أشعر أني أغرق فهل من منقذ..!َ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعاملت مع النت منذ فترة وجيزة كنت أبحث دوما على مواقع تتحدث عن مشكلات واقعية فقد أجد فيها ما يجيب على مشكلتي الخاصة، فكنت أجد ما يدور حولها ولكن مثل مشكلتي تماما ما وجدت. أعزائي مشكلتي بدأت منذ 20 سنة عندما تزوجت من ابن جيراننا كنت أعتقد أنني أحبه فقد كان يوليني الاهتمام، يراقبني في تحركاتي منذ كنت في المراحل المتوسطة من الدراسة إنه الحب الأول لم أقترب منه في يوم ما أو أعرف عنه أي شيء، استمر الوضع على أن يراني من بعيد ويسعدني اهتمامه بتحركات إلى أن كبرت وأصبحت في الجامعة، وبما أني من أسرة محافظة جدا وكنت دائما عند حسن ظنهم فلم أقابل في حياتي أي شاب، حتى ذلك الذي يراقبني بقي يتتبع حركاتي لمدة ما يقارب التسع سنوات؛
ثم تقدم لخطبتي وكان لم ينجح في إتمام دراسته فهو رسب في الثانوية العامة ودرس في مجال مهني واشتغل في المصانع المتخصصة شعرت باتجاهه بالحب، ولكن كانت حياتنا التي استمرت 7 سنوات تنتابها مشكلات أشعر أنني لا أستطيع الاستمرار بعدها وأدخل في أزمة نفسية حادة وأحيانا بانهيار عصبي ولا أعرف أن أتعامل مع مشكلتي، حتى أني الآن لا أذكر هذه المشكلات بالضبط لماذا وكيف، لكني أذكر أن حياتي كانت تختنق لفترة ثم تمضي المشكلة ونعود لنحب بعضنا من جديد رزقنا خلال زواجنا بولد مريض بمرض مزمن يحتاج رعاية يومية، إلى أن جاء اليوم الذي حصل بيننا مشكلة كبيرة بعد أن لمست منه استغلاله لأبي حيث أنه يسكن عنده بدون مقابل ويأخذ منه المال ولا يعيده وأبي مسكين يسكت على أمل أن تستمر حياتي بدون مشاكل؛
ثم فقد وظيفته وبقي بدون عمل وأصبحنا عالة على أهلي وأهله أحيانا يدعموننا ببعض التموين، المهم انتهت المشكلة بالطلاق، والطلاق بالثلاث حيث طلقني أكثر من مرة بنفس الليلة لكن بأوقات مختلفة وانتهت بذلك حياتي وكنت لا أزال في السادسة والعشرين من عمري، انتهت وأنا لا زلت لم أذق طعم الحياة الحقيقية بعد، اصطحبت معي أطفالي ولدان في الخامسة والرابعة إلى بيت والدي وفيه أمي ذات الشخصية الصعبة جدا، عصبية لأبعد الحدود، وكنت أحتمل وأعيش، وأراقب أطفالي يكبرون كما أريد، كنت قد تخصصت في مجال تربوي نفسي وكنت أربيهم على أسس علمية نظرية منظمة، وكبروا كما أريد وخلال هذه الفترة كان يتقدم لخطبتي الكثير حتى أكثر من قبل الزواج الأول وكان في كل مرة لا يتم أي اتفاق بسبب وجود أولادي معي.
وبرزت في مجال عملي ومجال أسرتي، وتميزت بتربية أبنائي واستمريت بالالتحاق بالدورات العلمية والعملية وحصلت على درجة الماجستير بتقدير ممتاز، بالإضافة إلى الرياضة والمشاركة الواسعة بالأنشطة الاجتماعية المختلفة، وبعد عشر سنوات كاملة وعن طريق إحدى زميلاتي الملتزمات في العمل، عرضت علي الزواج من شخص ملتزم متدين يبحث عن زوجة معها أولاد لأنه معه بنتان من زوجة مطلقة ولديه زوجة ثانية له منها 3 أولاد -طلقها بعد زواجنا بشهرين- وضعه المادي جيد يستطيع أن يفتح بيتان غير متعلم لكنه قارئ ومطلع، شاب في مثل عمري بل أصغر مني بأيام، طلبت أن أراه فأنا أؤمن أن الأرواح جنود مجندة، ارتحت له واستخرت، وسألته عن سبب زواجه الثالث فقال أنه يريد امرأة يحبها يشتاق لها، وقال أن زواجه من امرأة لديها أطفال يشكل مقايضة، بناته مقابل أولادها، يربي أبنائها فتربي بناته، أما أنا فقلت له أن سبب زواجي أنني بحاجة لصديق لي وللأولاد أحبه أقضي معه أحلى ما تبقى من أيام وبما أن شرعنا لا يسمح بالصداقة خارج إطار الزواج فإنني بحاجة إلى الزوج الصديق.
