انفصال الشعور عن الذكريات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ لا أعلم هل مشكلتي هي نوع من أنواع الاكتئاب أم أنها مشكلة أخرى وأرجو المساعدة، المشكلة هي عدم الرغبة أو محاولة التذكر لأي من الذكريات في الماضي سواء كانت ذكريات سعيدة أو مؤلمة مع العلم بعدم نسيانها ولكنها لا تأتي أبدا في تفكيري أو على خاطري، كذلك عدم الإحساس بأي شعور في حاله تذكرها فأنا أفتقد الإحساس بأي مشاعر عند تذكر أي من الأحداث الماضية.
عند التحدث مع بعض الأقرباء أو الأصدقاء وفي محاولة منهم لتذكر الأحداث والذكريات السعيدة، عند التذكر معهم تلك الأحداث لا أجد أيا من المشاعر المبهجة التي كنت أشعر بها سابقا، كذلك عند التعرض لمواقف أو ظروف تعمل على إيقاظ ذكريات الطفولة أو المراهقة أو أي ذكريات لا يتم الإحساس أو الشعور بأي من المشاعر المرتبطة بتلك الذكريات سواء كانت المشاعر المرتبطة بتلك الذكريات مشاعر جميلة أو مؤلمة.
فعلى سبيل المثال كنت في ما مضي عند شم هواء البحر يتم تذكر أيام الطفولة وقضاء الأوقات الممتعة والمرح في المصايف التي زرتها سابقا ولكن الآن لا يتم التذكر وإن تذكرت لا أجد أي مشاعر مرتبطة بها. كذلك رائحة الشتاء أو المطر والتي تشير إلى دخول المدارس والتي أيضا لا أحاول تذكر أحداثها وإن تذكرت أحاول البحث عن المشاعر الجميلة بها ولكني لا أجدها.
أنتظر ردكم
مع الشكر
9/9/2016
رد المستشار
شكرا على مراسلتك الموقع.
الذكريات من صنفين:
- ذكريات معرفية
- ذكريات عاطفية
رغم أن الذكريات تحفز العاطفة في غالبية الحالات ولكن العواطف أيضا تحفز الذكريات وهذه تجربة يمر بها كل إنسان.
العاطفة التي يسترجعها الإنسان سواء مع الذكريات أو من غيرها هي من نوعين:
- عواطف إيجابية من إثارة وفرح والشعور بالرضى.
- عواطف سلبية من الشعور بالذنب والخجل والحسد والحقد والغيرة.
العواطف السلبية التي يسترجعها الإنسان تختلف عن العواطف الإيجابية في تحفيزها له لعمل شيء ما للتخلص منها. بما أن الإنسان لا يقوى على عمل شيء لتغيير الماضي فإنه يسعى دوما لكبتها وعزلها عن وعيه وهذه العملية بطيئة إلى حد ما. أما العواطف الإيجابية فتراها تفقد فعاليتها تدريجيا وأسرع من العواطف السلبية وبعد فترة من الزمن لا يشعر الإنسان بالفرح والبهجة معها.
هذه حقيقة ينكرها الناس حين يتحدثون عن الماضي السعيد لأنه لا يؤدي إلى الشعور بالفرح وإنما بعدم الشعور بأية عاطفة سلبية فقط في غالبية الحالات. يحدث أحيانا أن يجتمع الناس ويتحدثون عن الماضي وهناك شعور بالبهجة ولكن مصدر هذه المشاعر هو في الحقيقة التواصل بينهم وليس استرجاع الذكريات.
لماذا يحدث ذلك؟
امتلاك الإنسان لذاكرة عاطفية قوية هي نقمة وليست بنعمة. الذكريات العاطفية من الصنفين أعلاه وخاصة السلبية قد تمنع الإنسان من تحقيق أهداف الحاضر والتخطيط للمستقبل. الذكريات العاطفية قد تؤدي إلى رد فعل من الإنسان وهذا ما يحاول أن يتجنبه خشية عواقب رد الفعل على حاضره ومستقبله.
التوصيات
- لم تشر إلى أعراض نفسية أخرى في رسالتك وإن لم تكن توجد فلا داعي للقلق لأن ما يحدث لك في هذا العمر يشعر به غالبية الناس.
- إذا كانت هناك أعراض أخرى فقد تكون الشكوى جزء من ظاهرة أخرى هي عدم التلذذ Anhedonia وعليك أن تراجع طبيبا نفسيا لعلاج الاكتئاب.
- وهناك أيضا التركيز على الحاضر فهو المصدر الأول للشعور بالبهجة فحاول أن تدرسه وتتعامل معه.
وفقك الله.