إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   مروان 
السن:  
20-25
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   اليمن 
عنوان المشكلة: إذا هبت أمرًا فقع فيه ! 
تصنيف المشكلة: نفسي عصابي رهاب اجتماعي Social Phobia 
تاريخ النشر: 02/10/2003 
 
تفاصيل المشكلة


الرهاب الاجتماعي

بسم الله الرحمن الرحيم؛
عزيزي الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛

في البداية أتقدم إليك بالشكر الجزيل على هذا الموقع المتميز الذي حصلت عليه من سيرتك الذاتية في كتاب الوسواس القهري الصادر حديثا من عالم المعرفة الكويت، هذا الكتاب الذي كنت متشوقا لقراءته قبل أن أعرف من هو الدكتور وائل أبو هندي وبالفعل وفقني الله تعالي على قراءته حتى آخر حرف فيه.

وللأمانة لقد تعلمت كثيرا من هذا الكتاب ولولاه لما كنت كتبت إليك اليوم ولا عرفت(وبالأصح اعترفت) أني ممن يعانون من إحدى المشاكل النفسية التي اسأل من الله تعالى أن يوفقك في مساعدتي على اجتيازها فهي كثيرا ما تؤرقني، أما مشكلتي فهي كما ذكرت في البداية وهي كما عرفت أنها بما تسمى بالرهاب الاجتماعي هذا ما عرفته عند قراءتي لبعض الأبحاث النفسية وإليك تفاصيل المشكلة:

فأنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما أدرس في الجامعة في المستوى الثاني ومتفوق بدراستي الجامعية حيث حصلت في العام الماضي على المرتبة الثانية، ولكن لولا مشكلتي هذه لكان مستواي أفضل من ذلك، فأنا أخاف من المشاركة داخل القاعة الدراسية وخاصة أمام الطالبات حتى وإن كنت أعرف الإجابة، فمثلا هل تصدق أني لم أشارك في العام الماضي حتى مرة واحدة اختياريا، وأكون في أغلب الأحيان عارفا بالإجابة الصحيحة ولكني أخاف من قولها، أو اكتبها لزميلي لكي يجيب بها، ولكن إذا اضطررت مثلا إلى الإجابة فإني أرتجف من الخوف وأشعر أن كل العيون تنظر لي!!.

وسأضرب إليك مثلا على ذلك: في العام السابق كان هناك مادة في المقرر تسمى فن الإلقاء وهذه المادة تتطلب الصعود إلى المنصة وأداء بعض الأدوار فكنت أخاف من هذه المحاضرة ولكن حرصي على التفوق دفعني إلى حضورها وعندما كنت أصعد إلى المنصة لأداء أي دور أحس بالخوف وأرتجف من أعماقي وأحس ببرود يغطي وجهي وكأنه الثلج وتستمر هذه الأعراض لدقائق في البداية ثم تخف قليلا.

وسأذكر لك مثالا آخر، حدث لي في العام الماضي فعندما قرر اتحاد الطلاب تكريم الأوائل لم أحضر إلى القاعة واختلقت لنفسي الأعذار الكاذبة باني لم أعرف الموعد وأنا أعرفه لكنه عذر وضعته أمام الآخرين وبدا مقبولا ولكني أنا وحدي من يعرف سبب تغيبي، وفي بداية هذا العام تغيبت لمده أسبوع كامل من بداية الترم والسبب باني كلما تذكرت ملاقاة زملائي أشعر بالقلق مع أن لي صداقات معهم كثيرة وكبيرة واختلقت الأعذار لمن حولي بأن الدراسة لم تبدأ بعد وأن الدكاتره غير موجودون.

هذا فيض من غيض من المخاوف الاجتماعية التي أعرف من قرارة نفسي أنها مشكلة يجب حلها حتى وإن لم يعرفها الآخرون فأنا أعيش بين زملائي حياة طبيعية، وهناك شئ كان يجب أن أذكره لك من البداية وهو أني أعيش منذ خمس سنوات بعيدا عن أسرتي وذلك منذ بداية دراستي الثانوية لأني كنت أعيش من قبل في منطقه التعليم فيها إلى الإعدادية فقط.

