عاطفتي تغلب على عقلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة وبعد؛ أولا: جزاكم الله الخير على هذا الموقع المجاني لأنه وللأسف نادرا أن يكون هناك استشارات مجانية لأخصائين متخصصين.. والمفلس ماديا يبقى تائها في قوقعته التي لا يدري كيف وإلى متى سيبقى تائها مع نفسه.
ثانيا: أنا فتاة ملتزمة دينيا نوعا ما عندي مبادئ لا أتجاوزها حتى بعد الصراعات النفسية، إلا في حالة واحدة. أتجاوز مبدأ التزامي عندما تغلب عاطفتي علي ولا أتحكم بنفسي وأصبح أسيرة أفكاري ومشاعري.
أبي إنسان ملتزم دينيا ولكنه آسف على هذه الكلمة "وقح/جنسيا" ولكنه لا يظهر ذلك لمن حوله. وأنا في عمر 17 سنة سمعته يخون أمي ويتحدث مع امرأة كلام بعيد جدا عن الحياء كلام متعمق في أقصى درجات الجنس كنت مخطوبة والآن في عمر 22 سنة أنا متزوجة. عندما سمعته من خلف الباب انصدمت. أصبح تفكيري أن كل الشباب جنسيين وفي تلك الفترة بعد أيام أمي أيضا لم تكن في المنزل جلس على ركبتي وأنا أدرس وظهره لي وأصبح يحرك بنفسه فقط. أنا لم أتصرف بشيء بقيت مصدومة فقط.
أنا أكرهه جدا يتصنع المثالية. عندما تزوجت أصبحت لدي أفكار بأن زوجي لا يحبني. أنه يحبني لأجل الجنس فقط. وأخبرت الموقف (بالكلام الجنسي الذي كان أبي يتكلم به على الهاتف) الذي سمعته عن أبي لزوجي بنفس اليوم لأني كنت مخنوقة جدا ولم أجد أحد أقول له.
الآن بعد زواج سنتين فهمت الحياة أكثر وأحب زوجي والحمد لله وهو يحبني ويحترم رأيي ولي مكانتي وكياني في البيت. المشكلة ليست هنا، المشكلة أني في العمل انجذبت لشاب أرتاح عندما أتحدث معه (شاب محترم لا يتجاوز كلامه أي شيء وأنا محترمة) كلام أحيانا 5 دقاىق في العمل لا يتجاوز الكلام عن أعمل وهكذا وصباح الخير وصباح النور فقط، لكني أشعر بأني أحبه لماذا لماذا لماذا أنا لست راضية عن نفسي أبدا وبكيت بكاءا مع الله وأصبحت مشكلتي أخف نوعا ما. لكن لماذا الارتياح والانجذاب والتفكير في شخص ليس لي، لأني لو أتخيل أن زوجي خانني بقلبه لن أتحمل لذلك أنا أريد حلا.
أنا شخصيتي عاطفية أي اهتمام وكلمات لطيفة تأسرني، أريد أن أصبح أقوى أريد أن أتحكم بقلبي وأنا أحاول
زوجي يخرج لعمله صباحا ويرجع على 10 مساءا من عمله لأن عمله طويل.
أنا لا أثق الثقة المطلقة في أي رجل.
18/10/2015
رد المستشار
حين أجد من تقول أنني تجاوزت "وجع نفسي من العيار الثقيل" والحمد لله لا مشكلة الآن، أنتظر ولو بعد حين كلمة ولكن!؛ فلقد مررت بتجربة مؤلمة نفسيا ذات أثر مضاعف كنت تحتاجين فيه لتدخل ماهر دقيق حتى تبرئين بصدق، والحقيقة أنني أحمد الله معك على تفهم ووقوف زوجك بجانبك في تلك المعاناة قدر إمكانه، وأحمد الله كذلك؛ أنك برئت من ألمك بقدر ليس ببسيط، وحتى تتفهمين السبب العميق وراء ما تشعرين به تجاه زميلك.
سأحتاج أولا أن أوضح لك "بعض" آثار ما حدث معك قبل الزواج؛ فالإنسان حين يولد بين يدي والديه يكون كالورقة البيضاء، بعدها سيتم النقش فيها بل ورسم جزء كبير جدا من ملامح نفسه وأفكاره، وبالتالي مشاعره على أيديهما؛ ليس فقط بالتربية الواضحة المعلنة التي يقال فيها هذا مقبول، وهذا مرفوض، ولكن سينقش بجانب هذه الأمور التربوية أمورا أخرى نفسية شديدة الأهمية، شديدة الأثر؛ فالفتاة مثلا: ستعي الرجل من خلال أول نموذج للرجل وستتعامل معه وتحتفظ بهذا النموذج بداخل نفسها وأفكارها ومشاعرها على عمق كبير بداخلها كما رأته ووعته مع أبيها، وتأثرت به، -وكذلك الولد مع الأم-، ويكون بجانب هذا النموذج الذي قد يصل لعمق كبير بداخل نفسها حسب نوع تكوينها النفسي وخبراتها وادراكها وغيره من الأمور.
