إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:    
السن:  
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:    
عنوان المشكلة: التخزين المرضي: وسواس أم فصام؟ 
تصنيف المشكلة: نطاق الوسواس OCDSD اضطراب وسواس قهري 
تاريخ النشر: 30/03/2007 
 
تفاصيل المشكلة


أعزائي في موقع "مجانين"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إني من أشد المهتمين بموقعكم الرائع؛ فأنا أتصفحه يوميا وأنهل من علوم الأساتذة الأفاضل، سواء محررين أو مستشارين أو غير ذلك.

والآن وبعد قراءتي لإفادة الأخت -عافاها الله- وجدت أن الكثيرين من الذين يرسلون باستشاراتهم بخصوص الوساوس التي تنتابهم تكون وساوسهم ذات صلة بالناحية الدينية، فهل من تفسير؟

ثم إني بحاجة ماسة لاستشارتكم في حالة لدينا بالأسرة لها علاقة -كما أستنتج يوما بعد آخر- بهذا المرض، وبالطبع نسأل الأساتذة المختصين بشأنها؛ فقولهم هو الفصل، فالمسألة تخص شخصا من أهل زوجي (أخاه)... الحكاية طويلة وقد حاولت مرارا إرسال سؤالي إليكم لكني أجد أنكم في كل مرة قد اكتفيتم واستقبلتم العدد المطلوب؛ وهو ما اقتضى أن أوصل صوتي إليكم بهذه الطريقة.

إني في الواقع متزوجة منذ 6 سنوات وحتى الآن لم أقابله بسبب ظروف سكنه وسكننا، وسأبدأ من البداية.. فإن زوجي يعيش هنا في الغربة منذ 22 سنة، وقد جاء للدراسة وبقي حتى الآن.. لديه هذا الأخ فقط و4 أخوات.. كنت دوما أتساءل عن ظروف أخيه الغامضة بالنسبة لي، وهم إجمالا (زوجي وأهله) لا يقولون شيئا عنه. فقد غادرهم زوجي منذ تلك السنين وكانوا في لبنان فقد عاشوا حياتهم حتى تلك المرحلة هناك.

حتى اشتدت أزمة الحرب ولم يجدوا بدا من العودة لبلدنا الأصلي، ثم حصلت بعض الأمور مع أخي زوجي أثرت عليه بشكل سيئ للغاية؛ فهو لم يجد ما كان يرجوه في بلده ولم يستطع الاستفادة من شهادته الجامعية. وبحسب ما أخبرتني حماتي عن ذلك أنه أصيب بصدمات لم يتحملها لكونه شخصا حساسا وعاطفيا كثيرا، وقد سافر إلى أوربا منذ بداية الثمانينيات وهو ينوي ألا يعود، ومنذ ذلك الحين وهو في عزلة شبه تامة عن المجتمع رغم أنه ذكي ورغم أنه كان اجتماعيا كما أخبرني زوجي.

أما عمي (والد زوجي) فقد توفي بعد هجرة ولديه وهو نادم؛ لأنه سمح لهما بذلك تاركا بناته وزوجته دون معيل إلا من زوجي الذي تخرج ولله الحمد، وبدأ يرسل لأمه ما يجعلها تعيش في مستوى ممتاز كما كان الحال قبل وفاة عمي؛ حيث كانوا يعيشون جميعا قبل الحرب ونكبتها في رغد وسعادة.

أما سؤالي فإنني أريد أن أعرف رأي الأساتذة الكرام في حالة أخي زوجي.. إن زوجي دوما قلق عليه لأسباب عديدة.. فهو كما قلت أصبح غريب الأطوار (بشهادة أخيه) ورفض أي أحد من الأهل الاعتراف بذلك.. تتجلى هذه الغرابة في أنه يريد أن يبقى وحده ليفكر حسبما يقول.. لا يطيق فكرة الزواج والارتباط بأحد.. عنده ميل عجيب للحساسية من أي كلمة أو تصرف يوحي له أن أحدا يريد تجريحه..، ولقد رزقني الله تعالى بطفلين أحدهما (الأكبر) يبدو لي أنه يشبه عمه في بعض الصفات (عمره الآن 4.5 سنوات)؛ ولأننا لا نجد الفرصة للسفر إليه أو أن يذهب هو إلى أي مكان فقد قلقنا عليه.. فإن أصابه أي أمر فكيف سندري ولا صلة بيننا إلا الماسينجر والهاتف؟

