مشاكل دينية
السلام عليكم لا أدري كيف سأروي مشكلتي بدأت الصلاة قبل 3 سنوات والآن عندي أسئلة لم أجد من يجيب عنها فكلما سألت أحدا يقول لي أنها وساوس شيطانية
أولا لا أعلم إن هناك عدل إذا كان كل النصارى في الأخير يدخلون جهنم ويخلدون فيها فإذا أنا ولدت مسلما وأهلي مسلمون فأنا محظوظ فما ذنب من ولد مسيحي أو يهودي أو ديانة أخرى وفي الأخير يدخل جهنم,
فهل مثلا إذا ولدت أنا مسيحيا سأعتنق الإسلام, أكيد لا فمثلا شاهدت قبل مدة برنامج حول امرأة مسيحية احترقت في حادث وتشوهت بشكل كامل ومع كل هذا ما زالت تحمل الإنجيل وتؤمن به, وفي الأخير ستدخل هذه المرأة جهنم أبدا فإني لا أرى عدلا في هذا الأمر
أخاف أني أكون قد كفرت لطرحي هذه الأسئلة لكن لا أستطيع تركها بداخلي فقد جعلتني أدخل في حالة اكتئاب، راسلت مواقع دينية لكن لم أجد إجابات تفهمني
أتمنى أن أجد حلا لمشاكلي
وشكرا لكم
15/05/2014
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "وائل" ...
ليست أسئلتك بوساوس، ولك الحق في طرحها، ولا تكون وساوس إلا إن حصلْتَ على إجابة أقنعتك البداية وشفت غليلك لكن السؤال عاد ليلح عليك بعد فترة وجيزة!!
واطمئن، ففي كلا الحالين لا تكفر، فأما في حالة الاستفسار فلأنك تطلب العلم وتزيل الشبهات عن قلبك ليكمل يقينك، كما كان يستفسر الصحابة عما التبس عليهم.
وأما في حالة الوسواس فلأن الأفكار تأتي دون إرادة منك، والأفضل ألا تتكلم ليس لأنك ستكفر، ولكن لأن علاج مثل هذه الأفكار أن تهملها ولا تكثر الأخذ والرد فيها، ولا تسأل عنها...
المهم: لا ظلم فيما ذكرته، لماذا؟ لأن النصارى وغير المسلمين إجمالًا، إما أن تصلهم دعوة الإسلام، وإما ألا تصلهم...
فأما إن وصلتهم، فالخطاب الرباني موجه للجميع بإعمال العقل، والنظر في الأدلة وفي صحة ما سمعوا ثم اتباع الحق، وكل عاقل يستطيع هذا، خلقه الله ليفكر ويبحث عن الحقيقة ويتبعها مخالفًا هواه، وسلطة آبائه، وقد ذم الله تعالى من يتبع دين آبائه دون نظر وبحث، قال تعالى: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)) [البقرة: 170]. وباعتبار أن مهمة النصارى في الطاعة والتفكير ومفارقة دين الآباء، أشق من مهمة من ولد مسلمًا، قال تعالى: ((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)) [المائدة: 52-55] فهنا تكلم الله على أهل الكتاب الذين أسلموا، وبيّن أنه يعطيهم أجرهم مرتين، فلا ظلم في الموضوع.
وأما من لم تصله الدعوة الإسلامية من النصارى وغيرهم، فهو من أهل الفترة، يعني حاله كحال الذين ولدوا وماتوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تصلهم دعوته...، هؤلاء لا يؤاخذون ولا يعذبون على عدم إيمانهم، وإنما يدخلون الجنة لقوله تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)) [الإسراء: 15].
وأنا أَعْجَب من قولك أنك لو ولدت نصرانيًا لن تدخل الإسلام!! ولماذا تفترض هذا؟ لماذا لا تكون من الذين يعملون عقولهم ويستفهمون، ثم يسلمون كالنصارى الذين يدخلون الإسلام متمسكين بالحقيقة تاركين أهواءهم ومخالفين لمجتمعهم؟ وتراهم يتمسكون به أشد من كثير ممن ولدوا مسلمين! على كل هذا التساؤل لا طائل منه، فاحمد الله تعالى أن منّ عليك وسهل لك طريق الإسلام وولدت لأبوين مسلمين، ولا تخف على غير المسلمين من الظلم، فعندهم عقل يحاسبهم الله عليه...
وهذه التي رأيتها في البرنامج، ومثلها من يقوم بأعمال الخير والاختراعات النافعة من غير المسلمين، إن وصلتهم الدعوة ولم يسلموا، يوفيهم الله تعالى جزاء أعمالهم وصبرهم على مصائبهم في الدنيا، ولا ينقصهم منها شيئًا، لأنهم في الواقع لم يطلبوا إلا الدنيا ولو أرادوا الآخرة لبحثوا عنها، فليس ظلمًا من الله تعالى ألا يثيبهم عليها في الآخرة، فهو يعطيهم ما طلبوه، وإنما طلبوا علوّ شأنهم في الدنيا، وشهرتهم بين الناس، أو تحقيق الرضا النفسي بتغلبهم على الصعاب...، قال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ)) [هود:15]، حتى لو قالت إني متمسكة بالإنجيل وأريد أن يعطيني الله أجر مصيبتي، فلا تثاب في الآخرة لأنها لم تبحث عن الحقيقة، ولم تؤمن بالله الذي سيثيبها.
أرجو أن أكون بهذا قد أجبت عن استفسارك، وإن التبس عليك شيء آخر فأهلًا وسهلًا بك وبأسئلتك.