الانتحار. والخوف من مقابلة الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا وصلت لمرحلة من الفشل في الحياة العملية صار من الصعب أن أكمل الحياة بعدها ولو كملت الحل المتاح في الوقت الحالي صعب جدا آخذه دلوقتي.شخصيتي أنا مش عارف إيه هي؟ رهاب اجتماعي (درجة كبيرة) على وسواس قهري (شديد) على فوبيا على اضطراب في الحالة المزاجية، أقدر أقول أن نفسيتي فيها 100 مرض نفسي، الوسواس القهري من 6 سنين. آخر سنتين تأثيره في دمر حياتي.
أنا دلوقتي فاقد الأمل خالص والحل اللي قدامي صعب جدا علي أن آخذه دلوقتي. سأبدأ أعمل إضرابا عن الطعام علشان أموت. بس نفسي أموت بسرعة أسبوعان كفاية مش بهزر بتكلم بجد. بالرغم من أن الوسواس القهري وصلني لأفكار الإلحاد وسب الذات الإلاهية بس عندما أنام أو أفتكر الموت أو أقرر أنتحر أفتكر الله -سبحانه وتعالى- وأخاف جدا من مقابلته نسيت العادة السرية وإدمان المواقع الإباحية.
أنا كل مرة أتمنى لو كنت ترابا أو جمادا أو أي حاجة مش روح ومكنتش خفت من اللحظة اللي فيها حساب.
يا ليت لو أموت ولا كأني جئت الدنيا وأرتاح خالص.
بس الانتحار لو ماخدتهوش دلوقتي هتجنن بجد، أنا دماغي السنة التي فاتت لسعت جامد من الوسواس القهري
وكل يوم حالتي تزداد سوءا بدرجة رهيبة.
15/10/2015
رد المستشار
الموت قرار وأنت تنفذه منذ سنوات، فبقاؤك على حالك دون أن تمد لنفسك يد العون الحقيقي للتخلص مما أنت فيه هو الموت بعينه، ولكنه الموت اقبح، والموت ابطأ، والموت اكثر إيلاما؛ فمن يموت ويدفن ويهال عليه التراب انتهى وجوده هنا في تلك الحياة فلا يرى، ولا يسمع، أما أنت فتلذذت بموتك البطيء المجرم هذا، فأنت لا زلت تتنفس، وترى، وتسمع وتتألم وتعاند قدر حياتك بالعيش ميتا فتضاعف على نفسك آلامك مرات ومرات، فلتكف عن الصراخ مما تضع نفسك أنت فيه وبيديك؛ بتعطيل شيء حقيقي يخرجك من موتك حيا، ثم تقول لولا خوفي من الله لانتحرت!
فهل تخاف ممن لا تصدقه؟ هل تخاف ممن لا تحترم إرادته؟ فهل تخاف ممن يسر سبل الخلاص من آلامنا في تلك الحياة وتتنكر لها؟ فهل تخافه حقا؟ فنحن نخاف ممن نحبه ونغضبه، أو نخاف ممن يقدر علينا تماما بلا حول منا ولا قوة، والله الذي خلقني وخلقك يستحق حبنا ويستحق خوفنا من قوته؛ فهو من حدثك وقال لك "ولقد كرمنا بني آدم"؛
والتكريم معناه أنه يحبك بلا شروط؛ ليس لأنك وسيم، ولا لأنك متفوق، ولا لأنك غني، فهو يحبنا حتى ونحن بلا وسامة، أو بسطاء، أو فقراء، وتكريمه معناه أنك فارق معه سبحانه أنت تحديدا أنت أنت، فلماذا خلقك لو لم يكن هناك أي جدوى من وجودك؟، ولكنها الرسائل القديمة.
نعم، الرسائل القبيحة الغبية المشوهة للذات القديمة، التي وصلت لك بأنك لست مهما، وأن الحب يعطى لك حين تدفع الثمن؛ فلو كنت متفوقا، أو مطيعا، أو وسيما فقط ستأخذ الرضا والحب، أما غير ذلك فأنت الفاشل النغمة النشاز، فلقد صدقتها يا أخي وكذبت ربك الذي تخاف منه، صدقت أمك، وأبوك ومن مر في حياتك ووصل لك تلك الرسائل الخاطئة وكذبت ربنا، وظلوا يقولون ويفعلون وظللت تصدق حتى غضبت من الله تعالى وهو بريء سبحانه من رسائلهم.
فلتذهب تلك الرسائل للجحيم، وترجع لتصديق الله بأنه يحبك وأنك فارق معه سبحانه فأراد وجودك بين البشر دون غيرهم، فوساوسك، وحزنك، وغلطاتك كلها تقول أنك غضبان غضبا شديدا جعلك تغرق في براثن المرض النفسي دون أن تدري أن الله تعالى هو الذي يحبك فعلا بلا شروط، ويتحمل غضبك دون أن ينفعل أمامه فينتقم كالبشر، وهو من يرى أخطاءك ويصبر عليك ويظل منتظرا عودتك فيقبلك بصدق؛
فلتكف عن "المعيلة"، والتهديد "بالانتحار"، وصدق أنك مسؤول؛ فأنت مسؤول عن مرضك وعن ألمك لو ظللت كما أنت هكذا، ومسؤول عن تصديق ربنا الذي تسبه مرضا ويقبلك ويشعر بألمك ولا يحاسبك إلا على التقصير في البحث عن العلاج، فلقد تألمت كثيرا فيما مضى دون أن تتقدم خطوة واحدة لمام فاستدفأت حالك مع المرض، والضياع فألفتهما،
ولكن الآن حين أدركت مسؤوليتك ستتألم أيضا، ولكن ستتألم ألما له جدوى، سيجعلك تفيق وتكبر وتنضج وتتعرف على مسؤوليتك فيما أنت فيه ويجعلك تتقدم لمام، فلتتواصل مع معالج نفسي ماهر فعلاج الوسواس القهري نظرا نه من أشهر امراض النفسية؛ فبالتالي علاجه صار متطورا يوما بعد يوم؛
فالعلاج الخاص به يسبب شفاء يقارب الــ 99%؛ فلتتخلص منه لتفيق لرحلة نضوجك التي تنتظرك؛ لتكون أنت كما أنت، وليس كما يجعلك مرضك وتفكيرك الذي تكون من الرسائل القديمة، وستجد نفسك التي تعاشرها منذ زمن لا تعرفها، وستكتشف الكثير من نفسك الحقيقية الغير مزورة التي تحيا بها ميتا الآن، اترك لك تلك السطور أمانة أمام ضميرك، وخوفك، ورغبتك في الشفاء بصدق، لتعيها، وتكون مسؤولا لمرة واحدة في حياتك فلا تندم بعدها أبدا.
دمت بخير.