قلق ووسواس واكتئاب
السلام عليكم
أنا أعاني من وسواس قهري في العقيدة تأتيني أفكار كثيرة عن الإلحاد وتنتابني نوبات هلع وفزع كثيرة حيث أشعر أحيانا أن روحي ستخرج أخاف أن أموت حيث أقضي كل اليوم أفكر في الموت وتزداد حالتي سوءا كلما سمعت أن أحدا مات أنا في اكتئاب شديد لا أحس ببنة الحياة أحس أن لا فائدة مني أرجو تطمينا حول حالتي ما هو أحسن علاج لقد كنت أزور طبيب نفساني لكن الآن توقفت عن زيارته وأشرب انافرانيل 25 مغ وأود تغيير روتين حياتي
بماذا تنصحني؟؟
وشكرا
12/08/2014
رد المستشار
أرحب بك "أمين" على موقعنا وثقتك في القائمين عليه من خلال مشاركتنا لك لمشكلتك، مما لا شك فيه أن الوساوس القهرية مزعجة جدًّا للنفس، خاصة حين تكون مكوناتها حساسة مثل: أمور الدين، والذات الإلهية، الوسواس بشع ومؤلم للنفس، لكن بفضل الله تعالى يمكن علاجه.
وهنالك حقيقة لا بد أن أنبه لها، وهي: أن التأخير في علاج الوساوس ربما يفقد الإنسان المقاومة لها، وهذه ظاهرة تحمل مؤشرًا سلبيًا من حيث الاستجابة للعلاج، أي أن الذي يركن إلى وسواسه ويتطبع معها بعد محاولات كثيرة وكثيرة جدًّا لرفضها وصدِّها وعدم الاكتراث لها، نسبة لأن الوساوس تجعل الإنسان بل تستفزه ليحاورها ويحاول أن يخضعها للمنطق، وهذا يعقدها أكثر، بل يزيدها، وبعد فترة تجد أن الإنسان قد فقد المقاومة للوسواس، وهذا الوضع لا نريد أي أحد يكون فيه.
والعلاج في حالتك أراه مهمًّا وضروريًا جدًّا، والحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها، نعم العلاجات الدوائية مهمة وضرورية وتمثل حجر الزاوية التي يرتكز عليها الإنسان ليهشّم هذه الوساوس، لكن في ذات الوقت العلاج السلوكي مهم ومهم جدًّا، وهو يقوم على مبدأ:
1) تحقير الوسواس.
2) عدم نقاشه أو حواره– وهذه نقطة أركز عليها كثيرًا– خاصة في موضوع الوساوس الدينية؛ لأن النقاش لا يوصلك إلى أي نتيجة، بل يُشعبها ويقوّيها.
3) ويجب أن تصرف انتباهك عنها تمامًا، وذلك من خلال: أن تشغل نفسك بأمور الحياة الأخرى، هنالك أشياء طيبة وجميلة ونافعة وفاعلة يمكنك أن تقوم بها.
كما لابد من ضرورة الالتزام بالعلاج الدوائي، مع الاستمرار بممارسة تمارين الاسترخاء فهي مهمة جدًّا؛ لأن الوساوس فيها مكون قلقي، والقلق لا يمكن التخلص منه إلا من خلال الاسترخاء النفسي والجسدي.
وأما المــــــــوت فلماذا الخوف منه وهو سنة الله في خلقه وهو قدر الله في أرضه وسماءه قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185).. والمؤمن بربه قد أراح نفسه من هذا الهم والقلق بيقنه أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها قال تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (لأعراف:34)...
لما حضرت أبا ذر الوفاة.. بكت زوجته.. فقال: ما يبكيك؟ قالت: وكيف لا أبكي وأنت تموت بأرض فلاة وليس معنا ثوب يسعك كفنا فقال لها: لا تبكي وأبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد إلا ومات في قرية وجماعة, وأنا الذي أموت بفلاة, والله ما كذبت ولا كذبت فانظري الطريق قالت: كيف وقد ذهب الحجاج وتقطعت الطريق.. فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا: ما لك يا أمة الله؟ وكان فيهم الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود.. قالت: امرؤ من المسلمين تكفونه.. فقالوا: من هو؟ قالت: أبو ذر قالوا: صاحب رسول الله... ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ودخلوا عليه فبشرهم وذكر لهم الحديث...
فلما مات وفاضت روحه قال بن مسعود: صدق رسول الله فيك يا أبا ذر تعيش وحيدا وتموت وحيدا وتبعث وحيدا وصلى عليه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.. إن الخوف من الموت إن زاد عن حده الفطري(فكل إنسان يحب الحياة ويرغب في أن يطول عمره) يجلب على العبد الجبن والذل والقلق والهم والغم.. بل ويدفعه إلى بيع قيمه ومبادئه وأخلاقه وكل ذلك على حساب راحته وسعادته وفي الأخير سيأتي الموت قال تعالى (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران: 154) وقال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ) (النساء: من الآية78)... وأما الخوف من تسلط العدو وتجبر الظلمة فأعلم أن لك قوة عظيمة تلجأ إليها عند نوائب الدهر وشدائد الزمان، هذه القوة لا يمكن أن تهزم أو تضعف أو تغيب وتتلاشى إنها قوة الله.. فأتمنى لك التوفيق وتابعنا بأخبارك على موقعنا.
اقرأ أيضا:
إدمان الوسواس القهري
وسواس الصيام قضاء الصوم
وسواس الغسل ، طلاء الأظافر ، ومسح الرأس
وسواس الصلاة: وسوسة في النية والتكبير ودفع الريح