وتدور بي الدنيا لأنني دائمًا ما كنت أُتهم بالغموض وعدم الصراحة ولا يصدقني أحد وأنا أبكي من الصراحة والوضوح، لكن ماذا تقول والقاعدة أصبحت تقول (البريء دائمًا متهم، ولا تثبت إدانته على أي حال) ويفترضون الكذب والاختلاق لكل من يقابلون بحجة أن (الدنيا لم يعد فيها أمان)، ولعلك تظن أو تتخيل أنني أستطيع التكلم كما أكتب هكذا ولكنك ستصدم في إن رأيتني فأنا صامتة حتى الذهول فيما يخص آلامي

لأنني لم أتكلم مرة في حياتي عنها لأحد، وإن ضغطت علي وكررت السؤال ستجدني _وبدون أن تتغير ملامحي_ أصبحت أغرق في بركة من الدموع فعيني تسكب الدموع سكبًا بدون أي تعبير على وجهي سوى الصمت ولا تعجب إن وجدتني أبتسم لك وأنا أتمتم .. أنا بخير

المرة الأولى في حياتي التي أذهب فيها إلى طبيب كانت وعمري 16 لأني أصبت بمرض خارج تخصص أمي وأبي (فشل الغدة الدرقية) وكان في كل مرة تأتي معي أمي لتتكلم: إنها تشعر بكذا وكذا وتجيب على كل أسئلة الدكتور ويتحاوران بالإنجليزية في كل شيء، وأعود وأنا مطمئنة البال لم أفهم شيئًا ولم أضطر للحديث، وفي مرة انشغلت أمي فذهبت مع أبي وبما أنه لن يعرف أن يقول ما تقوله أمي فقد طلبت منها أن تكتب له (ورقة) يعطيها للطبيب وقد كان، لكنه بعد أن فرغ من القراءة وجدته يسألني ما بك ؟ فأشرت كالبكماء إلى الورقة لكنه قال: أريد أن أسمع منك، وأصر .... فقلت له:

لاشيء وأنا أشعر أنني صادقة جدا ومتيقنة أن هذا هو الصواب.......، ويقول لي متأكدة ؟ وأنا أتصبب عرقًا وتوترًا أردد: نعم، ..


ستضحك ربما إن عرفت ماذا كان يفسر لي تصوري ذلك الموقف وقتها وحتى الآن أقول أنني لا يمكن أن أقول له أي شيء عني حتى لا (أعمل إعلانات على نفسي) وإلى الآن لا أعرف كيف إعلانات ولا أفهم سبب صمتي المطبق عن ذكر أي ألم، لذلك كنت أعتمد في روايتي (للطبيب النفسي) على ما أكتب وكنت أكتب شعرًا ولما لم يتفهم الكثيرون منه المعاناة وركزوا على موضوع (الموهبة) وتجاهلوا مقصدي من الإحساس بالمعاناة، فإنني بدأت المحاولة للرجوع إلى الكتابة الطبيعية (التي صدمت فيها من وقت كتاب الفلسفة وسببت لي إرهابًا بالمراقبة) ووجدتني ربما أكثر إيضاحًا في ذكر التفاصيل وبعيدًا عن الغموض طالما أمسح كل شيء من جهازي بعد الإرسال مع أنه يخصني وحدي أو ربما لأني أصبت باللامبالاة ..

لكني بالرغم من ذلك وجدت أن ليس كل الناس يفهمون الكتابة وأن البعض يفضل الكلام الشفوي والحكاية ليتم استيعابهم ومع هؤلاء يتم تشخيصي على أني (زي الفل) لأني أكون مبتسمة ببلاهة وأنا أقول: أنا بخير ولأنك يا سيدي تتعمق وتحلل وتفكر أكتب لك حكايتي حتى عندما آتيك بصمتي لا تتعجب وقد تشكرني لأني بذلك قد اختصرت الجلسات ورحمتك من (وجع الراس) بالكلام فقط، لأن وجعها بالقراءة أظنه أعظم لأن الكلمات الأليمة تعمل في القلب كأشد مما ترى قبيلة كاملة تجهش بالبكاء
، ربما أيضًا لأني عاجزة تمامًا عن ترتيب أفكاري في الكلام الشفوي، تجدني وقد أصبت بالشرود في وسط الكلام أو فجأة أشعر أنني خرجت من رأسي أو أجد نفسي أتسائل من أنا ؟؟؟؟!!! ومن هؤلاء

أو وأنا أتكلم كأني لست أنا لا أعرف كيف أشرح ولكنه شعور غريب، هذا مع انعدام التركيز تمامًا والتوتر الفظيع من أقل مؤثر ولو كان مكتوبًا حتى بدون مقابلة فحتى أستطيع كتابة هذه الكلمات فرأسي مسند من جميع النواحي، وأشعر بدوار شديد وآلام رهيبة في عقلي وكأنني أجمع فتافيت سكر ذرة ذرة من سجادة ناصعة البياض، لا يمكن أن أحفظ أي شيء ولو حاولت فالآلام هذه لا تتركني، وعندما كنت في الجامعة وكنت أدخل كتابين أو ثلاثة لأول مرة في يومين داخل عقلي لأسكبهم في ورقة كنت أعود بعدها مسندة رأسي في السيارة حتى لا يسقط مني حتى أصل للبيت وكأن فراغًا كبيرا به كأنني بالفعل(اعتصرته)

الآن لا معلومات تدخل بالإجبار ولا يتحمل أي توتر ولو كان (صوت عالي) أو أي انتظار فإنه يصيبني بالانهيار الصامت والمرض.

