عشر سنوات ووسواس الوضوء....!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
كل عام وأنتم بخير وينعاد عليكم بالصحة والعافية.
اسمي إيمان، مقيمة بالسعودية، مسلمة. مشكلتي هي أنني أعاني من وسواس حفظ الوضوء وهذا الوسواس تم شرحه من قبل الدكتور وائل أبو هندي في الرابط التالي: وساوس الوضوء : وسواس حفظ الوضوء
بدايتي مع الوسواس القهري كانت من طفولتي مذ كنت في الابتدائية، أذكر أنني كنت أعيد وضوئي ليس بكل التفاصيل إنما هناك جزء يذكرني بذلك. وفي المتوسطة كذلك لا أذكر التفاصيل جيدا إنما أذكر أنني عشت حياة متذبذبة ما بين الهدوء والوساوس، ما أذكره جيدا هي مرحلة الثانوية ومابعدها.
حرمت من الخروج خارج حدود المنزل، كنت أتوضأ ثم أحارب لأحافظ على ذاك الوضوء، كنت أنتظر طويلا أمام المغسلة وأنا أشعر بوجود غازات حبيسة أو متجمعة فيّ. مرت بي أيام أضغط فيها نفسي أو أجعل رجلاي متعاكستان لأمنع الغازات من الخروج أو لأجبرها على الخروج!
كنت في الثامنة عشر حين شعرت للمرة الأولى بالغازات تهاجمني وبعدها استمرت سلسلة الوساوس اللا منتهية.
كانت ذكريات كريهه ولا تزال، عانيت من صعوبة في الوضوء، في نطق البسملة، في الطهارة، فكنت حين أنتهي من قضاء حاجتي وأغسل أشعر حين أنهض بخروج مياه مني فأعود من جديد، وكنت أيضا حين أغسل نفسي أو أقضي حاجتي أشعر بقطرات من النجاسة تتطاير على جسدي وملابسي, وهكذا كنت أستحم بملامبسي بشكل شبه مستمر وأظل أعصرها لأستطيع ارتداءها مجدداً.
بقيت في دورة المياه لساعات طويلة جداً بانتظار خروج الغازات في جسمي, والتي تبقى صامدة لا تتحرك حتى أباشر الوضوء أو بمجرد التهيؤ له. لذلك اضطررت كثيراً - ولا أزال - للضغط بيدي على مناطق معينة من جسمي لإخراج ما بي أملاً في وضع حد لتلك الغازات، كما اضطررت لأفعال أكره ذكرها للتخلص من هذا الوسواس. بالمناسبة هي ليست مجرد أحاسيس وهمية هي حقيقة لها صوت واضح عالي ومحرج، ولها رائحة كذلك.
صرت أكره الخروج من المنزل وإن خرجت فإنني كثيراً جداً ما أعيد صلواتي التي صليتها في الخارج عند عودتي, بالكاد أتمكن من الحفاظ على وضوئي بعد الانتهاء منه، خمس دقائق بل أقل كفيلة بجعل جسمي شديد التوتر، أتسمر واقفة لا أستطيع الجلوس، ظهري يصبح مشدودا جدا، لا يمكنني الإنحناء، كل حركة تصبح مدروسة، حتى مشيتي تصبح مغايرة للطبيعية، خمس دقائق بل أقل كفيلة بجعل تفكيري كله منحصر في فكرة واحدة (الغازات). والأخيرة تبدأ بالتجمع والهجوم العنيف - ولست أبالغ في وصفي هذا - لذا أحاول جاهدة ألا أكون في مكان يتواجد به آخرون حتى لا يرون الحرب التي أخوضها مع جسمي لمنع الغازات من الخروج.
بلغت من العمر ثلاثين عاماً, ولازلت أعاني من هذا التعب المستمر، لم تمر السنوات بسلالة ضربت مرة من قبل والدتي، تحملت الكثير من الصراخ والكلام المؤذي من أهلي، لم يتفهم أحد مرضي.. لكن الآن أنا بحال أفضل من تلك التي كنتها فقط من ناحية تقبل الأهل لأنهم يرون أنني أصبحت بخير، هم لا يعلمون كم أعاني من الداخل.
الحركة، اللبس، الجلوس، ركوب السيارة.. وإن استطعت فعلها فإنني أظل أفكر وتظل حرب الغازات قائمة حتى أصلي أو تخرج. نسيت إخباركم أنني حين أشرع في الصلاة بعد تلك الحروب بالكاد أتمكن من الركوع لشدة الألم الذي أشعر به في ظهري نتيجة الشد. كما لو أن سيلا من الكهرباء يمر في جسدي على طول خط الظهر يمنعني من الانحناء.
