ليس لي أصدقاء
السلام عليكم
أنا عشت مع أسرتي في إحدى دول الخليج كان اهتمام أمي زائداً بي ربما كان هذا السبب الرئيسي لعدم اختلاطي بأفراد من سني مما أتاح لي فرصة كبيرة للتحدث مع نفسي والتفكير الزائد ولم أجد أي مشكلة في هذا وكنت خجولاً ولكن استطعت أن أسيطر عليه بعض الشيء لم أشعر بأي مشكلة إلا منذ عدة أسابيع عندما قارنت نفسي بالآخرين فوجدتني أفضل منهم دراسياً وثقافياً وخلقياً(أفضل منهم كثيراً فكانوا يطلقون علي المحترم وظننت أن هذا من أسباب عدم وجود أصدقاء)
لكن ...وحيد ليس لدي أصدقاء بالمعنى الحقيقي أما كزملاء فأنا أتعامل مع الكل وقلّما أُعادي أحداً.
فكرت كثيراً لماذا أنا وحيد ليس لدي صديق حقيقي لكن لم أجد إجابة بل زدت حيرة وزاد شكوكي أن أكون غير طبيعي وذلك أنني لا ليس لي صولات ومغامرات مع الفتيات فاعتقدت أنني ...شاذ وصدقت ذلك فترة أما الآن فلم أعد أبالي بهذا وأجلت التفكير فيه عدة سنين مما جعلني أظن أني شاذ هو أني أحياناً أفكر ببعض زملائي بطريقة منحرفة ...ولكن الكثير وربما المعظم يفكرون بنفس الطريقة وبعبارات شنيعة ويعتبرونه مزاح، وظللت فترة أشاهد أفلام شاذة مع تأنيب الضمير ،ولم أجد شهوة كبيرة للنساء ...ثم تركت التفكير عدة أيام ثم عاودني إحساس الحاجة إلى صديق حقيقي لكن مع بعض الاكتئاب وأصبح الانتحار أمراً وارداً لولا أنه كفر، ولم أعد أجد بالحياة جمالاً، وحاولت كثيراً أن تتقرب ممن أشعر أني أريد أن أصاحبهم ولكن هيهات،
ومازلت أحاول ،عندما ضقت ذرعاً كتبت لكم خلاصة ما أريد أعرفه:
1-هل عدم وجود أصدقاء لي بسبب نفسي أم ماذا وهل الحل أن أتشبه بهم
2-هل أنا شاذ أم هو اضطراب المراهقة
ملحوظة ربما بسبب خجلي لا أتكلم كثيراً ولا أتدخل كثيراً في الحوارات والتي معظمها عن الفتيات وأشياء أخرى ليست من الأدب فلقبت بالمحترم، أنا محبوب من كل الأساتذة لهذا السبب أيضاً
20/4/2017
رد المستشار
الابن العزيز:
رسالتك فرصة ذهبية جديدة تتيح أمامي مساحة لأتعمق في منطقة أحسبها جديدة، وربما تغيب عن اللائق بها من المعالجة المتخصصة.
سبقتك الابنة صاحبة استشارة:"بؤسنا المركب: قصة حياتنا الجنسية"
في تسليط الضوء على نوعية الحياة التي نعيشها، وإجمالاً يمكن أن أقول أن أغلب الأقطار العربية، أو بالأحرى أغلب من يسكنون كل الأقطار العربية يعانون من فقدان أو غياب الحياة الإنسانية الطبيعية!! وليس من اضطراب الهوية الجنسية!!
ما هو المقياس الذي أعتمده في إصدار مثل هذا الحكم الخطير؟!
المقياس هو النظر في الاحتياجات الإنسانية طبقاً لرؤية "مارشال روزنبرغ"،
وتأمل: هل هذه الاحتياجات تتوافر لها سبل التلبية، والإشباع في عالمنا العربي؟!
غياب طرق، ووسائل إشباع الاحتياجات الإنسانية يؤدي إلى سلوكيات "غير مرغوبة"، وأنا لا أهتم كثيراً بالحكم على السلوك ما يهمني تأمل تعبيره عن احتياج غير مشبع!!!
لكنك عندما يحصل السلوك الذي تعتبره "غير مرغوب" يكون همك الأساس هو البحث له عن تفسيرات، وغالباً التفسيرات التي تتيحها خلفيتك المعرفية، والمفاهيم الشائعة حولنا هي تفسيرات مشوشة، غير علمية، وغير دقيقة، ومن شأنها أن تحرك بداخلك مشاعر حيرة، وتجد نفسك أمام ارتباكات والتباسات جديدة!!
هذه المتاهات والتخبطات تتراكم وتؤثر على الوجدان، وتكون بمثابة ضغوط تظهر الميول الاكتائبية الموجودة لديك أصلاً من أول التنشئة!!
التي ذكرت لنا طرفاً يسيراً منها!!
دعنا نتناول مثالاً لعله يسهم في تفهيم وتصحيح أسلوب التعامل مع ما تحاول تفسيره والتعامل معه.
