أنا اجتماعي معتدل ولا أصادق الكل
أنا اجتماعي معتدل ولا أصادق الكل
لقد كنت أتمنى أن ترد علي يا دكتور سداد والحمد لله أنت من رددت على استشارتي.
بالفعل أنه في هذه المرحلة من العمر فهناك أشياء عجيبة تحصل.. لربما اعتمدت بشكل زائد على الأصدقاء.. فأحس أني أحتاجهم دائماً ولو لم يرد صديقي على اتصالي عندها أحس بخنقة لبرهة من الزمن. هل هذا اعتماد زائد على الأصدقاء؟ أم أنه مسألة عادية أن يعتمد الإنسان على أصدقائه؟
أحس أنه يجب أن أحتفظ بهم كأصدقائي لفترة طويلة وأن يشاركوني هواياتي وإذا تركوني وحدي في مجال ما فأحس أنه شيء حزين ومزعج. أحس أنه لا أملك قدرة "التفرد" كإنسان آخر وأني أعمل ما أشاء وحدي.
ربما كلام صديقي صحيح.. خصوصاً أن صديقنا الآخر يتأثر بكلامي بسرعة حتى لو كان خاطئاً!
لكن حاولت في الآونة الأخيرة تصحيح علاقتهم وبالفعل أصبحوا أفضل.
الأمر ليس كما ظننته بما يتعلق بـ"الظروف البيئية في العراق".. إذ أن أصدقائي يختلفون في مسائل طبيعية ومملة وليس كما اعتقدت.
ملاحظة: أنا أملك صديقين فقط.
ما انتبهت له مؤخراً هو أن صديقي الذي كان مقرباً لي ثم دخل ثالثنا يحس بما أعتقده "الغيرة" فقد قال لي أني أهملته وتعلقت بصديقنا الثالث بشكل زائد..
وضحت الأمر بصراحة لهم وأبعدت هذه الغيرة (حسبما أعتقد، لأني لم أرى التغيير الكبير)
الكارثة الأكبر أني بدأت أستوعب أن نفسي أحس بهذه "الغيرة" حيث أخاف من انتهائي بدون صديق يشاركني مجالي وهواياتي وأبقى وحيداً دون "صديق مقرب".
الحمد لله أنه ليس هناك ما ذكرته من (اضطراب النوم والشهية وضعف التركيز والتفكير في الانتحار وغيرها).
أنا لا أنظر للحياة بتشاؤم.. أنا شخص متفاؤل وطموح وأحس بالمستقبل الجيد أمامي.. خصوصاً أني طالب في المرحلة الأخيرة في الإعدادية التي ستقرر مصيري.
مسألة لوم نفسي طويلة بعض الشيء.. فأنا بشر كغيري فعلت ما هو سيء.. وأحس أن ما فعلته ينعكس علي هذه الأيام.. فقد تركت صديقاً مقرباً لي فجأة بدون سبب في السابق. ثم تعرفت على شخص وتركني فجأة بدون كلام! في هذه الحالة قلت "أستحق هذا".. إذ وكأن الأمر انعكس علي.. بمصطلح أدق "عقاب إلهي"!
أصبحت كلما أفكر في شيء قد يصيبني أقول "مهما حصل فأنا أستحقه وسأمضي في حياتي مرتاحاً".. أحاول أن أبعد كل شيء مزعج من حياتي.. عندما تركني الصديق الذي ذكرته في أول يوم حزنت كثيراً ثم قلت "هل أنا أتظاهر الحزن؟ لربما الأمر لا يستحق الحزن!" ثم ابتسمت بحماقة وأمضيت وقتي مبتسماً ولكن كلما أذكر هذا الشيء أقول "أنه شيء عادي وكانت عبرة وتجربة!" وأبتسم وأحس أن هناك شيء يتضارب في داخلي.
أخاف من الحزن! نعم أخاف من الحزن!
فأنا أحس أن كل حزن قد يصيبني ما هو إلا (اتظاهر بالحزن) فهو حقاً ليس شيئاً حزيناً!
