إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   نور البنا 
السن:  
20-25
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   مصر 
عنوان المشكلة: علاجٌ من العلاج المنقوص ! 
تصنيف المشكلة: نفسي آثار وقف العقاقير Drug Withdrawal 
تاريخ النشر: 02/10/2003 
 
تفاصيل المشكلة


علاج من العلاج
 

تعرضت لظروف نفسية سيئه منذ حوالي سبعة سنوات أو أكثر مررت خلالها بفترة اكتئاب من خلال العلاج عند طبيب نفسي بدأت في بعض العقاقير كان أولها Flouxetine Hcl واستمر معي لفترة طويلة ولكن كثيراً ما كنت أمتنع عنه في المنتصف بعدها بدأت في Venlafaxine 37.5mg بجرعة كبيرة قرصين صباحاً وقرصين مساءاً... واستمررت لفترة، وبعدما تحسنت تدريجياً
بدأت تخفيض الجرعة حتى أصبحت قرص واحد يومياً ليلاً.

أحمد الله الآن ظروفي تحسنت كثيراً وتغيرت للأفضل بكثير وأشعر بشيء من الهدوء النفسي والراحة وأريد أن أتوقف عنه نهائياً وأواصل حياتي بشكل طبيعي ولكنني أخشى أن أتوقف عنه فتحدث لي ما يشبه انتكاسة أو أتعب نفسياً مرة أخرى... خاصة أنني منذ فترة قررت تخفيض الجرعة ليوم ويوم ولكنني أتعب من تخفيض الجرعة وأصاب بالهبوط.. من البحث في معلومات عن العقار وجدت أنه يجب تخفيضها ببرنامج معين...
 
أرجو منكم الإفادة.
 
29/09/2003

 
 
التعليق على المشكلة  


الأخت السائلة العزيزة
أهلا وسهلاً بك، وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين،
الحقيقة أننا لا نستطيع أن نقدم لك الرد المطابق لحالتك لأن الوحيد الذي يستطيع تقرير متى يوقف مريض الاكتئاب الجسيم Major Depression علاجه، وكيف يوقفه هو طبيبه النفسي المعالج، أو على الأقل طبيب نفسي آخر يناظرُ ويتابع الحالة ويعرف تاريخ أعراضها والظروف والملابسات التي أحاطت بحدوث نوبةِ أو نوبات الاكتئاب لديها، فمن المفاهيم المهمة جدا في علاج الأمراض النفسية أن الطبيب النفسي يفعل بالضبط ما يفعله حائك الملابس عندما يأخذ مقاسات الزبون ويقوم بتفصيل الثوب المناسب له، ولعل الطبيب النفسي هو أكثر الأطباء اضطرارا لذلك نظرًا للتباين الشاسع بين الحالات النفسية، حتى أننا مهما حاولنا وضع أنماط وتصنيفات للاضطرابات النفسية إلا أن الحقيقة التي يعرفها ويلمسها كل طبيب نفسي خلال ممارسته العملية للطب النفسي هي أن كل مريض يكاد يمثل حالةً منفردةً بكيانها النفسي والاجتماعي والبيولوجي.

ونستطيع دون مبالغة أن نقول أنه تحت كل فئة تشخيصية من تشخيصات الطب النفسي بما في ذلك الاكتئاب نكاد لا نجد مريضين ينطبقان على بعضهما البعض ويتماثلان في كل شيء!

بعد هذه المقدمة نود أن نبين لك سببًا آخر في عدم قدرتنا على الرد عليك، هذا السبب هو أن اضطراب الاكتئاب الجسيم والذي جعل الطبيب النفسي الذي أشرت إليه يصف لك عقارين من عقاقير الاكتئاب مرةً بعد أخرى ويصل معك إلى تلك الجرعات لابد أنه كان اكتئابًا شديدًا يحتاج إلى علاج عقاري، وليس مجرد رد فعل للظروف السيئة التي واجهتك في حياتك منذ سبع سنين كما ذكرت، أي أن دور الحدث أو الأحداث الحياتية المؤسفة في إحداث الاكتئاب ليس كبيرًا كما تظنين، فالمسألةُ في الأساس هي مسألةٌ استعدادٍ نفسي وبيولوجي لحدوث الاكتئاب، وليس المقصود هو أن الأحداث الحيايتة أو الظروف المؤلمة ليس لها دورٌ في إحداث الاكتئاب وإنما المقصود هو أن دورها ليس أساسيا، بدليل أننا لا نجد اكتئابًا عند كل من يتعرض لنفس الظروف.

ثم أن هناك نقطةٌ في غاية الأهمية وهي أن الطريقة التي نفكرُ بها ونرى العالم وأحداثه من خلالها هي من أهم المؤثرات في قابليتنا للاكتئاب،
ولهذا السبب، ونظرًا لأن الاكتئاب مرضٌ طبيعته هي الارتداد(بمعنى أنه يزول ثم يعود مرةً أخرى)، فقد كان من المهم أن يهتم المعالج النفسي بتغيير طريقة التفكير تلك وأن يصحح المفاهيم الخاطئة وطرق القياس والاستنباط غير المنطقية التي لا يدري بها الفرد لكنها رغم ذلك تحكم طريقة تفكيره وتؤثر في حكمه على الأمور.

