طظ ! م

رد المستشار

أأبكي أم أضحك؟ أأبكي على ما وصلك من رسائل شوهت نفسك أمام نفسك فحصرتك كلك في الشكل وجعلته هو المتنفس الوحيد الذي يدخل لك منه الهواء لتحيا؟! أم أضحك من كثرة من حولك من نجوم ومشاهير ومغيري التاريخ والبشرية وكان لديهم أكثر من قصة "الضب" بكثير! فها نحن نرى فم إسماعيل ياسين الذي أحبه كل العرب تقديرا وإعجابا، وأرى عيني عبد الفتاح القصري الذي كان سابقا لزمانه بعصور، وأسمع جمل زينات صدقي وهي تقول "كتاكيتوا بني" بملامح وجهها المعهودة، وأنحني تقديرا لموسيقى عمار الشريعي الذي لم يرنا أبدا ولم يرى جمهوره، وأتعجب من خبث نتنياهو الذي جعل الكرة الأرضية تدور في فلكه، وقدم أبو تريكة الذهبية والتي لا تتماشى مع مواصفات الجمال الذي يقيدك، وكتابات محفوظ وطه حسين أيها الكاتب الصغير القادم.... إلخ، فلتوسع دائرة رؤيتك يا ولدي التي سجنتك سجنا مشددا عليه حارس لا يرى ولا يسمع ويبدو أن ملامحه تنطبق تماما على ملامحك؛ فأنت أوسع بكثير من شكل فمك الخارجي؛ فأنت أفكار ومشاعر وعقل وحركة وروح؛ أتختزلهم جميعا في هذا الفم؟
 
أتجعل وجودك كله وأهميتك ومقياس "شوفان" الناس لك هو وسامة شكلك؟ فهل تعلم أن الدراسات أثبتت أن البشر ينظرون لأنفسهم من خلال تصورهم عن أنفسهم وإدراكهم الخاص بأنفسهم لا بحقيقة شكلهم بعيدا عن هذا الإدراك والذي يجعل 8 فتيات من 10 يرون أنفسهن قبيحات رغم جمالهن!، أتدري أن الجمال في شكل واضح تماما ومحدد تماما أمر لن يدركه كائن ما كان؛ ففي مسابقات الجمال اضطروا اضطرارا ألا يجعلوا هناك شروطا محددة لكل جزء من الجسد؛ لأنه لن يحدث أن يحمله جسد واحد!!
 
وأقول لك: أنك تتمكن بالفعل والآن في سنك أن تلتحق بركب من يضعون مقوم الأسنان وبأسعار معقولة وبالتقسيط كذلك إن أحببت ؛ولكن ستتكتشف حينها أنك كنت تتمسك بأضعف حلقات وجودك وقيمتك وتقديرك؛ فأنت مهم، أنت موجود، والناس تراك، ولا أقول لك هذا من باب "الطبطبة"، أو لدعمك نفسيا في موقع متخصص في المجال النفسي، ولكن أقولها لك لتؤمن بالله، نعم أنا أدعوك أن تؤمن بالله العظيم؛ أن تصدقه؛ لأنه هو الذي لا يكذب أبدا ولا يتملق ولا يقول كلاما قد لا يعنيه تماما؛ فلقد قال لك ولي ولكل من هو ينتمي للبشر أنه كرمك؛ وأن قراره بأنك تكون بشرا ولست جبلا، أو عصفورا في حد ذاته رسالة بأنك موجود وأنك مهم، وأنك مقدر "ولقد كرمنا بني آدم" من قبل أن يكبر ويكون له دورا، أو صفة، أو عمل أو غيره أصلا؛ فكونك بني آدم يعني أنك "مهم"، وأي رسالة وصلتك بعمد أو بدون عمد من تربية خرقاء، أو سطحية جعلت من الشكل هو كل شيء، أو من بشر متخلفون من حولك قابلتهم في المدرسة، في النادي، في تجمعات عائلية، بأنك شكل، أو أنك غير مهم؛ فمشاعرك غير مهمة، واحتياجاتك غير مهمة، وأنك لن تكون مهما إلا بشرط الجمال، أو التفوق، أو غيره من الشروط الخرقاء فلتقل لهم في نفسك"طظ"
 
فكلامهم وتعليقاتهم خرقاء مثلهم ولا تستحق إلا "طظ"، فلتفك قيدك وتكسر سجنك الذي يحبسك عن "شوفانك" لنفسك وقربك منها والتعرف عليها وهدهدت أوجاعها منذ سنوات، ولتجعل وعيك أكبر من ملامح الوجه والجسد، ولتتذكر أن روحك وإضافتك الجديدة لذاتك ومن حولك هم حقيقة جمال أي شخص يحمل ملامح جيدة أو غير جيدة من وجهة نظرك الضيقة؛ وتذكر عمالقة الفن والرياضة والسياسة والموسيقى، والأدب، والتاريخ في كل مكان في العالم أنهم حصلوا على الإعجاب والتقدير و"الشوفان" بدون كارت الملامح "إياها"؛ للدرجة التي أرهفت أسماع البشر من شخص لا يسمع أصلا اسمه "بيتهوفن"

دمت مؤمنا واعيا صادقا مع الحقيقة ومع نفسك.

واقرأ أيضًا :
نطاق الوسواس OCDSD وسواس التشوه Dysmorphophobia
 اضطرابات صورة الجسد Body Image Disorders
 نفس اجتماعي: أيزو الجسد
  ويتبع >>>>>>>>>>>>:   طظ ! م1

المستشار: أ. أميرة بدران