لم أكن أعرف أن بي هذه القدرة الفظيعة على الثرثرة حتى كتبت لك ..

هذا وأنا أحاول الاختصار بشدة وأنا أقول لنفسي (عيب هو مش فاضيلك) وكأني ما صدقت لكني بالفعل والله (ما صدقت لقيت حد يفهمني) يبدو أنني سأصمت الآن لأن الدنيا تدور من حولي لكني فقط كنت أريد أن أقول: أنني لست قوية وليس لدي القدرة _صدقًا والله_ على القيام بأي شيء، وعندما خفت علي من النت (لأنه خطر) بقيت في السرير بلا حركة الووكمان في أذني وعيناي معلقتان في السقف تهطلان .. مر أسبوعان أو ثلاث على ذلك الحال فأنا لا يهمني النت على أنه نت ..

ولكن لأنه شيء يمكن أن يلهيني عن حزني وأن يفيدني ومع أني لا أتواصل مع أحد خلاله وكلما قلت سأكتب في مكان أجدني أهرب ولا أعود، وشيء آخر..

كنت أكتب من ثلاثة أعوام تقريبًا في موقع للشعر وبما أنني لا يكتبني سوى الأسى فقد اكتست شخصيتي التي عرفني بها الناس بالفتاة الرقيقة الحزينة الهادئة .. وحيث أن ذلك داخلي على ما أظن ..

وجدتني وقد أحببت أن أعيش الجنون أو صورتي الخارجية الخيالية بعيدًا عن الواقع فسجلت بمعرف آخر في نفس الموقع وكانت شخصية مرحة جدًا مشاكسة فظيعة لم تدع أحدًا في حاله، لا أعرف ماذا أقول لك .. لكني انسحبت بعد انكشاف أمري بأني صاحبة الشخصيتين لأن المشاركين في الموقع تقريبًا، كلهم أصيبوا بالشلل من الصدمة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون الاثنتان هما أنا ..

ولكني أظن أنهما أنا لأن المسودات كلها في دفتري،.....، آه رأسي يكاد ينفجر، أظن أن ذلك كل شيء أردت أن أقوله، أنا لست صاحبة مشكلة تحتاج لحل، أنا مريضة وأحتاج إلى علاج، لقد قمت بكل النصائح لكني لم أقم بها فأنا _والله_ عاجزة على الحركة وحيث أن عقلي في كامل الوعي ويرفض (الحركات والكلام الفاضي) فإني والله لو وجدت في عمقي ذرة من أمل وعزيمة لقمت بها ولكني ميتة والله،

أرجوك صدقني، أرجوك لا تقل لي قومي وحاولي وافعلي، ستجدني أوافقك لساعة ثم أعود لنكوصي، كم من الناس الذين عرضت عليهم المساعدة وخذلتهم، قاطعت جميع صديقاتي لأني حتى لم أعد أحتمل الناس، ذهبت للدراسة فلم يحتمل عقلي أكثر من شهر بنظام (مستمعة) وعدت إلى يأسي، جربت العمل فشعرت بالموت وعدت بعد أسبوعين محطمة، أشعر أنني عاجزة عن التفكير والتركيز والكلام مع الناس، أريد أن أخرج من الدنيا،

ليس لي أمل في أي حياة حتى والله لست قادرة حتى على أخذ أي دواء، كان الطبيب (النفسي) الأخير يصرخ في لأني أخبرته أني لم آخذ من الدواء إلا أول يوم فقط فقال لي: كيف تريدين العلاج وأنت لا تأخذين الدواء، بكيت وأنا أقول له (مفيش دوا يخليني آخد الدوا) والله يا سيدي أن دواء (إلتروكسين)حتى المفترض أنه يكون رئيسي لا آخذه برغم محاضرات أمي المتتالية عن مضاعفات الغدة وتهديدات الطبيب لي بالبدانة والجنون إلا أني لا أقدر ليس هناك أي دافع في حياتي يجعلني أفعل أي شيء، والله يكون أمامي ولا آخذه لست متعمدة والله أن أؤذي نفسي ولكني متعبة أشعر أنني (مهدودة)أريد أن أموت والله أريد أن أموت كلما أغمض عيني أتخيل أن فأسًا ما تهوي على رأسي وتحطمه أو أن سوطًا يمزق جسدي ونصلاً حادًا يغمد في قلبي ليسكت ألمه إلى الأبد ..

