توهم المرض..وزهرة النرجس م2
بوح
السلام عليكم ورحمة الله؛
أنا أرسلت لكم سابقا، وها أنا ذا أرسل مرة أخرى لأبوح عما بداخلي أنا أخصائية نفسية أحب الإطلاع كثيرا وأحب مشاهدة الأفلام المتعلقة بالأمور النفسية.
سأبدأ حديثي، لديكم مسلسل مصري اسمه (سارة) من بطولة حنان ترك وأحمد رزق، ولو أنني لا أهتم كثيرا بالمسلسلات وقصص الحب إلا أنني انجذبت إلى هذا المسلسل كثيرا وبين فترة أخرى أعيد مشاهدة جميع الحلقات كلّما أراه، تدمع عيناي! أعلم المسلسل غير حقيقي وبل القصة مبالغ فيها، وخصوصا علاقة الطبيب النفسي دكتور حسن بسارة ووصولها إلى مرحلة بما يسمى بالتحويل.
عموما أنا هنا لست لأنتقد المسلسل، بل أنا أشعر أنني أريد أن أكون مكان سارة، أشعر بشعور غريب، أشعر كأنني عشت الأحداث التي تعرضت لها سارة سابقا في طفولتي، لا أدري هل هو مجرد شعور أم أن مخيلتي تتوهم أحداث غير موجودة كذلك أشعر بإعجابي بالدكتور حسن ومثاليته التي ليست موجودة في الواقع دائما أتخيّل نفسي أنني مكانها بل أريد أن أكون مكانها.
أريد أن أرجع إلى وضع الجنين، ومن طفولتي التي حرمت منها، أريد أن أتعلّم من جديد الأحرف، الكلام، المشي سيدي أنا أحببت شخصية الدكتور حسن، لأنني بحاجة إليها وبحاجة إلى مثل تلك الشخصية التي تعوضني ما فاتني، ولا أدري إن حصلت على شريك حياتي وتزوجت ستنتهي هذه المحنة، أم سأظل أبحث عن النواقص والرغبة الوصول إلى الكمال.
أشعر أنني أفتقد شيء ما بداخلي، بصراحة أنا لا قدرة لي على التعبير وأرجوكم أن لا تسخروا، مني، فالذي بيده بالنار ليست كما التي يده بالماء أنا أكتفي بهذا القدر من الكلام لأن قدرتي على التعبير ضعيفة.
22/02/2014
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله؛
يستحيل علينا أن نسخر من معاناة إنسان فما لهذا نذرنا أنفسنا، حياك الله. سمعت كثيرا عن المسلسل وإن لم تتح لي فرصة متابعته ولكن طالباتي يحدثنني عن المسلسل ومثلك يحلمن بحالة من العطاء غير المشروط وأنهار متدفقة من الحنان. ليست الحاجة للحب والحنان اضطراب ولكن ارتفاع الحاجة إلى درجة غير واقعية يوقعنا في فخ اللامنطق واللامعقول.
قاومي الحاجة اللامنطقية للرعاية بالتفكير المنطقي بأن قدراتك المتنوعة والمكتسبة وبقاءَك على قيد الحياة رغم كل أمراض الطفولة يشير بوضوح أنك حصلت على مثل هذه الرعاية. فعليا حصلنا جميعا على مثل هذا التفهم والود والرعاية المعروضة في المسلسل ومن قبل شخصيات حقيقية لا وهمية ولكن للأسف لم تسجلها ذاكرتنا ولكن دلائلها موجودة فتفكري فيها لتضبطي احتياجك في حدود المعقول.
تذكري أنك في ضعفك كنت بحاجة لمثل هذه الرعاية ولكن الآن مهما شعرت بتعب أو ضعف أو حاجة للمساندة فإن نفسك التي بين جنبيك هي الأقدر على حبك والاهتمام بك وما عليك إلا أن توجهيها بدل إشغالها بأحلام مستحيلة.
نقطة منطقية أخرى ماذا سيحدث برأيك لو أنتج جزء ثاني من المسلسل، هل تظنين أن الطبيب سيستمر في إغداق الحب والتفهم غير المشروط على سارة أم أنها بما أنها قد تعافت فهو سيتوقع منها أن تتحمل مسئولية نفسها ودور في الحياة، هل تظنين أن سارة ستبقى بحاجة لهذه الدرجة من الرعاية أم أنها كباقي البشر بعد انقضاء فترة الضعف ستنشط نزعتها الاستقلالية وعندها سيبدو الاهتمام الزائد قيود مؤلمة لا بد سترفضها كما يرفض الأطفال رعاية والديهم بالجملة الشهيرة لم أعد طفلا.
تذكري أن الحياة رحلة لا يمكن أن تتوقف في محطة واحدة للأبد إلا عند نهايتها، ورحلتك قد تجاوزت مرافئ الرعاية المعتمدة بالكامل على الآخرين، وأصبح لديك مخزونك الخاص لرعاية نفسك والقدرة على الاستمرار بالطاقة الداخلية مع التزود بشيء من الرعاية والحنان فقط من وقت للأخر بما لا يعطل مسار الرحلة.
واقرئي على مجانين:
ع.م.س لوسواس المرض المتصل المعرفي السلوكي
ع.م.س لوسواس المرض فنيات العلاج2
ع.م.س لوسواس المرض منع الانتكاس