أنت- مثل كل البشر – لديك احتياج للصحبة، والبشر يسعون لتلبية هذا الاحتياج عبر الاندراج في أنشطة اجتماعية ورياضية وثقافية وروحية وفنية، والمشاركة في هذه الأنشطة يكشف لكل شخص مشارك عن الجوانب أو المجالات التي تستهويه أكثر من غيرها، وتظهر الهوايات والاهتمامات بشكل تجريبي، ومبكر جداً لدى كل طفل ولكن تأمل في الحياة المعتادة "لدى العرب...
ستجد أن الأغلبية من الآباء والأمهات، والمدرسين، والمدرسات، وكل من يعتبر نفسه معنياً بالتنشئة والتربية وتوجيه النشئ تجدهم قلما يهتمون بالأنشطة، واللعب، والمشاركة الاجتماعية، وتنمية الهوايات والمواهب الفطرية المميزة عند كل طفل!!
والاهتمام هو متوجه – عند هؤلاء – إلى محاولة سد الاحتياجات المادية من مأكل وملبس ومشرب، وربما بعض الخروجات للتنزه في العطلات، ودمتم!!
وحتى الأطفال حين يصيرون أكبر سناً لا ترى فيهم غالباً أي اهتمام بهوايات أو مجالات حركة تزيد عن أمور الدراسة، والترويح الخاوي من المضمون!!
وهذا هو الشائع على سخفه!!
وسرد أسباب غياب الهوايات هو حديث يطول سأكتفي بأنك محاط بهذا المناخ، ومثل الأغلبية ليست لديك ميول ولا هوايات، والاهتمامات معينة!!
ذكرت لك هذا لأذكرك أن الطريق الطبيعي الإنساني الواسع لاكتساب الصداقات هو البحث في دوائر النشاط ذات الاهتمام المشترك.
وغياب الاهتمام والهواية، كما غياب دوائر ممارسة الاهتمامات والهوايات المشتركة يسلمك إلى مصادر فرعية، وغير مضمونة، وأحياناً لا تنجح في توفير أصدقاء!!
سواءً زملاء المدرسة، أو الجيران، أو الأقارب ستجدهم غارقين فيما هو شائع من سخف كما وصفته أنا منذ قليل!!
وقت محدود مخصص للتعليم المتواضع في مستواه وأهدافه – في بلدان العرب، وبقية الوقت ضائع في تفاهات سخيفة منتشرة من أول الجلوس على المقهى إلى قضاء ساعات أمام شاشات اللعب الإليكتروني، أو مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت!!
أين الحياة؟!
أين الرياضة والثقافة والشعر والفنون بأنواعها؟!
وجميع ما أبدع ويبدع البشر..فيه، ويتواصلون عبره؟!
ممارسة السخف مع أترابك ليس ممتعاً بالنسبة لك – فيما يبدو، ورفضك لهم يظهر في كل ما يصدر عنك، ولست مضطراً إلى أن تكون مثلهم لتندمج في هذه الحياة البائسة!!
ابدأ ببساطة في استكشاف ذاتك الحقيقية أبحث عنها داخلك، وتأمل فيما تعتقد أنك تحبه من أنشطة، ثم أبحث عمن يمارس هذا النشاط أو ذاك مما تحب، وتعرف إليه أو إليها أو إليهم كلما تعمق اهتمامك أكثر بهذا النشاط كلما زادت فرص التعارف على أصدقاء حقيقيين يجمعكم اهتمام مشترك.
وفي شأن الميول الجنسية لا تستعجل فأنت في مرحلة نضج وتحولات، ولم تتح أمامك فرص التعامل الطبيعي مع نساء في مجالات الحياة العامة وأنشطتها،
وبالتالي فلن تتحرك شهوتك تجاه عالم مجهول عنك، وبخاصة مع ما يشيع في حياتنا من نحيب وتهديد ووعيد وتحذيرات وتنبيهات تقرن بين المرأة والفتنة والخطيئة، وهو خلط شائع يشبه طبخ الملوخية، وهي مفضلة عند أكثر العرب!! وهذا كلام يطول.
على كل حال... لعل خطتك الآن قد أصبحت أكثر وضوحاً... انزل وشارك وتحدث إلى البنات في المجالات العامة، ولا تكتفي بالحكي عنهن كما في المجالس السخيفة.. استكشف الدنيا من حولك، وتابعنا بأخبارك.
مسألة أخيرة أحببت أن أتركها لآخر الإجابة حتى لا أنساها، وحتى تنتبه إليها.
تحدثت في رسالتك عن الاكتئاب، وعن الأفكار الانتحارية التي تزودك، ولا أدري مدى عمق هذا، وتكراره!!
أرجو أن تتعرف أكثر على الاكتئاب، وإذا وجدت أنك تعاني منه فعلاً كمرض فلا يكفي أن نتكلم عنه، ولكن ينبغي أن تراجع الطبيب المتخصص فوراً.
أيضاً لم تذكر في رسالتك عن محل إقامتك حالياً فهذا مما يتعلق باتساع مساحة الأنشطة التي يمكن أن تمارسها، ولهذا حديث آخر – إن شئت!!