إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   محمود 
السن:  
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   الأردن 
عنوان المشكلة: ولو كنت تقوم الليل!: شخصية مستهينة 
تصنيف المشكلة: اضطرابات الشخصية Personality Disorders 
تاريخ النشر: 13/06/2007 
 
تفاصيل المشكلة

 


لقد بدأت تصفحي لموقعكم بحثا عن معلومة معينة، وهذه الساعة الرابعة تقريبا وأنا أتصفح مشكلات الناس وحلولها من قبلكم. لست أدري من أين أبدأ، ولكنني عشت حياتي تائها وضائعا وأبحث عن حل، ولا أرتاح نفسيا إلا عندما أصلي في الليل ويأخذني البكاء بين يدي ربي.

عائلتي عائلة دخلها متوسط، متدينة إلى حد كبير جدا، ووالدي مستعد إلى أن يتخلى عن ابنه إن اكتشف أنه لا يصلي أو حتى ضيع فرضا واحدا، والجميع في منطقتنا يراجعونه في الأمور الدينية والفتاوى. وأمي بسيطة من سوريا وأحس كثيرا بأنها مسكينة.

كنت خجولا لدرجة أنني لا أستطيع رفع رأسي بوجه أحد، كان خجلي يقتلني، وهذا قبل سن الثانية عشرة، كنت أخجل أن أطلب من أهلي قرشا واحد أو شيئا أريده، وأخشى أن يقولوا لي لا إن طلبت، وفعلا حدث ذلك مرة حين طلبت منهم بعض الدفاتر وأنا بالصف الثاني حيث كنت أعشق كتابة القصص، وحينها سرقت من والدي وكانت أول سرقة أقوم بها، وفعلتها ثانية وثالثة لأنني أخجل من طلب أي شيء منهم، وذات مرة علم والدي بالأمر وضربني ضربا مبرحا حتى كدت أن أموت، وكنت عنيدا للغاية فازددت إصرارا على ذلك، وفعلتها مرة أخرى وسرقت منه، وكان ما أسرقه لا يتجاوز ثمن حبة شيكولاتة من أرخص نوع، حتى كبرت وأنا هكذا.

وبكيت مرة أمام والدي بكاء شديدا، وقلت له: أنا مريض.. وكثيرا ما وعدني بأن يذهب بي لطبيب نفسي ولكن بلا جدوى، كان دائما يحقرني ويسيء لي حتى إنه كان يبصق في وجهي.. وأنا أزداد إصرارا وحقدا عليه برغم أنني أحبه وأحب والدتي وإخوتي وكل الناس. وأتمنى لو أكون مليونيرا فأنفق كل ما لدي ليسعد كل ذي حاجة، وأن أرفع مستوى عائلتي المادي. أحب الخير لأبعد حد، حتى كنت أحيانا أسرق لأعطي امرأة مسكينة في الحي، وكلما أرى فقيرا أو صاحب حاجة أبكي. وأنا حساس لأبعد حد؛ فكلمة واحدة تجعلني أبكي أشد البكاء.

دخلت الكلية وتخرجت ولم أجد عملا حتى الآن برغم أن الجميع يعترف بمهاراتي وخصوصا في برمجة الويب، والجميع يلجأ إليّ لحل مشاكل الكمبيوتر والإنترنت، والجميع يحبونني ويحترمونني. لم أشعر بحنان أبي وأمي في يوم من الأيام، عقدوني وشتموني وضربوني وأهانوا كرامتي، ولم يحدثني أحدهم يوما حديثا لينا إلا بعد الإهانة، وعندما تتوقف أذناي عن الاستماع أرى راحتي في الصلاة وخصوصا والكل نيام.

أتمنى لو أصنع المعجزات لأساعد كل صاحب حاجة، أعمل أحيانا عملا خارجيا وأحصل على مبالغ جيدة من المال، وأعطيها كلها لأهلي وأترك لي شيئا بسيطا، وعندما ينفد ما لديّ أخجل أن أطلب منهم فأسرق مما أعطيته لأهلي، ويأتيني مال آخر من عمل خارجي آخر فأعطيه لأهلي.. وهكذا، حتى أضحت السرقة مرضا عندي، حتى من مالي أسرق، وإن لم أكن بحاجة إليه!!

إنني أحتقر نفسي أحيانا، وأحيانا أرى أنني مظلوم وأتساءل: لماذا هناك أناس يعيشون في نعيم وأنا أعيش في شقاء وأكابد على القرش مكابدة وبالكاد يأتيني، حتى إن أفكارا جرتني لأقوم بالاحتيال على أصحاب الأموال، وهناك طرق كثيرة أستطيع الخوض بها ولكن كلما أبدأ بالتنفيذ أرى الخوف من الله أمامي فأبكي.. وأصلي. أرجوكم هل من حل لي؟

أحببت فتاة من بلد مجاور لنا وهي تحبني، وأسعى لجمع المال كي أتزوجها. وهي تعطيني الحنان الذي أحلم به، والحب الذي أتمناه، والحمد لله لا أسمح لها بالتمادي في كلمة "أحبك"، ولا أسمح لنفسي بحجة أنها ستكون زوجة المستقبل، ويمنعني خوفي من غضب الله فلا يوفقنا في الزواج.

