فوضى وانهيارات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة لكم وشكر خاص على المجهود الجبار وبعد؛
بدايةً، وكما أسلفت أعمل منذ سنة 2014م في تخصص المعلوميات، مزدادة بـ 25 يونيو 1987، أقطن بعيدة عن أسرتي مسيرة ساعة من الزمن، بحكم العمل اضطررت إلى اكتراء شقة لوحدي، أذهب إلى منزل أسرتي كل نهاية أسبوع يوم الجمعة مساءًا، فمكث إلى صبيحة يوم الإثنين للعودة إلى العمل مبكراً. هكذا أصبحت حياتي منذ أزيدَ من سنتين العمل طيلة الأسبوع، والعودة إلى عائلتي للتقوقع داخل غرفة منزوية في ركنها، قليلة الكلام، وإن تكلمت فلا أكاد أبين، ليس لعيب فيً وإنما لعدم الرغبة في الكلام.
كأنما أعده انتصافاً لي وعقاباً لهم على ما مضى -سيأتي ذكره في سياق الكلام-، ومن ثم هذا الروتين والانزواء وعدم الرضى عن هذه الأسرة المتواضعة والفقيرة، في أن يزيد من حدَّة وحشتي ومسؤوليتي التي لم تتحدد بعد، أو بالأحرى لم أشأ أن أحددها منذ بدأت العمل، وحيث أنا أكبر الإخوة الثلاثة جعلني استشعر هذه المسؤولية، وربما حتمية إعانة الأسرة مادياً؛
الأمر الذي أرفضه داخلياً ولا أطيق فعله لماماً تذمماً فقط، وأحاول جاهدة ألا يعنيني وألا يلقى على عاتقي التكفل بأبٍ لم يسعَ جاهداً للرقي بأسرته، فلمَ يتحتم عليَّ أن أدفع ثمن خذلانه وجبنه وركونه إلى الدعة والاستسلام إلى قلة ذات اليد عن طواعية، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضةً، فغيره في وضعه وفي ظروفه ذاتهما قد نهض بنفسه وارتقى مرتقى أخذ به أسرته إلى المعالي، وإلا إلى حياة اليسر أضعف الإيمان، أما كان حرياً به وأجدر أن يتحمل هو تلك المسؤولية، فما الداعي لتحملي عناء كل تلك السنين عاكفة على الدرس والتحصيل حتى أجدني أقدم لهم كل شيء على طبق من ذهب، أي نوع من المفاهيم تلك، وأي تراجع في مفهوم الأسرة حتى يصير الوالدان ينتظران الأبناء حتى يكدحوا من أجلهم، وهم لم يفعلوا ذلك في بداية إنشائهم لتلك النواة ألا يريان أنهما يكلفان أبناءهما ما لا يطيقون؛
بل ألم يتسائلا كيف لهما أن يفكرا في إنشاء أسر لهم. هم كذلك أم أنه صرف كل الطاقة والمجهود لإنقاذ ما هدموه هم، بل ما لم يبنوه أصلاً فيصير الأبناء آباء اول ما تفتح لهم أبواب الحياة، ويدفعون تكاليف الماضي، هذا من جهة ومن أخرى فنتيجة لهذه البداية المتعثرة لأب وأم لم يعرفا مطلقاً حياة التفاهم والود، ولا أنكر أن من يبوء بإثم هذا فهو الوالد وليست الوالدة، فما حيلة امرأة في بيئة محافظة لم تتلق تعليماً ولم تشتغل يوماً من أسرة ميسورة أمام زوج عنيد (لن أتحامل عليه إن قلت ربما لم يكن لها شعوراً بحب أو مودة مطلقاً) اللهم هذا ما شهدنا وما نتحمل وزره.
