تصفح الاستشارات والردود
| الأسئلة المتكررة FAQ   | طلب استشارة | بحث مفصل | تصفح الاستشارات بالتصنيف

تعليقات الأعضاء

العنوان: تداخل الدينيّ والنفسيّ
التعليق: السلام عليكم ورحمة الله أخ محمد
تأسّفت لحالك وما حلّ بكم والله... وأعجبتني طريقة كتابتك المنظّمة، وسردك للتفاصيل بشكل جميل (من حسنات أن تكون مدقّقا) وأودّ أن أقول شيئا عن الشخصيات الوسواسية، وعلاقتها بالدّين. والجمع بين حديث "الإتقان" أو مبدأ "الإحسان" في ديننا وبين تجاوزِ الوسواس كمرض.
أول ما يجب التفريق بينه والتنبّه له، وعساك كابدْت معاناتك بشكل كاف لتكتشف بعض ما سأذكُرُ لك، أن الحالات النفسيّة "تتلبّس" (حرفيّا) بالاعتقادات والسلوكات الدينية، وتلبَس لباسا يراه المرء مقدّسا فيهاب لمسَه أو نقضَه، وهنا تبدأ المعاناة... إسقاطات نفسية على النصوص الدينية، بمعنى أنّ المعنى الذي نستشفّه من النص الديني أو السلوك الدينيّ يُبنى ويُنسج من تركيبتنا النفسيّة، وتركيزِنا على ما "يُهمّنا" ويميل بأذهاننا إلى ما ألفتْه النّفس حتى إن كان مرَضيّا.
يمكنك ببساطة أن تقرأ حديث الإتقان، وتجعله "دليلا" على تقبّل ولو جزء صغير من مرضِك، مع أنك قد تمرّ بآية "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، إن الله كان بكم رحيما" أو "لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها" ولن تلتفت إليها بالقدر الذي ستلتفت لحديث الإتقان، ماذا عن الذين لا يتقنون فطرة ولا يُحسنون درجات الإتقان ؟ ألم تلاحظ أنّ الله تعالى لم يتوعّد "غير المتقن" بالعذاب واللعنة كما توعّد "صاحب درجة الإحسان" بالفضل والرحمة ؟
السبب بسيط، الناس لا تملك مقومات الإتقان دائما، ولا يحاسب الشرع إلا على الإهمال (تعلّما وعملا) الذي هو أيضا نوع من عدم الإتقان في النهاية، لكنه عدم إتقان بمقدمات مختلفة لا شك أن الرحمان سيُزيّلها عن غيرها
أنا لا أعِظُك هنا، وقد قلتُ أنّك ربما على اطّلاع مسبق بما أقوله، لكن سماعُها من غيرك قد يكون مريحا ومُثبّتا.
الإتقان مثله مثل أي تكليف، يشترط القدرة وغياب المشقّة، وأحاول هنا أن أشرح لك التعب النفسي في ربط سمات المرض بدين تخشى أن تضيّعه وبذنب تخاف اقترافه (بما أنك قلت أنك متديّن) لأنك متى أردت أن تتخلص وتتمرض على بعض السمات التي تشابكت مع ما هو دينيّ إلا ودخلت معركة تُمزّقك.
ولاحِظ أنّ ذكر الدين غالبا يكون في معرِض الرهبة والقلق من المخالفة، وليس من جهة أن الله رحيم وأن الدين يسير وما شابهها من المعاني التي يطردها القلق والتوجّس، لأن طريقة التديّن والتصورات المصاحبة له تأثرت أصلا بطريقة أخذ النفسية لسائر الأمور، فاختارت أعسرها وأطلّت على الدين من زاوية "المشقّة وجلد الذات". طبعا أعرف أن هذا خارج عن السيطرة، ولكن يُمكن على الأقل الانتباه لهذه الحيلة المُهلكة، فالله تعالى أرحم بنا من أنفسنا وما شيء أكثر دلالة على هذا من مرض الوسواس.
في النهاية أنصحك بأخذ الفتاوى الأكثر يُسرا (ربّما يغيّر هذا منحى حياتك وتديّنك وتقديرك لمدى إلتزامك أيضا، ولكنّها معركة لا بدّ منها)، وباحترام طبيعتك البشرية (فأنت لست رجلا خارقا) والموازنة بين طلب رزقك وتوسيع مداخيلك (ولا عيب في ذلك وإن حدّثَتْك نفسُك بأحاديث الزهد وأخبار الصالحين، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وأي شيء أكثر إضعافا لرجل بمسؤوليات من قلّة المال؟!)، مع عَدم أذيّة الناس، وتذكّر أنّ صناعة كرسيّ من خشب لن ينهار تحت مُستعمِله، ذو منظر لائق مقبول يُعدّ إنجازا مُتقنا، وليس ضروريا أن يكون بمواصفات خارقة وديكور خيالي وخشَبٍ نادر رائع كما ترى في مجّلات Design ! فذلك مستوى آخر له تكاليفه وأناسه ووقتُه.
إضافة إلى أنّ المعايير الكمالية التي يضعها الشخص الموسوس، قد تتشابك وتتلبّس بما هو دينيّ أو بيئيّ أو عاطفيّ أو سياسيّ أو علائقيّ... والمفارقة أن أيسر مجال عندنا هو الدينيّ (يريد اللهُ بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر) بسبب أن له ربّا رحيما يعفو عن كثير، ومنظّرا ما عُرض عليه أمران إلا اختار أيسَرَهُما. عكس أمور أخرى التي صنعها الإنسان ابتداء بشكل قد ينزِع للمثاليّة.
ولو وضعْنا أمامك ذلك الأعرابيّ الذّي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فسأله عن أشياء وقال بجفاء "والله لن أزيد على ذلك شيئا" فقال النبي "من أهل الجنة إن صدق" لظهرَ أمامك بجفائه وإحساسه واقتصادِه "أقرب للزندقة" ! ومع ذلك بشّره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة إن صدق، لتعلم أنّ الانطباعات النفسية قد تُرهقنا وتخدعنا، ولا تقل أولئك ناس صدقوا أما أنا فما أدراني بصدقي، فكلّما كانت الأحاسيس والأخلاق مجرّدة يسهل خداع أنفسنا فيها والتشديد في موضوعها.
شفاك الله وعافاك وفرّج الكربة عندكم في بلاد الشامّ
أرسلت بواسطة: حسن خالدي بتاريخ 30/01/2017 14:15:48
العنوان: حياك الله يا حسن
التعليق: أشكرك جزيل الشكر يا حسن خالدي على هذه المشاركة، وعلى إطرائك النبيل.
أحسنت وقدمت إضافة معتبرة للعلاج المعرفي لسمة الكمالية ... أشكرك وأسألك المزيد من المشاركات فهي مثرية بحق.
أرسلت بواسطة: abohendy بتاريخ 12/02/2017 09:48:20
العنوان: لنا الشرف أستاذنا
التعليق: أشكرك على حُسن الترحيب ومرافقتك لي والانتباه لتعليقاتي منكم نتعلّم أستاذنا بارك الله فيكم، والشكر إليكم إن شاء الله ماض معكم
أرسلت بواسطة: حسن خالدي بتاريخ 16/02/2017 15:08:25
لإضافة تعليق يجب تسجيل الدخول أولاً أو الاشتراك إذا كنت غير مشترك

المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع - حقوق الطبع والنسخ محفوظة لموقع مجانين.كوم © Powered By GoOnWeb.Com