إغلاق
 

Bookmark and Share

التربية الجنسية (3) مرحلة البلوغ2 ::

الكاتب: د. هالة مصطفى
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/08/2004


وننتقل الآن إلى نقطة أخرى تتعلق بالبلوغ ربما تحبين أن تُثار، لأنك تشعرين بالخجل منها، فأنت خائفة من هذه الأفكار والأمور التي تهاجمك والتغير الذي أصبحت تشعرين به عند كلامك مع الجنس الآخر ومع من كنت تشعرين من قبل أنهم أخوة لك أو أصدقاء، وما الذي حدث جعلك تميلين إلى هذه الأحاسيس الجديدة التي تجتاحك، ولا أريدك أن تلومي نفسك كثيرا أو تخجلي أو تشعري بالإثم مما يسيطر عليك من أفكار في الأمور الجنسية والجنس الآخر، فكل هذا يا حبيبتي أمر طبيعي جدا وكلنا مررنا وشعرنا بما تشعرين به إنها فطرة الله تعالى في خلقه فنشاط الجهاز التناسلي بدأ الآن ولابد أن يتولد الدافع الذي يساعد هذا الجهاز على وظيفته.

لذلك يشعر كل من الجنسين بالميل إلى الآخر في هذه الفترة وتكون هذه الأحاسيس شديدة ومتوهجة لأن ما يلقيه الجسم من هرمونات جنسية يكون كبيرا يتلقاه الدم بصورة دائمة توافي احتياجات هذا النشاط الذي يصاحب هذه الفترة من العمر، ووجود هذه الهرمونات الجنسية بتلك الكميات وبذلك الإفراز الدائم هو الذي يبعث في النفس وهج الشوق إلى الجنس والأمور الجنسية، لذلك جاء الرسول الكريم يعلم الشباب كيف يتعاملون مع تلك الفترة الحساسة من عمرهم وسبحان من علمه وأنبأه بنفوس البشر وطبيعتهم، وأنه يعلم ما يفكر فيه الشباب وتلك المشاعر التي تجتاحهم فلم ير حلا لهذا سوي الزواج لمن أتاحت له الظروف ذلك، فكيف يتعامل الشباب الذين لا تسمح لهم الظروف والفتيات اللاتي في مثل سنك واللاتي يرغبن في إتمام تعليمهن وزيادة المعرفة عندهن فلقد نصحهم الرسول الكريم بالصوم ولماذا الصوم بالذات؟!

افهمي معي هذا الأمر جيدا وحكمة الرسول الكريم من كبح الشهوات بالوسائل الطبيعية التي تهذبها ولا تقتلها، إنها آداب وسلوكيات إذا تعلمتها كل الفتيات لسددن عن أنفسهن أبوابا من الفتن والمشاكل التي يقع فيها الكثير من الفتيات في تلك المرحلة الحرجة من عمرهن.

فالهرمونات الجنسية كما قلنا والتي تفرز في الدم هي السبب الرئيسي في هياج المشاعر ونشاط الشهوة فإذا ما صادفت جسدا مليئا بالطعام مع نفس كسولة تطلق عينيها هنا وهناك لترى وتشاهد ما يثير تلك الغريزة ثم تترك آذانها مفتوحة لسماع الهمس والحديث الذي تتلذذ بعض الفتيات في إثارته في جلساتهن الخفية سواء في المدرسة أو النادي وغيره فإنها تنطلق وتلح على النفس للاستجابة لها وبالتالي تدفع النفس الجسد دفعا لتفريغ تلك الغريزة فإذا كان لا ضمير للفتاة ولا مراعاة للحدود فإنها تنطلق تحب هذا وتصاحب هذا ثم تأتي الطامة الكبرى حينما تترك حبل المعاصي يسحبها خلفه لتفقد عذريتها وتسلم جسدها لشاب ربما يكون في مثل سنها أو أكبر قليلا وربما تكون ظروفه لا تمكنه أبدا من الزواج، وربما يكون لا ضمير لديه هو الآخر فيتنكر لفعلته ويهرب منها تاركا حطام فتاة في بداية ربيعها.

