إغلاق
 

Bookmark and Share

جدد علاقتك بأكلك وجسدك مشاركة2 ::

الكاتب: أ. رفيف الصباغ
نشرت على الموقع بتاريخ: 04/03/2010


جدد علاقتك بأكلك وجسدك (المرحلة الأولى)

أرسل محمد (37 سنة، مدير نظم معلومات، مصر) يقول:

السيد الدكتور وائل؛ جزاك الله خيرا على مقالاتك وحرصك على اتباعنا للسنة في طعامنا وشرابنا.
أعجبني جدا هذا المقال وسأبدأ بإذن الله اتباع السنة في تناول الطعام. ولكن لي مداخلتين:
الأولى: طبعاً تناول الطعام مناسبة لابد أن تحظى باهتمام وترتيب خاص لنكون على الوجه الأمثل.. ولكن طلبك للوضوء للأكل وضوءنا للصلاة غريب بعض الشيء... طبعا غسل اليدين مطلوب قبل وبعد الأكل ولكن ذكرك للوضوء بالذات قد يصور للبعض أنه من التشريع أو من واجبات قبل الطعام.. هل من دليل على فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك؟ أم أنك قصدت أن عملية الوضوء لها تأثيرات فسيولوجية مستحبة قبل الأكل؟

الثانية: نشكرك على حرصك في مقالاتك على ذكر مصدر الأحاديث الشريفة.. كقولك رواه مسلم مثلا.. ولكن في ما ذكر عن نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه عن فرائض وواجبات وآداب المائدة الاثني عشر.. لم تذكر مصدر الحديث للتأكد من صحته..
لقد قمت أنا بالبحث على قدر طاقتي فلم أستطع الوصول إلى شيء يفيد صحته من عدمها.. ولكن لاحظت أنه متكرر بغزارة على مواقع الشيعة فقط وما أكثر الأحاديث الموضوعة والمكذوبة لديهم وخصوصا إذا كان الإمام على رضي الله عنه أو السيدة فاطمة الزهراء مذكورين في الحديث أو القصة... أرجوك جزاك الله خيرا التأكد من صحة الحديث وإذا ثبت عدمها أرجو سرعة حذفه من المقال....

آسف بشدة فهذا خارج سياق الموضوع ولكن أردت التنويه لعلمي بحرصكم على إيراد الصحيح من السنة.
لك مني وافر الشكر والتحية
وجزاك الله خيراً

22/2/2010

* تعليق الأستاذة رفيف الصباغ

أهلاً بك يا أخ محمد؛
جزاك الله خيرًا أنت أيضًا على مشاركتك وحرصك على دينك...
وفعلاً إن الدكتور وائل –كما خبرته من خلال عملي معه على الموقع- شديد الحرص على التمسك بدينه، بفرائضه وسننه وآدابه، وعنده من التعظيم والاحترام لشعائر الإسلام ما لا تجده عند كثير من الناس، بل من أهل العلوم الشرعية!! رجّاع للحق بشكل ملفت للنظر، وكثيرًا ما يخطر في بالي بعد مراجعات معه قول قائلهم: (عظيم من يقول الحق، وأعظم منه من يقبله)! وأرجو أن يكون كل ذلك له ذخرًا عند الله تعالى يوم القيامة.

أما بالنسبة لقضية الوضوء قبل الأكل، وبعده:
فقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث ضعيفة، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((بَرَكَةُ الطَّعَامِ الوضُوءُ قَبلَهُ وَالوضُوءُ بَعدَهُ))، وقوله: ((الوضوءُ قبلَ الطعامِ وبعدَهُ مما ينفي الفقرَ، وهو مِن سننِ المُرسَلينَ)). وهذه الأحاديث فيها ندب للوضوء قبل الطعام وبعده، لكن جمهور العلماء على أن المقصود بالوضوء هنا هو: الوضوء اللغوي أو العرفي، يعني مجرد النظافة، فقالوا: السنة غسل اليدين قبل الأكل، وغسلهما مع غسل الفم بعد الأكل.

أما المعنى الشرعي للوضوء، أي الوضوء كما يتوضأ أحدنا للصلاة فهو غير مراد في تلك الأحاديث. وذكر "ملا علي القاري" عند شرحه لهذه الأحاديث في كتابه (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح) أن القول بسنية الوضوء بمعناه الشرعي قبل الطعام قول غريب لبعض الشافعية، ونص كلامه: (وأغرب بعض الشافعية وقال: المراد بالوضوء هنا الوضوء الشرعي. وهو خلاف ما صرح به أصحاب المذاهب من أن الوضوء الشرعي ليس بسنة عند الأكل). ولكني رجعت حسب استطاعتي لعدد من مراجع الشافعية لأتأكد من نسبة هذا القول لبعضهم فلم أجده...
والمعتمد المصرح به عندهم أن الوضوء الشرعي ليس مندوبًا قبل الأكل والشرب لغير الجنب، ونحوه كالحائض التي انقطع دمها، جاء في مغني المحتاج: (ولا يندب [أي الوضوء] للبس ثوب، وصوم، وعقد نكاح، وخروج لسفر، ولقاء قادم، وزيارة والد وصديق، وعيادة مريض، وتشييع جنازة، وأكل، وشرب لغير نحو جنب).
والذي يقصده الدكتور وائل: (ليس فقط التأثيرات الفسيولوجية للوضوء، بل التأثيرات النفسية والمعرفية والتي تعزز الوعي والانتباه، فيأكل الآكل وهو يستشعر أن المأكول نعمة من الله، وأن الأكل سلوك يكاد يكون بمثابة ومرتبة العبادة).

