الحشيش وزماني والذهان الوجداني..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أشكركم على هذا الصرح العلمي الذي أثرى المحتوى العربي بعدد كبير جداً من الاستشارات النفسية، والإدمانية، وكان طوق النجاة الوحيد لدى البعض. حقيقة لا أعلم من أين أبدا ولكن سأدخل في مشكلتي مباشرة. منذ طفولتي وانا أعاني من أضطرابات نفسية ولكن كانو أهلي يعتبرونها جزء من الطفولة ومرحلة عابرة، وكنت لا أطيق الدراسة، مع أني ذكي ومطلع بشكل كبير حيث أنني كنت أقرأ كل ماتصل إليه يدي، وقرأت منذ طفولتي في السياسة والاقتصاد، وكنت أتابع كتٌاب معروفين وأنتظر مقالاتهم واستيعابي ممتاز وسريع البديهة. ولكن مجرد فكرة سأذهب للمدرسة غداً تصيبني بالقلق، ولا أستطيع النوم، وأبقى ساهراً طوال الليل، وكنت أفعل كل ما يلزم لكي لا أذهب.
فمرةً أدعي أني مريض ومعدتي تؤلمني، ومرَّة كنت أختبئ في منزل جارنا. أتذكر أنني كنت أتسلق سور المنزل وأبقى ساكنا في بيت الجيران، حتى أتأكد أن والدي فقد الأمل، وذهب لعمله، فوالدي كان شديداً جداً، وديكتاتور بحق، وكان الروتين اليومي هو الضرب بشكل متوحش ولأسباب عديدة. فمرة يجدني أدخن، ومرة بسبب أنني لم أذهب للمدرسة..؟ كان الحل السحري لدى والدي هو الضرب والضرب بوحشية، ولا أستطيع أن أقول أني ألومه فأنا فعلاً كنت طفلاً شقياً، فكان حتى وهو يضربني أشتمه بأقذع الكلمات وأستفزه، وكان يزيد الضرب وأنا أزيد الاستفزاز.
لم يكن الموضوع يقتصر على والدي، فكنت على مايبدو أفرغ هذا الضغط النفسي في والدتي، أتذكر أنها تغلق الباب على نفسها، وكنت أضرب الباب بشكل جنوني، وأقوم بتكسير التحف وأصرخ فقط لأني أريد لعبة، أو مال، لكي أشتري شيء، ويستمر هذا الوضع معي حتى دخولي المرحلة المتوسطة، وفي تلك الفترة اٌصيب والدي بمرض خطير، وتم تنويمة بالمستشفى لفترة طويلة، وهنا أصبح غيابي عن المدرسة متواصل لأسابيع بسبب أن والدي لم يعد موجوداً ليجبرني على الذهاب، وانقطعت عن الدراسة لمدة 4 سنوات؛
كنت خلالها مدمنا على الإنترنت وبالتحديد النشاطات الغير قانونية، وكنت مهووس في هذا المجال وأصبح أسمي معروفا في تلك الفترة، ولكن عند بلوغي 17 عاماً بدأ شي من الاستبصار يظهر لدي، وأصررت على إكمال دراستي، وانهيت الثانوية بعد جهد جهيد وبتقدير جيد جداً، وخلال دراستي كان أكثر من معلم يقولون لي أنت أفضل طالب رأيته خلال مدة تدريسي، ولكن لا أعلم لماذا تغيب. وحقيقة كانوا يستمتعون بمناقشتي بأمور خارج المنهج، وكانوا يقولون لي إذا كان لديك عيب واحد فهو غيابك فلماذا تغيب. أنا نفسي لا أملك هذا الجواب.
طبعاً خلال كل تلك الفترة من طفولتي حتى دخولي للمتوسط، كانوا أصدقائي قلال جداً ولايتعدون ثلاثة أصدقاء وكان الانطواء في المنزل سيد الموقف، وأخرج فقط لشراء المستلزمات وأعود فوراً، وعند تخرجي من الثانوية دخلت في مرحلة فراغ، وكنت مع أحد الاصدقاء الذين أثق بهم، وعرض علي الحشيش، وكنت حقيقة جاهزاً لفعل أي شيء يقضي على هذا الفراغ، وقلت لماذا لا أجربه. على الأقل يكون لدي المعرفة عن المخدرات، واضيفها لرصيد معلوماتي.
وأعجبني الهدوء العجيب الذي حدث بعد الحشيش، وكأنه شعور أشبه بالسلام الذي لم أشعر به طوال حياتي، واستمريت في تعاطي هذه المادة لفترات متقطعة فمثلاً بالشهر أتعاطي 3 او 4 سجائر حشيش، وبعدها أصبحت أتعاطى إسبوعياً ثم يومياً، وأنا الآن أتعاطي الحشيش بشكل يومي منذ ثلاث سنوات. خلال هذه المدة أصيبت أختي من والدي بالذهان، وتم تشخيصها بالأضطراب الوجداني ثنائي القطب والفصام العارض.