أعجبني أنه من الشباب الملتزمين اللذين أسمع عنهم أنهم يشبهون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستنون بسنته ويعاملون زوجاتهم كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعامل سيدتنا عائشة رضي الله عنها، سيد الخلق الذي ما أشغلته الدعوة وهموم المسلمين ودولتهم التي كانت في أخطر وأهم مراحل تكوينها عن أن يكون سيد الأزواج بالصبر على نسائه، وامتصاص همومهم ومشكلاتهم، وحتى عن أن يكون ملك وسيد الرومانسية على الإطلاق، فأنا لم أسمع من قبل عن تصرفات تشبه الرسول الكريم كزوج وحبيب وصديق، وقائد، المهم أن أملي بالزواج من رجل يعوض صبر 10 سنوات ويكون قدوة لأولادي الذين اقتربوا من عمر الشباب ولم تعد الأم لوحدها كافية لأن تكون القدوة والمربي؛
اتفقنا على الزواج، ووعدته بالسعادة التي لم يرى أو يسمع بمثلها من قبل وكنت كلي ثقة بأنني أستطيع أن أسعد أي رجل فقد زودت نفسي ودربت نفسي بكل الخبرات التي من شأنها إسعاد أي رجل مهما كان من دين ودنيا، تزوجنا بهدوء أهلي عارضوا أنه متزوج اثنتين فدافعت عنه بأنه مظلوم في المرتان، وأنني بحاجة من يمسك يدي ويد أولادي نحو الدين والحق والخير، وإنني سأتحمل التزامه وأسلوب الحياة الجديدة التي لا بد سأعيشها بعد زواجي..
بدأت حياتنا طبعا بنمط جيد جدا عن ما تعودت وكان دلاله وإرضائه وإرضاء بناته هدفي الذي أصحو وأغفو عليه، حتى أني أهملت أولادي مقابل الاهتمام به وببناته وكان مفتاح إسعاده ليس الجنس أو الطعام أو الأناقة، أو الشخصية المميزة أو المرحة أو المتجددة، كان مفتاحه أهله وأولاده، فنشطت لأكون كنة لم يسمع عن مثلها من قبل، صديقة لإخوته، وخصوصا إحدى أخواته التي نصحني من يعرفها من جيرانها من قبل أن أحرص على رضاها لأنني إذا أرضيتها رضي عني زوجي وأهل زوجي ولاحظت من قبل زواجي أن زوجي ضعيف أمامها، وهي تحشر نفسها بدون مقدمات ولا مبررات في حياة أشقائها الذكور وخاصة زوجي تحبه جدا وتهتم بكل شؤونه تخاطبه بأسلوب الأحباب وليس الأشقاء، وهو لا يستغني عن استشارتها في أدق شؤونه الخاصة الأمور التي لا أعلم عنها ..
