نفسي تخلت عني
لا أعرف من أين أبدأ حديثي فمشاعري المتخبطة تشتت تلك الأفكار المبعثرة لطلب المساعدة واحتياجي لمن يرشدني... في صغري كنت الفتاة الحساسة جدا "أم دمعة" المنبوذة من قبل الأطفال الآخرين لم أهتم بهذا الأمر فأبي دائما ما يحمل ألمي ويحتضنني كان نعيمي وجنتي. تعرضت لتحرشات سطحية من أقربائي بسبب شخصيتي المطيعة والبريئة سرعان ما نسيت الأمر ولم أعره اهتمامي ولكن أشعر بقليل من الضعف والخزي.
مرت طفولتي بهذا الحال من النبذ الغريب بالأمر كنت أتهرب ممن يحبونني وأنخرط بالبكاء لا أعلم لماذا؟!
مرت الأيام فتمردت نفسي وأصبحت أخجل من أبي!! وجراء ذلك ابتعدت عنه كثيرا، توفي ملاذي ونعيمي ولا زلت أعتصر ألما لتقصيري الشديد جدا جدا بحقه فهو أهداني نعيما وأنا كافأته بصحراء خاوية بسبب خجلي...
لم يكن هناك من يشفي جراحي فانجرفت نحو تلك المشاعر المزيفة بالدردشات السخيفة، ومرت السنين فتمردت نفسي مرة أخرى وأوقعت قلبي ببحر لا أقوى على أمواجه القاتلة فاضطررت لأتمسك بتائهة هنالك لأعيش، لكن سرعان ما تخليت عنه كما حدث معي، وإذا بي بمكان لا حياة فيه، ما هذا المكان؟ أهو الجحيم؟ أهو عقابي؟
تدهورت حالتي وما عادت نفسي تطيقني، انهمرت دموعي وأصبحت كهلة هزيلة فبمجرد الوقوف أصاب برجفة ودوار، أصبحت قلقة قذرة أشد القذارة مهملة، أتكاسل من رفع أصبعي لا روح بداخلي، أين أنت يا نفسي؟، لا تتركيني كما فعلوا!!.
مررت بأمور مؤلمة مخذلة محزنة ولكن كما يحدث معي عادة أتجاهل هذه الأمور وأدع الأمور تسير بمجراها، ولكن لم أعلم أنني أرهقت نفسي كثيرا لم تعد تحتمل جبني وخوفي، تغيرت كثيرا معي!! فكنت قاسية عليها كثيرا، فلم أدعها تحادث الآخرين جعلتهم ينفرون منها. أصبحت عادة لا أستطيع أن أغيرها، لم تعد تحادثني أصبحت لا أعلم رغباتها..! ابتعدنا كثيرا، أصبحنا نتشاجر لأتفه الأسباب. أصبحت تتمرد كثيرا وتتحكم بتصرفاتي. أفقدتني ثقتي، دراستي وأصدقائي، أفقدتني طعم الحياة ولم تعد تثق بي...
قررت العيش وحيدة بلا مساندتي فكانت تفرح أشد الفرح ولا أعلم لماذا؟ وتحزن وتبكيني وتجرحني ولا أعلم لماذا؟ وكيف؟
صديقتي لاحظت تغيري وقالت بأنني أصبحت أقوى وأنها باتت تشعر بأنها تحادث شخصا آخر. ذهلت من شدة ملاحظتها "ماشالله". فعلا فأنا لست من أحادثها، إنها نفسي التي تخلت عني، أحيانا فعلا هناك أمور كثيرة لا أستطيع التحكم بها مطلقا...
أصبح لدى نفسي كمية فائضة، مشاعر هائلة مدمرة من الحب..! من أين أتيت بهذا الكم يا نفسي..! أهي جراء الكبت الذي تعرضت له؟ أم هي ثمرة قطفتها من جنة أبي؟ ولكن من سمح لك بفعل هذا؟ لمن أهديها؟ أصبحت أترنح هنا وهناك باحثة عن قلب أغرسها بداخله، ولكن وهني وضعفي يمنعاني، فكم حاولت أن أغرسها بقلب أمي ولكن هناك أمرا يمنعني لا أعلم لماذا.
لا أريد العيش ولا التواصل، أصبحت أخجل من مشاعري من نفسي، أريد وهما فهذا يكفيني، لم أعد أستطع أن أعتني بثمراتي فهي تكاد تذبل بداخلي، أريد الخلاص فإن أشواكها تؤلمني أين أذهب؟، فبهذه الحياة لا عائلتي هي عائلتي ولا صديقاتي هن صديقاتي ولا نفسي هي نفسي كل شيء مزيف.
أشعر بكره الناس حولي، أشعر بكرهكم وتململكم أيضا بلا سبب!!.
حاولت أن أختصر قدر الإمكان فعذرا إن أطلت لا أعلم إن نسيت أمرا.
19/05/2015
رد المستشار
عزيزتي "سارة"؛
نصك كان أشبه بخاطرة أدبية من أن تكون طلب استشارة لمشكلة ويبدو أنك ضليعة بتلمس مشاعرك وبيانها، وهذا يدل على سلامة نفسك وعدم تخليها عنك حسب وصفك.
ما لفت انتباهي في رسالتك هو وصف صديقتك لك حين قالت أصبحت أقوى ولست كما كنت من قبل، هذا أيضاً مؤشر جيد على تطور شخصيتك، فإذا كنت ضعيفة سابقاً هذا ليس جيداً أن تبقي على ما كنت عليه.
في النهاية الأفضل ألاّ تستغرقي بتحليل تصرفاتك ونفسك وإذا كنت تشتكين من أعراض تعيق حياتك اليومية من الناحية العلمية أو العملية فأرجو أن تكتبيها لنا بوضوح أكثر.
تحياتي