السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سأحاول أن أصف ذلك الشيء الغريب الذي يلاحقني أينما كنت وهو يتعلق بالذهن فقط، هي أفكار لا تؤدي إلى شيء، أفكار عادية جداً وبديهية تتعلق بحياتي الاجتماعية، معرفتي بالناس، علاقتي بهم، النسبية ما بين العلاقات، ولكن الأمر يتحول من هذه البساطة إلى كابوس يلازمني طوال اليوم، كأنني مرغم على تحديد كل ذلك بشكل مفصل ودقيق، ودراسة شخصية كل فرد أتعامل معه وسلوكه سواء بالنسبة إلي أو بالنسبة إلى أشخاص آخرين في حياته لا سيما زميلتي التي أكننت لها حبًا واحترامًا وودًا، أنا أعلم بأن ذلك يعقد الأمور ويرهق تفكيري بلا أدنى فائدة، فما هو العائد من الفائدة إذا ما أنا تفكرت في ذلك كله؟ ولكنني مرغم فقط على ذلك طوال يومي لا أستطيع الوصول إليه بالطبع ولكنني أظل مرغماً عليه في مشهد يجسد أقصى درجات العذاب وألم الرأس، وأبقى مع الآخرين شارداً غريب الأطوار!!
ولعل تلك هي المشكلة القائمة الآن إلا إنه سبق وأن حدث لي أشياء من نفس هذا القبيل كصعوبة النوم، فقد مررت بفترة عجزت فيها عن النوم رغم الإرهاق والتعب الشديدين فهو ليس أرق وعدم رغبة في النوم ولكنني فقط ما أن أشرع في الدخول إلى النوم وتنغلق جفوني وتنتظم أنفاسي حتى أجد تلك القبضة في قلبي توقظني وأنا على شفا حفرة من الانغمار في النوم وكأن أحدهم قابع داخل ذهني يخبرني باختصار بأنه مهما استفحلت رغبة النوم لديك فإنه من المستحيل أن يتحقق ذلك، فقررت أن أظل مستيقظاً دون نوم وأمارس حياتي العادية من ذهاب إلى الجامعة وخلافه لأن محاولاتي الغير مجدية للنوم ستقودني بالتأكيد إلى الانتحار من ذلك العاذاب الغريب البشع الذي ألقاه! وكنت مرغماً على أن لا أنام إلا بعد أكثر من 15 ساعة استيقاظ قد تصل إلى الـ20، و بفضل الله قد ذهب عني ذلك منذ حوالي ثلاثة أشهر إلا من بعض القلق وشيء من هذه الأفكار أشعر بها الآن لا تؤثر على نومي. هذا ما يتعلق بالنوم فقط
وهناك أشياء أخرى من نفس هذا القبيل، ففي رمضان كنت كغيري قد شمرت ساعدي وجهزت نفسي للعبادة والصلاة والقيام، لكن هذه اللذة كانت تذهب بسبب نفس الداء الذي ذكرته سالفاً، حيث أنه وفي ذروة العبادة ولذتها وروعتها أجد ذهني يلقي بمشاهد إباحية جنسية نصب عينيّ!!!!! لا سبيل من منعها ولا محوها. أجاهدها، أصب تركيزي في الصلاة والعبادة أكثر، فتزداد أكثر وتثير غرائزي وتفسد كل شيء، ولعلها كانت تتركز أكثر في التراويح والتهجد، حتى يلتقفني من بعدها ضمير أتجرع منه كأس المرارة وحزن القرون.
إلى أن وصلت إلى شيء واحد، وهو أن كل شيء أريد أن أفعله يأتي هذا التفكير ليمنعني عنه، وكل شيء لا أريد فعله يأتي ليجبرني عليه، أجتر ذكرياتي المؤلمة قسراً، أخاف من مجرد التفكير في أي شيء، ليس هناك حولي ما أخاف منه، لكنني فقط أخاف من أجل الخوف، ما أن أفكر في أشياء عادية تخص علاقتي بالناس من ذكريات وخلافه -بشكل تلقائي- حتى أشعر بهذه القبضة وذلك الخوف من شيء مجهول.
لا أستطيع أن أحدد منذ أي فترة تأتي لي هذه الأشياء ولكن إذا تحدثنا عن بدء الغرائب فالأمر يتعلق بمراحل طفولتي الأولى، فما تحدثت عنه الآن إن هو إلا أشياء أعاني منها في حياتي جراء هذه الأفكار ولكن توجد أشياء أخرى بسيطة كانت تحدث ولا زالت وبعضها انتهى كإعادة الوضوء والبسملة قبل تلاوة القرآن أو تناول الطعام وخلافه من هذه الأشياء.
هلاوس سمعية، هلاوس بصرية، وساوس أقضي فيها معظم وقتي، الأفعال القهرية تكاد تكون معدومة. وسواس قهري!!!! لعله ذلك ولكنني أبحث عن إجابة ودواء شافيين لأن الأمر قد استفحل ووصل إلى ذروته ولا أستطيع أن أتحمل المزيد فقد بدأت بتبرير الانتحار وأن المنتحر ليس بعاصٍ أو مخطيء،
وبذكر أن الله هو الشافي فهو سبحانه قد خلق الأسباب ولعلكم أساتذتي تكونون من هذه الأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
31/07/2015
رد المستشار
أرحب بك "محمود" على موقعك الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، وأتمنى أن تحظى بالمساعدة التي تبحث عنها؛ لتتخطى مشكلتك بإذن الله....
أولا: أذكرك بقول الله تعالى: "...إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..." ( الرعد: 11)، فالمسئولية تقع على عاتقك في التغيير وحتى تقوم بهذه المسئولية فلابد أن يكون لديك الإرادة والرغبة في التغيير، فعليك أن تبحث عن نقطة الانطلاقة بداخلك للتغيير.