وطالما أرقني هذا الموضوع ليتجاوز إلينا فلا يحمل إلينا حب ولا يصرح لنا به ولا إحسسنا به، قلت طالما أرقني الموضوع إذ كيف استطاعا أن ينجبا بنتين وولدين، بل كيف يتم هذا التناسل والتوالد بدون حب حتى أدركت أنه قد تم، وكان ومن ثمراته أبناء لا يكنِّون أية مشاعر لآبائهم، ففاقد الشيء لا يعطيه -بل قد يبحث عنه في وجهة غير مضمونة العواقب- ولم يتلقوا في المقابل أي شعور من تلطف واحتواء واحتضان فلا زلت إلى يومي هذا لا أعرف ما شعور هذان الفعلان -اللهم إن كانا من أصدقاء أو أقارب غائبون جاؤوا للزيارة-.
كيف في بيئة كهذه فضلاً عن انتفاء الحب فيها ناهيك عن مشاكل تعج وتضج بها من كل عم وعمة وجد وجدة وأبناء عمومة تكاد تذهب بالألباب، كيف في بيئة مثل هاته استطعت أن أشق طريقي وأتفوق دراسياً، ولله الحمد والمنة ربما لأنه كان الملاذ الوحيد لإفراغ تلك الشحنات والطاقات أمام قلة ذات يد الوالد.
فإن كان من فضل في هذا التعلم في مراحله الأولى فيعود طبعاً إلى الوالدة التي أنفقت ما تملكه، وما كانت تجود به عليه يد الأيام من إخوتها المقيمين بأوروبا، وجد متقاعد من هولندا يتصدقون عليها فتتصدق هي الأخرى على بنتها الكبرى فضلاً عن إعالة الأسرة.
ولا أنكر أنه ما كان لي أن أصل -والفضل كله لله- لولا تظافر جهود آخرين من أساتذتي، ودكتور قيظه الله لي حتى يعينني على مصاريف الدراسة –هذا الدكتور لا أعرفه ولم أعرفه بل قامت المؤسسة المدرسية بإخباره عن تفوقي الدراسي ورغبته هو في التكفل بأحدهم مادياً حتى يستكمل دراسته، والحق أني يوم حملت ذاك الظرف متوجهة إلى المدينة التي يتواجد بها، لم أعلم ما كنت أحمله إلى يومنا هذا، فلو كان فيه (الظرف) موتي ما دريت به ولا علمت بمحتواه إلا الاستبشار، فكان مما استقبلني به ألا أشعر بالدونية قال لي: أنا بحثت عنك ولست أنت من فعلت، فلا تبتئسي، ولا يكن في صدرك حرج من هذا، وكذلك كان، فقد كنت اتيه الى عيادته كل شهر حتى يمكنني من المبلغ الذي حدده لي كمصاريف للدراسة، بعد أن قام بالتدخل من أجل أن ألج مسكناً طلابياً فيه جناح للبنات، وآخرين للأولاد والأطفال بدون مأوى.
المهم هذا العالم الذي وطئته كان غريباً عني فكأنما أستوحشته، وأردت أن أعود من حيث أتيت لولا أن هدَّأت والدتي من روعي، وبدأت أندمج شيئاً فشيئاً، بله صرت فيه ذات مكانة وسمعة قل نظيرهما،لانضباطي وتفوقي فكم تحلقت حولي الفتيات يستزيدن من حكاياتي وقصصي التي روت شغفهن وبراعة إسلوبي أذهلتهن على غير الطبيعة، المهم أن من بين ساكنات تلك الداخلية أو إن شئتم الدقة الخيرية فهي تجمع بين هذا وذاك فتيات يقطن مقيمات وأخريات أمثالي يعدن إلى ديارهن ما أن ينتهي الموسم الدراسي.
ممن أستوقفني في هذا العالم فتاة في مثل عمري، جميلة المحيا تحتمي ببذاءة اللسان حتى تضع لنفسها حدوداً لا يتجرأ من حولها لا مدراء ولا مربون ولا قاطني ذلك الفضاء، الذي اختزل المجتمع الخارجي بكل تجلياته، على الأقل هذا ما اعتقدته هي أن تكون ذئباً وسط غابة، خير من أن تصير حملاً تنهشه الذئاب، هذا مما خيل إليها ولو أنها سلكت مسلكاً آخر لكان خيراً.
