إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   سما 
السن:  
25-20
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلم 
البلد:   الخليج 
عنوان المشكلة: الطريق إلى التوكيدية في الإسلام 
تصنيف المشكلة: نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية 
تاريخ النشر: 22/10/2005 
 
تفاصيل المشكلة


كثرةُ البكاء أم نقص التوكيدية ؟ 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 أنا طالبة في الجامعة معدلي جيد (لا أدرس كثيرا) أحب الجلوس في المنزل وأحب التأمل كثيرا.

مشكلتي هي الشك وكثرة التفكير والصمت وعدم الدفاع عن الحق والكتمان في النفس.

فمشاعري تجاه من حولي متقلبة فمثلا اشعر بان صديقتي تحبني وغدا أقول بأنها انتهازية ثم أقول بأنها حنون وأرجع وأقول بأنها منافقة وأنا أحبها.

أشعر أحيانا بأن من حولي ينظر اللي بسخرية ويجاملوني في تعاملهم لكنهم لا يحبوني وأنهم يريدوني كمصلحة (ربما الحقيقة تكون عكس ذلك).

دائما ما أشك في نفسي (مظهري شكلي تفكيري تصرفاتي) بالرغم من أن الناس يمدحوني.

لكني لا أحب المديح واخجل أمام من يمدحني وقد يصنع هذا المديح في بعض الأحيان في ثقة في النفس رائدة عن اللزوم والجلوس مطولا أمام المرآة.

كذلك أشعر بأنني مملة أمام الناس فأنا لا أحب كثرة الكلام والسوالف. فلدي مشكلة الصمت وعندما أحاول التعبير عن نفسي والكلام بجديه لا أستطيع أن أرتب الجمل وأعبر عن ما في خاطري فمثلا عندما أجتمع مع صديقاتي اكتفي بالاستماع وأتجنب الكلام وإبداء رائيي إن كان الموضوع جديا ولكن على عكس ذلك فإن كان موضوع مزاح وفر فشه.

لا أريد أن يزعل أحد مني ولذلك صرت أكذب في أمور سخيفة وصغيرة لا تستحق الكذب لكي لا يسيئوا الظن فيّ (لأنني أخشى أن أخطئ في حق أحد).

أرسلت سابقا رسالة عن مشكلتي في الصمت والخوف من المواقف التي تحتاج إلى الجرأة وأني لا أتخيل أن أستطيع الرد في حالة أن أحد أخطأ في حقي وأنني سريعة البكاء وعلى أتفه الأسباب.

وكانت إجابتكم أنني أعاني من ضعف التوكيدية. وكذلك أرسلت مؤخرا رسالتين حول مظهري.

* فهل يمكنكم تحليل شخصيتي وإعطائي طريقة لكي أطور نفسي وشخصيتي وان تخبروني ما هي حقيقة هذه الشخصية؟ أتمني أن أحظى بجلسات إنترنتية معكم في مواعيد لأنه يصعب علي زيارة الطبيب النفسي.

ملاحظة:

1.شخصيتي مرحة ويقال حبوبة، أضحك كثيرا.

2.عندما يتقرر أن أذهب في فسحه مع صديقاتي أتكاسل في البداية ولكني أقاوم وعندما اذهب استمتع بوقتي معهن. (غالبا أنا من يخطط للفسحة)

أتمنى أن ترسم الرسالة مشكلتي بصورة صحيحة وأن تكون مفهومة وواضحة وأن تساعدوني في تقوية شخصيتي وأن تتواصلوا معي في هذه المشكلة (أريد أن أرضى بنفسي وشخصيتي).

أشكركم جزيل الشكر على المساعدة في حل المشاكل.

15/9/2005
 

 
 
التعليق على المشكلة  


الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحتنا وشكرا على ثقتك، وعلى متابعتك ومواظبتك معنا، قرأت أنا إفادتك القديمة  والتي نصحناك فيها بأن تحاولي زيادة توكيدك لنفسك، ومن الواضح أنك ما شاء الله هذه المرة قرأت كثيرا عن نقص التوكيدية وعن تدريبات توكيد الذات حتى أنك في إفادتك هذه المرة تختارين ألفاظا توضح جدا ما تريدينه وتفلح في إيصال الصورة لنا، فأنت هذه المرة أوضح في ذكر صفات عدم القدرة على توكيد الذات، تقولين: (مشكلتي هي الشك وكثرة التفكير والصمت وعدم الدفاع عن الحق والكتمان في النفس)، وتقولين أنك أصبحت تكذبين حتى في توافه الأمور ومبررك: (لأنني أخشى أن أخطئ في حق أحد).

