نفسية
أنا مسلم والحمد لله عمري الآن 47 سنة وعندي خمسة أطفال, فيما يلي مراحل المشكلة :
بعمر ال 20 سنة انتابتني فكرة (هل أن الله موجود أم لا) وبقيت سنوات أقرأ بكتب العقيدة وأقوم بفروض العبادات كاملة, ولكن لم أتخلص من وسواس وجود الله وبقيت على هذه الحال .
بعمر الـ 28 أحسست بألم في الخصيتين وبعد مراجعة الطبيب المختص تبين أن الحيوانات المنوية لدي ضعيفة فخضعت لعملية وتحسنت قدرة الإنجاب لدي ولكن بقي عندي شك بأني سأنجب .
فعدت ولجأت إلى الله لكي يخلصني من وسواس الإنجاب فعدت للمربع الأول أي صراع السؤال (هل الله موجود أم لا) وخلال قراءتي بأحد كتب الفلسفة قرأت طرحا لأحد الفلاسفة وهو (ما الدليل على وجودي ووجود ما تراه عيني وهل الحواس الخمس صالحة للحكم على وجود ما أراه وأسمعه وأحسه), فوقعت بوسواس هذه الفكرة وتوترت كثيرا وبقيت لأسبوع لا أنام ولا آكل.
فذهبت إلى الطبيب النفسي فشرح أن حالتي هي عصاب التسلط القهري وأني إذا لم أعالج نفسي فأني ذاهب إلى حالة الذهان أو الجنون أو الانتحار. فبدأت العلاج فتحسنت خلال أسبوع وذهبت عني أعراض الشك بالإنجاب خاصة أني تزوجت وأنجبت, وذهب عني وسواس وجودي ووجود من حولي. ومن وقتها كنت أوقف تناول الدواء عدة مرات أحيانا لسنة أو سنتين بظن أني شفيت ولكن يعاودني الوسواس (هل أنا ومن حولي موجودون فعلا), فأعود للطبيب في كل مرة وأعاود تناول الدواء فأتحسن فورا.
منذ ستة أشهر للآن أواظب على تناول (انافرانيل 50 mg وزولوفت 25 mg صباحا ) + ( زولوفت 50 mg مساء) وقد تحسنت كليا على الدواء. ولكن خلال هذه الأشهر الستة عاودني الوسواس مرتين بشكل خفيف وبقيت أتناول الدواء وأواظب على فروض العبادة وآكل وأنام بشكل جيد خاصة وأني أستعمل دواء pazolam حين الحاجة, أما سلوكيا فأنا ألجأ إلى تحقير الفكرة وعدم الانسياب لأسئلتها رغم أنها تلح علي لأن أجيب على أسالتها لأرتاح .
وسواسي أصبح له روتين في ظهوره يسبقه توتر أو ضغوطات عملية أو معيشية, ثم يظهر فيجأة فيبدأ بسؤال (هل أنا ومن حولي موجودون) فأطنش عن الفكرة, ثم يتطور ليصبح سؤال الوسواس (كيف تتحرك في وجود لست متأكدا من وجوده) فأطنش عنه, ثم ينتقل الوسواس لمرحلة جديدة وهي (بما أني شفيت فيجب أن أبرهن لنفسي أني شفيت لذا يجب أن أفحص وسواسي بأن أطرح على كل ما أراه هل هذا موجود فإذا أجبت بنعم أكون قد شفيت), فأعرف بأن هذه حيلة من الوسواس, ولكن لا أنساب لها أغلب الأحيان لأني أعرف بأني ما زلت أظن أن الجواب يريحني.
أعرف أن وسواس هذا السؤال لا جواب له لأنه سؤال خاطئ وجوابه هو نفسه السؤال.
ملاحظة : ألاحظ دائما أن الوسواس يعاودني عقب حصول توترات وقلق أو ضغوطات بالعمل أو بالحياة أو لأسباب اجتماعية أو دينية .
- السؤال الأول : هل طبيعي أن يعاودني الوسواس وإن بشكل خفيف رغم تناولي للدواء؟
- السؤال الثاني : أليس التقدم بالعمر يخفف من الوسواس القهري؟
أجيبوني يرحمكم الله
9/11/2016
رد المستشار
الابن الفاضل "محمد علي" أهلا وسهلا بك على موقعنا، وشكرا على اختيارك خدمة استشارات مجانين.
يمكن الاطمئنان تماما إلى أنك لست ذاهبا إلى الذهان ولا الانتحار... ومن فضلك لا تسرف في استخدام عقار برازولام...
