أخي المراهق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية: أنا فتاة في السادسة عشر من عمري، نعيش أنا وعائلتي خارج وطننا (مغتربون). لي أخ أكبر مني يدرس في وطني، أما أنا وعائلتي فإننا نعيش حالياً خارج بلادنا.
لدي أم مهملة تماما، فهي لا تهتم بإخوتي ولا طعامهم ولا ملابسهم ولا حتى نظافتهم فأنا من يقوم بكل ذلك، وهي حادة الطباع وشديدة العصبية وبخيلة جدا علينا ماديا ومعنويا.
والدي: لا نكاد نراه إلا ساعات محدودة جدا خلال اليوم، وهو يفعل أي شيء لإرضاء أمي فهي تتحكم به بشكل كامل، فعندما تريده أن يغضب فما عليها إلا أن تخبره بذلك فيفعل وهكذا ولا يشتري لنا شيئا في حال طلبنا منه ذلك إلا إذا وافقت أمي.
بالمختصر: فإن الروابط العائلية بيننا تكاد تكون منعدمة، فما يجمعنا معا هو أننا نسكن في نفس المنزل فقط.
مشكلتي هي:
منذ أن دخل أخي الأصغر مني بأربعة أعوام إلى المرحلة المتوسطة (بعمر 12 عاما) وحصل على هاتفه المحمول الخاص به أصبح شخصا آخر؛ فقليلا ما نراه مجتمعا معنا وأصبح هادئ جدا منعكفا على نفسه برفقة هاتفه المحمول، أو أنه خارج المنزل للّعب مع أصدقائه، بالإضافة إلى أنه لا يحترم والدي وكثيرا ما يتلفظ عليه بألفاظ لا تليق، ويصل الحد إلى أنه قد يتهجم على والدي في حال عاقبه لأمر ما.
أيضا وهنا هو أساس استشارتي: أنه أصبح يشاهد أفلاما إباحية، في المرة الأولى طلبت هاتفه من أجل الدخول إلى أحد المواقع، عندها وجدت بعض الصور الخليعة والمقززة في حسابه الشخصي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي حيث كان يرسلها له أحد أقاربنا في موطني (بالعلم أن هذا الشخص بالغ وقد تخرج من الجامعة)، لقد أصبت بالصدمة وقتها لكنني تصرفت وكأني لم أشاهد شيئا، واليوم كان أخي نائما وهاتفه ملقى بجانب سريره والسماعات في أذنيه، وعندما حاولت نزع السماعات عنه رأيت مقطع فيديو إباحي كان يشاهده قبل أن ينام، وقتها أصبت بالغثيان وأجهشت بالبكاء فورا.
والآن أنا لا أعلم ما الذي علي فعله لهذا توجهت إلى موقعكم فورا لأجد الحل، هل أواجهه بما أعلم؟ أم ألتزم الصمت وأشاهده يغرق في هذا المستنقع القذر؟ أنا لا أعلم ما قد يفعله إذا واجهته بالحقيقة فقد يصل به الحد إلى إيذائي! هل أخبر أخي الأكبر وأدعه يتحدث معه بخصوص هذا الموضوع؟ أو أخبر والدايّ اللذان سيقومان بضربه وشتمه وحرمانه من العديد من الأشياء مما سيجعل الوضع أكثر سوءا!
أرجوكم ساعدوني لأجد حلا ما!
أنا أعتذر عن طريقتي السيئة في صياغة حديثي لأنه يبدو ركيكا بعض الشيء و"ملخبط"،
وبالنسبة لما ذكرته عن عائلتي فإنني أريد أن اوضح لكم الشيء الذي قد يكون سببا فيما أصبح عليه أخي الآن.
05/05/2015
رد المستشار
أرحب بك "منى" على موقعنا وثقتك في القائمين عليه من خلال مشاركتنا لك لمشكلتك وهذا يشير إلى وعي منك بوجود مشكلة وإيجابية منك حيث تسعين لحلها، بداية أود أن أدعم لديك ثقتك بالله عز وجل بأن الله لا يحمل أيا منا فوق طاقته حيث قال في كتابه الكريم: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) "سورة البقرة :286"، ومن حكمة الله ورأفته بالبشر أنه أنعم علينا بالنسيان فأي موقف صادم يتعرض له الإنسان يكون ببدايته صعبا وقاسيا ويعاني الإنسان بمشاعر مؤلمة ولكن مع مرور الوقت تقل هذه المشاعر تدريجيا وينعم الله علينا بنعمة النسيان.
