إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   لمى 
السن:  
25-30
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   سوريا 
عنوان المشكلة: الخوف عند الأطفال .. غالبًا عابر ! 
تصنيف المشكلة: اضطرابات الأطفال النفسية Child Psychiatric Disorde 
تاريخ النشر: 26/09/2003 
 
تفاصيل المشكلة


الخوف عند الأطفال.. وحش يهدد مستقبل الأمة

 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أخي الصغير الذي يبلغ من العمر10سنوات يعاني الآن من حالة: الخوف.. الخوف من الظلام والخوف من أن يبقى وحيدا, فهو يرفض تماما أن يبقى في غرفة ما وحده ولو للدراسة.. لأنه يخاف .. لأن كل ما شاهده من مشاهد خوف وإثارة أعصاب في الأفلام تتجلى له حينذاك..
 
وهذه الحالة ليست مع أخي فقط وبل كل الأطفال من حولي, بل حتى المراهقين.. وأنا أيضا عندما كنت في مثل سنهم كنت أعاني من هذه المشكلة.. ليس بالضرورة أن يكون مصدر الخوف هو فيلم رعب.. ولكن أي فيلم فيه إثارة أعصاب بشكل مخيف.. كأن يكون البطل يدخل مكانا جديدا وهو يتلفت خائفا من أي مفاجأة فإذا به يفاجأ بأحد من خلفه وهكذا.. حتى أنني وأخي أيضا وكل الأطفال عندما كنت أمشي وأنتقل من غرفة لأخرى في البيت فإنني أخشى أن ألتفت ورائي فأرى ما لا يسرني.. الحمد لله.
 
الآن أنا لا أعاني من هذه المشكلة, يبدو أنني اتبعت دون أن أقصد الأسلوب الصحيح في القضاء عليها وهو ابتعادي عن هذه الأفلام نهائيا وعن القصص المخيفة أيضا.. فقد كنت أخاف أيضا من بعض القصص البوليسية.
 
والمشكلة أنه على زماني لم تكن مسلسلات الأطفال مخيفة أما الآن, فنعم, فقد لاحظت أن كل الأطفال من حولي والذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 12 سنة, يخافون من مسلسل: كونان .. هذا المتحري الذكي!!
 
وأخي لا يمكنه أن ينام وحده في الغرفة أبدا.. ولذلك هو ينام معي في غرفتي.. ويجب أن نأوي إلى أسرتنا معاً.. وإذا نمت قبله فإنه يذهب إلى غرفة والدي لينام معهما.. ويكونان لم يناما بعد .. وعندما نستلقي فيجب أن أظل متجهة نحوه ولا يجوز أن أعطيه ظهري!!

فقلت له: عندما تكون أنت وزميلك في الدبابة معا, هل ستقول له: التفت إلي, وستتركان العدو؟؟
طبعا هو يخجل من تصرفه ولا يريد أن يكون كذلك. ويتمنى من كل قلبه أن يتخلص من هذه المشكلة.. ولكنه لا يستطيع وحده.. أعلم أن الإعلام موجه وأننا يجب أن نقف في وجهه والحقيقة أنا أحاول بكل قوتي أن أفعل ذلك..
 
فقد صممت على أنه لا يجوز مشاهدة التلفاز بالنسبة للأطفال أكثر من ساعة واحدة يوميا, ويجب أن تكون من برامج الأطفال ومن المسلسلات غير المخيفة.. وأما الأفلام الأمريكية المخيفة أو أفلام العنف والمسدسات والمطاردات فهذه لا يجوز مشاهدتها نهائيا.. مع أن أخي يحبها جدا جدا. والآن.. هل ما أفعله صحيح؟؟
 
أما من وسائل أخرى تعينني ليتخلص أبطال الغد من خوفهم!!!
 
ودمتم سالمين طيبين هانئين.
 