المهم أنها كانت مختلفة ليس بهذا الوصف، الآنف فقط، بل أشياء أخرى لا تذكر وإنما تستشعر قوية ربما أردت لنفسي تلك القوة حتى وإن كانت قوتي في كلماتي وليست بنيتي، غير أنها يستجاب أمرها لكأنها أميرة هناك من أعلى سلطة إلى أدناها، ربما اتقاء لأسلوبها وسطوتها اللفظية التي طالما أخذتها عليهما فهي بالتأكيد تتكئ عليهما لا تجد غيرهما. هذه الفتاة استحوذت على تفكيري وبدأ الاهتمام ينشأ من كلتانا، كقطبي مغناطيس، هي تمثل أقصى الشمال وأنا أمثل أقصى اليمين -لا أذكي نفسي ولكن أسلوبي غير أسلوبها الفج والسلطوي- ولكني فطنت إلى أن أمرها غير ما تظهر.
تقربت إليها شيئاً فشيئاً فلم تكن تعاملني بالمعاملة ذاتها مع الآخرين بل كانت تخصني باللطف والاحترام، يتخللهما بعض الكبرياء من استحواذي على عقلها بكلامي ودهائي، فقد كانت منتبهة إلى فطنتي وقدرتي على التسلل إلى دواخلها لأكشف ذلك الضعف والرقة التي تسترهما عن الآخرين، وتحيطهما بسياج من التعنت والجبروت.
كانت لا تخفي إعجابها بي، وبحثها عني إذا ما غبت، ولكن من جهتي كان شعوراً مختلفاً إعجاب يخالطه الميل ربما شددت إليها أكثر مما ينبغي، وربما عشقتها بمواراة حتى لا تتنبه إلى الأمر وتنفر مني، ربما أشكل علي فهم سبب انجذابها نحوي وربما فهمته على النحو الذي شعرت به، قلب خاوي الأركان ما لبث أن أشعلته النظرات، ربما تلاقت أحوالنا في فقد الحنو والحب من الآباء، هي على الأقل لم تتعرف إليه مذ هجرهم طفلة وأنا كبرت تحت سقف بيته فأينا أعظم فقداً وأكثر وجداً، لست أدري.
كانت ترتوي باهتمامي بها وكذلك كنت، فالأخذ على قدر العطاء لم أبخل في مشاعري نحوها، وهكذا شذَّ هذا الاهتمام عن نهجه، وسقطت في شباك الهيام بها والمداراة معاً ولكم أن تتصوروا شدة العذاب الذي عشته كأني كنت في حاجة إلى مزيد، فالذي رزحت تحت وطأته لم يكن بالسهل، حتى أجدني أستزيد من هذا الأمر علم الله أني لم أخدشَ الحياء بيننا، ولم ألمس يداً يوماً بما يدعو إلى الريبة، فقد كان هذا الأمر تنطوي به جدران القلب لا غير، وربما شيء من الخيال إذا احتدم الوجد. وما كنت أتذمر من الإنصات إليها لساعات، والمكوث معها حتى ولم يجر بيننا حوار، وربما عظمت عندها لأني لا ألح عليها في شيء، بل أتركها على سجيتها، إن شاءت تحدثت وإن لم تشأ صمتت فكانت تعتبرني صديقة مقربة لم تحظ بمثلها من قبل.
المهم طيلة مكوثي هناك لم يكن مستواي الدراسي كما عهدته من نفسي، فقد كنت دائمة التفكير فيها، وأتحرق إلى رؤيتها ولوغابت هنيهة، فمن الطبيعي أن يقل مردودي التحصيلي، ولكن لم أكن لأدعه يتهاوى إلى درجة الانفلات، فلقد كنت أملك زمام نفسي.
وتواصلت بيننا رسائل الصداقة حتى بعد مغادرتي لتلك الدار، ولم أكن أتورع من تضمينها عبارات الشوق والفقد، ولكن كنت أمهر من أن أجعلها تشك في أمري.. أما أنا فقد سافرتُ إلى مدينة أخرى لأستكمال الدراسة وانقطعت أخبارنا، وأن كنت أعلم انها لا تزال هناك، تحاول جهدها مستميتةً في حيازة قطعة أرضية لوالدتها المريضة وأخيها، ساعدها الكثيرون لبنائها والانتقال إليها رفقة أمها، بعد أن تزوجت فتى وقعت في حبه أنجبت منه بنتاً تناهز الثلاث سنوات، الآن وقد زارتني مؤخراً برفقة طفلتها بعد أكثر من أربع سنوات من الغياب.