كما أني علمت عنه أمرا خطيرا منذ حوالي سنة، فهو بسبب وحدته وحبه للقراءة والفلسفة وصلت به أفكاره إلى درجة خطرة هي الشك بالله وإنكاره والعياذ لله؛ وهو ما دفع بي مؤخرا لاستئذان زوجي في مراسلته أحيانا لإقناعه بالعدول عن هذه الأفكار، ومحاولة لإثبات الأمر بأن ربنا موجود بكل تأكيد، وجدته شخصا في غاية الرقة والحساسية، لكنه غريب الأفكار جدا، ولا يبادر أبدا بالسؤال بل ينبغي علينا نحن أن نكلمه إن أردنا، أما هو فلا يكلم أحدا إن لم يكلمه.. وأما آراؤه فأعرض بعضها عليكم لعلكم تدلونني فيعرف زوجي ماذا يفعل، حيث إنه لم يقتنع بأن هنالك احتمالا لإصابة أخيه بأي شيء.

أما الأهل هناك فليس لديهم أدنى فكرة، وتبريرهم الدائم أنه فقط حساس وأنه سافر فقط لأنه شعر بالضيق من أحوال البلاد.. لقد قال بعد استدراجي باللين له (فهو لا يتعامل مع أحد كما قلت) إن الله غير موجود والعياذ بالله، وإن الحياة تافهة جدا؛ لأن البشر لا يجدون شيئا يدعم انتظارهم، ولم يقل ماذا يقصد بذلك، كما قال إنه في أحيان كثيرة يشعر بأنه لا يريد عمل أي شيء بل فقط الجلوس والتفكير وهذا يجعله مشغولا جدا.. لا أدري حقا هل هذا عرض نفسي طبيعي أن يقول الإنسان ذلك؟

وأما حين حاولت جداله حسب قدرتي عن الله تعالى وذاته فقال إننا لا نجرؤ على الإفصاح عن أننا نؤمن لمجرد التقليد دون برهان؛ فهو يجد أنه لا يوجد إثبات لأي شيء، ويتساءل إننا إذ نقول إن ربنا يتصف بالكمال المطلق نناقض أنفسنا؛ لأنه -حسب رأيه- إذا كان يتصف بالكمال فلماذا أوجدنا؟ إنه يعتبر أن الرب ينبغي ألا يحتاج أحدا، وحين قلت إنه لا يحتاج، فقال لماذا إذن خلقنا؟ فقلت للعبادة وعمارة الكون، فاعتبر أن هذا نقيض للكمال، وكأن الله إذ خلقنا لعبادته فهو بحاجة لمن يمجده وهذه الرغبة هي دليل تناقض فإن كان غنيا عن عباده فلماذا يريدهم أن يعبدوه؟

كما أفادني أنه كلما أمعن في الأفكار عاد من حيث بدأ ووصل إلى نفس تلك الأفكار، ألا يعني هذا أنها أفكار تسلطية أو اجترارية؟
وهكذا فقد شعرت بضيق في صدري لهذه النفسية غريبة الأطوار التي أوصلته لتلك الشكوك وغيرها كثير.. وقد شعرت أن هنالك عدة أمور غريبة في تفكيره وأعماله، فهو لا يفرط في أي شيء مهما كان صغيرا كورقة أو عبوة فارغة مما نرميه عادة، كما أنه بطيء في أعماله كثيرا -قال ذلك مرة عن نفسه- ويتميز بحزن كبير جدا على الماضي وذهاب أيام العمر وانقضاء الطفولة... إلخ.