25/09/2003

 
 
التعليق على المشكلة  


الأخت العزيزة السائلة
،
أهلا ويهلا بك وشكرًا على ثقتك المتجددة في صفحتنا استشارات مجانين،
الحقيقة أن ما يمرُّ به أخوك الآن هو أحد الاضطرابات الانفعالية ذات البدء النوعي في الطفولة Emotional Disorders with Onset Specific to Childhood فما تشيرين إليه من أعراض (الخوف من الظلام والخوف من أن يبقى وحيدا, فهو يرفض تماما أن يبقى في غرفة ما وحده ولو للدراسة) في طفلٍ ذكرٍ عمره عشر سنوات أي أنه في منتصف المرحلة الابتدائية من التعليم، يسمى في الطب النفسي اضطراب قلق الانفصال في الطفولة Separation Anxiety Disorder of Childhood، حيث يوجدُ قلقٌ مركزي مفرطٌ يتعلق بالانفصال عن الأفراد الذين يتعلق بهم الطفل (عادةً الأهل أو أفراد آخرين في العائلة)، ولا يمثل القلق في هذه الحالة مجرد جزءٍ من قلق عامٍ بشأن مواقف متعددة.

وقد يأخذ القلق في هذا الاضطراب أشكالاً عديدةً، وحالة أخيك تبدو أعراضها أقل شدةً من الحد اللازم للتشخيص، وننصحك هنا بقراءة رد سابق على صفحتنا استشارات مجانين تحت عنوان:
قلق الانفصال في الطفولة.

ومن المهم أن نطمئنك هنا إلى أن مثل هذه الاضطرابات النوعية في الطفولةِ غالبًا ما يصبح ضحاياها أشخاصًا طبيعيين عندما يكبرون، هناك قلةٌ يتحولون إلى أشخاص عصابيين في الكبر، لكن الأغلبية يبرؤون تماما مثلما حدثَ معك أنت شخصيا وهو ما تؤيدهُ نتائج كثير من دراسات المتابعة في الطب النفسي.

وصحيحٌ أن الدراسات الغربية تشير إلى أن السن الذي تبدأ فيه هذه الحالة غالبا ما يكونُ بين السابعة والثامنة من العمر إلا أن حدوثه في عمر العاشرة وحتى أثناء المراهقة أمر مألوف أيضًا، وغالبًا ما نجد الطفل الضحية طفلا يقظ الضمير، مطيعا ومستجيبا للتوجيهات ومحاولاً أن يحقق توقعات أعضاء أسرته، كما توجد بعض العوامل الوراثية في هذا الاضطراب (فقد مررت وأنت أخته بما يشبه ذلك) إضافةً إلى نوعية معينة من الصفات التي تميز تعاملات أعضاء الأسرة مع بعضهم البعض ومع الطفل.

فكثيرا ما نجد حمائية زائدة Over Protectiveness، واهتماما ورعايةً للطفل أكثر مما يجب، وهذا ما يعتبر أمرًا واردًا جدا في حالة أخيك والذي أظنه آخر العنقود (كما يقولون في مصر)، وربما هو طبيعي في الأسرة العربية خاصةً في هذه المرحلة من تاريخنا والمتميزة بأخطار تحدق بثقافتنا وأخلاقنا وتتهدد النشء بصفةٍ خاصة.

إلا أننا لسنا معك في رؤيتك للأمر على أنه ناتجٌ عن مشاهدة مسلسلات العنف أو الرعب أو أفلام الإثارة البوليسية كالخطف وما إلى ذلك، كما نختلف معك في أن نتيجة تعرض الأطفال لهذه النوعية من الأفلام والمسلسلات تكون بالتأكيد أن يصبحوا رحالاً خوافين، بل إن الخطر الأكبر والأكثر ورودا كما بينت نتائج دراسات عديدة هو أن يسلك الأطفال سلوكًا يتسم بالعنف نتيجةً لما شاهدوه من سلوكيات أبطال تلك المسلسلات، أي عكس ما تظنين!

فقد يكونُ ما حدثَ معك وأنت طفلة أن أفلام الرعب أدت بك إلى حالة طويلةٍ من الخوف والقلق طبيعيا لأنك بنت رقيقة المشاعر، لكنني لا أوافقك في تعميم ما حدث معك على الأطفال والمراهقين، واعتبار ذلك جزءًا من الإعلام الموجه، فصحيح أن الإعلام موجه وبقصد الإفساد ولكن ليس بخلق جيل من الجبناء بالطريقة التي تتصورين، كما أننا نتوقع الخير لشباب هذه الأمة معتمدين فقط في الحقيقة على حسن ثقتنا بالله ودينه الحي الحنيف الذي ارتضاه لنا، وعلى توقعنا لانهيار أساطير التوحش الأمريكي، دون أن يكونَ في ذلك تجاهل منا لأخطارٍ بعينها متعلقة بهذا التوحش الإعلامي، ولكننا ما زلنا مؤمنين بوجود ما يحمينا من كل ذلك.

