استشارة مهمة جداً
السلام عليكم، جزاكم الله خيراً لهذا الموقع النافع الخيّر.
إلى الشيخ أو (الطبيب) الفاضل تحية طيبة وبعد:
فإني أبين لك أنني أشكو من وساوس وشكوك دائمة لا تنقطع في كل شي في هذه الحياة, شكوك في وجود الله تعالى, شكوك في أي شيء في أنه حدث, لم يحدث, شكوك في وجودي في هذه الحياة ..إلخ
هذا وإن الشكوك في وجود الله معها شكوك في وجود دين الإسلام, شكوك في التاريخ كله موجود أو غير موجود, ومثلما قلت لك شكوك في كل شيء تقريباً, ولكن الأشد إيلاماً في هذه الشكوك هو الشكوك في وجود الله. هذا مع العلم أنني محب للدين ملتزم ببعض تعاليمه من لحية وصوم ومحب للصحابة وعلى رأسهم أبو بكر ومحب للغة العربية وللقرآن الكريم ومتقن لقراءته تقريباً.
وقد حاولت أن أقنع نفسي مراراً وتكراراً بوجود الله فلم أفلح وأقول لك بصراحة أنه إذا حاول أحد المشايخ وحتى لو كان متخصصاً ولو كان أعلم من في الأرض إقناعي بوجود الله فلن يفلح لأنني ببساطة سأعود وأشك بوجوده مهما كان الدليل العلمي أو غير العلمي واضحاً وبيناً وحتى لو كشف رب العالمين الحجاب وأرى نفسه للناس ثم عاد ووضع الحجاب مرة أخرى أظل أشك بوجوده (وبسبب هذا أظن أن المشكلة عندي مشكلة عقلية نفسية مركبة إلى أن يجيبني الطبيب بغير هذا ويفند هذا الظن) ولقد حاولت أن أقنع نفسي بوجود الله وذلك من أجل الصلاة على الأقل فقلت لنفسي: (طيب, افترض أن الله موجود واذهب إلى الصلاة في المسجد على أساس هذا الافتراض وإن شاء الله سيقبل الله مني هذه الصلاة لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها) وحتى هذا الحل لم يفلح فإني أشك ليس فقط بوجود الله بل أشك أيضاً في جدوى الصلاة من أساسها.
وهذه الشكوك ترافقت حديثاً مع عدم الرغبة في عمل أي شيء من الأشياء ولو كان بسيطا ولو كان بسيطاً جداً وهذا هو السبب في أني كنت أصلي في المسجد ثم تركت الصلاة. لأنني رأيت أن لا جدوى من صلاة تعتريها الشكوك من أولها إلى آخرها هذا فضلاً عن السبب الأشد -في ترك الصلاة- وهو التكاسل النفسي عنها وعن كل الأمور الأخرى من صغيرها إلى كبيرها والأشياء التي أقوم بها, أقوم بها حرجاً من أهلي وزيادة لحسناتي عند الله تعالى.
ذلك وإني أعاني أيضاً من تردد أحياناً يكون شديداً ومقيتاً في اتخاذ القرارات وأعاني من ضعف في الشخصية والحاجة للهروب من المشاكل أحياناً للتخلص منها, وأعاني من سوء تصرف في كثير من المواقف في الحياة وأبدو أحياناً غبياً بتصرفاتي أمام الآخرين كما وأعاني من ضعف تركيز وانتباه وأحتاج لإعادة الكلام من الشخص الآخر لكي أفهم ما يقول. وقد بينت لك الأمور السابقة علها تساعدك في أخذ صورة صحيحة عن شخصيتي ومشاكلي.
