الوسواس..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا عندي مشكلة مع النظافة بطريقة متعبة، لازم أبقى قاعدة في مكان مرتب، ولو مش مرتب وأنا مثلا لسة راجعة من الشغل، وتعبانة ببقى متنرفزة جدًا، وبزعق لأخواتي علشان مش مرتبين المكان، بس لو كنت قادرة بقوم وأرتب وأكنس وأعمل كل حاجة أول ما أغير هدومي، ممكن قبل ما آكل حتى، المهم المكان اللي قاعدة فيه يكون نظيفًا، أيام الكلية كنت برجع عندي حماس أني أذاكر، لو لقيت المكان اللي هذاكر فيه مش مرتب لازم أوضبه الأول، وفي الآخر غالبا مبذاكرش غير ساعة بالكثير وأكون تعبت وأنام.
بأخذ بالي جدًا من نظافة الحاجة حتى الصابونة لازم أغسلها بالمياه الأول، وبعد ما أخلص أيضا لازم أحس أني سايبها نظيفة.. يعني مستحيل أسيب الصابونة يكون عليها رغاوي ولا حتى حاجة صغير (ده غير أني مؤخرًا بدأت تجيلي أفكار إن إزاي إحنا خمس أفراد في البيت نستخدم نفس الصابونة كده عادي).
بعد ما أتوضأ لازم أغسل يدي ووجهي في الآخر بالصابونة كمان في الغالب، مع إني متوضية، بس مش بعرف معملش كده.. لو لقيت أي فرصة وأنا خارج البيت أن أغسل يدي في مكان نظيف مبفوتهاش.
لا يمكن آكل مطرح حد، ولا أشرب مطرح حد، بقرف جدًا، وممكن ماكلش وأبقى مضايقة لدرجة أني مش عارفة أتكلم طبيعي لو لقيت حد بيأكل بطريقة بالنسبة إلي هي مقرفة مع إن كل الناس حوالي بيكونوا عاديين. بكره جدًا أكل آيس كريم؛ لأن الآيس كريم بآكله بلساني.. فده بالنسبة إلي شيء مقرف، فبقيت آكل الآيس كريم الكوبايات، بس أيضًا ببقى مضايقة من المعلقة لو الآيس كريم ساح شوية؛ لأن هناك بواقي بتتبقى على المعلقة.. حتى في الأكل العادي فكرة أني أدخل المعلقة فمي وأخرجها تاني وآكل بها مرة تانية ده أنا متقبلاها بالعافية؛ لأني لو ركزت فيها شوية مش هعرف آكل أي حاجة.
مؤخرًا بدأت أحس أني دخلت في مرحلة ثانية أني يا أعمل الحاجة كاملة يا لا، مثلا صلاة التراويح رمضان اللي فات مكنتش بنزل، ممكن لأسباب زي مثلا أني تعبانة لأني بشتغل، بس أنا بداخلي عاوزة أشتري عباية علشان أنزل أصلي بها، ومش مقتنعة أن أنزل بالعباية اللي عندي، مش لاقية سببًا للإحساس ده، في الآخر علشان تعبت، وزهقت من الموضوع ده، وأنا مش فاضية أنزل أشتري عباية، ريحت نفسي وبقيت بصلي في البيت.
أنا مش عارفة هو أنا ممكن أوقف نفسي إزاي بالذات في موضوع الأكل ده؟
أنا عندي مشكله ثانية عاوزة أبعتها، بس هل ممكن تكون سرية؟
29/07/2015
رد المستشار
لا أعلم هل أنت من رواد موقعنا، أم لا؛ فمشكلتك تحدث فيها أصحابها مرارًا، وكذلك رد عليهم مستشارونا الأعزاء تكرارًا، وتكرارا؛ فما تعاني منه من أشهر الأمراض النفسية والاضطرابات النفسية في بلدنا وفي مجتمعنا العربي، فقط تظهر اختلافات أصحابها فيما بينهم في مدى عمق ومدة وتأثير تلك المشكلة على أصحابها؛ فمنهم من وقع في براثن المرض بالفعل بكل أعراضه وآثاره، ومنهم من وقع فقط في نطاقه ويحوم حوله دون الوصول للمرض، ومنهم من وقع في خليط منه كاضطراب نفسي مع اضطراب آخر، ولن تجدي نفسك متعجبة حين تسمعين أن ما أحدثك عنه اسمه "الوسواس القهري" أو نطاقه كما أوضحت.....
فالوسواس القهري كمرض نفسي هو ببساطه:-أرجو ألا تكون مخلة- فكرة تخرج من رأس صاحبها وحده؛ تظل في حالة إلحاح شديد عليه لدرجة القهر، ويحاول صاحبها بقوة نزعها من رأسه، أو رفضها، إلا أن محاولاته تبوء بالفشل وينهزم أمام قهرها وإلحاحها، ويتطور معه الأمر فيتصور أن استجابته للفكرة ستجعلها تخفت، أو تزول؛ إلا أنه يكتشف سريعًا أن استجابته للفكرة لا تحركة من مربعه؛ ويجد صاحب الوساوس القهرية في قرارة نفسه في حالة غيظ شديد من الفكرة نفسها حيث يجدها تافهة، أو غير منطقية، أو لا تستحق كل هذا الجهد والعناء والشقاء الذي يستنفذ طاقته الذهنية والبدنية والنفسية..