استمرت الحياة بطريقة جديدة، كل من حولي استغربوا التغير الغريب والمفاجئ بشخصيتي فأنا سيدة المجتمع المنطلقة التي تعمل بمشاريع دولية، صاحبة الحضور المميز والأناقة والجمال الذي يتتبع أخباره من حولي، ألتزم الآن بالخمار والجلباب الفضفاض، أطيع زوجي الذي أقرب ما يكون إلى الفكر السلفي المتشدد رفض وجود تلفاز في البيت، أو حتى استقبال أحد أولاد أشقائي الشباب الملتزمين في بيتنا وأنا لوحدي، يرفض أن ألقي السلام على أزواج أخواتي أو أولاد عمي أو أزواج أخواته، كنت أطيعه حتى لو كان ذلك عكس أو ضد قناعاتي، لم أشعر أن كل ذلك يشكل لي أي مشكلة، لكن ما أزمني وأحبطتني يوما بعد يوم وجعلني أتراجع مع الأيام شخصية زوجي، فهو شديد الجفاف معي ومع الأولاد، كان أسلوبه منفرا في طرحه للدين ولشخصية المتدينين إلى أن كره أولادي الدين بعد ما كانوا من رواد المساجد، وكنت رغم ذلك مخلصة لأبعد الحدود مع بناته أعلمهم الدين أخذتهم معي في مدرستي لأشرف على تعليمهم وتربيتهم؛
تفانيت في علاقتي مع أهله وكان هو أقل من عادي بكثير مع أقاربي وأهلي، لا أعلم كيف استمرت السنين وأنا لا أزال أملك العزيمة والطاقة لأن أعطي رغم جفافه وأسلوبه الناقد لكل ما أقدمه، فهو لا يرى بالأمور إلا الجانب المظلم، له ميزات مادية كان لا ينقص على البيت أي شيء، وكنت أقول لا بأس، يكفي أن يستر على بيتنا ويحميني ويصرف علينا ولا داعي للمشاعر والعواطف التي كانت أساس ارتباطنا، واستمريت في إغداقه بالحب والاهتمام لكن باندفاع أقل من بداية حياتنا واستمر بالنقد والاعتراض واستمريت بالإحباط وفي نفس الوقت برعاية بناته، واحترام أهله وأخته ووصلهم كأفضل ما يكون، رغم أن بناته واللواتي هن في المرحلة الابتدائية كن من الشخصيات المركبة الصعبة التي ليس من السهل تشكيلها وصياغتها كما كان الحال مع أبنائي.
كبروا أولادي وهم الآن في جامعات مرموقة وفي تخصصات مهمة ومحترمة، وكبروا أيضا بناته وعملت على فصل البنات عن الأولاد، في غرفة منفصلة يتبع لها منافعها الخاصة، لكن أخت زوجي كانت ورائه وهي لا تعلم أن تدخلاتها كانت ضد مصلحة أخيها على طول الخط، فاقترحت عليه أن يبني بيتا عند أهله على أرض صغيرة جدا وتتوسط جميع العائلة، رفضت بشدة جن جنوني فكيف تشير عليه أخته في بيت أسكنه وعندما أرفض يستهزأ برأي ويقول أنا سأبني وإن لم تأتي لن أجبرك على ذلك، وهو يبتسم بسخرية وأنا بأشد حالاتي ضيقا وقهرا، فكيف سأنقل أولاد غرباء إلى بيت مرفوضين فيه، وقد فاتني أن أقول أن أهله رفضوا وجود أولادي معي منذ البداية لكني أصريت على وجودهم لأنه شرط ارتباطنا أصلا، موضوع البيت كسر بيننا وأوجد هوة ضخمة أكثر من ذي قبل، وانتهى بجفاء شديد بيننا وجفاء أكبر بيني وبين البنات، أهملت شأنهم وتركت أمورهم ما عدا العموميات مثل الأكل والشرب والنظافة......الخ، وكنت دائما متوترة ثائرة مستفزة، بدأت أعبر عن غضبي بالضرب أحيانا، وعندما لمح زوجي ذلك أخذ بناته وأثاثه ورحل ليسكن عند أهله، ترك المنزل دون ولا كلمة، ومنذ ذلك الحين ليس بيننا أي اتصال إلا أنه اتصل بأخي وطلب منه أن أخلي البيت وأسكن في بيت صغير، طلب أخي منه أن يبتعد لفترة ثم يعود ليقرر ما يريد وأننا سننفذ رغبته.
المشكلة الآن:
1- أنا فقدت أي دافعية للحياة الجديدة في حال عاد من جديد، أشعر أنه ليس لدي ما أعطيه،
2- أشعر بنفور شديد من بناته فهم انهالوا علي بالتهم الكاذبة عندما أخذهم أبوهم عند بيت جدهم، كذبوا لدرجة أصبحت عودتهم عندي مرة أخرى تعتبر مستحيلة.
3- نتج عن زواجي طفلتان مثل القمر، أراهم يتعذبون ببعد أبوهم عنهم، وأعلم خطر ذلك على حالتهم النفسية.