الكل يقول عني: كريم للغاية، ما في جيبي ليس لي، مستعد أن أحرم نفسي لأرى الابتسامة على وجه غيري، ويدعو لي ويقول لي: "الله يوفقك"، ولكني لا أرى توفيق الله، يقول الشيوخ: إن اللص ومن في رقبته حقوق لعباد الله ليس له دعاء مستجاب والسماء مغلقة في وجهه. ولهذا أشعر بأني لا يستجاب لي دعاء ولا رجاء، برغم وقفاتي الكثيرة في قيام الليل. كنت قطعت الصلاة ولكن عدت لها، وكل يوم يجب أن أسمع درسا دينيا وأبكي.. وأصلي.. وأبكي.

أريد حلا، فحياتي جحيم، أنا غير قادر على التخلص من العادة السيئة التي بي، وغير قادر على تكوين نفسي للزواج، وغير قادر على إشباع رغبتي الجنسية التي تفوق ما تتصورون، برغم أنني في الشارع أو في أي مكان حتى لو أعجبت بفتاة لا أنظر إليها أكثر من نظرة عابرة بينما بيني وبين نفسي صراع عظيم. لو كنت متألما لا أظهر للناس شيئا، فيقتلني الألم بيني وبين نفسي. لو أني ليس معي مال من المستحيل أن أطلبه من أحد، وأظهر أنني معي ولست بحاجة، لا أظهر لأحد شيئا وأظهر بعكسه دائما. الكل يحبني وأنا أحبهم، وبودي لو أسعدهم ولكنني غير قادر على المضي وتكوين نفسي، أظهر لأي شخص يطلب مني شيئا أنه سهل وبسيط وأسعى له به وأقدمه له، ولكن لو كان الأمر يخصني لا أستطيع.. أنا عاجز.. فهل لعجزي عندكم دواء؟.

آسف للإطالة، ولكن دموعي تكاد تخنقني وتغرقني، ولكنها لن تظهر الآن؛ لأنني في مقهى الإنترنت.
تحياتي لكم
وبارك الله فيكم

1/5/2007

 
 
التعليق على المشكلة  

الابن العزيز، أهلا وسهلا بك على صفحة
استشارات مجانين كتب الله لك الفائدة مما تقرأ، وأنعم عليك بأفضل من كل ما تتمناه لنفسك. لم تذكر لنا المعلومة التي كنت تبحث عنها، وهل وفقك الله إليها أم لا؟ لكنك قدمت لنا من المعلومات ما كان كافيا لإعطاء انطباع عن التشخيص المحتمل لحالتك، فبينما أسرفت أنت في بسط المبررات والمحسنات لسلوكياتك تشكلت لدينا صورة لواحد ممن نراهم من حين لآخر في عيادات الطب النفسي الإكلينيكية؛ حيث يظهر المريض نفسه رائعا في كل شيء ومليئا بصفات محببة، لكن ما يلقاه من سوء المعاملة وسوء الظن يتسببان في عجزه عن تفعيل تلك الصفات بالشكل اللائق، وهكذا يرى المريض نفسه ويقدمها وكلنا ينظر في نفسه فلا يرى العيوب، لكن مع الأسف غالبا ما يكتشف الطبيب النفسي صورة مخالفة تماما لشخصية ذلك المريض عندما يسمع الآخرين من أهله ومعارفه.

تصف نفسك بأنك خجول جدا، وجميل أن تكونَ خجولا من الناس، لكن الأجمل أن تخجل من الله، والخجل من الله -عز وجل- إن استشعره وأحسه إنسان فهو كفيل بأن يضبط سلوكه، أما الخجل من الناس فلا يحميك من الخطأ إلا أمام عيونهم، وقد يحملك على الخطأ أحيانا لإرضائهم بدافع الخجل نفسه، ومعنى هذا الكلام أن الخجل من الناس في غياب الخجل من الله -عز وجل- نقيصة كبرى.

كذلك تصف نفسك بأنك محبٌّ لفعل الخير والتصدق، وجميل أن نحب الخير وأن نتصدق لكن ليس بمالٍ مسروق، ولا أدري هل إذا ذكرتك بأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبا يمكنك أن تقتنع بأن تصدقك وفعلك الخير -كما يبدو- ليس لله منه شيء، وإنما هو من أجل نظرات الاستحسان في وجوه الناس أولئك الذين يرقُّ لهم قلبك، ليس لله إذن؛ لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبا.