فمثلا فكرة أن يده غير نظيفة..... تلح عليه بقوة؛ فيضطر صاحبها لتنفيذ التصرف المطلوب بناء على وجودها فيقوم بغسل يده؛ فلا تخفت الفكرة بل تظل تلح فيظل في حالة غسل يده مرات ومرات ومرات؛ وهو يعلم تماما أن المنطق يقول أن يده قد صارت نظيفة أكيد، وهكذا يظل في حلقة مفرغة لا تتوقف، بل تزداد سوءًا، وتتطور وتتمد نفسيًا فيصبح صاحبها مكتئبًا مستنفذ القوى، وقد يحدث للشخص تحسنًا نسبيًا بعد فترة قد تصل لسنوات من الصراع اليومي المستمر؛ فيتصور أنه شفي من الوسواس القهري، أو نطاقه، أو كما أوضحت ويخفى عليه أنه مرض ما دام لم يعالج منه؛ فيختفي من مساحة ليظهر في أخرى؛
فتتوقف مثلا فكرة النظافة، وتبدأ فكرة جديدة كأن تتصور الفتاة أنها ليست عذراء مثلا؛ لتدخل في دوامة جديدة تموت فيها كل يوم وليلة! وغيره من الأفكار التي تكاد تشمل كل مساحات حياتنا؛ فهناك أفكار تخص الله سبحانه، وأخرى تخص المرض، والموت، والدم، الطلاق..... إلخ، ورغم كل ما حدثتك عنه، إلا أنه بفضل الله تعالى الشفاء من هذا المرض، أو أعراضه واضطراباته تصل النسبة فيها لأكثر من %98؛ حين ينتظم صاحبها في العلاج بالجرعة والوقت الذي يحدده الطبيب، أو المعالج سواء بالدواء، أو بغيره من العلاج النفسي والمعرفي، أو السلوكي...!
وهناك حالات كثيرة شفيت تمامًا بمعنى كلمة تمامًا، لذا لن أحدثك عن خطوات العلاج السلوكية، والمعرفية فهي تملأ الموقع في شكل استشارات ومقالات متخصصة ووحدة خاصة كاملة تتحدث عن الوسواس القهري بكل تفصيلاته بداية من أسبابه، ومرورًا بأعراضه وأشكاله، وأنواعه، وانتهاءً بطرق علاجه الدوائية والسلوكية والمعرفيه، ولكن أريد أن أحدثك عن حقيقة الوسواس القهري العميقة؛ فهو مرض يقرر جهازنا النفسي أن يصدره للخارج حفاظًا على نفسه من قوة القلق المرضي الذي وصل إليه الشخص؛ فأصل الارتباك النفسي هو "القلق" وعدم الإحساس بالأمان، والغرق الكبير في مشاعر الذنب واللوم والجلد ووجوب الكمال....
ولأن تلك المعاناة شديدة على الجهاز النفسي ولا يتحملها، يحرك الجهاز النفسي الذكي جدًا القلق ومصاحبيه للخلف خطوة، أو خطوات ليتقدم عرضًا يتمكن من تحمله بشكل أخف. هذا العرض في حالتك هو الوسواس، أو نطاقه فلا أتمكن من تحديد عمقه وتأثيره فقط من سطورك تلك، فحقيقة القصة هي مشاعر عدم الإحساس بالأمان والتقصير، والرغبة الجامحة في الوصول للكمال؛ والتي لم يوصل لك أحدا من قبل أن الكمال بالفعل لله وحده وأعنيها بصدق؛ فالكمال عند البشر هو الوهم الكبير؛ فالكمال يتنافى أساسا مع كوننا بشرًا..
قال عنا ربنا الذي خلقك وخلقني وخلقنا جميعا؛ أننا خطاءون، وأننا خلقنا ضعفاء، جهلاء؛ فكما أجهل الهندسة وأعلم تخصصًا آخر سأظل أتعلم عنه كل يوم جديدًا كنت أجهله، وأخطىء، وأفشل؛ ستجهلين وتخطئين وتفشلين؛ فلتقبلي المحدودية والعجز، ولتنضجي نفسيا فتتفهمي أن البشر يخطئون، ويفشلون وهذه هي حقيقة الحياة والخبرة، والتعلم؛ فلتصدقي يا ابنتي أن الأمان لا نبحث عنه ونستمده من الخارج، ولا يمنحه لنا أي شخص آخر مهما أحبنا وأحببناه؛ فلا تبحثي عنه وهو لديك في داخل نفسك الحقيقية، لا يرتبط بصحة، ولا مال، ولا عمل، ولا شيء، يرتبط فقط بفطرتك المجبولة عليه من لدن عظيم قدير وكيل. أترك لك عشرات الإجابات والمقالات وابحثي فستجدي الكثير، ولكن تذكري ما قلته فهو مربط الفرس.. وسر تغير حالك..!