أعطيك مثالاً يا دكتور.. الآن لو سقط طعامي الذي حصلت اشتريته بسعر باهض.. في أول ثانية سأحزن عليه ثم فجأة أقول "أنه لا يستحق الحزن! لا شيء يستحق الحزن!!" ثم أبتسم وأكمل حياتي بشكل طبيعي.
هل هذا شيء اعتيادي أم "يجب علي" أن أحزن؟
أحس أن كل حزن لا داعي له..
مرة من المرات خلال صلاتي تذكرت الشخص الذي تركني بدون سبب وأحس بأني أبكي فجأة وأن ما حولي أصبح ضيق.
حتى الآن خلال كتابتي لهذه السطور وتذكر ما لا أريد تذكره الدمعة في عيني!
المشكلة الأكبر في حياتي الآن هي مسألة الأصدقاء.. حيث أقلق بعض الأحيان من أنه في المستقبل سوف نتفرق أنا وأصدقائي.. أخاف من تكوين صداقات جديدة بحيث أحس أنه من الصعب أن أجد أصدقاء أثق فيهم مثل ما لدي الآن.. أنا من النوع الذي يريد أن يكون صريحاً 100% مع صديقه ويخبره بكل همومه وما يصيبه في حياته.
كما قد أخبرتك مسبقاً أنه أنا في المرحلة الأخيرة من الإعدادية ويجب أن أدرس أكثر لأضمن مستقبلاً جيداً لنفسي.. لهذا بدأت بترك النت وبدأت بالقلق من ترك أصدقائي الذين عرفتهم من النت ويشاركوني مجالاتي وهواياتي.
أحس من الصعب أن أضع تساؤلاً معيناً..
لكن أظن أنك ستفهم المطلوب من استشارتي.
09/10/2014
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع ثانية وتمنياتي لك بالنجاح والتوفيق.
أولاً: ليس هناك أعراض اكتئابية وهذا يبشر بالخير.
ثانياً: خيرا ما تفعله هو الابتعاد عن الإنترنت خلال مرحلة حرجة في التعليم وهذا ما يعمله الطلبة المجتهدين في جميع أنحاء العالم. يضع على صفحته إشارة إلى الابتعاد عن عالم الفضاء والتركيز على التعليم. سيفهم الأصدقاء هذا القرار ولا داعي للقلق.
أما ما ورد في بقية استشارتك فهو طبيعي للغاية.
• تطرق الموقع في عدة مناسبات للنزاعات الوجودية التي يمر بها الإنسان في مرحلة المراهقة وفي مقدمتها سعي الإنسان لتجنب العزلة (ومعها الحزن) وهو يدرك بأن الفراق حقيقة لا بد منها. من جراء ذلك هناك الخوف أن ينتهي بك الأمر بدون أصدقاء وتفسيرك لما تسميه بالغيرة.
• الأهم من ذلك في هذه المرحلة هو نزاع الحرية مقابل المسؤولية. هذا يبشر بالخير فأنت تدرك أهمية المسؤولية في الاجتهاد في هذه المرحلة من التعليم التي ستقرر مستقبلك بصورة أو بأخرى.
• مرحلة المراهقة تتميز بهزات وجدانية وعاطفية تداهم المراهق الطبيعي فلا داعي للقلق من ذلك. البكاء والتعبير عن المشاعر يعكس نضوج فكري وعاطفي. في ذات الوقت يصارع الشاب احتمال دخوله في زنزانة الحزن والاكتئاب عن طريق اللجوء إلى قوالب فكرية بين الحين والآخر تساعده في تفسير ما يمر به مثل استحقاقه العقاب لفترة قصيرة وإقراره بالذنب وغير ذلك. كل ذلك طبيعي فلا تقلق من أي شيء.
امضي في تعليمك وابتعادك عن الإنترنت وتذكر أن تحديات المستقبل غير تحديات اليوم والشبكة الاجتماعية في المستقبل غير شبكة اليوم ومن الله التوفيق.