لذلك يا ابنتي الحبيبة جاء الشرع يعلمنا كيف نتعامل مع غرائزنا التي وهبنا إياها فسن الصوم لمن هو في مثل ظروفك وسنك، فالصوم يجعل الشعور بالجوع يصد ضغوط النفس وإلحاحها وهو يهذب الروح فتغض العين طرفها عن النظر إلى المحرمات وإذا حدث ونظرت فإنها تعود وتستغفر، وهو الذي يغلق الآذان ويبعدها عن أماكن الحديث في الفاحشة، فلا إثارة لغريزة، وهذا هو الأدب الإسلامي وأنا لا آمرك بالصيام طوال تلك المرحلة حتى لا يصيبك الهزال والضعف، فأنا أريدك فتاة صحيحة العقل والبدن ولكن عليك بتهذيب النفس وتعليمها ألا تشبع كثيرا حتى تفوتي عليها فرض الضغط الذي تمارسه عليكِ، وابعدي نظرك وأذنك عن أي فاحشة فأنت الفتاة الطاهرة النقية فلا يغرنك حديث تلك الفتيات عن مغامراتهن وادعاء العلم في تلك الأمور والخبرة المزيفة التي يخدعون بها من هم في مثل سنك، وستصادفين الكثيرات منهن في مدرستك أو ناديك، وربما ستقع عيناك خطأً على صور في أيديهن أو كلمات يكتبنها ورسومات تنم عن شخصيات تافهة يملئن بها حوائط دورات المياه وغرف خلع الملابس، فقد تعلمت الأسماء الصحيحة لتلك الأعضاء وعرفت منذ صغرك أن العلاقة التي تجمع الرجل بالمرأة علاقة طبيعية وضرورة من ضروريات الحياة فيها الحب والاتحاد بجانب المتعة فيتحد الجسدان معا في لحظات جميلة يباركها الله بالزواج ويقرها المجتمع ويشجع عليها.

أعرف أنك تريدين معرفة الكثير عن تلك العلاقة وكيفية أدائها وكيف يدخل الرجل عضوه إلى المرأة، وما هو الوضع الذي تتم فيه كل هذه الأسئلة التي تدور بفكرك، فإذا حدثتك يوما عن كيفية قيادة السيارة وقلت لك سجل المعلومات الواجب توافرها لمن يريد القيادة فبماذا يفيدك كل هذا إذا لم تكوني ستركبين السيارة في وقت قريب، فإن معرفتك كل هذه الأمور وشرحها لك في هذا الوقت لن يفيدك طالما لن تجربي ما ستعلمينه بزواج قريب، بل على العكس سيملأ عقلك بكلام وصور ربما تزيد من الشهوة في أوقات خلوتك فتدفعك للمس أعضائك لتفريغ تلك الشهوة والتي تجعلك تقبلين على ما يسمى" بالعادة السرية" التي تبدأ في هذه السن وتفعلها الفتيات لتخفيف ضغط الشهوة على أنفسهن مما يؤدي إلى إدمانها والانغماس فيها.

ورغم أن بعض الفقهاء أجاز تلك العادة عندما تجثم الشهوة فوق النفس فلا يكون سبيلا لإخراجها إلا بتلك الصورة منعا للانحراف وتجاوز الحلال، إلا أنني لا أحب أن تعتادي تلك الطريقة التي تشعرك بالذنب وتؤرق حياتك بعد ذلك، بل علينا بمنع القنوات وسد الثغرات التي تتغذى عليها الشهوة وتنمو بالقراءة والرياضة والخروج للمجتمع وممارسة الأنشطة المختلفة التي تنمي ثقافتك وتوزع الطاقة الكامنة داخلك في صور مفيدة تفوت على النفس فرص الجري وراء الشهوة، فإن كانت الضغوط أكثر ولم تفلحي مرة في ذلك وغلبتك نفسك فمارستها فلا تعاقبي نفسك كثيرا بل استغفري الله الذي حفظك من فعل ذنب أكبر وارتكاب حرام نهى عنه، وأنت كما أنت الفتاة العفيفة النقية الطاهرة المقبلة على الطاعة لن يغيرك ذنب بل سيزيدك قربا وطاعة لله حتى لا تعودي وتذنبي من جديد.. واحذري من إدخال جسم صلب أو إصبعك داخل تلك الفتحة التي يغطيها غشاء البكارة حتى لا تصيبي نفسك بأذى.

واصبري لتنعمي بظل الله الذي وعد به الشباب الذي ينشأ في عبادته رغم ما حوله من مثيرات وضغوط وأنا واثقة من أن فتاة مثلك تأدبت بأدب الرسول الكريم قادرة على مقاومة أي ضغوط.

* ويكثر في هذا السن"حمي الحب" الذي تصيب الفتيات فيقعن في غرام أول رجل تقع عليه عينها جارا كان أو صديقا عائلة أو قريبا أو زميل دراسة.... فالشعور بالجنس الآخر والميل إليه كما أشرنا هو سمة تلك المرحلة، وأنت مثلك مثل كل الفتيات تشعرين بتلك المشاعر نحو شخص ما وربما لا تريدين الإفصاح عنه فتفكرين فيه دائما وتتخيلين نفسك في صحبته في أحلام اليقظة التي تأتيك من وقت لآخر، وربما تعبرين عما بداخلك عندما يحضر أو يجمعك به مكان فتحاولين إظهار ما في نفسك من خلال النظرات الخاطفة، وربما تطير بك الأحلام فتتخيلين نفسك زوجة له، كل هذا حلمنا به جميعا فمر علينا فتعلقنا بالمدرس والفنان المشهور وغيرهم، إنها أمور طبيعية سينطفئ لهيبها بمجرد أن تتخطي هذه المرحلة المشتعلة بالمشاعر والأحاسيس من حياتك وربما ستضحكين من نفسك على من كنت تظنين أنه فارس الأحلام، ستهدأ المشاعر وتتضح الرؤية ويأتي العقل ليرسم لك خطوطا جديدة بمواصفات أدق وأوضح لفارس الأحلام، لذلك إياكِ أن تنساقي وراء مشاعرك في تلك الفترة وتتورطي فيما هو أكثر من الأحلام والمشاعر حتى لا تهدمي مستقبلا جميلا ينتظرك، تعاملي مع مشاعرك بحكمة واكتميها ولا مانع أن تعبري عنها بخيالك ولكن لا تندفعي وراء علاقات يرفضها العقل ولن تجر عليك سوي المشاكل.