لا أفعل أي شيء ولولا أنه مازال عقلي يجاهد حتى لا يموت مع ما مات مني لما كنت أصلي الفرض بالكاد وأعود كالمومياء على فراشي، حتى الكمبيوتر فهو على طاولة بجواري وأسحب الكيبورد على السرير وأكتب، ألم تزل مصرًا على أنني (قوية) أرجوك لا تقل نعم حتى لا أتخيل أنك لم تفهمني أو تشعر بي أنا بحاجة إلى طبق طائر يختطفني أو إلى ملك الموت ليقبض روحي، كل ما أطلبه منك يا سيدي الطيب ولكل من لازال يقرأني بكل صبر، أن تدعوا لي.

دمت بخير

وهذه الرسالة التي رددت فيها على ردك الأول

والسلام عليكم

صامتة إلى الأبد ..............

اليوم الأخير من الشهر التاسع
متى تصنعين الحياة؟: أقوى من الاكتئاب (متابعة)

بسم الله الرحمن الرحيم

أستاذي الفاضل الطبيب المثالي:
أ.د. وائل

لا أعرف كم ساعة بقيت أدور بصمت ساهم في أرجاء الحجرات الخالية ومئات من الكلمات تزدحم في رأسي ..

وأستاذي الفاضل الطبيب المثالي:
أ.د. وائل



عقلي يهدئ انفعالي ويقول له ما يكتب هذه المرة وما يدع، لأنني ذهلت من طول المشكلة على الموقع صحيح أني كتبتها على مدار يوم كامل بصعوبة لأن نفسي الأمارة كانت تنازعني على الصمت وأجرها بيأس إلى الإكمال ..وجئت لأراجعها فوجدتني أحذف منها كل شيء ولما كدت أن أمسحها كلية وأرجع إلى القنوط حفظت النص الأصلي وأخفيته بعيدًا حتى جاء يوم الإرسال فأرسلت حتى لا أتراجع وصممت أن أنتصر على صمتي ..

هذا اعتذاري عن عمق موجة الألم، وسأجيب بإيضاح وترتيب حد طاقتي عن ما استفسرت عنه حتى ألحق موعد الإرسال بعد ساعات لأني لا أحب أن أخالف القوانين،........

 شكرتني يا سيدي كثيرًا وأعطيتني فوق قدري نسبة هائلة وإنني لممتنة لك بشهادة والله أعتز بها .. كيف لا أفعل وقد صنفت أحرفي البائسة في مرتبة (سطور ذهبية تزين
مجانين )، وأنا التي أتزين بمجانين .. نافذتي الجديدة على الحياة ..إنها كلمة أثق فيها من عقل أحترمه وأقدره ..

وإني يا سيدي لا أعرف عن العربية إلا معلومات المدرسة ومثلما تعلمت كل زميلاتي، ولا أكتب في أي مجال أدبي وليس لدي أي خيال، كل ما حدث أنني نقلت لك واقعي ومشاعري بتفاصيلها الأليمة، وكدرتك وأنت تعيشها معي فظننت أن ما حدث كان من سحر الحرف ولعله كان من غور الحزن آه ..

أحاول تقنين سيل الأحداث المندفعة في رأسي حتى تظهر كلماتي مرتبة لكني لا أقدر عليها .. إنها تفلت عبر أصابعي بالقوة .. فجَّـرتَ بتساؤلاتك مساحات عميقة في أغوار حطامي كنت أظنني دفنتها إلى الأبد،.... قلت: (هل هم أطباء نفسيون؟ لا أظن!

الطبيب النفسي الذي يفترضُ منه أن "يفهمها وهي طائرة" وبالتالي فإن من الصعب أن أتخيل طبيبا نفسيا يعجزُ عن فهمك
أو يتهاونُ حتى في الترحيب بك وفي مساعدتك، لست أدري، وأحتاج هنا إلى توضيح                                                    )

لماذا لا تظن يا سيدي ؟؟ .. الطبيب الذي (يفهمها وهي طايرة) ربما هذا أنموذج فريد لا يظهر إلا في الأفلام القديمة لكن أطباء هذا الزمن :(.. لا تظن أن كل الأطباء مثاليين وهدفهم هو إصلاح المجتمع والتخفيف عن المعذبين ولهم رسالة عليا فكل شيء غريب في هذا الزمان) ..لك أن تتخيل بسهولة إذن (أن طبيبًا نفسيًا يعجز عن الفهم أو يتهاون في الترحيب والمساعدة) وسأذكر لك باختصار شديد جدا أصغر المواقف التي حدثت لي شخصيًا (تختص فقط بالتفكير العجيب) ولك أن تحكم بعد ذلك ..