أما أنا فبعد تخرجي بعد عامين وظفت ولا أزال على حالي لا حب يطرق بابي ما عدا إعجاب زائل، ولا أرى رجلاً يستهويني بسبب هذا الاكتئاب الذي أرزح تحت وطأته فقد جربت قبل سنة من تخرجي 2012 الذهاب الى طبيب نفسي Psychiatre وذلك لاني دائماً ما كنت أعاني من صعوبة في الدخول في النوم، حتى إستفحل الأمر، وقد شخَّص الأمر على أنه رهاب. إذ أني اخاف النوم بمفردي سواء في الغرفة أو المنزل ككل فوصف لي seroplex zepam وفي الزيارة الثانية أخبرته أني لا زلت أعاني من صعوبة الدخول في النوم فأضاف للوصفة الأولى Stilnox.
وبقيت آخذ هذه الأدوية بصعوبة جداً حيث ظروفي المادية كانت صعبة جداً مما جعلني أقطعها في يناير 2014م وتعرضت بعدها للأعراض الانسحابية، وكدت أنهار في تلك الفترة لولا أن تداركني الله برحمته وبسفر إلى مدينة أخرى، حيث كنا نقوم برفقة زميلات بتدريب ما قبل العمل إذ كانت تلك السنة بداية عملي، واجتمعنا في نادٍ خاص بالموظفين وحاولت أن اجد في الأمر متنفساً وأستعيض عن أخذ الأدوية أو هذا ما أقنعت به نفسي، إلا أنني كنت أؤجل المعاناة ليس إلا، أو أتعايش معها؛
والعجيب في الأمر كله إلى غاية اليوم بعد أزيد من سنتين، ما أستغربه حقاً كيف استطعت أن أواصلَ حياتي وعملي وكأني لا أعاني من شيء، علماً أني أستيقظ هذا إن نمت منهكة القوى مهدودة بسبب الخوف والذعر الذين أتعرض لهما ليلاً -للتوضيح نوبتا الذعر والخوف لا تحدثان إن كان معي أحدهم في المنزل، فيحدث إن أمن على نفسي من حدوث مكروه من جن أو ظهوره- حتى وأنا أقرأ القرآن بشكل متواصل في جوفي مع تعرق وخفقان شديدين ما جعلني أعاود طبيباً.
ثانية وصف لي الأدوية التالية Lysanxia+cilentra، neuropsychiatre لكني لم أتناول تلك الأدوية إطلاقاً، وفررت منها، وذلك إيماناً مني أنَّ العلاج لا يكمن في الأدوية التي تسبب لي حالة انسحابية شديدة، كلما توقفت عن شربها وإلا فسأبقى رهينة لها أبداً، هذا ما لا أستسيغه ولا أتقبله.. إلا أن مقاومتي الذاتيه تبوء بالفشل ككل مرة، فأنزع إلى التفكير في معاودة الطبيب من جديد، وهذا ما حدث مع ثالث طبيب فوصف لي خلال زيارتين متتابعتين Seroplex+aliviar، Stresam+stilnox إلا أنه ما يغيظني عدم اهتمامهم بسردي ووصفي لحالتي، فقد كان هو من يشتكي إلي همجية الناس، وبعض الأمور التي حدثت معه لتوه وهو ذاهب إلى عيادته صباحاً، فانقلبت الأدوار وصرت طبيبة، لوهلة أنصت بإمعانٍ وأبديت اهتماماً لكلامه كعادتي في الإنصات والاستماع.
المهم بعد زيارتين توقفت عن شرب الأدوية، ومضيت أستقبل معاناتي من جديد، إلى أن حدث مؤخراً قبل شهر من الآن حدثَ أن مررت من إحدى الصيدليات، وفي نيتي أن يرشدوني إلى طبيب ذائع الصيت في المدينة التي أقطنها، فإذا بصاحب الصيدلية يخبرني أنه لا يبدو علي ما يشير إلى حاجتي لطبيب نفسي، فقد بدوت له هادئة حصيفة، وقد أخبرته بمشكلتي مع الأرق واضطراب النوم فنصحني بدوائين: Manef +lexomil مؤكداً أنه لا داعي إلى استشارة الطبيب، فبإمكاني أن أفعل ذلك لوحدي.
