مم أعاني؟
السلام عليكم أساتذتي الأفاضل، سأسرد التفاصيل منذ طفولتي لأني بحاجة شديدة لمعرفة الخيط الذي يدلني للخلاص من مشاكلي.
أنا آنسه عمري 29 سنة، الصغرى في العائلة، طفولتي كانت مع ألعابي والدمى ودائما مع أسرتي أمي وأبي وإخواني وأخواتي لكني منذ الصغر أخشى من والدي، أحس بخوف منه لأنه مسيطر وعصبي، أمي هادئة في طباعها ومعنا لكن بعيدة ولكن تتمسك برأيها جدا.
افتقدت جو الحنان بالأسرة منذ الصغر، البيت عموما فيه تفكك أسري بقوة. كنت متفوقة في المدرسة خجولة لكن أتعرف على صديقات وأحبهم وأتواصل معهم لكنهم قلة. في عمر تسع سنين كانت عندنا قريبة لنا وكانت تساعدني في لبس ملابسي لكنها لمست مناطق حساسة، خفت جدا كانت صدمة لم أعي قوتها إلا بعدما كبرت وقرأت.
لم أكن أعرف شيئا عن العلاقة الخاصة بين الأزواج حتى بمراهقتي لأن أسرتي منغلقة ولم نكن نخرج للزيارات. لابد أن أشير إلى أن أمي قررت عزل نفسها عن المجتمع بسبب طلاق حصل لأحد الأقارب، كرهت الناس لاتريد الاجتماع بهم. ونحن على هذا الحال منذ 20 سنة. كنت أحلم بمنامي منذ المراهقة بنساء يلمسون الأطفال دائما ويتحرشون بهم.
في عمر 17 سنة أصابني الوسواس القهري في الوضوء والصلاة بقي معي مدة 8 سنوات 5 سنوات كان متوسط كنت أقاوم أحياناً كثيرة أحياناً أتراجع لكني ظللت محافظة على تفوقي وعلاقاتي بمن حولي لم تتأثر. في آخر سنة من الجامعة اشتد الوسواس، عانيت جدا أفكر بالتخرج بالامتياز أتعب من الوسواس وأشعر بخمول وهروب من المذاكرة لكن منّ الله علي وتجاوزت المرحلة الجامعية ونجحت بامتياز.
ظللت سنتين في البيت كنت أرغب بالراحة لكن اشتد الوسواس جدا تعبت منه وكرهت الكثيرين، لا أحب رؤية أحد، الوقت ثقيل جدا علي. تطورت إلى وساوس أفكار في الإيمان ولكن لله الحمد والفضل قاومت وقاومت وكنت أستعين أحياناً بأخواتي واستشرت طبيبة صرفت لي دواء "بروزاك" ورحل الوسواس عني وفي بداية شفائي زرت طبيبة نفسية أخرى صرفت لي أدوية راجعتها سنة ونصف "بروزاك" و"فيفارين" استخدمتها قرابة سنتين بعدها.
بعد رحيل الوسواس عني شعرت بتحسن وراحة، دخلت الجامعة للدراسات العليا كانت الأمور تسير ثم توظفت وأنا لازلت أدرس لكن بعد فترة دارستي كثر الشغل والضغط خاصة حينما تنكرت لي صديقات، انجرحت وتألمت. بعد مرور 4 أشهر من الوظيفة أصبحت ملولة جدا متوترة كثيرا لا أشعر بالسرور أنا بطبعي كتومة فلم أتحدث إلا بقلة بعد سنة لأخواتي. حصلة مشاكل في الشغل بخصوص عملنا وطبيعته وماذا نحن معنين به نظرا لسوء التخطيط والتدريب كنا غير مستقرين. أنا هادئة لا أحب المشاكل ومسالمة لكن زادت المشاكل واحتدت ودخلت في فوضى ونزاعات وانظلمت.
تألمت كثيرا كنت في نهاية دراستي للماستر. أضعت كثير من الوقت والأيام بسبب الإرهاق النفسي والجسدي والخمول وعدم الشعور بالراحة وعدم الاستمتاع بشيء ظهرت لدي تصورات جديدة وزاد وعيي فعلمت بأنني مخطئة لأني أبحث عن المثالية. أجامل الآخرين دائما بالبيت ليس لي كلمة، كنت لا أهتم برأيي لأنه عادي وهم أهلي أحبهم وأثق فيهم. أنا وأخواتي نخرج للمولات أو المطاعم قليلا، أبي لايحب خروجنا من دون أمي لكن يسمح أحيانا فقط، إخوتي لاهين في حياتهم وبيوتهم 2 من إخوتي تزوجوا، أحس بنفسيتي مهزوزة ضعف إرادة وضعف ثقة، أتحسس من كل شي.
بالطبع انقرضت صداقاتي لعدم الخروج لا أرى سوى زميلات العمل لا أنسجم معهم، كلام قليل فقط الكثير منهم يحب نقل الكلام والاستفزاز والنظرة السوداوية لكل شيء طبعا غير ماحصل لي من مشكلات ذكرتها وأشرت لها. الآن بالعمل أي شيء ينرفزني. حاليا الشغل قليل الفترة هذه، فراغ فيستغلوه في الغيبة والاستفزاز واختلاق المناوشات. لا أعلم ما ردة فعلي؟ هذه سنتين وأنا هادئة لكن بعد كثرة المشاكل وكمية الكره التي وجدتها في أكثرهم لا أعلم أصبحت لا أطيق الجلوس أو سماع كلامهم لا أريد الاسترسال في النقاش الحاد.
