يا رب
السلام عليكم، أتمنى أن تجيب على سؤالي الاستاذة أميرة بدران .. أنا شاب محبوب لدى الناس ومحترم بشهادة الجميع والحمد لله..
قبل حوالي سنة تعرضت لتحرش جنسي من أحد أعز أصدقائي بالكلام.. حيث بدأ يوجه لي بعض الكلمات مضمونها أنه يريد أن يفعل معي الشذوذ..
حقيقة في البداية واجهت الموضوع على أنه نوع من المزاح ولكنه لم يكف عن هذا الكلام.. على العكس بدأت أرى في عيونه نوع من الجدّية في الكلام، وبدأ يكرر هذه الكلمات أمام الناس ونحن جالسون.. وأصبح الناس ينظرون إلي نظرات سيئة.. فبدأت أتحاشى الجلوس مع هذا الشخص في جماعات وأفضل أن أجلس معه لوحدنا لكي لا أتعرض للإحراج..
لكن مرّت الأيام والموضوع يشغل بالي كثيرا.. لماذا قال هذا... هل حقا أنه يريد هذا الشيء.. هل كانت نظرته لي طوال تلك المدة التي عرفته بها نظرة سيئة ويتصنع أنه صديقي..
الكثير الكثير من الأسئلة التي كانت تشعرني بقهر كبير
ثم بعد ذلك بدأ الموضوع يأخذ منحنى آخر.. بدأت أتسائل هل من الممكن أن يكون هذا الصديق قد أخبر الناس المحيطين بي بأني شخص سيء وأفعل اللواط!
وهل من الممكن أيضا أن يكون أخبرهم بأنه أيضا فعل معي شيء من اللواط!
لمَ لا وهو إنسان لا يعرف الله وقد يصدر منه أي شيء؟
هنا كانت الطّامة الكبرى بالنسبة لي.. فبعد أن افتعلت معه مشكلة لكي أقطع علاقتي به تماما، لأني لم أعد أستطيع أن أراه من شدة كرهي له.. وبالفعل نجحت بذلك..
بدأت كلما أتحدث مع أحد من الذين كنت أعرفهم مباشرة أتخيل أن ذلك الشخص قد أخبره بشيء سيء عني...
وبدأت أفسر أي حركة أو كلمة أو نظرة من الشخص على أنها دليل أنه سمع عني شيء من ذلك الشخص..
(لا أريد أن أظلم نفسي فربما تكون شكوكي صحيحة)
وهكذا حتى قطعت علاقتي مع أكثر من 90٪ من الأشخاص الذين كنت على علاقة طيبة بهم..
وبدأت أنطوي على نفسي شيئا فشيئا..
حتى أنني أتجنب المشي في الشارع حتى لا يراني أحد.. وكأني مجرم هارب من العدالة..
أصبحت عدواني جدا أي كلمة تصدر من أي شخص أعتبر أن فيها إهانة لي..
واواجهها على أنها هجوم من ذلك الشخص..
أصبحت أحسب تصرفاتي
وطريقة جلستي وكلماتي حتى لا تُسجل ضدي على أني شخص سيء أو تحديدا شخص شاذ..
أصبحت لا أهتم بملابسي وأناقتي ليس لأني لا أحب ذلك.. ولكن لكي لا أبدو وسيما أمام الناس وينظرون لي نظرة سيئة...
أشعر بخوف.. خوف من نوع غريب.. إذا جلست لوحدي أشعر بخوف ووحدة شديدة.. وإذا جلست مع الناس أيضا أشعر بخوف.. خوف لم أحس فيه إلا وأنا في السابعة من عمري عندما كنت أفلت يد أمي وأتوه عنها في السوق..
لم أعد أشعر أني رجل، أشعر أني طفل بلا خبرات في الحياة
حالتي باختصار أصبحت إنسان مُعدم.. جسد بلا روح..
شعري بدأ يكسوه الشيب من شدة التفكير.
أؤجل خروجي لقضاء حاجاتي إلى الليل لكي لا أرى أحد أو يراني أحد..
انا أعمل ووضعي جيد لكني منعزل تماما في عملي..
إذا شاهدني أحد وقال لي أي كلمة مديح خاصة في شكلي مثلا: ما هذا الجمال.. أو شعرك جميل اليوم أو أو.. مباشرة أعتبره نوع من تلقيح الكلام.. وأتضايق جدا وآخذ موقف من ذلك الشخص..
لم أعد أعرف الصح من الخطأ.. ولم أعد أميز بين الشخص الطيب والخبيث.. حياتي متوقفة تماما فقط آكل... شرب.. أنام تفكير مستمر.. أرجوكِ يا أستاذة أميرة مُدي لي يدَ العون.. اعتبري أني ابنك أو أخوك.. وساعديني وجهيني بخطوات كيف أتصرف؟ ماذا أفعل.. لا أستطيع أن أستشير أحد لأنه موضوع حساس. أبي متوفي.. وأمي لا تقوى على الكلام فهي كبيرة بالعمر ومريضة.. لا أريد أدوية نفسية أريد حل جذري لمشكلتي لأني والله لم أعد أحتمل هذا الحال..