فإذا ما تذكرنا الأحداث السابقة أو الماضي فإننا لا نتذكر المشاعر المرتبطة بها بنفس القوة، وهذا من كرم الله علينا ومن فضله، ومهما كان ما تمرين به صعبا فإنها فترة وتنتهي، وكل تجربة نمر بها لها إيجابياتها وسلبياتها فخبرات الحياة هي التي تجعلنا أكثر نضجاً وأكثر تفهما لحقيقة الحياة، تدبري الآية الكريمة حين يقول الله تعالى في كتابه الكريم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) سورة البلد: 4، فكل إنسان على وجه هذه الأرض يبتلى أي يتعرض لمحن ومصاعب وتعب، كل منا يبتليه الله ليرى هل سنصبر أم سنجزع ولا نرضى بقضاء الله، إن حياتنا على الأرض لا تتوقف مع حدوث أحداث صعبة.
كما أود أن أُحيي فيك تلك الروح الطيبة التي لمستها فيكِ والمتجلية في رغبتك البالغة في إصلاح الأحوال وعدم ترك زمام المشكلة بينك وبين إخوتك وعائلتك بصفة عامة، لأنه إذا لم تكن لديك هذه الرغبة بالإصلاح ما كنت لجأت إلينا، بادئ ذي بدء أذكرك بقول الله تعالي: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أو أحدهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) "الإسراء: 23"
فمشكلتك كما سردتها لها جانبان من وجهة نظري جانب اجتماعي وجانب نفسي ولا يمكننا الفصل بينهما لأن كل منهما مرتبط بالآخر ويؤثر عليه ويتأثر به.
الشق الاجتماعي: وهو خاص بالمشاكل الاجتماعية الحقيقية التي تعيشيها وهي المأوى والإنفاق حيث أنك ما زلت بحاجةٍ إلى من يعولك حتى تتمي دراستك.
الشق النفسي: وهنا لابد أن نرى هذا الشق على أنه خاص بك وبوالدك وبوالدتك ومشاعرك تجاههما، فعليك أن ترصدي مشاعرك تجاههما هل يغلب عليها الحنق والغضب – الكراهية - الرغبة في الانتقام - الحب الذي طالما افتقدته - أم لا تشعرين تجاههما بأي شيء سوى أنهما سيوفران لك المأوى فقط؟
ذكرت أن والدك يرضي والدتك على حسابك وحساب إخوتك فهل هذا يؤثر فيك نفسياً لأنك تحتاجين لحبه أم أنك تريدين أن يتقبلك فقط لتعيش معه؟ (أي أنك مازلت تبحثي عن المأوى)
هل فكرت لماذا يعاملكم بهذه المعاملة؟؟، فسأحاول معك أن أقترح عليك بعض الأمور التي قد تكون عونا لك في تضيق تلك الهوة والمسافة الموجودة بينك وبين والديك وهي:
أولا: حاولي أن تجدي أرضية مشتركة للحديث بينك وبين والديك وأخوتك، فمن المستحيل أن تكون درجة الاختلاف بينكما 100% فبالتأكيد هناك أرض مشتركة تجمعكما ولكنك لم تستكشفيها بعدُ، وعليه فإيجاد هذه الأرض ربما يساهم في إطفاء ولو قليل من الليونة على شكل التعامل بينكما، أي موضوع يكون جذاب لهم ويشدهم الحديث فيه.
ثانيا: تعرّفي على اهتماماتهم وحاولي أن تشاركيهم فيها، فإذا كان إخوتك أو والدك يحب كرة القدم على سبيل المثال حاولي أن تبادليه الأحاديث في هذا الشأن -قدر استطاعتك ومعرفتك بالطبع- وإذا كانوا مهتمين بالسياسة فشاركيهم نشرة الأخبار، وتبادلي معهم النقاشات فيما عرض في النشرة... إلخ
ثالثا: يجب عليك أن تحاولي إخفاء نقاط الاختلاف بينكما والتي ربما يكون لها دور في إشعال فتيل غضبهم أيا كانت، فتتخلين عن السيئ منها - إذا كان هناك سيئ - وتخفينه بعيدا عن ناظريهم حتى تتغير شكل العلاقة بينكما وتنشأ علاقة أخرى تكون قائمة على النقاش والإقناع.