1) طبيب (دكتوراه في الصحة النفسية)
*يجلس قرابة ربع الساعة يحلفني إن كنت أنا كاتبة بعض الأشياء وأنه يشك أنه قرأها في مجلة ما
*يجزم أن حزني ما هو إلا (حبيب غائب) رجل أحبه ولكني (لا أعرفه) ويصرخ في ويقول (لازم تفتكري)
*يخرج بتحليل عبقري أن شخصيتي هي (خلطة) من شخصيات كثيرة كل شخصية لها صفات معينة خاصة بها وشخصيتي تجمع صفات كثيرة من شخصيات لا تخصها وأنه يجب أن يعرضني لبرنامج مكثف حتى (يفصل الشخصيات عن بعضها ويحط كل شي في مكانه)

2) طبيبة (استشارية في أكبر صرح طبي):
* تقول اعلمي أنك ستحصلين على الطلاق ولكنك ستتزوجين شخصًا (أبشع) من زوجك آلاف المرات، وستندمين وقت لا ينفع الندم لأن (الرجال كلهم حاجة وحدة) ((مسكينة معقدة))
*تقول لأمي في أول لقاء بها (إنت شكلك طيبة أوي أنا كنت فاكرة إني هاشوف غول من كلام بنتك عليكي) وطبعًا لم تصدقني أمي عندما أقسمت لها باكية صادقة أني لم أقل لها أي شيء عنها سوى أنها (صاحبة الأمر والنهي) في البيت ((نيتها خير بتهدي النفوس))
*تكتب لي دواءً وهي تتثاءب وأصرفه لأجده (خاص لمرضى انفصام الشخصية) وأشتكي لأمي فتقول (انتي مش هتفهمي
أكتر من الدكتورة)
*لن أنسى أن أخبرك أنني في آخر لقاء خرجت الثانية عشرة والنصف ليلا وكان رقمي 27 وأمامي كنت أجد صاحب الرقم
46 ينتظر دوره))

3) طبيب (أخصائي عجوز):
*يطلب مني الصعود على سرير الكشف لأني كنت (أسعل) ويا للعجب .. بالطبع لم أصعد
*يقترح على العائلة أن يقوم بالجلسات النفسية (عندنا في البيت) لأن المستشفى الخاصة بالطب النفسي (ضوضاء) ((سبحان الله))

4) طبيبة (أخصائية علاج معرفي وسلوكي):
*تقول لي: لماذا تبتسمين ؟؟ ألست مكتئبة ؟؟ المكتئبون لا يبتسمون المكتئبون لا يتكلمون المكتئبون لا يطلبون العلاج المكتئبون لا.... (خرجت من عندها وأنا أفكر جديًا بالانتحار)
*تعطيني أوراق (اختبارات شخصية) ولما كتبت كلمة في الهامش لم أفهم السؤال صرخت في: من غير تعليقات جانبية
لو سمحت ((دكتورة عشماوي))
*لن أستطيع الاستمرار في الحديث عنها فمجرد تذكرها يملؤني بالرغبة في الموت

هذه مقتطفات بسيطة حتى لا أطيل ربما كانت صدمتي الأولى هي الأعظم لأني كنت أتخيل أن الطبيب (النفسي بالذات) ملاك
من السماء، ولذلك حُفرتْ في أعماقي أول حادثة صدمات أعاني منها إلى الآن، وصرت أذهب لكل طبيب وأحكي له ما فعل الأطباء قبله فأنا (أعالج الآن من صدمات الأطباء) وكأن هذا فقط ما ينقصني، ويا قلب لا تحزن

قال لي الطبيب رقم 7 هذا العام ستنتقلين من مشفى إلى آخر ولن يفهمك أحد .. وسيأتي اليوم الذي تحكين فيه عن تجربتك
معي لمن يأتي بعدي ولن تصلي إلى أي شيء فيجب أن تيأسي من هذا الطريق وتسلمي بأمر حياتك التي لا حل لها ((ولا أعرف لماذا لم أعمل بنصيحته وأموت)).

ما أصدق يا سيدي قولك وأجمل تعبيرك حيت تقول:
(ورأينا فداحة آثار التعامل مع كونها أنثى على أنه خطيئة وقعت لا مفر منها، بداية من طفولتها ومرورا بمراهقتها، ونادرا
ما يتوقف الظلم، ونادرة من تنجو من أثره النفسي المحبط والخانق للطاقات إن لم يكن لا قدر الله مدمرا لكل شيء) هذا
بالفعل ما يحدث تمامًا تمامًا وكأنك تمر بكاميرا تصور الواقع المر..
الأنثى بالفعل خطيئة وعار يجب أن تزول من على وجه الأرض ..

ذكرتني باختبار التعبير في أحد الأيام كان الموضوع عن الحياة السعيدة متى تتحقق ؟؟

فكتبت بكل صدق (الرجال الشرسون سيقيمون الحروب ويموتون جميعا ثم تموت النساء حزنا على الرجال وسيبقى الأطفال فيقسمون إلى أولاد وبنات الأولاد سيكبرون ويصيرون رجالا ويقتلون بعضهم ويموتون وتبقى البنات لتعشن في سعادة وبذلك تتحقق الحياة السعيدة) وشعرت بالظفر وأنا أضع الخطة العبقرية لسعادة العالم وظننت أن معلمتي ستمنحني الدرجة النهائية كعادتها ولكني فوجئت أن درجتي هي (صفر) وبجانبه تعليق: هذه الحياة لا تتحقق إلا في مصحة نفسية ?)))

