السلام عليكم
هل يمكنني المتابعة مع حضراتكم خاصة (د. محمد المهدي)... لدي مشاكل لا أعرف كيف أبدأها لكن سأحاول، أتمنى السرية التامة! سأبدأ بالبيانات: العراق/بغداد، أنثى، مسلمة، 92 كغ /الطول 159م، جامعية، غير موظفة، لا أعمل، الدخل كافي الحمد لله.
أغلب الأحيان أرق ونوم متأخر واستيقاظ متأخر أيضا. الشهية الآن معتدلة كانت قبل 4 سنوات زائدة سببت زيادة بالوزن بسبب بلاء وقع لي قبل 8 سنين، لا توجد أي أفكار غريبة ولا سلوكيات ولا هلاوس إطلاقا. وفاة أمي لها أثر بالغ في نفسي كان عمري وقتها 23 الآن عمري 48 هذا في ال 1989 بعدها حرب الـ 1991 لها أثر مخيف ومؤلم كنت في 4 جامعة مرضت وقتها وعانيت من خوف دائم، وقبل ذلك عانيت كآبة (ليست شديدة جدا) بوفاة أمي، فزع بعد الصدمة وكوابيس؛ ثم أبي بعدها بأشهر.
تناولت من حوالي 2س، براكسوتين 10ملغ مدة 6 أشهر ثم قللت الجرعة لـ 5 ملغ باقي السنتين، أتناوله الآن وأحيانا أتركه مرة أو مرتين في الأسبوع هذا بسبب البلاء الذي ذكرته قبل 8 س (قذف في العرض ومشاكل كثيرة)
طبيبي المعالج هو د. ..... والحمد لله أحس بتحسن كبير.
مدة المرض: أحس أني كئيبة من 1985 تقريبا وتحتلف شدته حسب الظروف!
الآن لا أحس بكآبة! بل متفائلة. الاكتئاب وقتها تفاهة الحياة وعدم جدواها وانعدام الأمل.
لا توجد أبدا محاولات انتحار لأنني متدينة ومحافظة على الصلاة دوما من سن17 س وقبلها. كما إن الكآبة ليست بالشدة التي تدعو لإنهاء الحياة!
النظافة الشخصية والاهتمام بذلك موجود دائما.
عانيت القلق من حرب 1991 وتقلبت نفسيتي. ألوم نفسي بشدة جلد للذات وتأنيب للضمير على أصغر الأشياء، مشكلة بالحرام والحلال تشديد وتضييق على النفس أود من حضرتكم التركيز على ذلك. لو سقط مني كيس أرز فقد آذيت البيئة، والمسلمين! طبعا الآن أحاول ترك هذه الأفكار وأستطيع بسهولة، لكن مشكلتي تكمن مع الآحرين. وهذه هي المشكلة التي أنا بصددها اليوم! أنا مؤدبة جدا لا أتطاول على أحد البتة طيبة جداً! لكني أواجه عكس ذلك من المحيطين أخوات، صديقات وعرفت أن الناس من طبيعتهم استغلال الطيبين! يسبب ذلك أذى نفسي كبير، دائما لا آخذ حقي من المسيئين لي ويتفاقم الوضع!
أنا على درجة من الثقافة، كثيرات يعجبن بي وبشخصيتي المؤثرة لكن أحس بجوانب ضعف في وأنا عندما أتنازل أفعل ذلك تدينا وخلقا ولكن ربما خوفا أيضا من الآخر!
أنا حساسة وذكية! رقيقة جدا أمرض لأي إنسان مريض وأبكي لأي إنسان يتوجع! كل من أشعرتجاههم بهذا الشعور أو معظمهم يواجهوني بالأنانية الشديدة أو اللامبالاة، يسبب ذلك لي ألم وصدمة أنا خجولة. في الطفولة عانيت رهاب ولكنه زال بعد التخرج من الجامعة.
أجامل على حساب صحتي!
لا أمتلك مهارات اجتماعية كافية مثلا يسألوني أسئلة لا أرغب بالإجابة عنها، لكني أجيب وأندم بعدها لا أستطيع المراوغة، صادقة ومثالية ولا يوجد أي غش لإي إنسان! أصطدم دوما بالغش، بالكذب. الفضاضة يعرف بها بلدنا لكني عكس ذلك
كتاب (لا تكن لطيفا أكثر من اللازم) لمؤلف أجنبي، سررت به كثيرا ونفعني. لدي قلق من ناحية الحلال والحرام، كيف سيحاسبني الله سبحانه، مطلقة من 9 س.
برامجكم رائعة يادكتور جزاك الله خير وطرحك رائع جدا زادكم الله علما،
R03;أتمنى أن تسعفوني بالرد والتواصل معكم بصدد مشاكلي
3/2/2015
رد المستشار
الأخت العزيزة "شمس"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولا: أرجو أن تقبلي اعتذاري عن تأخري في الرد بسبب مشاغل العمل وظروف الحياة، وأشكرك على تخصيصك لشخصي للرد على المشكلة، وأعتذر أيضا لموقع مجانين ولأخي العزيز الدكتور وائل أبو هندي على هذا التأخير رغم تذكيره المتكرر.
ثانيا: واضح أنك تعرضت لضغوط وأزمات متتالية ومتراكمة تجاوزت حدود تحملك، وقد بدأت بوفاة الوالدة والوالد 1989 (رحمهما الله رحمة واسعة)، ثم حرب 1991، ثم ابتلاء القذف في العرض، وهذه الضغوط المتراكمة غالبا ما تؤدي إلى تغيرات في الناقلات العصبية في المخ ونشاط الغدد الصماء (المنتجة للهرمونات) في الجسم، كما أنها تعطي صورة سلبية للحياة وللناس.
