إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   لمى 
السن:  
25-30
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   سوريا 
عنوان المشكلة: احتضان الأطفال .. هل يثيرهم جنسيا ؟؟ 
تصنيف المشكلة: تحرش جنسي Childhood Sexual Abuse 
تاريخ النشر: 07/09/2003 
 
تفاصيل المشكلة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ 
بارك الله بكم وبجهودكم في هذا الموقع المتميز حقا .. وجعل الله عملكم هذا خالصا لوجهه الكريم ورزقكم به الفردوس الأعلى .. آمين .. 
استشارتي: ما هي حدود العلاقة الجسدية مع الأطفال في مختلف مراحل الطفولة ثم المراهقين؟
 
وأنا أسأل هذا السؤال لأنني اكتشفت مؤخرا أن هناك اعتقادا سائدا في المجتمع وهو: أن الملامسة الجسدية كالاحتضان والتقبيل - بين الآباء وبناتهن وبين الأمهات وأبنائهن تولّد المشاعر الجنسية لدى الأبناء, ولهذا فهم يحجمون عن معانقة أبنائهم وتقبيلهم منذ أن يبلغوا السابعة وفي بعض البيئات قبل ذلك، وهذا له آثار نفسية مدمرة على الطفل ..
 
هل هذا الاعتقاد صحيح ؟؟ أرجو أن تعطوني طريقة مفصلة للتعامل مع أبنائنا وأبناء أخواتنا في هذا المجال, مفصلة على حسب المراحل العمرية: طفولة أولى, ثم متوسطة ثم متأخرة, ثم المراهقة وهكذا .. ماذا يجب أن نفعل, وماذا يجب أن نحذر ..

وجزاكم الله كل خير.
 

 
 
التعليق على المشكلة  

الأخت العزيزة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بصفحتنا، وتقبل الله دعواتك لنا وقبل لك مثلها منا، 
أما فيما يتعلق باستشارتك فإنه في مراحل الطفولة المبكرة وقبل نمو التواصل اللغوي عند الطفل تكون الملاطفة والمداعبة والاحتضان للطفل هي وسائل التعبير عن الحب نحو ذلك الطفل وعن سائر المشاعر الأخرى، وحرمان الطفل من هذه الأشياء في تلك المرحلة من النمو تمثل عزلا له عن العالم المحيط به لأنه لا توجد وسيلة أخرى للتواصل معه، وقد أثبتت تجارب كثيرة أن حرمان الطفل من المداعبة والملاطفة والاحتضان في هذه المرحلة يؤدى إلى تأخر في النمو وخاصة نمو الجهاز العصبي ونمو الوظائف النفسية.
 
وحتى بعد نمو الوظائف اللغوية تبقى أشكال من الملامسة الجسدية للطفل تؤدى وظائف وجدانية لا تقدر عليها اللغة اللفظية المعتادة فحين يبكى الطفل لا تهدئه الكلمات مهما كانت بلاغتها ولكن تهدئه لمسة حانية أو حضن دافئ من الأب أو الأم.
 
وهناك قصة مشهورة للأعرابي الذي تعجب حين رأى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن والحسين، فقال له إن لي عشرة أبناء ما قبلت أحدهم، فقال له الرسول: وما أفعل لك إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك (أو كما قال صلى الله عليه وسلم).

وهذا الحديث يدعم التجارب العلمية التي أكدت حاجة الطفل للتعبير الوجداني من خلال التواصل الجسدي الحنون والمحب، ويبين أيضا أن هذا التعبير ضروري أيضا للكبير لأنه فرصة لتوصيل مشاعر الحب والرحمة للصغير، وأن انسداد هذه الوسيلة يضر بالطرفين،
 
وقد وجد أن الأطفال الذين حرموا من الاحتضان والمداعبة في فترة الطفولة كانوا عاجزين عن التواصل الوجداني عندما كبروا وتزوجوا. ويستمر هذا الاحتياج في مرحلة الطفولة المتوسطة ولكن بقدر أقل فقد أصبح الطفل قادرا على استقبال الرسائل الوجدانية بأشكال أخرى مثل الكلمة والنظرة والربت على كتفيه ...الخ.
 
والطفل في هاتين المرحلتين يكون في حالة كمون جنسي فلا تأخذ هذه الأشياء معنى جنسيا عنده في الأحوال الطبيعية. أما في مرحلة الطفولة المتأخرة ومرحلة المراهقة فأن الولد أو البنت يصبحان أكثر وعيا وإحساسا بجسدهما وربما يشعران بالرفض نحو أشكال التواصل الجسدي التي كانا يحبانها في المراحل السابقة،
 
وهذا تطور طبيعي، وخاصة مع نمو التفكير التجريدي Abstract Thinking عند المراهق مما يجعله يفهم ويحس المشاعر في أشكالها المجردة، بالإضافة إلى أن بداية نمو المشاعر الجنسية لديه يجعله أكثر حساسية للملامسة الجسدية وخاصة من الجنس الآخر، وهذا يستوجب من الوالدين والأقارب عدم المبالغة في الاحتضان لأبنائهم وبناتهم في هذه المراحل العمرية،
 
وهذا لا يعني توقف هذا النوع من التواصل الوجداني الهام، ولكنه يبقى في حدود معقولة في أوقات خاصة كالعودة من سفر بعيد، أو التعرض لأزمة تستوجب الدعم الوجداني العميق. والأمر يصبح مشكلة غالبا من ناحية الكبار، حين تساورهم وساوس غير بريئة فتدنس هذا التعبير الحنون وتلوثه، أو حين تكون لدى بعض الكبار نزعات جنسية شاذة، ويرغبون في إشباعها عن طريق هذا الشيء المعتاد بين الأقارب والمقبول اجتماعيا، أو تكون وهذه المشاعر الشاذة كامنة لديهم ويخشون صحوها، أو يكون الطفل قد تعرض لأنواع من التحرش الجنسي (أو الضرار الجنسي Sexual Abuse)فأصبحت الملامسات الجسدية تأخذ معان غير نظيفة وغير بريئة لديه.
 
وقد تدعمت كل هذه المعاني غير البريئة بافتراضات فرويد عن الحياة الجنسية للطفل منذ سن الرضاعة فأعطى لكثير من تصرفاته دوافع جنسية، ولحسن الحظ فان هذا الافتراض الفرويدى لم يجد دعما علميا مع الوقت، بل كان من أضعف الافتراضات في نظريته وأكثرها عرضة للنقض العلمي.
 
وهذه الحالات الخاصة التي ذكرناها تستلزم تعاملا مختلفا في هذا الموضوع من ناحية الأشخاص ذوى المشاكل سواء كانوا كبارا أو صغارا، وينطبق هذا الوضع أيضا على بعض المجتمعات التي تأخذ فيها هذه التعاملات بين الكبار والصغار معان غير بريئة، فهنا يصبح احتضان الطفل مسكونا برسائل ملوثة فيؤدى أثرا عكسيا.

إذن
فالاحتضان في النهاية لغة تواصل وجداني، فإذا كانت هذه اللغة تحمل معان طيبة في الظروف التي تتم فيها يصبح هذا مطلوبا ومفيدا أما إذا أصبح هذا الاحتضان مشحونا بتعبيرات سلبية (لأسباب شخصية أو لأسباب بيئية) فيصبح اجتنابه حينئذ أفضل.

 
   
المستشار: د. محمد المهدي