مشكلة نفسية..!؟
أنا دعاء؛
أنا أعاني هذه الأيام من كره شديد للحياة ورغبة في الانتحار لأني لم أعد أجد شيئا يحببني فيها لأني عانيت منذ الطفولة من عوائق نفسية في البداية وأنا في سن 11 سنة توفي أبي لم أبكي عليه ولم أشعر برغبة في البكاء ربما لأني كنت طفلة حينها بعدها عانيت من الوسواس القهري وعرفت هذا المرض من خلال ما وصفه الأطباء بالتلفزيون هو نفسه ما عانيت منه حيث كنت أحكم غلق أبواب المنزل وأنظف يدي أكثر من مرة وكذلك في الصلاة كنت أعيدها أكثر من مرة حتى يضيق صدري..
أهلي ليس عندهم ثقافة الذهاب للطبيب النفسي إنما كانوا يعنفونني ويضربونني حتى لا أفعل ذلك مرة أخرى، وخلال مراحل التعليم المختلفة كنت أجد نفسي أني لست مثل باقي زملائي منعزلة عنهم وحساسة زيادة عن اللزوم أصابني في المرحلة الإعدادية وسواس الدقة والتحكم والاستسلام والخوف من أي أفكار تطرأ بذهني لا تتماشى مع الحياة كنت أحاول أن أسكنها والعمل والتماشي مع الحياة تحت ضغط شديد..!
ثم في المرحلة الثانوية كنت موسوسة ودقيقة في كلامي مع الناس وهذا ما كان يشغل ذهني عن المذاكرة حتى فقدت وزني وأخذت مجموعا لم يرضني ثم الآن حدثت عائلتي لكنهم غير مقتنعين ويردون لي أنت مش مريضة لأن المريض لا يقول بأنه مريض أنا أفصحت لهم لإهمالهم لي أخبرتهم حتى ينقذوني ويذهبوا بي إلى الدكتور.
اتبعت طريق المرض وامتنعت عن الطعام والكلام وأصابني الهزل والصداع والآلام الجسدية، حتى انتهى بي الأمر إلى كره نفسي وعدم الرغبة في مساعدتها على تخطي هذا العائق سئمت من الانتقال من مرض إلى مرض أريد التحدث إلى طبيب نفسي مختص حتى أرتاح، وأفكر في الموت بوسيلة سهلة حتى أتخلص من حياتي..
لو سمحتم ساعدوني لأعرف ماذا أفعل..!؟
وشكرا لكم
14/3/2014
رد المستشار
أراح الله قلبك يا ابنتي، فأنت تعانين من آلام نفسية وجهد ذهني كبير وغرق في تفاصيل منذ سنوات، ولكن هل تتصورين أن هذا المرض الذي تتحدثين عنه وهو الوسواس القهري من أشهر الأمراض المنتشرة في مجتمعنا العربي!، وهل تصدقين أن العلاج منه صار سهلا يسيرا بفضل الله تعالى منذ سنوات مع التقدم الدوائي والعلمي؟، أحدثك بصدق شديد جدا عن نجاح حالات الوسواس القهري والتي تصل لنسبة 100%، وحتى تتضح لك الصورة أكثر أريد أن أقول لك: أن مشاعر حزنك، وعدم تذوقك لطعم الحياة ورغبتك في فراقها، وشعورك بالدونية واللوم المستمر لنفسك، وكسلك وقلة تركيزك واضطراب شهيتك ونومك؛ كلها وغير ذلك مما لم تذكريه ولم أذكره هي أعراض الاكتئاب الذي يصاحب مرض الوسواس القهري؛
ولله الحمد والفضل أن أدوية الوسواس القهري تعالج في نفس الوقت الاكتئاب المصاحب له؛ إذن ما تتصورينه انتقال من مرض لمرض هو "وهم" كبير، فكل ما تعانيه هو الوسواس القهري وما يصاحبه من اكتئاب بالتبعية خاصة حين لا يعالج ويطول مع المريض لسنوات، وما أحزنني وأقلقني بصدق ليس ما تحكي عنه من أعراض تعانيها فكلها ستنتهي مع الدواء وستشعرين بتحسن هائل بعد أسبوعين أو يزيد قليلا من العلاج، هو أنك قلت أنك تفكرين بالانتحار!؛
وكنت أتمنى أن أعرف كيف فكرت؟، وهل خططت لذلك بالفعل؟ ولو خططت ما ذا فعلت؟، فأخطر ما يقلقني هي فكرة التخلص من الحياة؛ فهذه الفكرة لابد وأن تمحيها من قاموسك؛ فلا يوجد أي معاناة ولا ألم مما بلغ مداه ما يجعل الإنسان يخسر حياته وآخرته تماما وبلا رجعة؛ فالله سبحانه وتعالى يعلم ما يؤلمك ويؤجرك عليه منذ سنوات، ولكنه كذلك يريدنا أن نأخذ بالأسباب لنشفى، فمهمتك الآن بلا أي تراخي هو التواصل العلاجي مع طبيب نفسي تحت أي ظرف من الظروف؛ فلتستعيني بمن قد يشعر بمعاناتك من معارف أو أصدقاء، أو بالضغط على أهلك بدأب، أو حتى دون علمهم؛ وبقي أن أترك لك تلك النقاط لتتفهميها:
- الوسواس القهري في الغالب ينشأ بسبب ضغوط نفسية كبيرة قد لا يتحملها الجهاز النفسي للشخص فيظهر لديه المرض، أو لسبب وراثي أثبتته بعض الدراسات، فمن المهم أن تفهمي هذا.
- المرض النفسي ليس جنونا، ولا ضياع الإنسان وتحوله لكائن ممسوخ كما يتصوره الناس من خلال خزعبلات الإعلام الأحمق؛ فالمرض النفسي مثله مثل الأمراض الأخرى يصيب الإنسان لضعف أصابه وله علاج لفترة وينتهي ويعود الإنسان لسابق عهده، أو أفضل وهذا ما يتميز به العلاج المعرفي السلوكي في المجال النفسي.
- العلاج حتى يؤتي ثماره الحقيقية لابد من المواظبة عليه بالجرعة وبالكمية التي يحددها الطبيب حتى وإن شعرت بتحسن بعد فترة قصيرة من تناول الدواء؛ فكثيرا ممن عانوا منه وتحسنوا في بداية العلاج وأهملوا المواظبة على ما تم الاتفاق عليه حدثت لهم انتكاسات أسوأ فلا تكوني منهم حتى تفيقي يا ابنتي وتستعيدي نفسك وقوتها.
- أعلم أن ليس لديك العزم لفعل الكثير من الأمور وهو ما وضحته لك سابقا بأنه ليس أكثر من أعراض للاكتئاب فعلا، ولكن عزمك الوحيد الذي ستقاتلين من أجله هو أنه لا رجوع أبدا عن العلاج..... هيا أنتظر متابعتك