قلتَ: (فالعقل يقول أن تمكين غير المكونة أصلا سيكونُ كارثة، لأنك سترفع الكبت الظالم عن مظلومةٍ -بكبت إنسانيتها
طوال عمرها-، لتخرجها إلى ظلمٍ أكبر يمنحها الحرية في الوقت الذي يستغلُّ فيه أنوثتها ويمتهن إنسانيتها، وقليلات من
ينتبهن لهذا الفخ المنصوب، لأنهن يلزمهن التكوين أولا قبل التمكين)

واسمح لي أن أسألك يا سيدي بحزن .. (كيف؟؟) كيف التكوين ومن سيقوم به وهل يفيد في هذا العمر بعد مضي ربع قرن من الزمان في الظلام.. ربما لم يبق في العمر أكثر مما مضى فهل يستطيع الإنسان أن يكون نفسه؟ وإن قلت لي نعم فكيف؟؟ أنت في مجتمع لم يعد الشخص يصدُقُ نفسه حتى يصدُقَك..

كل شيء حولك زائف ومخادع.. من يتصور أن في هذا الزمان من يعيش في هذا الفضاء، من يكون عقله فارغًا من الخبرات والتجارب، مليئًا بالعفاريت والتحذير والتخويف من كل شيء في الدنيا من يتخيل ؟؟ أكاد أجزم أنك وضعت احتمالاً كبيرًا لمساحات من المبالغة في الرسالة أو الهذيان?..

(هاربا من التعليق على ما فات من ماضيك مع الأسرة والمجتمع رغم أهميته، ورغم أنني قرأت رسالتك مراتٍ ومرات وشعرت أكثر من مرةٍ بمرارة المعاناة التي مررت بها، ولكنني برغم ذلك كله أراك أفلحت في الخلاص من الفخ الذي كان جديرا فعلا بقتل عقلك)

وتتساءل يا سيدي بتحفظ ..إن فيكِ من القوة والإصرار ما جعلك تتخلصين من رفقة زوج لا تتحملينه فكيف لا تنتصرين
على الحياة ؟؟ وأجدني على اضطرار مؤلم أخبرك كيف تم الخلاص.. لقد هويت إلى ذكرى سحيقة في أماكن ظننت أني نسيتها إلى الأبد..

فقد كنت أحارب لفض الخطبة طوال خمس سنوات
ولم أفلح وظننت أن عقد القران سيمكنني من إنهاء الموضوع
(غباء نعم أعرف) ولكني لم أجد إلا هذه الطريقة حتى أراه وأتحدث معه وأقنعه أنني لا أريده حتى يتركني ولكني اكتشفت
كما أخبرتك من أول ليله أني تورطت في مصيبة كبيرة وبتنفيذي لنصائح أمي كنت أزيد من التوغل في مساحات لا تحل ..
وعندما كنت أتمرد كنت أجد الجميع ضدي.. كنت أقف بكل قوة وحدي حتى أنهار تمامًا وأسلم .. وبعد حروب ضارية
لأكثر من عام انهرت تمامًا وقبلت بالزواج.......، وأقنعت عقلي البائس بالصبر وتجربة الحياة وتسلحت بكل النصائح عن التعامل الطيب، وفادني أنني أصبحت لا أتحمل أي صوت عالي أو شجار، أو حتى تكرار لكلمة مرتين يمكن أن يجعلني أصرخ وأبكي لأنني متعبة إلى حد الموت ..

فكنت حتى في أحلك اللحظات
قلبها ضحك) وأمثل بجدارة فظيعة (قمة السعادة) وأنا (أخطط للانتحار) ..

وبعد 5 أشهر من الزواج عدت منكسرة إلى أهلي أتوسل لهم أن يطلقوني لأني لم أعد أحتمل وقد سافرت إليهم مرتين في هذه الشهور الخمسة لأني كنت أمرض أمراض غريبة فكان يرسلني إليهم.

وكانت صدمتي التي قضت علي هو تخليهم التام عني، ورفضهم لتحملي أو حتى الاستماع لي ومساعدتي وليس أمرَّ يا سيدي ليس أمرّ من فتاة يتخلى عنها والدها ويقول لها عندما تبكي له متوسلة وتقول له: هل ألجأ للقضاء وحدي يقول...(في داهية) ..