أريد أن أعود لسابق عهدي إنسان يفعل ما يريد رجل لا ينكسر..
وأريد طريقة لكي أجزم الموضوع، هل هي مجرد أوهام وشكوك، أم فعلا هناك شيء كهذا؟
17/11/2016
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا ولدي، لا أعرف كيف تأخرت رسالتك كل هذا الوقت رغم أني لم أرها سوى من يومين فقط تقريبا.... فلعله خير،
وأنا أعذر د. وائل صاحب هذا الصرح؛ لأنه لا زال يقوم بتفاصيل خروج موقعنا للنور بهذا الجمال، والعلم، والإنسانية؛ فرغم برائتي من التأخر عليك؛ إلا أني أتمكن من التماس العذر؛ لكم المطلوب حتى ترى أنت، وغيرك الإجابات، والمقالات، والمشاركات بأشكالها، الخ.
أما بالنسبة لرسالتك؛ فأقول لك: أنني لن أتسرع في تشخيص ما حدث على أنه دليل بشكل ما على وجود وساوس لديك وجدت في هذا التصرف من صديقك مادة تتغذى عليها -فكرة أن من حولك يتعاملون معك على أنك ربما تكون شاذاً، إلا إذا كان لديك وساوس سابقة في مساحات أخرى لم تحدثنا عنها، وكذلك سأقرر أني لن أقفز لاحتمال وجود درجة من درجات التفكير الزوراني كما أسماها موقعنا- باللغة العربية-، ولكن سأعتبر أن ما حدث لك هو فعلا بداية لما تعانيه منذ عام!!،
ولكن إن وجدت أي أعراض تدل على أي منهما؛ فأنا أنتظر متابعتك لمزيد من التفاصيل، أما الآن فأود أن أقول لك:
-الشخص الشاذ فعلا يدرك أن شذوذه غير مقبول، ولن يجد ترحيبا على الأقل علنا لما يريد فعله؛ فكيف سيكون من داخله يريد الشذوذ معك، ويتحدث هكذا مرة، ومرات أمام الآخرين؟؟؛ ...فهناك تفسير آخر حتما؛ فلعله يضحك معك، ويطمئن لهذا النوع من "الهزار" أمام أصدقائكم المقربين، رغم سخافة هذا "الهزار"، والحقيقة أنك لم تحدثنا عما كان يقوله لك حين اخترت أن تبقى معه وحيدا حتى لا تحرج، أم اكتفيت بتفسير نظراته على أنها جادة، وسيئة مع نفسك؟!.
-تحتاج لمراجعة حقيقية وجادة لمساحة التعبير عن مشاعرك، وما يجول بخاطرك؛ فكيف يكون صديقا مقربا جدا لك، ولا تفكر في أن تتحدث معه على الأقل فيما ضايقك من كلامه أمام الناس؟؟؛ فلتراجع تلك المساحة؛ لأنها "الحفرة" التي توقعك في العزلة، والتي يترعرع فيها كل أطياف القلق، والشكوك بلا جدال؛ فانظر معي.... شعرت، وفكرت، واستنتجت، وقررت، ثم تصرفت ؛ فقطعت معظم علاقاتك دون أن تتحدث عما بداخلك لتتبين حقيقته، ودون أن تسمع تفسيره!!، ولا أعني بالضرورة أن تذهب لتقول له هل أنت تريد الشذوذ معي؟؟!، ولكن تحدثه عما ضايقك من حديثه حتى لو كان "هزارا"، وأنك ترفض هذا النوع من الهزار؛ لتسمع ما لديه؛ فتتمكن من رؤية ما يحدث!!.
- تحتاج لمراجعة "اندفاعك" في قطع علاقاتك؛ فنحن نحتاج لعلاقات صحية، نحتاج "لونس"، ونحتاج "لدفء وأمان" العلاقات القريبة؛ فقطعك لمعظمها يدل بوضوح أنك لا تقترب بصدق للعلاقات الموجودة في حياتك وتستمع بوجودها فعلا، وأنك لم تقرر من داخلك بصدق أن تكون تلك العلاقات "بديلا مشبعا" بدرجة ما عن غياب احتياجك لأب، وأم، أو أنك تقع بسهولة فريسة للقلق الذي يبتلعك، دون التمكن من التواصل معه بشكل صحي؛ فتعود سريعا لمشاعرك حين كنت تتوه في السوق من أمك وتعيش لحظات الضياع، والرعب، والقلق، وتنسى أنك الآن ذلك الرجل الذي إن شعر بتلك المشاعر يتستدفىء في وجود من حوله؛ لأنهم حقيقة، أو ربما أنك تحتاج للنظر فيما قلته لك في بداية الإجابة عن وجود وسواس، أو شكوك.
يبقى أن أقول لك..أن كل نقطة اقترحتها عليك أعلم مدى صعوبتها، وأعلم حجم ما تعانيه، ولكنني أعلم كذلك أنك "تقدر" أن تتخطى حاجز الصمت، والقلق؛ بالتدريج، والتكرار، وكذلك بالقراءة في موقعنا ما يخص القلق، والوساوس، والاحتياجات، الخ، ونحن هنا من أجلك، وننتظر متابعتك... دمت بخير، وراحة بال يا ولدي.