كيف أتعامل مع هذه المشاكل
دائما أتجنب الحديث أمام مجموعة من الناس وإذا اضطررت للحديث يبدأ قلبي يدق بسرعة وأحس بجفاف في الحلق وحرارة في جسمي وبرودة في الأطراف وأحس بأعينهم يراقبونني (وأحس أن صوتي يرتجف ولكن ارتجاف الصوت لا يحس به من يسمعني هذا حسب ما ذكر أصدقائي لي)، وأتردد دائما في التعبير عن أي فكرة أو رأي أو أي شعور أحس به لأحد وإذا عبرت لا أجد طريقة مناسبة لتعبير، ولا أجد قيمة لكل ما أنجزه في حياتي رغم تقدير المحيطين بي له لكني أشعر أن تقديرهم لما أنجزه مجرد مجاملة.
أنا شخص كتوم وجدي في علاقاتي لا أقرب أحدا مني بسهولة وأشعر أني لا أعرف نفسي بشكل واضح،
فكيف لي أن أعالج هذه الأمور؟
21/5/2016
رد المستشار
أهلا بك وسهلا، ما تتحدثين عنه يعرف في كتبنا بالخوف الاجتماعي، وأعراضه كما ذكرت تماما من رعشة، ورجفة في الصوت، الخ، ويمكنني أن أحدثك طويلا عن تدريبات تخص "زيادة الثقة بالنفس"، وخطوات وتدريبات لمواجهة الخوف الاجتماعي الذي يعتمد على المواجهة مع عدد من البشر بتدرج وتكرار، وهو مهم بالتأكيد، وستجدين عشرات، وعشرات الاستشارات التي تحدثت بهذا الشكل لمن هم يعانون مثل معاناتك تماما، أرجو قرائتها، والتدرب عليها بشكل ذاتي وبتؤدة،
ولكن أريد أن أحدثك عن أعمق من ذلك أنه بيت القصيد؛ فأنا شخصيا لا أحب تعبير الثقة بالنفس، ولكن معاناتك في حقيقتها هو استمرارك في تعاملك مع ذاتك التي شوهها آخرون!؛ فمن المؤكد بلا جدال أنك ولدت بفطرة الله التي لا تشوه فيها؛ فطرة ليس فيها خوف مرضي، ولا كتم للمشاعر، ولا رعب من حكم الآخرين عليك؛
فتربيتنا المشوهة طالتك مثلما طالت الكثيرين في بلداننا الشرقية مع كل أسف، وهو حقيقة ما "يعطلك"؛ وهو ما تحتاجين للبدء في التعامل معه بشكل صحي بعيدا عما تعودت عليه من صمت، ووحدة؛ فلقد اضطررت دون وعي منك في الماضي أن تختاري الصمت، والوحدة، وعدم السماح باقتراب شخص منك حتى تتفادي ما يؤذيك، وأنا أعذرك تماما فيما مضى؛ فلقد كنت صغيرة، غير مدركة، غير مسؤولة،
لكن من هذه اللحظة أنت مسؤولة عما تختارين في تعاملك مع معاناتك التي أقدرها، وأعلم مدى صعوبتها، ولكن اختيار المسؤولية يغيرها!؛ فلتبدئي من حيث حقك... حقك في التعبير عن مشاعرك؛ فهو حقك، واسمحي لنفسك أن تسمعي صوتك وأنت تتحدثين عما يؤلمك، وما يخيفك، وافعلي ذلك مع من تثقين به عن غيره، وتأتمنينه على نفسك قدر الإمكان بدءا من أهلك، ومرورا بأصدقائك القليلين، وانتهاءا بمعالج نفسي إن لم تجدي،
وصدقي أن كل البشر كلهم يخطئون، ويضعفون، ويفشلون، وأنت مثلهم، وأنا مثلهم، ولكنك تعرفين ذلك كمعلومة دون أن تصدقيها من داخلك، والفرق بينك وبين من تسمينه أنت بأنه واثقا في نفسه؛ أنه سمح لنفسه أن يقبل خطئه، وضعفه، وفشله، وقبوله هذا هو نفسه ما ساعده على التعلم من خطئه، وزيادة شجاعته، والتعلم من فشله،
فلتصدقي أن حقيقة معاناتك وألمك هي عبارة عن صراعك الدائر بين "أماني" الحقيقية كما خلقها الله بلا تشوه، وبين "أماني" المزيفة البعيدة عن حقيقتك التي تخاف، وتتجرع المعاناة، وتعتزل البشر، وترتبك في وجودهم؛ فلتبدئي من هنا، وكرري ذلك على نفسك مئات المرات كل يوم، وحين تصدقين أن من حقك أن تخطئي، وتضعفي، وتفشلي؛ ستتمكنين من التعبير عن نفسك يوما بعد يوم، وتتجاوزين تلك المعاناة ولو بعد حين طال قليلا، أو قصر.
قلت لك أقل كثيرا مما أردت، ولكن يكفيني هذا في البداية، ونحن هنا نسمعك، ونحترمك فتابعينا متى شئت.
واقرئي أيضًا:
تأكيد الذات
كيف تنمي ثقتك بنفسك ؟، م