وهذا هو ما يسمى بالعلاج المعرفي، والذي يُـعْتَبَرُ الآنَ أحدثَ طرق العلاج النفسي وأحسنها سمعة من حيث النتائج التي تحسن الاستجابة للأدوية النفسية وتساعد المريض على التماثل التام للشفاء وعلى البقاء سليمًا من الناحية النفسية وقادرًا على مقاومة الأفكار الاكتئابية بعد إيقاف العلاج الكيميائي، وتقوم فكرة العلاج النفسي المعرفي الجوهرية على قاعدة أن السبب في معاناة المريض ليس عقدة في لا وعيه كما تقول نظرية التحليل النفسي وإنما هو مجموعة من الأفكار الخاطئة التي يعتبرها المريض من المسلمات دون أن يناقشها ودون أن يدري بها ويقوم المعالج بالكشف عن هذه الأفكار ثم تغييرها من خلال جلسات العلاج المعرفي، وأنت مع الأسف لم تبيني لنا إن كنت قد تلقيت علاجا معرفيا أم لا؟

وعند هذا الحد من الإيضاح ننصحك بقراءة الردود السابقة على صفحتنا استشارات مجانين والتي ناقشت الاكتئاب والتفكير الذي يؤدي إليه وذلك تحت العناوين التالية:
اللا مبالاة هل هي اكتئاب ؟  / عسر المزاج والاكتئاب التفكير النكدي /  الاكتئاب الجسيم وماذا بعد /  الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج /  الاكتئاب المتبقي أم العلاج المنقوص ؟

بل إن من الواجب أن نقول لك أن تقليلك لجرعة العقار الأخير دون أن يقوم طبيبك النفسي بذلك إنما يمثل مغامرةً ومخاطرةً غير محسوبة العواقب، لأن القاعدة الحالية في الطب النفسي تقول بأن الجرعة التي تعالجك من الاكتئاب أي الجرعة العلاجية هي نفسها الجرعة الوقائية، وهذا الكلام مخالف للكلام الذي كان يقال منذ عقدين أو أقل من الزمان، فقد كان الرأي السابق هو أن نصف الجرعة العلاجية قد يكون كافيا كجرعةٍ وقائية، ولكن التجريب العملي أثبت أن الانتكاسة تحدثُ عند تقليل الجرعة العلاجية ولو بعد حين، ولكي لا تفهمي من ذلك أن العقاقير النفسية تسببُ الإدمان أو أنها مجرد مسكنات، ولكي تعرفي قيمة وأنواع العلاج النفسي فإننا ننصحك بقراءة المقالات المنشورة على موقعنا تحت العناوين التالية:
الأدوية النفسية هي مجرد مسكنات ومنومات / الأمراض النفسية لا شفاء منها العلاج النفسي مجرد جلسات كلام


إذن فالمشكلة في علاج الاكتئاب ليست في علاج النوبة الحالية مهما كانت شدتها لأنها ستزول بالتأكيد، ولكن المشكلة هي في التعامل مع ذلك الكيان البيولوجي النفسي ذي القابلية لحدوث الاكتئاب، والطريقة الوحيدة لتغيير تلك القابلية ليست العقاقير مهما كانت حديثةً وباهظة الثمن وإنما هو العلاج النفسي المعرفي.

وأما تسميتك لمشكلتك علاج من العلاج، فنحن نختلف معك تماما في هذا الفهم، ونقول لك أنه علاج من أسلوب العلاج غير السليم أو غير المكتمل الجوانب، كما أن ما يفهم من إفادتك حين تقولين(خاصة أنني منذ فترة قررت تخفيض الجرعة ليوم ويوم ولكنني أتعب من تخفيض الجرعة وأصاب بالهبوط.. من البحث في معلومات عن العقار وجدت أنه يجب تخفيضها ببرنامج معي)، قد يوحي للمتصفح لموقعنا أن الأمر يتعلق بكل مضادات الاكتئاب وهذا غير صحيح أيضًا.

فمن المهم أن تعرفي أن هذا التخفيض المتدرج للجرعة يتعلق فقط بالعقار الذي كنت تتناولينه أخيرا لأنه أصلا يرفع ضغط الدم وهذا أحد آثاره الجانبية المعروفة، فعندما نوقفه يجب أن نوقفه بالتدريج، ولعل لك خبرةً شخصية مع العلاج الذي كنت تتناولينه سابقًا وكنت تقطعينه من وقت لآخر ولا تصابين بالهبوط أليس كذلك؟.

إذن فما تحتاجين إليه أنت الآن هو العلاج المعرفي لكي يصبح بإمكانك يوما أن تتعاملي مع حياتك بطريقة تفكير جديدة، تكونُ بمثابة الدرع الذي يقيك من السقوط في براثن الاكتئاب مرةً أخرى، وإلا فإن الاستمرار على نفس الجرعة العلاجية هو طريقتك الوحيدة لكي تواصلي حياتك بشكل طبيعي كما تريدين، وفي النهاية نشكرك مرةً أخرى على ثقتك في صفحتنا ونتمنى لك الخير والسعادة وتابعينا بأخبارك.

 
   
المستشار: أ.د. وائل أبو هندي