وأذكرُ أن كثرة البكاء كانت مما أفضنا في الحديث معك عنه، في
ردنا السابق، ولم تعد الآن محور استشارتك مثلما كانت في الاستشارة الأولى الحمد لله أصبحت أقل بكاءً بفضله وحده، وأما محور استشارتك هذه المرة فأنك تطلبين أن نقوم بما لم نقم به -في رأيك- في المرة السابقة.

تطلبين أن نحلل شخصيتك وأن نخبرك ما هي حقيقة هذه الشخصية (وهذا فعلناه قبل الإجابة عن سؤالك الأول حيث حللنا ما حملته سطورك الإليكترونية، وذكرنا لك ما يصح أن نذكر لك منه)، وتطلبين أن نعطيك طريقة لتطوير نفسك وتقوية شخصيتك (وكنا أرشدناك بضرورة عرض نفسك على طبيب نفسي وكيف تقنعين أحد أفراد عائلتك على الأقل، وتلك كانت الطريقة التي ننصح بها لتطوير وتقوية شخصيتك)، وتطلبين أن نتواصل معك حتى ترضي عن نفسك (وكنا طلبنا منك أن تتابعي معنا في ردنا الأول عليك)، ويبقى لك طلب أأجله إلى آخر الرد لأرد عليه مختتما إفادتي في الرد عليك.

مشكلتك الآن تكمن أصلا في عدم رضاك عن نفسك، وهذا ما سوف نتكلم عنه في هذا الرد لنحلله ونحاول إرشادك فيه، وأول ما يثبت أنها هي المشكلة الآن قولك: (أريد أن أرضى بنفسي وشخصيتي)، فما هو الرضا عن النفس الذي تطمحين إليه؟ ماذا تقصدين به يا ابنتي؟

أنا معك في أهمية ما تطلبين الوصول إليه من رضا عن نفسك، أنا معك إن كان المطلوب مثلا أن تكفي عن الشكِّ بنفسك فيما يتعلق برأي الناس فيك، كما يظهر من قولك: (دائما ما اشك في نفسي -مظهري شكلي تفكيري تصرفاتي- بالرغم من أن الناس يمدحونني)، ولكن كيف تتخلصين من هذا الشك؟ وهذا ما أحتاج قبل الخوض فيه إلى معرفة الكثير من التفاصيل عن نوع الشكِّ وشدته والتصرفات المبنية عليه أو الناتجة منه.

وأنا معك إن كان المطلوب هو أن تكفي عن الكذب الذي تضطرين إليه لمجرد أنك تخافين على مشاعر الآخرين، وتخشين أن تخطئي في حق أحد، خوفا من أن "يزعل" منك أحد، وموقف المسلمة يجب أن يكون غير ذلك، فليس ما نتحرك طبقا له كمسلمين غير ابتغاء الحق في ما نقول وما نفعل، ابتغاء رضا الله عز وجل وتذكري معي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضا الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" صدق صلى الله عليه وسلم، رواه الترمذي.

وأحييك على قولك: (لا أحب المديح وأخجل أمام من يمدحني وقد يصنع هذا المديح في بعض الأحيان ثقة في النفس زائدة عن اللزوم......)، فنقطة الثقة الزائدة عن اللزوم أو زيادة استحسان وارتفاع تقدير الإنسان لذاته، هذه هي المشكلة، خاصة وأن الأمريكيين الذين صدعوا العالم ببرامج توكيد الذات اكتشفوا بعدما صدروها لمعظم دول العالم وهي الآن في كل مكان في خليجنا العربي، اكتشفوا أنها "أسطورة" أي أن صناعة الثقة بالنفس وتوكيد الذات من خلال التدريب على طرق معينة للاستجابة ليس مفيدا بالشكل الذي كانوا يتوقعونه، وأن الثقة المصطنعة بالنفس أي التي تتكون من خلال البرامج التوكيدية قد تضر بالأداء الوظيفي والأكاديمي للشخص، فهي تصنع لنا أناسا واثقين بذوات لا تستحق كل هذا القدر من الثقة، لكنهم اكتشفوا ذلك مؤخرا مع الأسف كما ظهر في دورية "مجلة العلوم" التي تصدها مؤسسة التقدم العلمي الكويتية كترجمة لمجلة أمريكية هي Scientific American عدد يناير/فبراير 2005.