وخلال بحثي عن هذا المرض وأنا تحت تأثير الحشيش، أصبت بالهلع والتعرق والقلق ودخلت في موجة من الإكتئاب لمدة ستة أشهر، حيث أنني لم أكن أفكر سوى بالموت، وأنني سأتحمل مسؤولية هذه المجنونة بعد والدي وأنني موعود بالشقاء الأبدي، وكيف أتعامل معها. هل اقوم بتخديرها طوال العمر؛
وتملكتني هذه الأفكار حتى أصبحت متوجس من هذه المجنونة ومن أي صوت تصدره أو مجرد رؤيتها وكان يتملكني القلق 24/7 مع أنني تركت الحشيش تلك الفترة، وبعدها بدأت أشك أنني مصاب بثنائي القطب، وفعلا زادت شكوكي بعد أن علمت أنه مرض يسري في العائلات، فعدت للحشيش وبدأ يعود الاستقرار النفسي، والثقة بالنفس، واختفت تلك الأفكار أو خفت حدتها، وتوظفت بوظيفة محترمة وراتب جيد وتركت الحشيش لإيماني التام أنه سيدمرني، وأنه أدى المهمة المطلوبة، وحان الآن وقت الإقلاع عنه، فقررت أن أبدأ مشروع وفعلاً بدأت بدراسة الجدوى، وكان حجم التفائل لايصدق، وبدأت في دراسة السوق وجميع ما يلزم لدراسة الجدوى، وأستطيع القول أنني الآن مندهش من حجم البيانات التي قمت بجمعها واختزالها بملف وورد بسيط وبطريقة واضحة جداً وكأن فريق كامل قام بعمل هذه البحوث.
وما أوقفني عن بدء المشروع تلك الفترة هو التمويل فكنت أتواصل مع جهات تمويلية وكنت قاب قوسين أو أدنى من استلام مبلغ كبير جداً، وبدون أي سبب عدت لتعاطي الحشيش، وبدأت هذه الحالة من التفائل تخف إلى المستوى الطبيعي، وبدأت أراجع نفسي وأنني لا أستطيع أن أبدأ هذا المشروع لوحدي، وبدأت أنتبه للعقبات التي لم أحسب لها حساب وبدأ هذا التساؤل يختفي، وبدأت أتسائل ما هو سر ذلك النشاط العارم والتفائل الغير طبيعي.
وقررت أن أترك الحشيش مرة أخرى لأني قرأت كثيراً أن اضطرابات المزاج هي من تأثيرات الحشيش المعروفة وقمت باستبداله بالسيبراليكس، ومن أول حبة أصبت بحالة أشبه بـ الهوس الخفيف وزادت الطاقة البدنية والنفسية والجنسية فجأة، ومن أول إسبوع عدت للحشيش، وبعد رجوعي للحشيش كان الهدوء سيد الموقف، أنا الآن أتعاطى الحشيش بمعدل 3 جرام يومياً وقمت بتجربة الـليريكا وأستطعت أن أكمل يوم كامل بدون تعاطي الحشيش؛
ولكن لا أعلم إذا كانت الليريكا هي حل ناجح للآثار الانسحابية للحشيش أو أن هناك عقاقير طبية أفضل، لأنني حقيقة لا أستطيع أن أتخيل فكرة الإقلاع عن الحشيش لأنني موعود بالقلق، والتوتر والهلع والاكتئاب أو الهوس وصرف الأموال بشكل جنوني، أعلم أن استشارتي أشبه بالمعلَّقة، ولكن وددت أن أكتب جميع ما أتذكر لكي يكون التشخيص واضح.
15/7/2016
رد المستشار
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
شكواك الطويلة تنبأ بثقل ما عانيت منه من آلام نفسية، شفاكم الله وعاافاكم ورفع عنكم البلاء. أما بعد.....؛
أميل لاعتبار تشخيصكم الحالي هو اضطراب ثنائي القطب, ويحتاج للعلاج الطبي النفسي والمتابعة الدورية لضمان عدم تكرار النوبات المرضية وما يتبعها من انتكاسات حادة على المستوى الطبي والأسري والمهني. ما يجعلني أشد على يديك لمراجعة أحد الأطباء النفسيين وبدء العلاج والانتظام فيه, هو وجود بعض العوامل التي قد تفاقم من حالتكم الطبية والتي في حال تلافيها أو معالجتها بالشكل الأمثل قد تساعدكم بصورة كبيرة في التعافي واستئناف الحياة الطبيعية باذن الله؛
هذه العوامل تتمثل في وجود تاريخ أسري للمرض -أختكم شفاها الله وعافاها- أضف إلى ذلك وهذا, أكثر ما يقلقني الاستعمال الكثيف للمخدرات وبخاصة الحشيش, والذي ثبت علمياً وجود ارتباط وثيق بين تعاطيه وبين ظهور أو استمرار أو تفاقم حالات الذهان أو الاضطرابات المزاجية على حد سواء.
أرجو منك حفاظاً على صحتكم ومستقبلكم المهني أخذ نصيحتي لك على محمل الجد, وزيارة أحد الأطباء النفسيين, وبدء رحلة العلاج بإصرار وعزيمة صادقة, واثق في الله أولاً ثم فيك في القدرة على التعافي وتحقيق ما تصبو إليه من آمال.
تمنياتي أن أكون وفقت في مساعدتكم. والسلام عليكم, ورحمة الله وبركاته