رابعا: فلتجربي أن تهاديهم بهدية ما ولتكن مناسبتها مثلا عيد ميلادهم أو ترقيتهم في العمل، فالهدايا ترقّق القلوب ويكون لها بالغ الأثر في النفس مهما كانت نفس قاسية.
خامسا: لو استطعت أن تلتمسي له العذر- رغم صعوبة ذلك عليك - لو كنت تشعرين بالغضب تجاهه ابدئي بنفسك وحاولي أن تسامحيه ولتبدئي ذلك حتى ولو بدون مشاعر حقيقية اقتربي منه، حاولي إرضائه بشتى الطرق بدءً بالكلمة الطيبة ثم بالفعل مثل أنك تحمد الله أنك عدت إليه وأنك كنت تنتظر اللحظة التي تقترب منه وأشعريه بأنك فتاة مسئولة سيؤثر ذلك فيه...
وفي النهاية وإذا باءت كل محاولاتك بالفشل فلتعلمي أن الأب والأم لهما حصانة خاصة من الله عز وجل، ولا يمكن المساس بهذه الحصانة مهما كانت الظروف، وبالتالي أتعشم في هذه الحالة في عقلك الناضج - هكذا لمست من رسالتك - أن تستمري في حسن معاملتهم رغم الإساءة، أما المشاعر فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ... المهم أن تعامليهم كما أمرنا الخالق وديننا الحنيف .. هدّأ الله سرّك وهدى والديك إلى الصواب... وعليك أن تتابعيني بأخبارك أولاً بأول حتى نستطيع أن نرصد أسباب الخلاف بينكما ونجتازها قبل تفاقمها.
وأوجه كلامي الآن إلى الآباء والأمهات فأقول لهم قد تظنوا أن أبنائكم – دون كل الأبناء – ليسوا بشرا بل ملائكة لن يخطئوا مهما كانت المغريات في طريقهم، وتذكروا دائما قوله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" صدق رسول الله، ماذا ستقول أيها الأب أو الأم لله تعالى حين يسألك عن رعيتك؟
أما بالنسبة لأخيك فلابد أن تعلمي أنه بمرحلة المراهقة وهناك العديد من التغيرات الجسمية الهرمونية والنفسية والعقلية التي يمر بها، فهو يسعى إلى إزالة الغموض وإشباع الفضول الذي يسيطر عليه لمعرفة العديد من الأمور الجنسية، وأكيد هو يحتاج إلى توجيه ديني وتربوي ونفسي ليعرف حرمة تتبع عورات الآخرين وحتى العادات والتقاليد وأخلاقنا كأسر مسلمة لا تؤيد هذا الفعل الذي يقوم به، وهناك العديد من الطرق المباشرة وغير المباشرة التي يمكن أن تساعديه على تعديل سلوكه، فمثلا يمكنك أن تشاركيه مشاهدة حلقة دينية على النت بأضرار العادة السرية أو تتبع عورات الآخرين، كما يمكن أن تلفت نظر الأخ الأكبر أو الأم والأب بأن تسردي قصته على أنها مشكلة لإحدى زميلاتك قصتها عليك وتطلب مشورتك ونصيحتك وانظري رد فعل الأم والأب وأخيك الأكبر حتى هو نفسه أخيك حاولي أن تأخذي رائيه في هذه المشكلة بما أن سنه قريب من سن أخو زميلتك..... والله الموفق وتابعينا بأخبارك دوما.
واقرئي من استشارات مجانين:
الحل...ابحث عن ذاتك
كيف تنمي ثقتك بنفسك ؟
ابني حائر بين والديه: لكنه رجل قبل الأوان!
أسرنا البائسة..هل من نهاية لعذابات الأحبة...مشاركة
قلبي وربي وأبي: دفاتر تعاستنا، وعشقنا