وأقول مؤخرا لأن مؤسسات بعدد شعر الرأس أقيمت في معظم دول العالم من أجل تقديم برامج توكيد وتقوية الذات، وغالبا ما سيكون المنتفعون في تلك المؤسسات أقل استعدادا للتخلي عن الدعاية والتكرار لما أنشئوا مؤسساتهم بناء عليه، ذلك رغم أنه أصبح أو يكاد يكونُ من الثابت أن التقدير العالي للذات لا يخفف من الميل إلى العنف ولا يحسن الأداء الأكاديمي ولا الوظيفي لصاحبه كما تجدين في الدراسة المشار إليها، على أي حال فإن المهم في هذا أمران:

الأول: أن توكيد الذات ليس شرا في حد ذاته ولكن بشرط أن يكون هنالك نوع من التلاؤم بين القدرات والمهارات الحقيقية للشخص وبين مقدار توكيده لذاته، فليس من المعقول أن أكون جاهلا وعاجزا عن فهم الحقيقة، لكنني أصر على رفع صوتي وتأكيد رأيي لأنني تدربت على ذلك!، وبالتالي فإن توكيد الذات نفسه يجب أن تسبقه برامج تقييم وربما تثقيف وتعلم حقيقية، وهنا أطالبك أنت بمزيد من الاطلاع والتعلم والثقافة والتجريب وتأكدي أن ذلك سيعطيك حلا لمعظم مشكلاتك ربما دون الحاجة لبرامج توكيدية، لأنك ستجدين ثقتك بنفسك ازدادت من خلال ما سبق من إنجازات تنعكس عليك.

الثاني: أن فارقا جوهريا يوجد بين مفاهيم الذات وتقديرها والرضا عنها وتوكيدها والثقة فيها في التوجهات الغربية السائدة اليوم، وبين ما هو من صميم جوهر علاقة المسلم بذاته وتقديره لها ورضاه عنها وتوكيدها والثقة فيها، فبينما تكونُ المرجعية الضابطة لتلك المفاهيم في الفكر الغربي السائد كامنة في الحس العام السائد، فإن المرجعية الضابطة لنفس المفاهيم في الإسلام كامنة في علاقة الذات بخالقها، وبمدى تماشيها مع شرع الله، وهذا هو طريق الرضا عن الذات والثقة فيها وتوكيدها بالتالي مادامت على حق، وللأسف فإن هذا الفرق بين الموقفين غائبا ما يزال عن كثير من مادة عمل مؤسساتنا "التوكيدية" التي تعتمد على خبراء غربيين أو خبراء مستغربين، وذلك أمر شرحه يطول، وأهديك بعض مقولات لابن عطاء الله السكندري وأدعوك إلى تأملها يا ابنتي:

يقول ابن عطاء "الناس يمدحونك بما يظنون فيك، فكن ذامًّا لنفسك لما تعلم منها"، وهو بذلك يدعو إلى أن يستبطنَ المرءُ عيوبه، ليذكرَ نفسه بها عندما يمتدحه الآخرون كي لا يقع في منطقة الغرور والعجب بالنفس المذموم فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول "لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر" فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال؛ الكبر: بطر الحق وغمط الناس"، إذن فمعيارنا الضابط في التعاملات هو اتباع الحق، وتقييم الناس على أساسه.

ويقول أيضًا "إذا أطلق الثناء عليك ولست بأهل فأثنِ عليه بما هو أهله" أي إذا أثنى الناس عليك ردي بالثناء على الخالق سبحانه، أي أَثْن على الله بما يستحق مقابلة لثناء الناس عليك بما لا تستحقه، فهل تنشغلين بعد ذلك بضرورة تحسين تقدير الذات، حسنيها إذن بأن تحاولي التخلص من عيوب كالكذب والسطحية في التعامل، واجعلي رضا الله مقدما على رضا نفسك.

وأصل إلى آخر طلباتك (أن تحظي معنا بجلسات إنترنتية لأنه يصعب عليك زيارة طبيب نفسي؟) من قال أن ذلك ممكنٌ أو أننا نستطيع ذلك لا أدري! إن كل ما نقوم به عبر الإنترنت هو إرشاد نفسي، ولم نقل أننا نقدم خدمة الاستشارات لا خدمة العلاج النفسي أي أننا لسنا ولن نكون بديلا عن زيارة الطبيب النفسي لمن لا يستطيع!!!.

أنت بحاجة يا ابنتي إلى مزيدٍ من المعرفة والعمل وصولا إلى الإنجاز وأحسب أنك اليوم أفضل مما كنت قبل عامٍ والحمد لله، ولكن عليك أن تغيري شيئا من توقعاتك من الاستشارات عبر الإنترنت، وأهلا وسهلا بك دائما على
استشارات مجانين.

 
   
المستشار: أ.د.وائل أبو هندي