صحيح أن قسوة والدك أو والديك عليك في سن الطفولة قد يدفعك إلى التمسك بفعل الخطأ كما تشير بقولك في إفادتك: (فمرة علم والدي بالأمر وضربني ضربا مبرحا حتى كدت أن أموت، وكنت عنيدا للغاية، فزادني إصرارا على ذلك، وفعلتها مرة أخرى وسرقت منه، وكان ما أسرقه لا يتجاوز ثمن حبة شيكولاتة من أرخص نوع، حتى كبرت وأنا هكذا...). لكن التمسك بالخطأ وتكراره كنوع من إثبات الذات لا يستقيم إلا في الطفولة، وفي أغلب الأحيان ينتهي مع التطور المعرفي والأخلاقي في فترة المراهقة بل حتى قبل البلوغ بقليل، لكن من الواضح أنك استمرأت السرقة كسرقة، وبالتالي فمنذ بداية اعتبارك مكلفا بالميزان الشرعي تسقط كل اعتبارات إساءة المعاملة من قبل الوالدين، كما يسقط مبرر التعود لأنك في كل مرة كنت تعرف أنك تفعل خطأ وعيبا وحراما، ولا أدري في الحقيقة ما هو المطلوب من والدين على قدر كبير من الالتزام (أو حتى من غير التزام) إذا اكتشفوا أن ابنهم لص؟؟ هل المطلوب هو النصيحة؟ وما أحسبهم قصروا في نصحك، هل المطلوب هو زيادة ما يعطونك من مال؟ أيضًا لا أحسب ذلك غاب عنهم وإن لم تذكره لنا أنت.

عليهم أن يقوموا بعرضه على الطبيب النفسي هذا صحيح، وأنت تقول أنك طلبت ذلك ولكنك لم تظهر لنا متى طلبته، فإن كان ذلك في مرحلة الطفولة فربما كان العلاج أيسر والطريق أقصر، أما إن كان في مرحلة ما بعد البلوغ (وبشكل أدق بعد السنة السابعة عشرة من العمر)، فإن الطريق العلاجي طويل وصعب ومليء بالانتكاسات التي غالبا ما تصرف الأهل وربما المريض عن المتابعة.

إلا أن هناك نقطة في منتهى الأهمية وهي نقطة إلصاق الصفة المرضية بسلوك كسلوك السرقة للمنفعة، فهذا غير صحيح وإنما ننظر للسرقة في حالتك باعتبارها كانت جزءًا من
اضطراب السلوك (التصرف) Conduct Disorder في طفولتك ومراهقتك وجزءًا من اضطراب الشخصية المستهينة بالمجتمعDyssocial or Antisocial Personality Disorder في رشدك الحالي؛ أي أن هناك سلوكيات مشينة أخرى غير السرقة كالكذب والاحتيال والاندفاعية (العجلة) وعدم القدرة على الصبر وغير ذلك، وأما صفاتك الطيبة الكثيرة وتمكنك من مهنتك فهي أيضًا لا تغير من الاحتمال التشخيصي شيئا، فعلى الرغم من كل أخطاء مثل هذه الشخصيات إلا أنها كثيرا ما تتمتع بجاذبية خاصة تجعل من الصعب على من يعرفها الابتعاد عنها رغم معاناته منها، ولكن النقطة المهمة هي أن كلا هذين الاضطرابين لا يسقط المسئولية المدنية أو الجنائية عن صاحبه رغم اعتباره مريضا، واقرأ ما تقود إليه الروابط التي في نهاية الاستشارة.

أيضًا إذا كان ردك أنه ليست لك تصرفات مشينة عدا السرقة، فإن من المهم التنبيه على أن ما يسمى بالسرقة المرضية Pathological Stealing أو هوس السرقة Kleptomania هو اضطراب جد مختلف عن حالتك؛ ففيه يفشل الشخص بصورة متكررة في مقاومة الاندفاع نحو سرقة أشياء لا يحتاجها لاستخدامه الخاص أو لكسب مالي أو أدبي؛ بل إن هذه الأشياء المسروقة قد يتم التخلص منها أو إعادتها سرا أو حتى إعطاؤها لأي شخص (ولا يتضمن ذلك أن نتصدق بها ففي الصدقة كثير من الكسب المعنوي أو الأدبي)، وبالتالي فأنت تسرق وتكرر السرقة، وإذا كانت السرقة هي سلوكك المشين الأوحد، فإن المختص بتقويمك لن يكون العلاج النفسي، وإنما العلاج الشرعي أو القانون الوضعي!.

إذن عليك إذا انطبقت على حالتك
معايير تشخيص اضطراب الشخصية المستهينة بالمجتمع أن تسعى لطلب العلاج النفسي، وعليك أن تستعد لمشوار علاجي طويل، وأعان الله طبيبك المعالج، مع تمنياتنا لك بالشفاء.

اقرأ أيضًا:
السرقة المرضية:استعادة الحب المفقود
سرقت والدي: دوافع السرقة؟  
   
المستشار: أ.د. وائل أبو هندي