ابنتي الحبيبة قبل أن أختم كلامي معك عن تلك المرحلة، أود أن أحدثك عن أمر هام هو تاج فوق رأسك يسعد به زوجك إن شاء الله هو أغلى من أي شيء يمكن أن ترتديه المرأة " إنه تاج العذرية" ويظن الناس أن المقصود بالعذرية هو ذلك الغشاء الذي يغطي فتحة الفرج وينزعه الزوج بأول لقاء لهما كلا.... إن العذرية هي عذرية العقل والنفس والمشاعر والأفكار لا عذرية الغشاء ولقد صادفت الكثير من الفتيات اللاتي جئن لعيادة النساء للاطمئنان على أنفسهن وكن قد تورطن في علاقات مشبوهة كثيرة وتُفاجأ بأن غشاء البكارة موجود كما هو وتضحك الفتاة لأنها كانت حريصة وذكية عندما مارست الفحشاء دون أن تفقد عذريتها، فهل مثل هذه عذراء؟ وربما تتزوج وتخدع زوجها بأنه كان أول من يلمسها ولكن سبحان من لا تغفل عينه الذي أحصى كل شيء، وربما تكون هناك فتيات عفيفات طاهرات أُصبن في حادث وقع لهن في سن صغيرة أو دخل جسم صلب كعصا أو غيره أثناء لهوهن فتفقد ذلك الغشاء ويصرخ زوجها ويولول عندما يكتشف أنها ليست عذراء؟؟؟

فاحفظي لعقلك وعينك وقلبك عذريته عن كل ما يدنسها واقتدي بأشرف وأطهر فتيات الأرض" مريم العذراء" و"فاطمة" بنت رسول الله، هن قدوتك في العفة والطهارة والنقاء، ولا تتعجلي سوف يأتي اليوم الذي تخرج فيه كل المشاعر المدفونة والرغبات الهادئة إلى من يحبك ويرعاك ويقيم معك علاقة نظيفة وطاهرة يرضى عنها الله ويباركها الأهل والأحباب.

* إن مرحلة المراهقة ربما تبدو صعبة وشاقة ولكنها بلا شك تحوي لحظات جميلة وقلوبا بريئة، فعيشي كل مرحلة من حياتك على النهج السوي حتى تفوزي بما فيها من خير ويحميك الله مما فيها من سوء.

آخر كلامي لك يا حبيبتي: هي نقطة ربما تكون بعيدة كل البعد عن تفكيرك أو لم تخطر ببالك أبدا أود تنبيهك لها لأنه ليس كل الناس من حولنا أسوياء وأن النفس البشرية مليئة بالغرائب والنقائض، لأنه كما قلنا تكثر في هذه المرحلة المشاعر والأحاسيس وترتبط الفتاة بصديقاتها وتحبهن كثيرا وتميل للخروج والجلوس مع صديقاتها أكثر من أمها وإخوتها وأنا لا يقلقني ذلك فأنا أعلم طبيعة تلك المرحلة وأعلم جيدا أنك ستعودين لأمك عند أي إحساس بالخطر ولكن احذري ما تفعله الفتيات بحسن النية من كثرة السلام والأحضان والتقبيل عند كل اجتماع لهن فبعض الفتيات يفعلنه عن عمد لغرض آخر غير الصداقة البريئة ولكن لإثارة أجسادهن وشهواتهن، أعرف أنهن قلة ولا يستحقون الذكر ولكن احذريهن بالالتزام بآداب الإسلام عند اللقاء فيكفي السلام باليد وتقبيل الرأس أو الأكتاف كما ورد في السنة المطهرة وكما أثبت العلم بعد ذلك بخطورة التقبيل والأحضان وما تؤديه من انتشار الأمراض، فكوني معتدلة في علاقاتك بصديقاتك، حريصة في أمورك ألا يتعدى على حرمة جسدك أحد، ولو بالنظرة فلا تخلعي ملابسك أمامهن كما يحدث في حصص الألعاب عند خلع الملابس فالفتاة المسلمة تاجها الحياء والعفة فلا تخلعيه أبدا..

وأقرأ أيضا علي مجانين:
دور الجنس في حياتنا / مفهوم الإسلام للجنس / التربية الجنسية (1) / التربية الجنسية (2)



الكاتب: د. هالة مصطفى
نشرت على الموقع بتاريخ: 24/08/2004