ولمزيد من الإيضاح فإن المشكلة عندي يا شيخ مشكلة معقدة متعددة الجوانب. أولاها مشكلة هذه الشكوك الكثيرة جداً ومشكلة الاكتئاب والتي كانت في الماضي والتي كان سببها الفشل الدراسي المتكرر بسبب الشرود غير المحدود أثناء الدراسة والحفظ والتي تغيرت فيما بعد إلى مشكلة انعدام الرغبة في عمل أي شيء سالفة الذكر لأنني تابعت نفسي بالأدوية المضادة للاكتئاب ووصلت إلى حد مقبول من الشفاء, وعندها ارتكبت خطأً فادحاً بقرار ذاتي مني بالتوقف عنه (لأنني رأيت أنه لا داعي له) وذلك لمدة حوالي شهرين أو ثلاثة. ثم انتكست إلى الحالة التي أنا عليها الآن وهي قد تكون مختلفة عن الاكتئاب أو تابعة له -لا أعلم- وهي انعدام الرغبة بأي عمل مهما كان كما ذكرت في الأعلى وقد ذهبت إلى الطبيب ووصف لي دواءً وغيّره عدة مرات بسبب صعوبة حالتي وأنا مستمر على الدواء حتى الآن ولكن التحسن قليل وبطيء جداً مع الأسف.
وهناك أيضاً مشكلة أعتبرها كبيرة تؤلمني كثيراً وهي مشكلة ضعف التركيز –أو الانتباه- وضعف التعبير عن الأفكار وضعف الشخصية أيضاً وأتعامل مع المشاكل بنوع من السلبية أي الهروب منها، وعندي تردد شديد باتخاذ القرارات البسيطة والعادية والمهمة, وهناك أيضاً ضعف في القدرة العقلية ولكنه غير واضح لمن يراني ويتضح وضوحاً كبيراً فقط إذا عملت في عمل ما عند صاحب حرفة.
وثمة شيء مهم أقوله لك وهو أن أبي (توفى من سنوات) كان شيوعياً فلا أعرف إذا كان ما بي أحد أسبابه المورثات التي انتقلت من أبي (أقصد طريقة تفكيره ونظره إلى الدين) وأمي مسلمة ولكن إيمانها بالغيبيات ضعيف عموماً (ولكنها في شئون تدبير البيت رائعة جداً) أي أنني نشأت وترعرعت في بيئة غير إسلامية بمعنى أن أهلي لا يهتمون بالدين عموماً ولكن الأخلاق حميدة والثقافة عالية في أسرتنا والحمد لله.
لكن مشاكلي الملحة هما مشكلتان رئيسيتان: تلك الشكوك والوساوس القهرية والتكاسل النفسي عن الحركة والأعمال المنزلية وغيرها, وما أريدك أن تساعدني فيه هو الشكوك في وجود الله وأود منك يا دكتور أن تكون صريحاً وواضحاً معي في هذه المشكلة ولو كانت حقيقة حالتي مؤلمة أو حتى لا يمكن معالَجتها.
والآن ها هي الأسئلة وأرجو الإجابة عليها كل واحد على حدة إذا تكرمت:
-الجواب على مشاكلي بشكل عام والشكوك والوساوس بشكل خاص؟ وما العلاج وما النصائح؟
-هل هناك أحد في مثل حالتي أو أشد أو أخف منها شرح مشكلته لكم وكيف كان علاجه أو بم نصحتوه؟
-ما النسبة من الناس الذين في مثل حالتي (إذا كانوا كثيرين) بالنسبة للمجتمع ككل؟
-بناءً على شرحي لحالتي هل أنا مكلف بتكاليف الإسلام الخمسة (الشهادتان والصلاة والصوم والزكاة والحج) أم لا؟ وهذا السؤال بالذات مهم جداً الإجابة عليه, لأنني تخطر فكرة في بالي أنه بما أنه هناك شيء من القدرة العقلية وصلت بها إلى الجامعة وأعي ما يجري من أحداث حولي وفي العالم (ولو بصورة مقبولة ومع الشكوك التي هي جزء من طبيعتي وتفكيري) أنني قد يكون مستحسناً مني استحساناً فقط الإتيان بتكاليف الإسلام هذه وأنني لست مكلفاً بها تكليفاً أصولياً, أي تكليف الإنسان البالغ العاقل ومنها الصلاة التي أحب أن آتي ولو بعضاً منها (الأحب إلى الله)؟
-ما اسم مرضي في الطب النفسي؟
-وهذا السؤال أيضاً مهم جداً ما مصيري يوم القيامة وكيف سيحاسبني الله عز وجل؟
ملاحظة: كل ما ذكرته مما يشعر الذي سيجيب على أسئلتي بأنني مؤمن إيماناً ثابتاً هو عبارة عن إيمان على الفطرة ومع تحييد الشكوك والوساوس جانباً وليعلم أن الإيمان بالله أو بوجود الأشياء الأخرى لا يستقر في قلبي أبداً.
