إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   منى عبد الهادي 
السن:  
20-25
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   أمريكا 
عنوان المشكلة: حيرة أم: في ظل التوحد 
تصنيف المشكلة: اضطرابات الأطفال النفسية Child Psychiatric Disorde 
تاريخ النشر: 20/11/2003 
 
تفاصيل المشكلة


حيرة أم


بسم الله الرحمن الرحيم؛
 
اخوتي الكرام..
مشكلتي بدأت منذ أكثر من سنتين من الزمان، منذ أن اكتشفت أن بنتي الكبرى عندها مرض التوحد وبعدها بشهور قلائل اكتشفت أن أختها الصغرى تعاني من نفس البلوى، كانت صدمة كبيرة جدا جدا، بعد فترة من الإنكار الذاتي للمشكلة وغضب شديد على كل ما حولي، بعدها بدأت أخذ الدورات والندوات الخاصة بتعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة، وبدأت أعمل مع ابنتي الاثنتين كل لها جدولها، الآن مر أكثر من عامين على ذلك الأمر وإنجازاتي قليلة وإن كانت عظيمة بشهادة أهل الاختصاص.

ابنتي الصغرى عمرها الآن ثلاث سنوات، ولكنها ما زالت لا تتكلم ولا كلمة، ما زلت أعمل معها على تعلم لغة الإشارات، ما يتعبني أكثر شئ هو أنني حانقة وغاضبة وأستغفر الله العظيم فإن كثيرا من غضبي هو عائد إلى ضعف إيماني، قبل الأزمة كنت ملتزمة جدا أما الآن فأنا ملتزمة بالكاد، نعم ما زلت محجبة وأصلي وأصوم ولكن لم يعد الأمر نابعا من القلب، أحس أن الله ينتقم مني وأنا لم أفعل شيئا.

يقولون إن كان الله يحب عبدا ابتلاه، وأنا أقول كيف يكون ذلك وهل أنا إن أحببت شخصا رحت أضربه وأؤذيه، وأقول أنا أحبك أريد أن أعرف هل تصبر على أم لا، أحس أنه لا أريد أن ينطق لساني بالدعاء والأمر مؤلم جدا، أحس بالوحدة والعجز والنقمة.

وجودي مع أناس ذوي أطفال سليمين يبعث الأذى والألم في نفسي رغم أنه يعلم الله تعالى أني لا أحسدهم ولكن رؤية ما حرمني الله تعالى منه مؤلمة جدا وهذا ما جعلني أبتعد عن الناس وأعتزلهم، عصبية طبيعتي قد صارت وتوافه الأمور تثير غضبي.

أحيانا أحس أنني لا أهتم وأعاني من حالة لا مبالية ثم أعود وأشعر بالذنب لتقصيري في تعليم بناتي، وأقول لنفسي يجب أن أجبر نفسي من أجل أن أعمل معهما ثيرابي وغيره، ولكني صرت كثيرا ما أكره كل شئ أرجوكم ساعدوني كي أعود إلى نفسي، المصيبة إن اختصاصي هو علم نفس ودراسات قرآنية ولكن الشيطان الملعون قد تسلط علي ونساني كيف أعود إلى نفسي.

على فكرة أنا قلت لكم أنه من هواياتي هي الكتابة وفعلا فقد نشرت في إسلام أون لاين العديد من المقالات حول التوحد وأطفال التوحد ورغم أنني اكتب لقرائي دائما عن الأمل والرجاء إلا أنني لا أحس بذلك دائما،  أرجو أن تردوا على رسالتي هذه ولكم مني جزيل الشكر والسلام،

منى عبد الهادي
 
13/11/2003


 

 
 
التعليق على المشكلة  


سيدتي
،
أهلا وسهلاً بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، إن المجهود الرائع الذي تبذلينه مع ابنتيك هو مصدر للإلهام للكثير من الناس الذين سوف يقرءون ويتحدثون عن مشكلتك، أرجوك أن تنتبهي إلى أنك لم ترتكبي ما يستدعى كل هذا العذاب (على الأقل فيما أعتقد) والذي تعتبرينه انتقاما.

ومما لا شك فيه أنك تحتاجين إلى الدعم من الأسرة والأصدقاء، أنصحك أيضا بالتواصل مع أمهات أخريات في مثل موقفك أو ما شابه وأن تسعى للعثور على من تثقين به أو بها من الأخصائيين النفسيين، أو المعالجين لكي تساعدي نفسك على التعامل مع وضعك.