ولقي الأمر استجابة مني نظراً للتجربة الأخيرة التي حدثت لي مع آخر طبيب ذكرته، وها أنا اليوم آخذ الدوائين الموصوفين إلى غاية اليوم، مع تحسن في بداية الدخول في النوم، ولست أدري كيف سأتصرف في قابل الأيام.
يتبع إن كان في العمر بقية.
15/8/2016
ثم أرسلت بعد ذلك تسأل عن الاستشارة.
السلام عليكم والرحمات، لست أدري إن كنتم قد توصلتم لحل لمشكلتي عنونتها بـ"فوضى وانهيارات".
ولكم عظيم الشكر.
27/8/2016
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع، وتمنياتي لك بالسعادة والنجاح.
هناك عدَّة جوانب في رسالتك يجب التطرُّق إليها، فهناك العقاقير والحالة الوجدانية، وسيرتك الشخصيَّة أو بالأحرى روايتك.
توجَّهت نحو عيادات الطب النفسي بسبب عدم شعورك بالسعادة وبسبب الأرق، توجَّهت لكي يستمع إليك، لكنَّك خرجت وفي حوزتك وصفات طبية غير مقتنعةً بها ولكِ الحقَّ في ذلك، آخر وصفة لك تحوي الفيتامينات، ومواد معدنيَّة لا فعالية لها، وعقار البروميزايام أو Lexomil الذي قد يساعد الأرق ولا يعالج الاكتئاب، وقد ينقلكِ إلى مرحلة إدمان هذه العقاقير بعد ثمانيةِ أسابيع من استعماله.
عدم الشعور بالسعادة لا يعني دائماً إصابة الإنسان بالاكتئاب الجسيم الذي يتطلب علاجاً بالعقاقير أو بالكلام، لكي يتم تشخيص الاكتئاب لا بد من وجود أعراض أخرى مثل: الشعور باليأس، أو ضعف التركيز، أو اضطراب الشهيَّة وتغيُّرٍ بالوزن، واضطراب النوم وعدم قابلية الإنسان في الشعور بالمتعة، فهناك أفكار سلبية إطارها اليأس من الحاضر والمستقبل وانتقاد الماضي.
حين ذاك قد تنجح العقاقير المضادة للاكتئاب، هذه الأعراض غير واضحة في رسالتك، وإن كانت موجود فمن المستحسنِ استعمل عقار مضاد للاكتئاب مثل السيترالين Sertraline بجرعة 50 – 100 مغم يومياً، ولفترة لا تقل عن ستة أشهر.
كيف يمكن صياغة استشارتك:
ما هو أمامي استشارة مكتوبة بوضوح، تتحدث عن ماضي متأزم وحاضر كئيب ومستقبل لا وجود له في الرسالة ولا يستطيع الإنسان أن ينتقل من موقع اكتئابي إلى مستقبل اتجاه أحلامه وآماله إذا لم يفهم بصورة منطقيَّة ماضيه وحاضره، هذه العملية -المخطط- بحد ذاتها هي عملية تنظيم وبداية للتنشئة الاجتماعية.
اضطراب النوم الذي تعانين منه، والموقع الاكتئابي الذي تسكنين فيه في الحياة، مصدره بيئة تتميز بالشك وعدم الثقة في الأهل والمحيط الذي تعيشين فيه، لكي تبدأ عملية التنشئة الاجتماعية لا بد من إزالة هذا الشك وعدم الثقة ببيئتك، ويبدأ ذلك باتخاذك القرار حول السكن في مكان تشعرين فيه بالراحة، وتتخلصين من مشاعر الغضب تجاه الأهل، متى ما حصل ذلك تهبط شدة القلق، وبالتالي يتحسن النوم، وتتبعدين عن عقاقير لا تساعد على التخلص من القلق على المدى البعيد.
