هوسي بالرياضيات غير طبيعي واكتئابي أمسى غير مبرر هل من تفسيرٍ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛ عذرا على الإطالة لكنني لم أفهم إن كانت المشكلة نتيجة الظروف التي مررت بها أم أنها وليدة شخصيتي نفسها أم كليهما لذلك سأحاول شرح كليهما باختصار قدر المستطاع وعذرا على الإطالة.
لقد عرفت شخصيتي شذوذا نوعا ما منذ الطفولة المبكرة وكانت والدتي تصارع رغبتها في عدم الاعتراف بذلك حتى بلغت الثالثة عشرة وسأحاول تحديد أهم ما تميزت به:
٠ ميل غير طبيعي للعزلة مع ضعف شديد في مهارات التواصل مع الآخرين, إذ كنت أرفض الانخراط مع الأطفال الآخرين في أي نشاط من أي نوع إلى حين دخول المدرسة حيث أجبرت على ذلك.
٠ خيال واسع ومهارات لغوية فوق الطبيعي مع اهتمام كبير بعلم الفلك (أتذكرني يوما وأنا بعمر الثامنة أثور على المعلم لأنه عرف الكتلة بأنها الوزن وأشرح الفرق بينهما بدقة مع ضرب أمثلة) هوس بالرياضيات (الكونية بشكل خاص) - سأتطرق له بالتفصيل - لاحقا قابلها ضعف شديد في مهارات التواصل الغير لفظي مما زاد عزلتي.
٠ تعلق غير طبيعي بالأشياء الجامدة إذ اكتسبت عادة تسمية جميع الأشياء ودعوتهم بإخوتي ولا زلت أحافظ عليها إلا اليوم (أتذكر مثلا تلفازنا القديم الذي بكيت عليه لأسبوع بعد أن تخلصوا منه). كما كنت ميالة للاكتئاب بشدة وتراودني الأفكار الانتحارية لأتفه الأسباب.
٠ رغم كوني فوضوية لكني أميل إلى الهوس بالترتيب في أمور معينة فلا أجلس إلا في مكاني الخاص على المائدة كما يجب على أفراد الأسرة الالتزام بأماكن محددة كذلك وإلا يستحيل أن آكل (رغم أنني أفضل الأكل بمفردي لكوني حساسة نوعا ما للأصوات الصغيرة كصوت المضغ... وهي تزعجني بشدة) كما أنني ملتزمة بأدوات مائدتي الخاصة التي لها أسماءها وأرفض أن يعبث بها أي أحد, كما أنه ورغم كون غرفتي تعريفا للفوضى لكنني أرفض أن يحرك أي أحد أي شيء فيها وأثور بشدة إن حدث ذلك وهذا خلق لي مشاكل مع أسرتي ولا يزال هذا قائما إلى اليوم.
٠ كما وبالرغم من كوني هادئة نوعا ما وكنت أميل إلى كبت مشاعري وكانت إن تراكمت الضغوط من حولي أمر بمرحلة يصبح فيها كل شيء مزعجا زيادة عن اللزوم فإما أنغلق على نفسي تماما وإما أنهار وأنفجر فأصرخ وأغضب وأخرج عن السيطرة وبعد هذا أعود إلى هدوئي الذي تطول مدته أو تقصر حسب شدة النوبة والضغوط المحيطة لكن والدتي كانت تعاقبني بشدة بعد كل نوبة حتى صرت أكبتها لسنوات مما أدى بي وأنا في سن 13 إلى انهيار أدخلني المشفى لمدة شهر وبعد أن عولجت أصر الطبيب النفسي أن أعود لأنه يريد تشخيص حالتي لكنني رفضت العودة ولكن الحادث خلص أمي من فكرتها أن الأطباء النفسانيين نصابون والمرض النفسي شيطان أو بعد عن الله.
أما عن هوسي بالرياضيات فأنا أحببتها كما لم أحب شيء أو أحدا قط, كانت حياتي كلها, كنت إن بدأت العمل فيها نسيت نفسي ودخلت عالما خاصا آخر, غالبا ما كنت أنسى أن آكل لدرجة أن أمي كان عليها إجباري على التوقف والأكل في عدة مرات, كنت كذلك أنسى أن أنام إذ أعمل دون شعور حتى أسمع أذان الفجر فأدرك أنني أمضيت الليل كاملا, ولم أكن أجد متعتي في أكثر من التحدث فيها وخصوصا الرياضيات الكونية وهذا ما زاد عزلتي فأصدقائي لا يتجاوز عددهم 4 ممن يستطيعون تحمل حديثي المتواصل عنها وأنا لا أراهم كثيرا لاختلاف سبل الدراسة (أتذكر لقائي صديقين من فترة وجيزة على الساعة التاسعة صباحا وقفنا في الشارع للتحية ولا أعرف تماما كيف حدث الأمر لكنني بدأت أحدثهم عن نظرية ريمان ونظرية الأوتار واحتمالية الأكوان المتعددة واحتمالية السفر عبر الزمن وغيرها كثيرا ولم أصمت حتى رن هاتف أحدهم لأكتشف أن الساعة باتت الحادية عشرة والنصف, اعتذرت لهم عن هذا لكنهم أخبروني أنهم وجدوه ممتعا).
لكن أهلي (ولم يريدوا إلا خيرا) أجبروني على التخصص في الطب في الجامعة وهكذا تحطم حلمي وأصبح مصدر سعادتي (أي الرياضيات) سبب تعاستي وتسبب لي هذا باكتئاب حاد فاكتسبت الكثير من الوزن وصرت أقضي كل يومي نائمة ولا أفكر إلا في أنني شخصية فاشلة حقيرة تخلت عن أحلامها لأنها لم تكن قوية بما يكفي كي تدافع عنها، وأنني لا أستحق الحياة بعد أن فقدت حياتي معناها التام بدون الشيء الذي كنت أحيا له وأنني يجب أن أنهيها وهو ما حاولته 3 مرات (مرة بقطع شراييني ومرتان بالأدوية) باءت بالفشل وفي النهاية قررت ترك الجامعة وتغيير التخصص في السنة المقبلة.