0 إن البعد عن الناس واعتزالك لهم لن يزيدك إلا غضبا من إحساسك بالظلم والقهر والوحدة، يجب أن تخرجي للعالم وأن تعلمي أنه ما من شئ يحدث إلا وهو في صالحك بشكل أو بآخر.
0 إن ما يقال في مسألة أن الله يبتلى من يحب وكلما زاد الحب زاد الابتلاء هو غير منطقي مطلقا من وجهة نظري...، فما يصفه هؤلاء ليس هو الرحمن الرحيم اللطيف الودود ذو الجلال والإكرام وإنما أب سادي وعنيف أي مريض نفسيا...
0 إن ما لديك ليس ضعفا في الإيمان وإنما هو وجهة نظر محدودة تحاول أن تمنطق ما يحدث وفي نفس الوقت لا تجد إلا الغضب من الله أو قدره لعدم منطقية التحليل أو النظرة الإيمانية.
0 إن الله لا يحتاج إلى عباداتنا وإنما أمرنا بها لصالحنا ولفائدتنا الخاصة...، الصلاة صلة معه وبه، والصوم تدريب على النضج وتأجيل المتعة، والزكاة تدريب على الكرم والرحمة والتكافل الاجتماعي..، والشهادة هي تذكير لأنفسنا أن هناك واحد أحد مهيمن على كل شئ وأنه حكيم خبير وأننا نثق به وبرسوله محمد عليه الصلاة والسلام..، والحج هو رحلة تأمل وترويض للنفس ورؤية الشعوب والقبائل التي خلقها الله وفرصة للتعرف بها والتعارف عليها.

تعالى ننظر إلى ما أنت فيه من منظور آخر وأرجوك أن تتخلى ولو قليلا عن غضبك وأن تتخلى تماما عن ما سمعته عن الله وكيف يبتلينا ولماذا في الدنيا قبل أن تقرئي ما في السطور القليلة الآتية والآيات القرآنية (بمعناها المنطقي لدى) التي أذكر نفسي بها في مواجهة مصاعب الحياة: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت...." (البقرة 286).

هذا وعد إلهي بأنه ليس هناك مشكلة تواجهك إلا وأنت قادرة على حلها أو التعامل معها... المكسب يأتي من خلال تخطى الصعاب وهذا يحدث في كل جوانب الحياة.. فلولا صعوبة المشي ونحن أطفال لما نمت عضلاتنا وعظامنا لكي تحملنا وتساعدنا على المشي والركض فيما بعد.. ولولا سعينا في الدنيا لما تعلمنا أي شئ...

إن لله قد ضمن الرزق لكل المخلوقات... أهناك من يسعى ولا يجد رزقا ولو بعد حين؟؟ وعليها ما اكتسبت(أي ضد النفس ما اكتسبت) يعني ما لم تجاهد وتصارع فيه وإنما ما تقبلته من أقوال الآخرين وعادات وتقاليد المجتمع فهو ما سوف يشقيها.

تذكري ما تقوله الآية الكريمة في تحذير من أن نتبع بدون تفكير أو منطق أو خبرة شخصية: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" (لإسراء 36).  لقد نفخ الله من روحه فينا وكل ما يضعفنا حقيقة هو أننا نعتقد أننا وحدنا في هذا العالم ولكن الله يقول: "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" (ق 16) فالله قريب من الإنسان عموما بغض النظر عن ما إذا كان طيبا أو شريرا، مطيعا أو فاسقا أو غاضبا أو راضيا.

"فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" (الشرح 5 و 6"عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم" (البقرة 216 "ما الحياة الدنيا إلا لعب و لهو" (الأنعام 32، محمد 36، الحديد 20 ) "، ما الحياة الدنيا إلا لهو و لعب" (العنكبوت 64).

إن العسر الذي نعتقده هو في الحقيقة يسر أي هدية من عند الله.. على أقل تقدير، إن تخطينا الصعاب فنحن أقوى وأذكى وأكثر صبرا ونضجا وحكمة، ومن خلال التجربة نصبح شخصيات أكثر خبرة ومقدرة على التعاطف مع الآخرين، والأفضل من هذا هو أن نضيف إليه رؤية واضحة وعميقة حتى نعرف ما هو اليسر الذي يستتر بالعسر.. ما هي الهدية التي تظهر في شكل مشكلة؟
 
إن رؤيتك للأمهات بصحبة أولادهم الأصحاء يبعث فيك الألم والأذى لأنك تقارنين من وجهة نظر أن الله قد حرمك مما لديهن... ألا يمكن أن يكون الله قد كلفك بالتعلم من تجربتك وتعليم الآخرين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهل من المنطقي أن نأخذ محمل الجد الشديد ما هو لعب ولهو؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إن هذا سؤال فلسفي ومنطقي مخيف لأول وهلة ولكنه مريح إذا ما فكرنا فيه واعتدنا على الفكرة هذا لا يعني أن نستهتر أو أن نضرب بكل شئ عرض الحائط..

إن مسئوليتنا هي اختيار مسارنا وبالتالي مصيرنا في الحياة مع الإيمان بأن الله معنا، وبالتالي فكل ما يمكن أن يجابهنا في الحياة سيكون بمثابة اللعب واللهو بالنسبة لمن يكون الله معهم... وهو مع الجميع ويساعد الجميع ولكن من يحس بمساعدته هو من يحسن الظن به، عندي تساؤل: أين زوجك؟ وما هو الدور الذي يلعبه في كل هذا؟؟ إن الغضب الذي تشعرين به على حد ظني هو أن أغلبه تجاه زوجك... أرجو إبلاغي إن كنت مخطئا، كما أرجو المتابعة معنا وإعطاءنا مزيداً من المعلومات وفقنا الله وإياك لما فيه الخير والصواب.

 
   
المستشار: أ. علاء مرسي