4- لا أعلم ماذا أفعل أنا أشعر بالغرق، أشعر أنني بمنتصف طريق لا أستطيع إكماله ولا الرجوع منه.
5- لا أحد يشير علي أي مشورة عن الحديث معه بهدوء عن ما أحب وأحتاج من مشاعر وتعاطف وأسلوب يناسبني، فقد مكثت 5 سنوات أحاول كل الوسائل بلا أدنى فائدة، بل كانت النتائج سلبية.
كيف بإمكاني الاستمرار وكيف بإمكاني التوفيق بين أطراف هذه الأسرة الشاقة، أولادي، بناته من الزوجة الأولى، أولاده من الزوجة الثانية (الذين يزوروننا عدة أيام كل أسبوع) بناتي منه، أنا وهو، أشعر أحيانا بالضعف والتشتت، وأحيانا لا أجد مشكلة، أنا بحاجة إلى مشورة رشيدة،
ماذا أفعل كي أستطيع الاستمرار بهذه الحياة، مع رجل جاف لا يعرف شيء عن التواصل والمشاركة حقود لأبعد الحدود لا ينسى أبدآ ويبالغ في الغضب حتى أنه يتعدى حدود الله
ونحن عائلة أحوج ما نكون للمشاركة والتسامح والحكمة وبعد النظر..
12/03/2010
رد المستشار
حياك الله وأهلاً باستشارتك...
يحضرني في بداية الحديث البيت المشهور للشاعر المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
هل تعتقدين يا صديقتي أن كل ما تعلمته ودرسته وأن كل المهارات التي دربت نفسك على التحلي بها ستمضي دون أن يختبرك الله بها.
إنها سنة الحياة فالابتلاءات تأتي على قدر احتمال الشخص وطاقاته والله يعلم أنك قادرة على تخطي هذه المصاعب ولذلك أوجدها لك: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
أنصحك أن تدعي الفورات والعواطف جانباً وتدرسي حاجات كل طرف في هذه القضية الشائكة: حاجات طفلتيكما، حاجات أولادك الذين لا بد أن يتفهما موقفك وتضحياتك وهاهما قد أصبحا الآن في عمر الشباب وعلى وشك الانفصال عنك. وحاجات طفلتيه اللتان تعديت عليهما بالضرب أثناء الضغط الذي وقع عليك.
وأنا لا ألومك فالأم تتوتر وتنفس أحياناً عن توترها ولكن من ناحيته أنت لست أمهما وقد تتجاوزين الحد إلى الظلم. كما يجب أن تفكري في حاجاتكما أنتما، وانتبهي إلى أن الكمال يتنافى مع حياتنا الدنيا فلا بد من وجود جزء ناقص في الحياة ولا بد من التأقلم معه حتى نقبل حياتنا ونرضى بها كما أن عليك أن تتذكري أن كل رجل له طريقته الخاصة في التعبير عن حبه فالبعض يعبر بإغداق الهدايا والبعض بالرومانسية والبعض بالكرم ووحده سيد الخلق هو من جمع صفات الكمال.
أرى يا عزيزتي أن تطلبي من زوجك جلسة حوار هادئة، تعدي لها كل الإمكانيات التي تمتلكين وتضعي في قائمة كل الاحتمالات الممكنة وتستعدي للإجابة عنها وتهيئي نفسك لبعض التنازلات حتى لا تحرمي الطفلتين من وجود أباهما وحتى لا تتركي الساحة فارغة لأخته كي تفرض آرائها بدون منازع.
حاولي إقناع نفسك بأنه لاشيء يستمر للأبد وأن صبرك على أي وضع يفرضه عليك لن يستمر طويلاً بل قد تتمكنين من تغيير الحال بعد أن يرى منك رغبة في إنجاح الحياة.
في بعض الأحيان، يكون لا بد لنا من تقديم التنازلات حتى ننقذ جزء مهما من حياتنا. ولن أنسى أن أذكرك بأن يبقى الله تعالى حاضراً في فكرك ودعائك وأن تبقى صلاة الحاجة والاستخارة رفيقتاك.
أنتظر أخبارك وأدعو الله تعالى لك أن يعينك ويهديك إلى الصواب...
ويتبع>>> : على قدر أهل العزم م