تحقير أو تتفيه الفكرة يعني تطبيق نتيجة توصلت لها سابقا على الفكرة الطارئة لحظيا، وعدم الاشتباك مع الفكرة لدحضها أو إخمادها ولا الانزلاق إلى أخدود وسواسي جديد... ومعنى قولك ((فأطنش عن الفكرة, ثم يتطور ليصبح سؤال الوسواس (كيف تتحرك في وجود لست متأكدا من وجوده) فأطنش عنه, ثم ينتقل الوسواس لمرحلة جديدة وهي (بما أني شفيت فيجب أن أبرهن لنفسي أني شفيت, لذا يجب أن أفحص وسواسي بأن أطرح على كل ما أراه هل هذا موجود فإذا أجبت بنعم أكون قد شفيت), فأعرف بأن هذه حيلة من الوسواس, ولكن لا أنساق لها أغلب الأحيان لأني أعرف بأني ما زلت أظن أن الجواب يريحني))
المفروض أن الفكرة التي حقرتها أو تفهتها وكل ما يتعلق بها من أسئلة -ومن ضمنها شفاؤك منها- كل هذا اسمه وسواس ولا يستجاب له.... يعني بالبلدي إذا كنت تفهت أو احتقرت شيئا فلماذا تهتم به أو بما يتعلق به أو يشبهه؟ ....... رغم أنك قارئ جيد ومتفهم لحالتك ومثقف، إلا أن شيئا ما ينقص تنفيذ ما تقرأ لا نستطيع استنتاجه ... وقد لا تكون أنت على علم به وقد يكون شكلا من أشكال سلوكيات التأمين الله أعلم.
من الطبيعي والمتفق عليه بين مرضى اضطراب الوسواس القهري ومعالجيهم، أن الوسواس يمكن أن يعاودك وأنت تتناول الدواء ولا يشترط أن يكون لك بشكل خفيف ! ... خاصة في أوقات الإحساس بالكرب Stress (أو الانضغاط النفسي الشديد)، ومعنى هذا ليس أن تأثير العقار يقل مع الوقت (فهذا أمر لم يثبت علميا حتى الآن) وإنما أن نجاح العلاج بالأساس يعني تحسنا معتدل الدرجة في استجابة الشخص للفكرة الوسواسية ثم عدم أداء الفعل القهري، ويشترط لعدم أداء الفعل القهري أن تكون مقتنعا بعدم جدواه... أو عدم وجوبه في الوساوس الدينية.
وفي غياب تلك القناعة تفشل كل استراتيجيات الشخص في التعامل مع الفكرة الوسواسية فيضطر لأداء الفعل القهري برغم استمراره على العقار، لأن الفعل القهري يبقى هو الوحيد الذي يشعره بالراحة التامة لوقت قصير (وكثيرا ما يكون قصيرا جدا).....
وأما ما يحسنه العقار فهو أنه يخفف من حدة مشاعر الشخص عند تلقيه الفكرة الوسواسية فيستطيع إهمالها بسهولة على المدى القصير ولكن في حدود على المدى طويل... إن لم ينتقل المريض إلى فكرة جديدة.
أما ما يفعله الكرب أو الضغوط الحياتية فهو أن المشاعر الانفعالية الكربية أي التي تحدث للشخص هي حالات ضعف عادة ما يستغلها الوسواس القهري وغيره من اضطرابات القلق والاكتئاب في إيقاع المريض في الكبوات Lapses وربما الانتكاسات Relapses... إلا أن بإمكانك التدرب إلى جانب عقاقيرك إلى التدريبات السلوكية والمعرفية التي تساعدك على إكمال مفعول الدواء وربما أمكن يوما أن تستطيع الاستغناء عن العقار.... لكن مقالات وبرامج العلاج المعرفي السلوكي المنتشرة على الإنترنت نادرا ما تفيد المريض دون التواصل المباشر مع معالج متخصص حتى لو إليكترونيا بحيث توضع الخطة العلاجية المناسبة للشخص نفسه.
وأما سؤالك الثاني أليس التقدم بالعمر يخفف من الوسواس القهري؟ فما أستطيع الرد به هو خبرتي الشخصية التي تقول بأن جزءًا كبيرا من مرضى الوسواس القهري الذين لا يتواكب مع وسواسهم اضطراب اكتئاب جسيم أو غيره (حوالي 20% على الأكثر من كل المرضى) يصبحون مع العمر أقدر وأكثر خبرة على التعامل مع الوسواس القهري، ... لكن ذلك لا يمنع من كبوات قصيرة ويحدث ذلك بغير الدواء وأحيانا رغم استخدامه.
أما الصورة الأكثر شيوعا فهي أن تكون أعراض الوسواس القهري نشطة رغم مرور السنوات دون علاج أو حتى بمحاولات علاجية قصيرة أو متقطعة أو غير متكاملة (عقاري، سلوكي معرفي، أسري)... تضاف إلى ذلك الاضطرابات النفسية التي تواكب اضطرابا الوسواس القهري عادة بعد مدة من المرض كاضطرب الاكتئاب الجسيم أو أي من اضطرابات القلق... وهنا تصبح الصورة أكثر تركيبا ... في حالتك أنت أظن العلاج المعرفي السلوكي إذا أضيف إلى عقاقيرك سيعينك كثيرا في طريق الشفاء
ولا أختتم قبل أن أذكر الخبر الطيب يا "محمد علي" وهو أن استجابتك الأولية الطيبة للعقاقير تعني أنك غالبا ستتحسن حالتك على المدى البعيد حسب أحدث الدراسات -القليلة- في هذا المجال، بل لعلك تتكرر لك البشرى لأنك كلما كنت تعود للدواء كنت تتحسن فورا... يعني أنت شخصيا إن شاء الله ستتحسن مع السنوات .... وحبذا لو حصلت على العلاج المعرفي السلوكي وتابعنا بالأخبار.