آه..إن في قلبي كسر لا يجبره إلا الموت يا سيدي، وسافرت منكسرة وقلت لأمي بحزن وأنا أغادرها: اليوم فقط عرفت ألا أهل لي .فأمطرتني شامتة: لك أهل للأسف لم يعرفوا أن يربوك، وقلت له: أنا عائدة معك حتى تطلقني .. قال لي ابقي عند أهلك وسأطلقك بعد عودتي من سفرة الصيف ولكني كنت أعرف أنه قد يتركني لأعوام الطوال ولن يكترث ولن يبالي بي أحد ولعلك تصدم (للمرة المائة) إن أخبرتك أنني إلى اليوم برغم مضي ما يقارب على السنة على طلاقي لم يفكر أحد أن يستخرج لي ورقة الطلاق ولا أن يطالبه بإخراجها .. حقًا وما قيمتي بالنسبة لهم ؟؟ لاشيء

بقيت 5 أشهر متواصلة معه وعدت لرغبته في قضاء عيد الفطر مع الأهل وبعد أقل من شهر جعله الله _وحده_ينطق بكلمة
الطلاق وهو يظن أنه يمزح ولما كان يجهل الحكم فقد استفتيت، وعرفت أن الطلاق قد تم لأن هذا الأمر هزله جد وعزمت أمري ولم أبد له أي اهتمام بالكلمة وأخفيت عن أهلي حتى لا يدفعونه إلى رجعتي وبدأت أعد العدة حتى اكتملت الأشهر الثلاث وفي آخر يوم فجرت المفاجأة وكانت صدمة كبيرة عليه وعليهم

ونصرني الله بعد عذابي ولولا الله وحده ما كان نفعني أي إنسان، وكنت أتعذب طيلة عمري ولكنه الرحيم .. الحمد لله بعدها بالطبع بدأت الهجمات الشرسة ولعلي أعترف لك هنا أنني صاحبة مشكلة من المشكلات الخاصة بالطلاق التي أعطيتني روابطها..وبكل حزن.

((أقوى من الاكتئاب ما تزالين، لا يصح أن تنفصلي عن كل شيء هكذا ومهما كان الثمن فأنت تهربين ولا عذر لقاعد ولو حتى على
مجانين )) قلت لك أنني أصبت بإدمان لا أريد العلاج منه برغبتي لكنني (لست أقوى من الاكتئاب) إنني أقوى من أي شيء يتملكني إلا الحزن فهذا مالا أستطيعه ..

تعودت من صغري (أن كل شيء أحبه سأحرم منه) فلم أعد أحب أي شيء أو أتعلق بأي شيء ولم أعد أشعر ودائمًا ما أقول. ما أفظع شيء يمكن أن يحصل لي ؟؟ الموت ؟؟ نعم هذا هو الأفظع .. وهذا ما أتمناه من قلبي .. فكل شيء في الدنيا هين لا معنى له.

فجعت بموت قريب إلى قلبي وكأنما لطمتني الدنيا على وجهي لطمة أعمتني فبقيت أهذي كانت تجربة أليمة مع الموت في
الأسبوعين الماضية وأظنني لن أتحملها مرة أخرى لا تسألني الآن عن الجهاز فهو مغلق منذ ذلك اليوم وأنا أكتب الآن من جهاز أخي في غرفة أخرى ولم أعد أزور النت إلا كل كم يوم لمسح البريد ومطالعة الموقع وحاليًا أقضي عزلتي في القراءة فقد قرأت من أول أمس فقط 3روايات طويلة ومجموعتين قصصيتين .. ماذا قرأت لا أذكر أي شيء ..أما عن اختلاطي بالمجتمع حولي فهذا مالا أطيق فمن ناحية كلام الناس عني بتهم السحر والجنون وغيرها وأظنك لا تتحمل ولا يتحمل أي إنسان كلمة ( يا عيني ، يا حبيبتي ، ربنا يشفيك)

ستقول لي كوني قوية ولكني لا أستطيع .. إنني أبكي مجرد تذكر هذه المواقف فكيف أعرض نفسي لها مرة أخرى؟؟ الموت أهون والله وغير ذلك أنني كنت قديمًا أستطيع التمثيل وبالرغم من بكاء، قلبي كنت أضفي على مظهري هالة من الصخب والمرح وما كنت أدخل مجلسًا يكتظ بالصديقات إلا كنت أنا محوره أتحدث مع الجميع أتكلم فينقلبون ضحكًا وفرحًا.. واعتدت أن أستمع لمشاكل الناس وأخفف عنهم وكان كل العالم يثقون تمام الثقة أنني لا أواجه أي مشكلة في حياتي وأنني أتقلب في السعادة وكنت سعيدة بهذا الانتصار الذي يخفي حزني وألمي عن الناس الذين لو رأوني الآن وأنا أكتب هذه الأسطر لأصيبوا جميعًا بالشلل التام من عدم التصديق

وشيئًا فشيئًا يا سيدي صرت أسمع كلمات مثل: ما الذي أصابك، تغيرت، نشعر أن ضحكاتك لا تخرج من قلبك، عيونك بها حزن، هل أنتِ هنا .. وبقدر ما صدمتني تعليقاتهم جعلتني أفيق على الحقيقة الفاجعة أن حزني بدأ يظهر على ملامحي فقد شحب لوني وغارت عيناي واشتد ذهولي واكتئابي وصرت أغتصب ابتساماتي وأهرب من اللقاءات والزيارات لم أتحمل .. لا أتحمل أن يعرف أي أحد أني حزينة أو أن بي أي شيء ..