فما معنى كل هذه الأمور التي ذكرتها يا ترى؟ هل شكوكه وجحوده لله والعياذ بالله يمكن أن يعزى إلى مرض نفسي ووساوس؟ والأسوأ أنه لا يريد أن يتدخل في حياته أحد، ولا يقبل أن يعيش مع أحد ولا يقبل أي كلمة فيها نوع من الانتقاد فهو يعتبر ذلك قمة التجريح والتدخل في شئونه وإقحام للغير في حريته الشخصية، أرجوكم ما العمل؟

إن زوجي أحيانا يحس كأنه ابنه وهو مسئول عنه شخصيا بعد وفاة والدهما، فهو شخص غير واقعي لا يعتمد عليه؛ وهو ما أوجب على أخيه أن يعيله كذلك.. فما حالته يا أهل العلم؟ وأنا مستعدة لأي سؤال قد يفيد في تشخيص حالته وإخراجه مما هو فيه عله يعود إلى سواء السبيل وتتحسن أحواله، وللعلم هو الابن البكر لأبويه وهو في منتصف الأربعينيات، أما زوجي فيصغره بعام واحد فقط.

آسفة جدا على إقحام نفسي بهذه الطريقة، ولكني وزوجي قلقان عليه ولا أجد في غربتي ووحدتي من يرشدني، وزوجي أصلا متكتم ولا يحب الحوار خاصة في المسائل الشائكة كهذه المسألة العائلية الدقيقة.. آسفة على الإطالة وأرجو أن أجد في رحابة صدوركم ما يخفف عنا ويفيدنا، وشكرا جزيلا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

3/3/2007

 
 
التعليق على المشكلة  

الأخت العزيزة؛ أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في
صفحتنا استشارات مجانين، تبين إفادتك جزءًا من معاناة جيل من العرب، لم يكن مع الأسف آخر الأجيال التي تعاني، حيث يظهر تأثير حروب لبنان واضحا على أسرة زوجك، كان الله في عونكم جميعا، وأحب أن أحييك على اهتمامك بأمر أخي زوجك، ورغبتك الصادقة في مساعدته.

أما أول الأسئلة التي ترد في إفادتك فهو عن تفسيرنا لكون معظم الأسئلة التي ترد علينا بشأن الوساوس تكون الوساوس فيها متعلقة بالناحية الدينية، ورغم أننا أجبنا على هذا التساؤل من قبل فإننا لا نرى مانعا من إعادة التذكير بأن الأفكار التسلطية عادة ما تصيب الشخص فيما يتعلق بأكثر ما يحرص هو عليه من معان ومن قيم.

فمثلاً نرى الزوجة المخلصة جدا لزوجها والمحبة جدا له تأتيها الفكرة التسلطية بأنها ستخونه والعياذ بالله، ونجد المرأة الحريصة جدا والمحبة جدا لأطفالها تأتيها الفكرة التسلطية المتعلقة بأنها ستطعن أحد أطفالها بالسكين مثلا. وقياسا على نفس هذا المنطق فإن رواد صفحتنا معظمهم من المسلمين المتمسكين بدينهم، أي أنه أهم ما يحرصون عليه ولذلك يوسوسون فيه، فتجيء أفكارهم التسلطية وأفعالهم القهرية متعلقة بالعبادات والغيبيات، وهكذا يوسوس الحريص على علاقته بربه بأفكار اجترارية تتعلق بالعقيدة، ويوسوس المحب لصلاته والراغب في أدائها بأقصى درجة ممكنة من الإتقان في وضوئه وصلاته إلى آخر ما يزخر به موقعنا مجانين من مشكلات ومقالات، ولكنني أحيلك فقط إلى:
الوسواس والالتزام الديني، هل من علاقة؟

ومن هذه المشكلة يمكنك أن تجدي روابط عديدة لما لم تقرئي من مشكلات تتعلق بالموضوع. وأما يما يتعلق بإفادتك عن عم أبنائك الذي لم تريه رأي العين حتى الآن، فإن هذه الإفادة على طولها فيها كثير من الغموض، فما نفهمه هو أنك وزوجك تعيشان في الغربة، وكذلك أخو زوجك الذي تستشيرين بشأنه، ولكن من غير الواضح ما إذا كنتم جميعا في بلد أجنبي واحد أم ماذا؟ لأن قولك: "حتى الآن لم أقابله بسبب ظروف سكنه وسكننا" قد يفهم منه أنكم في بلد واحد، ولكن مشاغل الحياة في الغربة تمنعكم من زيارته.