في الصلاة كثيرا ما أتوقف فجأة لأدافع غازات عابرة، هناك أوقات بالكاد أسجد مثبة أصابع قدميّ على الأرض بسلام، الضغط أو شكل الجسم المشدود في السجود يخيفني حتى الجلوس بين السجدتين أو في نهاية الصلاة هو وقت مثالي لهجوم الغازات.
أنا أعاني جداً حين أحتاج للصلاة خارج المنزل، حين أضطر للحفاظ على وضوئي ساعات طويلة، لصعوبة تجديد الوضوء في كل مرة. مايزيد الأمر سوءا كوني أعاني من سلس البول الإجهادي والذي يسمح للبول بالخروج حين الضحك أو العطاس ومثلهما، المشكلة أنني أصبحت أحس بخروج البول في أوقات لا أجهد فيها نفسي .. وإن بيّت نية إمساك وضوئي فإنني أشعر بسرعة تجمع البول والحاجة للذهاب لدورة المياه مجددا أو أشعر بأن قطرات تخرج مني لذا تصبح حركتي شبه مشلولة فأنا بدلا من خوض حرب واحدة أخوض حربين في الوقت ذاته.
سبق وأن تناولت جرعات تدريجية من دواء الباروكسات قرابة السنتين، حتى وصلت لأخذ 60 جراما في اليوم .. لكنني لم ألمس أي تحسن أو تغير نتيجة الدواء وشعرت ولا أدري هل ذلك وهم أم حقيقة - أنني أفضل حالا بتركها، فتركتها.
أرجوكم ساعدوني لأعيش حياة طبيعية خالية من الألم.
تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتم بخير.
7/7/2016
رد المستشار
السلام عليكم، حياكم الله على شبكتنا، وشكراً لثقتكم واستشارتنا.
بداية يبدو انك بعد اطلاعك على رابط مقالة الاستاذ الدكتور وائل ابو هندي قد فهمت طبيعة ما تمرين فيه، فحسب هذا الرابط افاض استاذتنا بشرح طبيعة مشكلتك ومشاكل أخرى مشابهة.
لكنك الآن تبحثين عن الحلول الممكنة، وذلك إستمرار معاناتكِ من هذه المشكلة، وسأحاول ما استطعت، مع إرشادك لضرورة مراجعة اخصائي معالجة سلوكية معرفية في اقرب فرصة.
لو ذكرت لكِ جملتين فأيهما تُعبر عن ما تعاني بدقة أكبر:
أ) أنا منزعجة من تكرار خروج ريح مني تنقض وضوئي وصلاتي.
ب) أنا من زعجة من (الحاح فكرة) أنه سيخرج مني ريح تنقض وضوئي وصلاتي.
وبحسب وصفك ستكون الجملة الثانية هي الأدق، كون المشكلة تظهر اول ظهورها بفكرة تلح ان الوضوء سوف ينتقض، بغض النظر عن تبعات ذلك من عوارض جسدية ومعاناة.
هدفنا من هذا تسليط الضوء أكثر على النقطة المركزية في المشكلة، وهي الحاح التفكير بداية بشكل مزعج ثم يرافقه حالة الخوف والقلق والتي تسبب في حد ذاتها توتراَ وتزيد من العوارض الجسدية المزعجة، ثم يعقب ذلك فرط الانتباه والتركيز على الاحساسات الحشوية، ويتحول الوسواس لوسواس مركب حيث ينتقل من الحاح الفكرة، لفرط التركيز على الاحساس الجسدي.
من المهم أن تعرفي حقيقةً اساسية وهي أن دماغنا وخاصة نظام الأمان فيه معد للتعامل مع مؤشرات الخطر - كالتعرض لهجوم كلب مفترس - يقوم الدماغ حينها بتغيير نظام عمل الجهازين العصبي والنفسي بهدف التعامل مع هذا الخطر من خلال فرط التركيز على مصدر الخطر وذلك ليتسنى لنا التعامل معه، وفي حال وسواس الاحساسات الحشوية فإن هذه الإحساسات يزيد مستوى التركيز عليها خاصة عند الوضوء والصلاة كوسواس من طبقة ثانية ويتعامل الدماغ معها كما يتعامل مع هجوم كلب شرس، وذلك بتحفيز اجهزة الجسم التركيز على هذه الاحساسات.
المهم فيما سبق اننا خاجة لعمل علاج سلوكي، ومهمة هذا العلاج إعادة تنظيم ادراك الاحساسات الجسدية بأنها ليس خطراً، والقدرة على إعادة عملية فرط التركيز على الإحساسات بشكل مختلف، ولاحقاً التعامل مع الطبقة الأولى من الوسواس وهي الحاح فكرة خروج الريح.
أرجوا أن تجدي معالجاً في أسرع وقت، علماً أن العلاج يحتاج لجلد وصبر ومتابعة مع تعاون عالي مع المعالج.
نسأل الله أن يوفقكِ ويشافيكِ...