وقد بدأت معاناتك في صورة حالة تأزم وهي مرحلة أقل من الاكتئاب شعرت فيها بالضيق والخوف واضطرابات النوم، ثم تطورت الحالة بعد ذلك مع تزايد وتراكم الضغوط لتصبح مزيجا من القلق والاكتئاب متوسط الشدة لكنه طويل الأمد. وقد تأخرت كثيرا في الذهاب إلى الطبيب النفسي حيث لم يحدث ذلك إلا في السنتين الأخيرتين رغم أنك تعانين من سنوات. وقد تناولت عقار الباروكستين 10 ملجم لمدة 6 أشهر ثم 5ملجم بقية السنتين، ولست أدري إن كان قد صاحب العلاج الدوائي علاج نفسي أم لا؟
عموما من الناحية العلمية كان من الأفضل أن نبدأ العلاج مبكرا وأن تزيد جرعة الباروكستين لتكون 20-40 ملجم يوميا ولمدة أطول قد تبلغ سنة أو تزيد نظرا لطول مدة الاضطراب النفسي، وأن يصاحب العلاج الدوائي علاج نفسي ليتعامل مع التأثيرات النفسية لكل هذه الضغوط المتراكمة، لأن العلاج الجزئي أو العلاج قصير المدى غالبا ما يترك أعراض قلق واكتئاب متبقية وهذا يؤدي إلى استمرار المعاناة أو إلى انتكاسات متكررة.
يضاف إلى ذلك طبيعة شخصيتك الحساسة وبعض السمات الوسواسية لديك والتي تجعلك تتأثرين كثيرا بالأحداث وتحدث لك حالات انجراح متكررة، وتلومين نفسك بشدة بل وتجلدين نفسك كثيرا على أشياء ليست بذات الأهمية، ولا تستطيعين أن تؤكدي حقوقك أو تدافعي عن نفسك. وعلى الرغم من حساسيتك وحرصك على أن لا تؤذي أحدا أو تسببي أي ضيق للناس إلا أنك تواجهين إحباطا من الناس حيث لا يكونون عند توقعاتك في سلوكهم تجاهك، وهذا يسبب تراكما آخر للضغوط النفسية لديك. وهذه الحساسية والهشاشة النفسية تلازمك منذ سنوات طويلة ولذلك عانيت حالات رهاب في الطفولة.
ولست أدري عن ظروف طلاقك، وهل لديك أبناء من زواجك أم لا، وهل تعيشين وحدك الآن أم تعيشين مع من تبقى من العائلة؟... ولكني أتوقع أن يكون خلف هذا ضغوطا حالية تضاف إلى ضغوطاتك القديمة.
والأشخاص ذوي السمات الوسواسية يميلون للمثالية ويتوقعونها من الناس، ويميلون لأن تكون الحياة منضبطة لأقصى حد، وتقل لديهم المرونة في تقبل أخطائهم وأخطاء من حولهم، ويميلون للتعامل بأدب جم مع الناس (رغم غضبهم وانجراحهم منهم)، ولا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم الحقيقية تجاه الناس خاصة لو كانت تحمل بعض العدوانية، ولهذا تتراكم عدوانيتهم ولا تظهر على السطح وتسبب لهم أذى كثيرا قد يصل إلى حالة المعاناة المرضية.
كل هذه الاعتبارات تجعلنا نعاود النظر في مسألة علاجك، وهذا يستدعي استعانتك بطبيب نفسي يعيد تقييم حالتك ثم تبدأ رحلة العلاج مرة أخرى، وأقترح أن يتضمن العلاج أحد مضادات القلق والاكتئاب ويفضل في ظروفك عقار السيرترالين 50 إلى 100 ملجم يوميا (حسب تقدير الطبيب المعالج) وذلك لنتجنب زيادة الوزن والأعراض الجانبية الأخرى مع العلاج قدر الإمكان، كما يجب أن يتضمن العلاج برنامجا للعلاج النفسي (وأفضل المعرفي السلوكي والتدعيمي) وذلك للتعامل مع المشاكل المعرفية والاستجابات الوجدانية والسلوكية، وللوصول إلى حالة من التصالح والتسامح مع النفس ومع الآخرين، وقبول نسبة من الخطأ والأخطاء لا تخلو منها حياة البشر.
ستحتاجين بجانب العلاج الدوائي والنفسي أن تهتمي بتقوية روابطك الاجتماعية مع من تستطيعين من أفراد العائلة، ومع المتاح من الأصدقاء والمعارف والجيران حتى تتجنبي الوحدة التي تزيد من المعاناة المرضية.
ولا يخفى عليك التأثير الإيجابي العظيم للنشاطات الدينية والروحية ولكن بالشكل الذي يعطيك رحابة في إدراك رحمة الله وعفوه ومغفرته والإحساس بأنسه ومعيته، والحذر من المبالغة في لوم الذات وجلدها والقسوة عليها، فالله سبحانه يقول في القرآن "فاتقوا الله ما استطعتم"، ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" ويقول: "سددوا وقاربوا"، ويقول: "لا يدخل أحدكم الجنة بعمله" أي أننا دائما نطمع في رحمة الله ومثوبته ومغفرته لدخول جنته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وفقك الله لما فيه الخير وأعانك على ما ابتلاك به وجعله في ميزان حسناتك، وإن الذي جعل الداء جعل له دواء.