ثم إن هناك أمرا آخر غير واضح وهو ماذا يعمل أخو زوجك؟ وما تأثير انعزاله وغرابة أطواره على عمله؟ كل ما نعرفه هو أنه يحمل شهادة عليا وأنه يعيش في أوربا منعزلاً عن الناس! لكنه بالتأكيد يعول نفسه، ومن الواضح أيضًا أنه غير متزوج.

المهم أن انعزاله وإحجامه عن التفاعل مع المجتمع يمكن أن ينتج عن أكثر من اضطراب نفسي فمن الممكن أن يحدث في المصابين
باضطراب الفصام Schizophrenic Disorder، وإن كان المتوقع في هذه الحالة أن يعجز عن الاستمرار في إعالة نفسه وحيدا في الغربة، اللهم إلا في حالات استثنائية، ومن الممكن أن ينتج الانعزال عن اضطراب الاكتئاب الجسيمMajor Depressive Disorder، وإن كان المفترض في هذه الحالة أن تكون الأعراض عابرة، ونادرًا جدا ما تستمر لمدة سنوات كما يتضح من إفادتك.

وأما احتمال أن يؤدي
اضطراب الوسواس القهري OCD وحده إلى انعزال الشخص عن المجتمع فإن ذلك يحدث في حالات الأفكار التسلطية المتعلقة مثلا بالخوف من التلوث أو العدوى أو إيذاء النفس أو الآخرين، ولكنها يجب أن تكون من الشدة والقسوة، إلى حد أن تصبح الأفعال القهرية الناتجة عنها والمتمثلة في التجنب التام لكل ما قد يزيد من حدة هذه الأفكار، وإن كان من الصعب جدا أن ينطبق ذلك على من يعول نفسه في الغربة.

وأما حساسيته المفرطة التي تتكلمين عنها فتجعلنا أقرب إلى
الفصام الزوراني Paranoid Schizophrenia، هذا إن كان فهمنا للحساسية المفرطة متطابقا، وهنا أحيلك إلى رد سابق لنا تحت عنوان: بين الوسواس القهري والفصام.

وأما أفكاره الاجترارية المجدفة في العقيدة فهي أفكار مرضية لا شك في ذلك ولهذا السبب لن نناقشها، لكن من المهم أن نبين حقيقة مهمة جدا هي أن: ليس كل تفكير اجتراري يصلح أن يندرج تحت تصنيف الوساوس أو الأفكار التسلطية، فمن الواضح أن أخا زوجك هذا مقتنع بما يقول، وهو لا يرفض هذه النوعية من الأفكار بل يسترسل معها راضيا، ولكي نعتبر أفكاره هذه تسلطية فإنه يجب أن يشعر بأنها أفكار مرفوضة منه هو شخصيا لا أن يدعو الناس لها أو يحاول إقناعهم بها مثلما يفعل أخو زوجك.

وأما ما هو جدير بالتأمل فهو سلوك التكديس أو التخزين القهري Compulsive Hoarding & Saving، فهذا السلوك هو أحد السلوكيات المصاحبة لاضطراب الوسواس القهري حيث سجلته بعض الدراسات في نسب تتراوح بين 28% و45% من المرضى، ولكن التكديس والتخزين أيضًا قد يوجد في مرضى الفصام وفي غيره من الاضطرابات النفسية.