لا أتحمل أن ينظر لي أحد بشفقة .. إن هذا يقتلني أنا بخير .. دائمًا بخير .. هذا فقط ما يجب أن يعرفه الناس .. لكن ليس بواسطتي فقد أصبحت عاجزة عن مواجهة أي ازدحام ..أصبحت أشعر أن الجميع يراقبني (حتى في أماكن لا يعرفني فيها أحد) وربما تخيلت أنهم يتكلمون عني ويشفقون علي.

أصبحت أبالغ في إظهار البهجة المفتعلة إذا قابلت أحدًا على حين غرة أخطئ في الكلام نعم إنني أهرب كما قلت ولكن من أي شيء ؟؟ إنني أهرب من الجنون .. الجنون بمعناه السيئ المتعارف .. أهرب من واقع يريد أن يدمرني وأن يقتلني..أهرب كي أحمي عقلي من أشخاص يدفعونني بشراسة إلى الانهيار إلى الكفر إلى الانتحار

أعرف أنه يوجد أمل .. وأنني سأكون بخير . وأن الله سيرحمني .. بالسعادة أو الموت .. لكني منهكة .. لا تقل لي اخرجي وحاولي وادفعي وخططي فلن أفعل أي شيء .. لعلي أنفعل ليوم أو يومين ثم يعاودني يأسي وواقعي الأليم .. أحتاج من ينتشلني .. من يساعدني .. من يمد يده لي لأخرج من هذه البئر السحيق .. وليتني أستطيع أن أتمنى أمنيات السراب وأقول:
أحتاج من يتبناني ..
أريد أبًا .. أريد أمًا .. أريد أمانًا
أعطوني يومًا من أمان
ثم اقتلوني

لقد أطلت من حيث شددت على سيلي أن يختصر وما أخرج إلا موجة واحدة من آلام تتلاطم في قلب ميت وروح خاوية على عروشها وما بقي لي إلا أن ألوذ بصمتي ..

فالدفاع عن الحق في هذا الكون الظالم لهو هذيان محموم وضرب من ضروب الجنون أنا لا أقول أنني أشد الناس حزنًا ومعاناة ولا أني لاقيت ما لم يلاق مخلوق في الحياة ولكني أقول فقط أنني متعبة ..

أنني تلقيت ضربات أكبر من عمري ومن خبرتي ومن تصوراتي وتخيلاتي وآمالي ونظرتي القاصرة للدنيا ..

أشعر بالشلل وأحتاج لمن يعلمني المشي من أول خطوة وكأن عمري عام واحد

متعبة .. متعبة .. متعبة

ولم أعد أقوى على تحمل المزيد

10/10/2004
 

 
 
التعليق على المشكلة  

 
الابنة العزيزة ما دمت اخترت التبني، وأنا يسعدني ذلك التبني، لكنني قد أتبنى العقل منك، وربما بعض أو كثيرا من السلوكيات الهادفة البناءة إن مكنني الله، واقرئي فكرة أخي وحبيبي: ابن عبد الله في مقالته الرائعة: إبحار الأجيال وتعاقب الأمواج البناءة، ومنها اعرجي على أطروحته التي ستكونُ رائدةً يوما ما من على كل من موقع إسلام أون لاين.نت، وأيضًا على موقعنا مجانين ، وهي مقاله : الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف، فنحن إذن في الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية ASHG نحتاج العقول التي سنحاول متسلحين بفهمنا المعقول للدين وللواقع المعاش والطبيعة البشرية، فهل تريدين أن تكوني واحدةً من تلك العقول؟

لكنني سأساعدك في تحسين وتفعيل ما فيك غير العقل أيضًا، دون أن أتبناه، ورحم الله امرؤً يعرف قدر نفسه، وذلك من خلال العلاج المعرفي التحليلي السلوكي (توليفة العقلاء من الأطباء النفسيين المخلصين)، ولن أعلق على ما أوردت من مواقف مخزية مع المعالجين السابقين سواء المعالجين النفسيين أي المندرجين من مدارس علم النفس المختلفة التحليلية منها والمعرفية السلوكية (كمعالجيك 1و 4)، أو الأطباء النفسيين ذكورا وإناثا مع الأسف (كمعالجيك 2 و3)، ليس لأنني أنكر ما حدثَ معك، ولا أشكك في فهمك وتعليقاتك اللاذعة التي تنم عن إدراك نافذ، ولكنني لسببين لن أعلق، أما الأول فخجلي من الخوض في تحليل بعض النماذج السلوكية من بعض إفرازات المسوخ الطبية في بلداننا، واقرئي هنا في مقالنا:
الطب والأطباء والدواء مهزلة:(1)، ما قد يجيب بعض تساؤلاتك ويدعم موقفك، والثاني أنني أعرف أنني لم ألمَّ بتفاصيل الموقف كاملة حتى أكونَ قادرا على إبداء الرأي، ولا أظن ذلك ممكنا أصلا من خلال الإنترنت.