29/10/2014
رد المستشار
أهلًا بك وسهلًا يا "خالد" على موقعنا، وأعانك الله وعافاك من كل سوء عاجلًا غير آجل.
سأجيبك على أسئلتك الواحد تلو الآخر، وأنا اختصاصي شرعي، لهذا –فيما يتعلق بالنواحي الطبية- أجيب بشكل عام، وأترك التصحيح والتفصيل للأطباء.
1- جميع مشكلاتك بما فيها الشكوك والوساوس، سببها الاكتئاب الجسيم الذي تعاني منه، (أنا لست طبيبة، ولكن قلت للدكتور وائل أني أرى هذه الشكوك ألصق بالاكتئاب منها بالوسواس القهري، فوافقني) فلا تخف منها ولا تأخذ عن نفسك أية فكرة بسببها، رغم أن حزنك وشكك سيبقى إلى أن يتم علاج الاكتئاب، ولن يفيدك البرهان العقلي، ولا الحسي حتى، كما ذكرت أنك لو رأيت الله ستعود وتشك، وكما قلت لك: أهم شيء ألا تأخذ فكرة سيئة عن نفسك، فهذه الأفكار خارجة عن إرادتك وسببها مرضي.
2- هناك الكثيرون مثلك، يعانون ويؤجرون بإذن الله، وارجع إلى قسم الاكتئاب، والقسم الخاص به في الاستشارات أيضًا.
3- نسبة الناس الذين في مثل حالتك: ستجد هذا مفصلًا في قسم الاكتئاب، ونسبته عند الإناث أكثر منه عند الذكور.
4- بحسب استطاعتك، أنت مكلف بتلك التكاليف، كالمريض بعلة جسدية، يكفيك أن تكبر ثم تقرأ الفاتحة وتركع وتسجد دون أن تسبح التسبيحات، المهم فقط أن تطمئن، أي أن تركع وتسجد بمقدار تسبيحة، أو حتى تسكن أعضاؤك وأنت راكع وساجد، وفي القيام بعد الركوع، وفي القعود بين السجدتين.
يمكنك إن تعبت جدًا أن تترك التشهد بعد الركعتين الأوليين، وتكتفي بالتشهد الأخير، وبقول: اللهم صلِّ على محمد دون ما بعدها من الصلوات الإبراهيمية، ثم تسلم. لا أظن أن الصلاة متعبة هكذا، ولن تأخذ وقتًا طويلًا؛ وأسهل من هذا أن تصلي جماعة في المسجد، إن استطعت ولم يغلبك الكسل.
وهي هكذا مقبولة بإذن الله، دون خشوع، ولا اقتناع بها، ومع الشكوك.
5- اسم مرضك: ذكرته لك في أول إجابة.
6- مصيرك يوم القيامة كمصير المسلمين المرضى أن يقبلهم الله ويثيبهم على صبرهم، وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، وقد تكون بصبرك واحتسابك الأجرَ عند الله، خير من كثير من العلماء والعُبَّاد.
تابع علاجك مع طبيبك، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والأجر.