والمقصود بالتخزين المرضي هو الإسراف في تجميع وتخزين الأشياء إلى الحد الذي يتعارض مع الحياة الطبيعية من حيث إشغاله للمكان متعارضًا مع الحركة بصورة طبيعية بسبب ما تشغله الأشياء المجمعة من حيز، أو بسبب تعارضه مع أمن المكان؛ فالكثير من الجرائد والمجلات القديمة مثلاً يعرض المكان للحرائق، والكثير من الحيوانات قد يتسبب في تلوث المكان.

والمهم هو نوعية الأشياء التي يتم تخزينها بهذه الصورة، فهي غالبًا أشياء عديمة الفائدة أو قليلة الفائدة مثل الملابس القديمة أو الأحذية القديمة أو حتى أربطة الأحذية القديمة وهكذا، والمشكلة في هذا السلوك إنما تنبع من عجز الشخص عن التخلص من هذه الأشياء التي تجعل المكان الذي يعيش فيه يتحول إلى فوضى في أحسن تقدير ومزبلة في أسوأ تقدير.

وأما لماذا يفعل الشخص ذلك فنحن لا نعرف بالطبع بأي شيء يفسر أخو زوجك سلوكه هذا، لكن الأسباب التي يقدمها من يسلكون مثل هذا السلوك قد تكون واحدًا أو أكثر من الأسباب التالية:

1- أنهم يعتبرون هذه الأشياء المجمعة ذات قيمة ما، وهنا تبرز الحاجة إلى التفريق ما بين الهوايات في مجموعها وما نتحدث عنه، فمثلاً من يجمعون طوابع البريد أو العملات النقدية القديمة أو الصور أو غيرها ليسوا كمن يجمعون علب الأكل الفارغة أو علب السجائر أو الكبريت أو علب المناديل الفارغة أو الأحذية القديمة أو أغلفة قطع الحلوى أو غير ذلك مما لا قيمة لتجميعه وتخزينه.

2- أن تجميعهم لهذه الأشياء يشعرهم بالأمان؛ ولعل هذا التعليل في حاجة إلى بعض الشرح فقد قابلت مريضة بالوسواس القهري كانت تجمع الملابس التي لن تلبسها والأحذية التي لن تلبسها وحقائب اليد التي يستحيل أن تحملها مرة أخرى؛ لأنها تشعر بالقرف منها بسبب تلوثها بعد خروجها بها في الشارع ومرورها أمام أحد المستشفيات أو مرور أحد الشحاذين بجوارها مثلاً، وعندما سألتها لماذا لا تتخلص من هذه الأشياء حتى بإعطائها لبعض الفقراء كان ردها ذا شقين؛ الأول أنها ما دامت تشعر بالقرف من هذه الأشياء فلا يجوز أن تتصدق بها، والشق الثاني أنها تشعر عند وضع هذه الأشياء في إحدى غرف البيت بأنها لن تكون مصدر خطر لها فيما بعد، هذا هو الأمان المقصود إذن!.

3- أنهم يخافون من نسيان شيء من المعلومات المحتواة مثلاً في الجرائد القديمة، وهم يرون أنهم قد يحتاجون إلى مراجعته في وقت من الأوقات، ولنتذكر هنا بعض العبارات التي نسمعها تتردد بين الناس مثل: ظللت أحتفظ بالأوراق القديمة، ولم أتخلص منها حتى ظهرت الحاجة لها.

4- الشعور بالرغبة والحاجة الدائمة والملحة إلى تجميع وتخزين الأشياء، ومن أجل هذا المفهوم أجريت دراسات قامت على افتراض يقول: إن هؤلاء الأشخاص كانوا يعانون من الحرمان في طفولتهم، ولكن هذه الدراسات لم تصل لإثبات شيء من ذلك، اللهم إلا من تعليلات بعض المرضى أنفسهم؛ الأمر الذي حول نظرية الحرمان والتعويض تلك إلى أنه قد يكون لذلك دور لكنه دور بسيط. أما السبب في هذا الشعور الملح بالرغبة في التجميع والتخزين ما زال غير معروف وإن كان البحث عن تفسيرات بيولوجية يدور على قدم وساق.