نموذجا ثانيا على درجة كبيرة من الأهمية؛ ألا وهو نموذج حقيقة وطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة وكزوج وزوجة؛ فانظري كيف كان النموذج الأول للرجل في حياتك؛ هو كان كاذب منافق خبيث خائن للمرأة يحوم حول الجنس؛ يتمسح في مساحة التدين ويتحدث بلغة التدين، وحين ينزل الستار ويحجب عن البشر يظهر بوجهه الآخر الصادم!، يهتك الحياء، ويتوغل فيما لا يجوز له، ويقطع كل معاني الأمان، والثقة، فأنت لم تتعرضي لصدمة اكتشاف زيف تدين وشخص والدك فحسب، ولكن الصدمة الأكثر إيلاما كانت فيما هتكه معك من صدق الأبوة التي تحافظ، وتحمي، وتدعم، وتحتوي، ليكون نفس هذا الحضن الأبوي هو مكان الارتباك، وفقدان الأمان، وتزعزع الثقة في أي كائن يحمل اسم ذكر!؛
هكذا في الغالب حدث بداخل نفسك العميقة التي لا تظهر على السطح طوال الوقت وهو ما نسميه مجازا منطقة اللاوعي، أو العقل الباطن؛ فرغم أنه باطن إلا أنه عقل؛ يفكر ويحلل ويستنتج ويقرر وينفذ!؛ فحين تعرض لهذه الصدمة احتفظ بعدة أفكار-متوقع أن تكون خاطئة، مشوشة، سلبية- وتعامل على أساسها ويترك لك من الخارج فقط التصرفات الخارجية، ومنها ما تمكنت من التقاطه والتعبير عنه في بداية الزواج أو قبله؛ حين قلت أن الرجل لا يرى من المرأة إلا جسدها وعلاقته الجنسية معها بالقول، أو العمل، بل وهناك قد يكون هناك قناعات أخرى لم تلتقط بعد وجدناها فيمن تعرضوا لمثل ما تعرضت له تماما مثل.
أن المرأة لا دور لها في الحياة إلا الإيقاع بالرجال في علاقة معها قد تبدأ بالمشاعر لتصل للنقطة المرجوة من الجنس فتتأكد القناعة بأن الرجل، أي رجل حتما سيقع في رغبة جنسية مع المرأة بغض النظر عن طبيعة وحقيقة هذا الرجل، أو جواز وجود علاقة بينهما أو لا، أو قناعة بأن الرجل الخبيث الذي يحوم حول الجنس دوما يمكن استدراجه بسهولة وكلما اقترب أعذبه بالبعد، أو أنتقم منه بإذلاله بين الحين والحين، أو أن الرجل حتما كائن لا يعرف الحب، وقد تقبع في العقل الباطن احتياجات لم تلبى بجانب تلك القناعات المشوشة المغلوطة التي تدفع الإنسان للقيام بأمور هو نفسه يستنكرها على نفسه وقت لحظات الرشد؛ مثل: الاحتياج الشديد للاهتمام والحب، والاحتياج للشعور بأنه موجود ووجوده وجودا فارقا مع من حوله وليس أي وجود؛
وتلك الاحتياجات هي في الحقيقة حقوق للإنسان، وليست من قبيل التسول، أو الضعف، ولكنها فطرة وحق للإنسان عليه أن يأخذه، ولكن حين يحدث أي ارتباك يجعل الإنسان، أو بشكل أدق الطفل يحرمه من أخذ حقه المشروع من والديه يكبر ولديه خروق تجعله "هش"، تجعله يشعر بالاحتياج بشكل مضاعف فيه "يرهق" من يحبه بصدق، يجعله أمام كلمات بسيطة، وعادية يشعر بالاحتياج الشديد؛ والعجيبة أنه لا يشبع، ولن يشبع؛ لأنه مهما حصل من اهتمام سيعبر من الخروق فلا يبقى صامدا كثيرا!.
لذا يا ابنتي: أقول لك بكل حب وثقة؛ أنك "رائعة" حين تجاوزت جزءً من معاناتك بلا متخصص يرشدك، ولكن... أتذكرين ولكن؟؛ تحتاجين لمزيد من الجهد والعمل على نفسك لتتحرري من سجون الماضي وسجون النماذج المغلوطة التي حبست نفسك فيها منذ زمن، وعدم قيامك بتلك الخطوة الهامة قد تدفعك بدون وعي منك للقيام بتصرفات لا ترضيها لنفسك، ولا لزوجك، ولن تقف عند المشاعر كثيرا، فهذا الزميل رجل، ولكن يرتدي من خلال عينيك أنت الاحتياج الشديد الذي لازمك منذ صدمتك فتلبسينه الاحتياج على أنه حب!!
وقد يكون أمر آخر كما ذكرت، فلقد رأيت مئات مئات الأشخاص على نفس هذا الطريق؛ فوجدت من أرتاح لقناعاته المغلوطة وتمادى وظن أن يمد يده لنفسه وظل يلعن الظروف ويكره ويكره ثم تاه، ورأيت من مد يده لنفسه وشمر عن ساعديه وقرر أن يبذل جهد شريف مع نفسه حتى تطهر من قناعاته المغلوطة، ويسد الخروق، فلتختاري يا ابنتي؛ لأننا رغم الألم، ورغم الوجع؛ في حقيقة الأمر نختار ومسئولون عن اختياراتنا؛ فقط نجتهد في الطريق والله المستعان؛ فلا تركني لفكرة أن الدعاء وحده سينجيكي؛ فالدعاء أمر عظيم وغال ومهم، ولكن الله لا يمد يده لمن لا يمد يده لنفسه وهو قادر على ذلك؛ فأنت تقدرين على اختيار العلاج، واختيار العمل على نفسك وهنا يدخل أثر الدعاء ليتم الشفاء.... دمت بخير.