للعلم تناولت دواء "سيروكسات" منذ شهرين لأنه معالج لكثير من الأمراض ولأنني أصبحت أشعر من أي موقف بآلام جسدية وصداع وشد في أطرافي طبعا هذا خطأ مني تناوله دون وصفه طبيب... شعرت بتحسن لكن منذ أسبوع أشعر بالعصبية التي ذكرت والدخول في المناقشات الحادة.
للعلم الحمد لله أنهيت دراسة الماستر منذ 6 أشهر.
أرجوكم ممَ أعاني ما هو الاضطراب أو المرض؟
أرشدوني؟
شااااكرة لكم
20/04/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة.
سؤالك بالتحديد هو عن تشخيص المرض أو الاضطراب النفسي. الإجابة على هذا السؤال في الممارسة المهنية لطرح سيرة ذاتية ومرضية مشابهة تؤدي إلى إعطائك التشخيص بعد الآخر وجميعها لا فائدة منها. الطب النفسي يختلف عن بقية الاختصاصات الطبية بعدم الدقة في الوصول إلى تشخيص مستقر لبعض الحالات المرضية وفي غياب الدليل القاطع يستحسن صياغة الحالة استناداً إلى نماذج اجتماعية، نفسية حركية، سلوكية وبعدها طبية وعند الضرورة فقط.
لذلك قد يكون السؤال البديل هو: هل أنا مصابة باضطراب نفسي أو عقلي؟
صياغة الحالة:
1- آنسة عمرها 29 عاماً لا تزال تعيش في البيت ومقيدة بحدود عائلية واجتماعية لا تخلو من الصرامة. سيرتك الذاتية لا تشير إلى علاقات حميمية في داخل الوحدة العائلية ولا توجد شبكة اجتماعية تعمل كبديل. المهنة والعوامل الاقتصادية الجيدة لا تعوض الإنسان عن غياب الاتصال الاجتماعي المساند والعاطفي. ليس الغريب من شعورك بعواطف سلبية بين الحين والآخر ولفترات طويلة.
2- بعد ذلك هناك الأب الصارم والشعور بالخوف من تسلطه وطغيانه. تعرضت لحادثة اعتداء جنسي تصدم أي طفل في عمر تسع سنوات. رغم أن الغالبية العظمى من الضحايا يتجاوزون الصدمة بصورة أو بأخرى ولكن الصدمة بحد ذاتها تتفاعل مع الطغيان الأبوي وتؤدي إلى تحول العواطف السلبية إلى أعراض نفسية (وليس اضطراب نفسي) ويتم خزنها كعقدة تداهمك بين الحين والآخر تصرخ عاليا بأن الطغيان وجبروته فشل تماما في حمايتك وهذا ما كان يجب أن يفعله وفشل في أداء مهمته فشلاً ذريعاً.
3- لا يسمح لك بالتعبير عن رأيك بكل حرية لا في البيت ولا خارجه ولا بد من عزل المشاعر الناتجة من هذا الارتباك بممارسة سلوك معين ومن هنا يأتي ما تسميه أنتي بالوسواس القهري وما أسميه بأعراض حصارية تضيق الحصار على الإنسان وتمنعه من التعبير عن مشاعره في الوقت والمكان المناسب وتوجيهها نحو الهدف المناسب. هناك إشارة واضحة إلى استعمال السلوك الحصاري ومهمته في وصفك لشخصية كتومة.
4- تم صرف الدواء بعد الآخر والعقاقير تساعد الإنسان الذي يشكو من أعراض نفسية وليس بالضرورة المصاب باضطراب نفسي أو عقلي. ولكن يصعب القول بأنك وصلت إلى حافة الانهيار النفسي والمعنوي المصاحب لتشخيص اضطراب نفسي أو عقلي من خلال قراءة رسالتك والطرح المتوازن الذكي لسيرتك. أنت على مقدرة عالية من الموهبة وربما حياتك كانت ستسير في طريق سريع لتحقيق أهدافك وطموحاتك لو كنت في بيئة أخرى تسمح لك باستعمال مقدرتك العقلية ومواهبك الشخصية.
لا أدري ما هو تشخيص الأطباء الذين تمت مراجعتهم ويجب احترام أي رأي صدر منهم لأنهم استمعوا إلى مشاكلك وتم فحص حالتك النفسية بدقة.
أما من خلال الرسالة فليس لدي رأي آخر سوى حملك لحقيبة مليئة بعقد عائلية منذ الطفولة إلى اليوم ولا أحد يساعدك أو حتى يسمح لك بالتخلص من هذه الحقيبة.
وفقك الله.
التعليق: شاكرة لك دكتور على ردك
أنا ممتنة لك بينت لي مميزات وإيجابيات فيني لم أنتبه لها ..شجعتني بأسلوب كبير ما أذكر أحد ذكره لي من قبل