ولسنا معك أيضًا في أن العلاج يكونُ بأن نمنع الطفل من مشاهدة مثل هذه الأعمال الدرامية لسببٍ بسيط هو أننا لن نستطيع!
وربما لو منعنا التلفاز عن الطفل لبحث عن نفس الشيء من خلال ألعاب الكومبيوتر أو الإنترنت فهل سنستطيع منعه من كل ذلك؟ كما أن طريقة التجنب Avoidance التي اتبعتها أنت لم تكن هي السبب في تخلصك من مخاوفك كما تظنين، فتجنب المثير المخيف لا يعالج الخوف بل يعززه! وما حدث معك من تخلص من الأعراض إنما جاء نتيجةً لأنك كبرت وفهمت، ولكي نكون أكثر واقعية أقول لأنك تعرضت في الحياة الواقعية أو في نشرات الأخبار على الأقل لمشاهد رعب وخوف وقتل ودمار ساعدتك على تحمل مخاوفك وتجاوزها.

إذن فالعلاج من الخوف يكونُ بالتعرض التدريجي مع منع الاستجابة التجنبية Exposure & Response Prevention ، ومع تكرار التعرض يتناقص الخوف ويصبح الأمر عاديا. وأرجو ألا يفهم من ذلك أنني أقول لك اجعلي أخاك يشاهد أفلام رعبٍ أكثر، بل على العكس لأن أضرار المشاهدة الطويلة للتلفاز على الأطفال وعلى الكبار لا تحصى، وأنا معك تماما في أن نحد من ساعات بقاء الطفل ساكنا فاتح العينين أمام التلفاز، بل إنني أقول دائما إن أسوأ هواية يهواها الناس هي متابعة التلفاز، وذلك لعدة أسباب منها:

أنه يحول المشاهد إلى متلق سلبي خامل، ويضع في وعيه وفي لا وعيه أيضًا ما قد يكونُ إعلاما موجها كما أشرت في إفادتك، إضافةً إلى أنه يجعل الطفل بالذات أكثر عرضةً للبدانة، والبدانة في الأطفال ظاهرةٌ آخذةٌ في التزايد بشكل مرعب وهو ما دفع كثيرين في الغرب إلى مراجعة الأمر واقتراح ما تقترحينه من وضع حدود معينة للوقت الذي يسمح به للطفل لقضائه أمام شاشة التلفاز أو الكومبيوتر أو الإنترنت.

أصل بعد ذلك إلى ما يتوجب فعله ما أخيك فأنا معك تماما في خطواتك التي اتبعتها بالفعل معه كتحديد وقت معين للتلفاز وإن كنت أقل منك تقييدا لنوعية ما يسمح له بمشاهدته، ومختلفًا معك في تفسير الآلية النفسية التي يفيده بها ذلك، لكنني معك تماما في محاولة تنبيهه إلى أن ما يفعله ليس سلوكا يقبل من ذكر عربي نتوسم فيه أن يكونَ بطل الغد كما يتضح من قولك له (عندما تكون أنت وزميلك في الدبابة معا, هل ستقول له: التفت إلي, وستتركان العدو؟؟).

أضيف إلى ذلك أن من المهم أن تتفقوا جميعا على الاستهجان غير المهين لسلوكه ذلك وأن تعدوا له برنامجا علاجيا سلوكيا يكافأ فيه عندما يتسم جزء من سلوكه بالشجاعة والإقدام في نفس الوقت الذي يجد فيه أن ظهور علامات الخوف عليه يقابل بعدم الاكتراث منكم جميعا، وأعتقد أن الأمر إن شاء الله سيزول بعد فترةٍ من انتهاجكم لهذا النهج معه، وأشكرك على ثقتك فينا وأدعوك إلى مشاركتنا ومتابعتنا ودمت سالمةً لمجيبك.

 
   
المستشار: أ.د. وائل أبو هندي