أشكرك على ثنائك وتفاؤلك بأن يمن الله علي بالتوفيق في مساعدتك، وأتمنى أن أكونَ جديرا بذلك، لكنني الآن أشعر بوجوب علاجك سريعا من الاكتئاب، ولم تعد القضية من الأقوى أنت أم الاكتئاب، ولو مال الميزان لصالحك فذلك محزنٌ مع الأسف، ليس لأني لم أكن موفقا في وصفك بأنك أقوى من الاكتئاب، ولكن لأنك تضعفين بالتدريج، وهذا الواقع يصعقنا على حقيقة أنك مريضة بقصور الغدة الدرقية أو نقص التدرقن Hypothyroidism، وهذا مرضٌ عضوي خطير لعل من أهم أعراضه ظهورا عليك الاكتئاب والكسل، وأخاف أنا من تساقط الشعر يا صغيرتي، نقص التدرقن هذا عندما لا نتناول لعلاجه عقار الإلتروكسين Eltroxine وحسب الجرعات التي يقررها ويتابعها ويعدلها الطبيب، عندما لا نفعل ذلك فإننا نكونُ ننتحرُ انتحارا بطيئا مؤلما فإذا كنا نعي بالعقل
!!!

فإن واجب المسلم هنا أن يطلب العلاج وأن يستعد للمعاناة في سبيل الشفاء، أي يأس هذا الذي ارتضيته لنفسك إذن يا ابنتي وأنت بهذا القدر من الفهم؟

نعم يمكنُ في هذا العمر وبعده أن يتغير السلوك وأن ينصلح الحال، وأن يكتب الله الشفاء والجزاء الطيب والتوفيق في الحياة، من قال أن هناك وقتا لا تتنزل فيه رحمة الله عز وجل :(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) صدق الله العظيم (الزمر:53)

إذن فرحمة الله لا تعطي مسلما أو مسلمة فرصة للقنوط منها أصلا، ومعنى أننا من خلال علاجك سنعمل على تغيير طريقة التفكير والتصرف، وعلى تغيير الهدف الذي يسعى إليه الإنسان في سلوكياته في الدنيا، والمعيار الذي يرجع إليه، مصححين الخطأ فيه ما أفاض الله علينا بنوره الذي يضئُ لنا ونحن نحاول أن نلتقط المفاهيم المغلوطة ضمن جلسات العلاج المعرفي، وتدريبات العلاج السلوكي التي نتفق عليها سويا!، معنى ذلك أننا نحتاج إلى نشيطة مثابرة تمتلك من الأمل أكثر مما يمتلكها من اليأس، أي نحتاج إلى من تعالج من كلٍّ من نقص الدرقنة والاكتئاب الناتج عنه والمصاحب له والمضاف إلى عسر المزاج الدائم أو الاكتئاب الدائم ؟ السابق عليه أصلا والذي صاحبته وفسرته حوادثُ ونواكبُ وصدماتٌ حياتية متفرقة مررت بها،ومعنى ذلك باختصار أنك بحاجة إلى علاج طبيب باطني مختص بأمراض الغدد الصم Endocrine Diseases، لكن اكتئابك المتوسط إلى الشديد الدرجة –تخمينا- يحتاج في نفس الوقت (أي الآن) إلى علاج عقَّاري يقوم به الطبيب النفسي المعالج، وأنا لو أنني قريب منك لكنت مستعدا لذلك.

بقيت نقطة واحدة هي من باب رد الفضل لأهله فصاحبة مقولة (لا أريد حلاً جاهزاً، لا تعطني سمكة وعلمني الصيد) ليست "حياة" (
نموذج مجانين المشرف )، وإنما هي "إمرأة" صاحبة لأنني بنت فقدت طعم الحياة مشاركة3: متابعة، وأدعوك الآن إلى التفكير في شيء واحد هو كيف تضعين خطة للعلاج، برغم كل ما سبق، وتذكري الحكمة الصينية التي تقول: (لا بأس إنه الفشل السادس عشر لا بأس إنه الفشل السابع عشر لا بأس فإنه الفشل الثامن عشر .......)، أي لا تقنطي أبدا من أن الله سيكونُ معك.

وأرجوك لا تحسبيني أغفلت كثيرا مما هو جدير بالتعليق من متابعتك، فقط أتوقع مزيدا من المشاركات في موضوعك وسأعلق بالتدريج لأن نص إفادتك يحتاج إلى أكثر من قراءة، وأنا يا ابنتي مستشار عجوز  فسامحيني، كما أنني أنتظر أن تسارعي بطلب العلاج برغم الخبرات العلاجية السابقة المؤلمة، وأهلا بك في أي وقت وكل وقت على
مجانين وعلى أرض الواقع إذا شئت وتيسر لك، ودمت سالمة لمجيبك.

 
   
المستشار: أ.د.وائل أبو هندي