أما بداية الأعراض فأنا لم أكن هكذا وأنا طفل حتى الإعدادية وبعد انتقالي من قريتي إلى المدينة وبداية دراستي للثانوية في المدينة حيث كنت أعمل هناك في أحد المحلات عند واحد من أقرباء أبي، واستمريت في الدراسة الأول والثاني الثانوي، وقد كنت طالبا مثاليا ومتفوقا، وفي بداية العام الثالث انتقلت إلى مدرسة أخرى وعمل جديد عند صاحب محل هو جارنا ومحله هذا في المدينة نفسها وفي هذه المدرسة بدأت مشكلتي تدريجيا، حيث تأخرت في تسجيل نفسي في المدرسة، وعند وصولي إلى المدرسة التقيت بطلاب لا أعرفهم من قبل وقلت بشاشتي وتعرفي بالناس وبدأت أهرب من المدرسة وذلك بسبب أني ليس لي صداقات حتى انتهى العام الدراسي وأنا لم أعرف إلا زميل واحد كنت أعرفه من قبل في دراستي الأول والثاني الثانوي وكان ذلك هو سبب تدنى مستوى معدلي العام حيث وأنا أحس أنه كان باستطاعتي أن أعطي معدلا أفضل من ذلك بكثير وأحس أحيانا بأني ظلمت نفسي في الثانوية وأفكر أن أعيدها.

أشعر أني قد أطلت عليكم فاستسمحوني سلفا وشكرا مرة أخرى د. وائل وهنيئا انتمائك العربي الإسلامي، إذا كان بالإمكان إرسال الإجابة إلى بريدي فهو افضل .

30/09/2003

 
 
التعليق على المشكلة  


الأخ السائل العزيز
،
أهلا وسهلا بك وشكرًا على إطرائك، ونتمنى أن يعيننا الله على مساعدتك، الحقيقةُ أن مشكلتك التي تعاني منها هي بالفعل كما يفهم من إفادتك وكما سميتها أنت عند اختيارك لعنوان المشكلة اضطراب الرهاب الاجتماعي، ومن المهم أن نشير إلى أن تفوقك الدراسي وحرصك عليه هو أحد أهم الدعائم التي ستجعل العلاج سهلاً إن شاء الله تعالى.

ومن ناحيةٍ أخرى نحب أن نشير إلى أن هناك في إفادتك ما يبين أن شدة الحالة ليست كبيرة، ولنقل أنها حالة رهاب اجتماعي متوسطة الشدة، فهذا يفهم من أنها والحمد لله لم تسبب لك إعاقةً على المستوى الاجتماعي بالشكل الذي نشهده في كثيرين من مرضانا، فأنت تحاول تجنب المواقف التي تستثيرُ أعراض الرهاب (أو الأعراض الجسدية والمعرفية المصاحبة للقلق) قدر إمكانك ولكنك عندما تضطر إلى مواجهة الموقف مثلما حدثَ في مادة الإلقاء.

وأما النقطة التي نود تنبيهك لها فهي أن التجنب Avoidance هو عدوك الأول في العملية العلاجية فاحذره ولا تركن إليه أبدًا مهما كلفك ذلك من مشقة، لقد بدأت أعراض الرهاب الاجتماعي لديك وأنت في الصف الثالث من المرحلة الثانوية أي منذ ثلاث سنوات، وهذه بدايةٌ في مرحلة المراهقة المتأخرة، كما أنها تزامنت مع بعدك عن أهلك، وفي الوقت الذي تعمل فيه إلى جانب دراستك وتعتمد على نفسك في معظم متطلباتك، وكل هذه إشاراتٌ طيبةٌ إذا تحدثنا عن المآل المرضي لحالة الرهاب الاجتماعي لديك، لأنها كلها تشير إلى كيان نفسي قوي وإرادةٍ متينة.

ولعل من المفيد لك أن تعرف أنني وأنا أقرأ إفادتك للمرة الأولى وجدت نفسي أقول: يا ليتهم يقررون عليك مادة الإلقاء في كل ترم من كل عام! أتدري لماذا؟؟ لأن هذا هو طريق العلاج السلوكي المعرفي الذي لو سرت فيه مصرا على الإقدام والمثابرة ومحجما تماما عن التجنب أو الانسحاب لانتهى كل ما تشعر به من قيود يسببها لك الرهاب الاجتماعي، ولكي تكون على دراية أكبر بما سأقوله لك عن العلاج أنصحك أولاً بقراءة المشكلات المعروضة على صفحتنا استشارات مجانين والمتعلقة بالرهاب الاجتماعي والحالات المشابهة له تحت العناوين التالية:
مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات /  الخوف من المشاركة  /  الحياء الشرعي والرهاب المرضي  /  رهاب الجنس الآخر  /  الرهاب الاجتماعي وليست الرعشة  /  الهذرمة وشيءٌ من الرهاب  /  احمرارُ الوجه ليس خجلاً فقط  /  "الحل...ابحث عن ذاتك" .