المشكلة الآن أنني ورغم ظني أن هذا قد يجعلني أتحسن إلا أنه لم يفعل, لا زلت أحس باليأس والاكتئاب ولازالت فكرة الانتحار تسيطر علي فأحيانا أحس أنني محكومة علي بالفشل وأنه لا فائدة من المحاولة وأنني سأؤذي نفسي فقط بخيبة أمل جديدة مع فرق بسيط هو أن هذه المشاعر باتت تتخللها بضعة أيام أكون فيها سعيدة وواثقة فأشعر أنني لو حاولت فأنا بالتأكيد سأنجح كما لو أنني أستطيع فعل أي شيء وكل شيء وأن كل أفكاري السوداء أفكار طفولية وغايا ما أتهور وأقوم بأشياء لا معنى لها كان آخرها تغطية جدران غرفتي برسومات خنازير ضاحكة لكن سرعان ما يعود الاكتئاب مرة أخرى وتعود فكرة الانتحار لتبدو كل مرة أكثر إغراء مما سبق وقد تعبت فعلا من مصارعة كل هذا, جربت الطبيب النفسي لكن أسرتي طلبوا مني التوقف بعد الجلسة الثانية لأنني لم أستفد ولم أعارض لأنني لم أستطع الانفتاح مع الطبيب والحديث عن المشكل فكانت الجلسات تدور في حلقة مفرغة وقد أكون تسرعت ولهذا أنا هنا أريد أن أسمع رأيكم في الموضوع
عذرا على الإطالة مجددا
وشكرا على وقتكم ومجهودكم.
29/05/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
يمكن معالجة استشارتك من خلال الأبعاد التالية:
1- بعد الأمراض العصبية النفسية التطورية.
2- بعد اضطرابات الشخصية والوجدانية.
3- بعد اجتماعي شخصي غير مرضي.
٠ هذه الأيام لو راجعت استشارياً في الطب النفسي فالاحتمال الأكبر هو خروجك من العيادة الطبية النفسية حاملة تشخيص طيف الاضطرابات الذاتوية وربما اضطراب أسبرجر مع أعراض حصارية (وسواس قهري). إن كان الطبيب حريصاً على الدقة في التشخيص فسيتحدث مع الأهل ويتم عمل فحوص نفسية عدة ربما ستكون نتيجتها كالآتي:
1- عدم وجود دليل مقنع على وجود اضطراب ذاتوي.
2- إصابتك باضطراب اسبرجر.
3- رغم عدم وجود دليل مقنع ولكن تقعين ضمن طيف الاضطرابات الذاتوية.
الاضطرابات الذاتوية: تعني وجود سلوك توحدي يصاحبه صعوبة في الاتصال السليم. طريقتك في التعبير عن مشاكلك بصورة منطقية وذكية لا يقنعني بأنك تعانين من هذا الاضطراب أو هم المصطلح الكثير الاستعمال هذه الأيام ولا يساعد الفرد اجتماعياً ونفسياً.
٠ السلوك الانتحاري المتكرر وصعوبة التواصل مع الأهل والأصدقاء والشعور بالاكتئاب مع وجود تاريخ شخصية لم تتطور أو تتغير سيدفع الأطباء أحياناً إلى منحك تشخيص اضطراب الشخصية مع وجود صفات شخصية حدية.
٠ الأعراض الوجدانية الاكتئابية قد تكون جزءًا من اضطراب الشخصية أو اكتئاب مزمن بحد ذاته. عند ذاك يتم وصف عقار مضادة للاكتئاب يساعد على موازنة حالتك الوجدانية ودخولك في علاج كلامي.
هذا البعد أفضل بكثير من البعد الأول.
٠ هذه الأيام يميل الطب النفسي الاجتماعي إلى تطبيع مشاكلك من زاوية اجتماعية نفسية مع التركيز على خصوصية الفرد. هذا ما أميل إليه.
بعبارة أخرى يمكن القول بأنك آنسة طبيعية على قدر عالي من الذكاء حاولت ونجحت تصريف طاقتها الذهنية في الرياضيات والبحث عن الكمال في محيطها الشخصي من خلال سلوك حصاري كما هو واضح في رسالتك. هذا الولع بالرياضيات وصفاتك الشخصية تختلف عن الآخرين ولكن ذلك لا يعني بأنك غير طبيعية بل على العكس متفوقة على الآخرين.
المصيبة هي إجبار المراهق على تغيير أهدافه ودخوله في دراسة جامعية لا تحقق احتياجاته ودفعه نحو الفشل والاكتئاب وتفكك الشخصية. هذا ما حدث معك ويحدث مع الكثير من الطلبة في الجامعة.
توصيات الموقع:
1- تمسكي بالبعد الثالث ولا تقبلي بلصقات تشخيصية تحميلها طوال العمر كوصمة تمنعك من تطوير شخصيتك.
2- الآن حان موعد رحلة العلاج:
٠ القبول بشخصيتك وبأنك تختلفين عن الآخرين ولكنك طبيعية.
٠ تراجعي طبيباً نفسياً لتنظيم الحالة الوجدانية.
٠ تقررين مستقبلك أنت لوحدك دون الاكتراث برأي الأب أو الأم.
٠ الإيمان بأنك قادرة على تجاوز هذه المحنة ومواجهة التحديات.
توكلي على الله وادخلي طريق الشفاء.