وأما قضية الحديث المنقول عن سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، فلم أستطع أن أجده أنا -أيضًا- في كتب الأحاديث المختلفة والمعروفة عند السُّنة، ولعله كما قلت: من أحاديث الشيعة...
وبغض النظر عن مصدر ذلك الحديث، فإن الحديث إن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحل لنا أن ننسبه إليه. وحيث إني لم أجد هذا الحديث، فلا علم لي بصحته أو ضعفه، وخاصة أني مختصة بالفقه وليس بالحديث الشريف.
وينبغي في مثل هذه الحال –أي عندما لا نعرف درجة الحديث- أن نترك الاستشهاد به إلى أن يتبيّن حاله، خشية أن ننسب إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما لم يقله ونحن لا ندري، وفي الأحاديث الصحاح سعة إن شاء الله تعالى.

وأستطرد فأقول: إن استنباط الأحكام الشرعية المتعلقة بأي حركة أو سكنة في حياتنا له قواعده وأصوله، سواء في الأحاديث والنصوص التي يستشهد بها عامة، أو في طريقة الاستنباط، أو في شروط المستنبِط.... وهذه الشروط يجب مراعاتها حتى في الأبحاث التي تكون في ظاهرها أبحاثًا علمية، ما دامت تستند في شيء منها على النصوص الشرعية... وهذا المقام لا يتسع لذكر هذه الشروط وإيضاحها، بل إنه من المتعذر حتى مجرد ذكر خطوطها الرئيسة.
وأخيرًا أفخر أن المسلمين ما زالوا حريصين على النصح، وعلى قبول النصيحة، وأسأل الله تعالى أن يزيد هؤلاء، ويجعلنا جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه قريب مجيب الدعاء.

* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي أشكر الأخ الفاضل محمد على مشاركته وأعرض بعض خواطري عليكم وعلى الأستاذة الفاضلة والمستشارة النجيبة أ.رفيف فنحن إذا انطلقنا من قولها: (إن استنباط الأحكام الشرعية المتعلقة بأي حركة أو سكنة في حياتنا له قواعده وأصوله، سواء في الأحاديث والنصوص التي يستشهد بها عامة، أو في طريقة الاستنباط، أو في شروط المستنبِط....) فإن هذا يعني أنه لكي تصح أبحاثنا العلمية التي تستند إلى نصوص دينية فلابد من إشراك فقيه فيها وهذا هو رأيي أنا شخصيا كما تعرفين ويعرف كثيرون من قراء مجانين، فرأيي أنه سواء في العمل النفسي الاجتماعي وفي العلاج النفسي لابد من إشراك الفقيه ...... لكنني أحسب أن في ذلك تعذرا خاصة في زماننا هذا الذي يراد للفقيه فيه أن يختفي... فهل لنا أن نعمل على قدر قدرتنا ثم نقبل بتصحيح الفقيه لما نقول؟.

كذلك فإن لي سؤالا لصاحب المشاركة ولك يا أستاذة رفيف: هل أنا استنبطت حكما شرعيا في ذلك المقال؟ من أنا وبأي صفة أفعل ذلك وأنا لم أدرس من الفقه والعقيدة والتفسير والحديث إلا ما كان يدرس في العربية السعودية في سبعينات القرن العشرين وهي سنوات كانت أعين الغرب غافلة عن ما يدرس في مدارسنا على الأقل في العربية السعودية وقد أظهرت لي قراءة الطبعات الجديدة من الكتب أنني وجيلي كنا من المحظوظين... إلا أن هذا كله لا يعني أنني أهل لاستنباط حكم شرعي إنما أنا رجل بضاعتي هي علوم النفس البشرية في الصحة والمرض وأجد من الشرع والنصوص الشرعية ما يدعم رأي العلم ورأيي، وكنت في المقال الذي جاءتني فيه المشاركة أقترح تنظيما لإصلاح علاقة الإنسان بمأكوله متلمسا ما أتعلمه من السنة النبوية المطهرة وأنا بعيد كل البعد عن مسألة هذا من صحاح السنة وذاك من صحاح الشيعة فأنا آخذ ما يوافق فهمي وتحليلي وما أرى أن ذوي العلاقة المضطربة بمأكولهم وأجسادهم محتاجين إليه وهو اجتهاد أسأل الله أن ينفع به....



الكاتب: أ. رفيف الصباغ
نشرت على الموقع بتاريخ: 04/03/2010