هناك عدَّة أزمات تلاحقك من الماضي، وتعلُّقك بالوالد لا وجود له، وتعلُّقك بالوالدة يستند على شعورك بالشفقة عليها، لكن.. هناك كائن آخر مدَّ يدَ العون المالي لك بصورة لم تستوعبيها كلياً، ولم يكن رغم ذلك الأب البديل، هذا التعلُّق المتذبذب لم يختفي مع علاقتك العاطفية الروحية مع صديقتك، والتي اختفت فجأة من محيطك، وانتقلت إلى مرحلة أخرى في الحياة. هناك شعور بالحداد تجاه هذا الفراق، ولم تشعري بنبذها لك، ولكن العلاقة ربما لو استمرت لفترة أطول لساعدت في شعورك بالأمان والراحة لم تعرفيها إلى الآن.
القلق هو الخوف، ولا يستطيع الإنسان تجاوزه إذا لم يشعر بالراحة والأمان في حاضره، ويستوعب بصورة منطقيَّة ماضيه لكي تبدأ بعدها عملية تنظيم التنشئة الاجتماعية.
ما هي نتيجة الازمات؟
لكي يتخلص الإنسان من القلق والموقع الاكتائبي الذي يقطن فيه، عليه أن يشعر بالكفاءة الذاتية، وأعني بذلك إيمان الإنسان في قدرته على تحريك ما يلي:
1. اندفاعه.
2. موارده المعرفية.
3. خطوات عملية.
المخطط أدناه يوضح لك ذلك.
مواردك المعرفيَّة موجودة، لكنَّ الاندفاع غير موجود، وربما بسبب حالتك الوجدانيَّة، ولا توجد لديك فكرة عن الخطوات العمليَّة.
انت امرأة على مقدرة عالية من المعرفة، ولكنَك بحاجة للحديث مع معالج نفسي لكي تستوعبي منطقياً الماضي والحاضر، ومن ثم العثور على الاندفاع واتخاذ القرار بشأن خطوات عمليَّة..
لا لأعرف أحداً في المغرب من الأطباء النفسانيين، ولكن ابحثي عن معالج نفساني، وابتعدي عن العقاقير المنومة، اتبعي نظاماً صارماً في التغذية، والمحافظة على اللياقة البدنية، وحافظي على إيقاع يومي منتظم. وفقك الله.
التعليق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الفاضلة بوركت يمينك أولا على رقي طرحك
ثانيا أنصحك نصيحة محبة لا طبيبة بأن تلجئي للعلاج بالأعشاب الخفيفة والتلبينة فأنا قد استشففت بأنك لا تعانين مرضا عضويا وإنما تعانين فقد الاهتمام
تعانين الاحتياج النفسي والعاطفي لشريك يؤانسك ويكون لك عونا بأمر الله - عذرا على التدخل - لكني أشفقت عليك من دوامات العلاج التي لا أرى لها مبررا من الأساس بشهادة الصيدلي الذي وصف لك الدواء الأخير
لعل في برك لوالديك تسعة أعشار العلاج فجربيه وتذكري أن الجاهل عدو نفسه فلابد من الرفق به فلتكن زكاة علمك هذا الذي أكرمك الله بتحصيله وقد كنت في تلك الظروف العصيبة، لتكن زكاتك التغاضي عمن أساؤوا في حقك لأنهم ممن أمرت بالإحسان إليهم ولو أمراك بالكفر !!
بهذا يمن الله عليك بأن يقيض لك من يؤازرك ويكون لك عونا بحوله وقوته أيا كان فليكن متمثلا في زوج صديقة أخت جارة هذه منة من الله لا تحرمي نفسك منها وإلا فالعواقب وخييييمة لأقصى درجة
ما أصاب تفكيرك من لوثة الإعجاب بصديقتك هذه إلا من جراء أن الله قد وكلك إلى نفسك وأنت تتولين أمرك
لا أخاطبك بعطف ولا بطبطبة لأنك لست مريضة بل أنت من الفطناء والعقلاء
عذرا أخوتي الأطباء على التدخل ولست بطبيبة ثم تحية لمنتداكم الراقي جدا