5- الحصول على الحب الذي لا يجدونه مع البشر، وهو التعليق الذي نسمعه عادة من الكثيرين ممن يقتنون الحيوانات، ولكن الذي يقتني قطا أو كلبًا أو حصانًا ليس كمن يجمع حديقة حيوانات في بيته.

6- الخوف من التخلص من الأشياء بسبب الإحساس بأنها تحمل شيئًا خاصًا بالشخص.

7- هناك بالطبع أسباب أخرى خاصة في حالة من يعيشون بمفردهم من المسنين، فقد لا يستطيعون القيام بإخلاء المكان أولاً بأول نظرًا لضعفهم الجسدي، أو قد يكون هناك نوع من إهمال الذات (Self Neglect) والمكان في مريض اضطراب الفصام.

ومن المهم بالطبع أن نفهم الموقف جيدًا قبل الحكم على شخص ما بأنه يسلك سلوك التخزين المرضي هذا، فليس لأن شخصًا ما محاط بفوضى من الكتب والمجلات والأوراق نعتبره واحدًا من السالكين لهذا السلوك.. ما أعنيه هو أن الظواهر البشرية في مجموعها يجب أن تفهم في إطار من معطيات الشخص محل التقييم وثقافته وبيئته ومغزى ما يفعله ومدى أهمية هذا الفعل في ضوء هذه الثقافة وهذه البيئة.

ومهم أيضًا أن أوضح أنه لا بد من وجود اختلاف في طبيعة هذا السلوك التخزيني ما بين الإنسان العربي والإنسان الغربي؛ فالإنسان الغربي يعيش في مجتمع مادي لا مكان للمشاعر والمعاني التي لا تقيم ماديا فيه إلا في أضيق الحدود، بينما الإنسان العربي ما تزال لديه مساحة كبرى من المشاعر والمعاني والالتزام أمام الله بما في ذلك بالطبع؛ لكون الحياة التي يحياها حياة عابرة وكونه سيحاسب أمام الخالق عز وجل، رغم تناقص هذه المساحة المتسارع في السنوات الأخيرة.

ولذلك في الحقيقة معنى أقصده؛ لأن تخزين الأشياء التي يرونها في الغرب ذات قيمة كتخزين النقود والذهب والفضة مثلاً لا يعتبره أحد منهم تخزينًا قهريا، بينما يوجد في تراثنا الإسلامي وفي شريعتنا الإسلامية ما يحث على الامتناع عن ذلك وعلى ضبط النفس ومقاومة ميلها إلى كنز ما لا يحتاج إليه المرء في حياته، إضافة إلى التشجيع على الإنفاق من كل ما هو مخزون لدى الإنسان المسلم.

وأما ما أشرت إليه من بطئه الشديد في القيام بأعماله، فيجعلنا أيضًا نتحير ما بين البطء الوسواسي في اضطراب الوسواس القهري، وبين البطء ممكن الحدوث في بعض مرضى الفصام، وأحيلك إلى مشكلة عرضت على صفحتنا
استشارات مجانين وناقشنا فيها هذا الأمر بأبعاده تحت عنوان: البطء الوسواسي.. وضوء منذ الليل حتى الشروق.

ونصل في النهاية إلى ما يتوجب عليك فعله، ففي رأينا أن إشراك زوجك في الأمر وربما إشراك آخرين من العائلة أمر لا بد منه، كما أن هناك ضرورة لمواجهته بانحراف سلوكه عن السلوك القويم وحاجته للعلاج النفسي والعقاري، وذلك بعد أن يتم تشخيص الحالة من قبل طبيب نفسي متخصص، فنحن لم نقدم لك سوى بعض الاحتمالات التي قد تصدق وقد لا تصدق. وأهلا وسهلا بك دائما، وتابعينا بأخباره وأخبارك وشاركينا بآرائك. 
 
   
المستشار: أ.د.وائل أبو هندي