بقي بعد ذلك أن أقول لك أن العلاج السلوكي عادة ما يهتم لا بالأسباب وإنما بالأعراض المرضية نفسها، لأن العلاج واحدٌ في كل الأحوال، والعلاج الأمثل في حالتك كما فهمت بالتأكيد من المشكلات التي قرأتها وردود مستشارينا عليها هو التعرض Exposure (والذي لا نظنك تحتاج إلى التدريج فيه) مع منع الاستجابة Response Prevention، ويقصد به أن تضع نفسك في الموقف وأن تصر على الاستمرار فيه برغم ما يطرأ عليك من أعراض.

ولعل في قولك وأنت تحكي لنا عن مادة الإلقاء ما يبين لك أهمية ذلك إضافةً إلى كونه خبرةً شخصية حدثت لك فأغنتنا عن محاولة إقناعك، فأنت تقول بنفسك(فكنت أخاف من هذه المحاضرة ولكن حرصي على التفوق دفعني إلى حضورها وعندما كنت أصعد إلى المنصة لأداء أي دور أحس بالخوف وأرتجف من أعماقي وأحس ببرود يغطي وجهي وكأنه الثلج وتستمر هذه الأعراض لدقائق في البداية ثم تخف قليلا)، وهكذا لو أنك تعرضت لنفس هذا الموقف مرارًا وتكرارا، فستجد أن الأعراض ستقل في حدتها وفي مدة بقائها بالتدريج من مرةٍ إلى التي تليها إلى أن تختفي تماما.

وهناك بعض العقاقير الطبية التي قد تساعدك إن لم تجد نفسك قادرًا على فعل ذلك وهذه العقاقير تنتمي لمضادات الاكتئاب بوجه عام وإن كانت مجموعة الماسا التي قرأت عنها في كتابنا الذي أشرت إليه هي أحد أفضل الاختيارات، وأيضا من الممكن اللجوء إلى أحد العقاقير المثبطة للبيتا والتي تخفف من الأعراض الجسدية للقلق كالرعشة أو الارتجاف والتلعثم وغير ذلك من الأعراض، ومثبطات البيتا تستخدم قبل الموقف المخشي منه بساعة من الزمن وليس بصورة منتظمة، بينما تستخدم عقاقير الاكتئاب بصورة منتظمة، ولكن من المهم ألا تلجأ للعقاقير المضادة مباشرة للقلق كمجموعة البنزوديازيبين Benzodiazepines، لأنها قد تتسبب في حدوث التعود، وأيضا تعلم المواجهة فقط تحت تأثير العقار State Dependent Learning وهذا لا يكونُ علاجا بالطبع!

إلا أن من المهم أن نذكرك بأننا لا نستطيع وصف عقار من خلال الإنترنت وفي حالة شعورك بضرورة استخدام أحد العقاقير لمساعدتك على اجتياز برنامج العلاج السلوكي فإن عليك بعد استخارة الله عز وجل أن تلجأ إلى أقرب طبيب نفسي من محل إقامتك.

وفي النهاية نود أن نذكر لك قول على ابن أبي طالب كرم الله وجهه " إذا هبت أمرا فقع فيه، فان شدة توقيه أعظم مما تخاف منه" وفي روايةٍ أخرى"إذا هبت أمرا فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم من الوقوع فيه"، فكأنهُ رضي الله عنه يشيرُ إلى دور التجنب في تعزيز وتعظيم الخوف وضرورة عدم اللجوء إليه، فتذكر هذا القول الحكيم جيدا واستعن بالله وعرض نفسك لما أنت أهل له ، واحذر التجنب دائما، وإن شاء الله تتحسن حالتك بأسرع مما تتوقع، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.

 
   
المستشار: أ.د. وائل أبو هندي