فالفكرة الوسواسية ما هي إلا إشارة كيميائية دماغية زائفة لست المسئولة عنها أي ليس لك ذنب فيها فهي ليست منطقية وليست حقيقية ولا يمكن أن يتقبلها العقل. وبما أنها زائفة، وليس لك ذنب فيها، وليست منطقية ولا حقيقية وأنت غير متقبل لها! فلماذا تستجيب لها وتعيشيها وتجعل مما هو مزيف واقع تعيشيه ليصبح بعدها واقعك وحقيقتك في هذا الموضوع زائف؟!
فالوسواس القهري هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهرية.
والأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون أحيانا واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها. لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر. وفي المحصلة فإن التصرفات القهرية هي بالنسبة إليهم إلزامية للتخفيف من الضائقة.
فالأعراض الوسواسية هي أفكار وتخيلات متكررة مرارًا، عنيدة ولا إرادية، أو دوافع لا إرادية تتسم بأنها تفتقر إلى أي منطق. هذه الوساوس تثير الإزعاج والضيق، عادة عند محاولة توجيه التفكير إلى أمور أخرى، أو عند القيام بأعمال أخرى، وتتمحور هذه الوساوس بشكل عام حول موضوع معين. فالأعراض القهرية هي تصرفات متكررة مرارا، نتيجة لرغبات ودوافع جامحة لا يمكن السيطرة عليها. هذه التصرفات المتكررة يفترض بها أن تخفف من حدة القلق أو الضائقة المرتبطة بالوسواس.
ما من مسبب صريح واضح لاضطراب الوسواس القهري، أما النظريات المركزية بشأن العوامل المسببة المحتملة لاضطراب الوسواس القهري فتشمل:
- عوامل بيولوجية: تتوفر بعض الأدلة التي تشير إلى أن اضطراب الوسواس القهري هو نتيجة لتغير كيماوي يحصل في جسم الشخص المصاب، أو في أداء دماغه. كما أن هنالك أدلة على أن اضطراب الوسواس القهري قد يكون مرتبطًا أيضا بعوامل جينية وراثية معينة، لكن لم يتم تحديد وتشخيص الجينات المسؤولة عن اضطراب الوسواس القهري بعد.
- عوامل بيئية: يعتقد بعض الباحثين بأن اضطراب الوسواس القهري ينتج عن عادات وتصرفات مكتسبة مع الوقت.
- درجة غير كافية من السيروتونين: السيروتونين (Serotonin) هو إحدى المواد الكيماوية الضرورية لعمل الدماغ. وإذا كان مستوى السيروتونين غير كاف وأقل من اللازم، فمن المحتمل أن يسهم ذلك في نشوء اضطراب الوسواس القهري.
- عوامل قد تزيد من خطر نشوء، أو استثارة اضطراب الوسواس القهري:
٠ التاريخ العائلي.
٠ حياة مثقلة بالتوتر والضغط.
٠ الحمل.
وهنالك نوعان أساسيان متبعان في علاج الوسواس القهري، هما:
- العلاج النفسي.
- العلاج الدوائي.
يختلف العلاج الأفضل والأنجح لاضطراب الوسواس القهري تبعا للمريض نفسه، ووضعه الشخصي وتفضيلاته. وغالبا ما يكون الدمج بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي ناجعًا جدًا.
وتبين أن الطريقة العلاجية المسماة "المعالجة المعرفية (الإدراكية) السلوكية" (Cognitive behavioral therapy - CBT) هي الأكثر نجاحًا في معالجة اضطراب الوسواس القهري، حيث يعيد تنظيم البنية المعرفية، ويؤدي فيها المريض بعض التدريبات مثل التعرض التخيلي، ويكلف المريض ببعض الواجبات المنزلية، تدريبات التعرض في المواقف الحية، سواء بمعاونة المعالج أو على انفراد في البيئة الطبيعية. وفي العلاج يتم:
٠ إعادة تشكيل البنية المعرفية: يركز العلاج المعرفي على تصحيح التقييمات الخاطئة المتعلقة بالإحساسات الجسدية باعتبارها مصدر تهديد، وتطبيق الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية.
٠ الاسترخاء العضلي: تتمثل أهمية الاسترخاء العضلي في أن المريض يقارن فيه بين العضو في حالة التوتر والعضو في حالة ارتخاء وراحة، ويخبر هذا الفرق بصورة واضحة عبر أعضاء الجسم المختلفة، ويتعلم المريض أنه قادر على جلب الاسترخاء لنفسه من خلال سلوكه.
٠ مراقبة الذات: هي محاولة للتعبير الموضوعي الدقيق عن الحالة (مثل: مستوى قلقي في الدرجة 5، ولديَّ أعراض رعشة، وداور)، بدلاً من استخدام كلمات عامة فضفاضة مثل: أشعر بالرعب الشديد، هذه أسوأ لحظات عمري، ويتم ذلك من خلال سجل لنوبات القلق، يتابع من خلاله المريض ما يجري له في يومه.
٠ التعرض التدريجي: "يكون التعرض التدريجي للموقف المخيف وسيلة ملائمة للتخفيف من المخاوف". ويقاس النجاح في ذلك بالاستمرار في موقف التعرض حتى ينخفض القلق.
كما أنصحك أيضا بالاستمرار بالعقار الدوائي ومتابعة الطبيب باستمرار.
والله الموفق تابعنا دوما بأخبارك، فنحن نعتز بك صديقًا دائمًا على موقعنا.
واقرأ أيضاً:
العلاج الذاتي قد لا يكفي
علاج الوسواس بالعقار فقط لا يكفي
وساوس واكتئاب : تحققٌ واجترار وتكرار.