بدي أعوض أيام شبابي
انصحوني كيف أعوض أيام دراستي اللي قضيتها كلها بس أفكر بالناس لا أتصرف شيء ما حلو أو غلط حتى لا يحكوا علي والنتيجة رسبت بأيام الجامعة ولما تخرجت قعدت ولقيت حالي هلئ عمري 29 بلا وظيفة
وحتى لو جاءتني ما بدي إياها بدي أسافر خارج بلادي وأمارس كل شيء أحبه سباحة ورياضة وكل شيء وبدي أكمل دراستي الأكاديمية وأدرس كمان هوايتي اللي بحبها ما بقدر أذكرها هذا أهم شيء أموت إذا ما بنجح بهذين المجالين اختصاصي وموهبتي وأخلص من تقاليد المجتمع اللي ضيعت عمري بسببه وضغط أبي علي من كثر حبه لي يخاف علي طبعا بس النتيجة؟
رسبت وفشلت وقعدت وحتى زواج ما بدي لأن أعرف لو تزوجت ما راح أقدر أحقق طموحاتي علما أني متمكنة ماديا وأهلي يحبوني وبدهم مصلحتي ما عندي مشاكل معهم.
قولوا لي صح اللي عم فكر فيه ؟ وكيف ؟ يوميا أبكي لان ضيعت عشر سنين من عمري وهلئ حالي حال اللي متخرج من المدرسة قولوا لي كيف أحصل دراسة وأبدأ حياة جديدة بالخارج وأنتقم من تقاليد المجتمع المنغلق وأثبت نفسي وذاتي حتى أترك بصمة كبيرة بحياتي لأني بحس حالي مو عادية وأقدر أتعلم كثير أشياء بس ناقصني الفرصة
أرجوكم جاوبوني بأسرع وقت بليييز
31/8/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله الأخت "رور" وأهلا بك على موقع مجانين وشكرا على ثقتك بمستشاريه.
وأنا أقرأ أقول في نفسي لماذا لم تقرري لحد الآن السفر للخارج، ما دُمتُ مادية مقتدرة، وأهلك يحبونك ويريدون مصلحتك وليس عندك معهم مشاكل. أعتقد أنّ أي شخص يريد الانتقام من التقاليد وله المقدرة على هجر البلد الذي يقدّسها، سيغادر في أقرب فرصة. لكنّك لم تفعلي!
وتسألين هل ما تقومين به خطأ أو صحّ. بمعنى أننا لو أشرنا عليك بأنك محقّة ليس هناك مانع من أهلك يمنعك من الهجرة... ومع ذلك لم تفعلي !
قلتِ في البداية أنّك رسبتِ في الجامعة ولم تُبيّني بالتفصيل أسباب ذلك، سوى أنك كنت تهتمين لنظرة الناس (وهذه سنعود إليها فيما بعد وهي ذات دلالة في مشكلتك)
مع أنني فهمت من كلمة "وتخرّجت" أنك حصلت على ديبلوم بما أنك تتحدثين عن التخصص، ثم تقولين بعد أسطر أنك فشلت ورسبت وقعدت.
إن ما يغلب على استشارتك هو الشكوى يا أختي. نعم ! ليس فيه أدنى اعتراف بالتقصير منك أو تحمل للمسؤولية. لاحظي معي:
تحدّثت عن الجامعة وفشلك فيها، وعزوتِ ذلك لتفكيرك المستمر في كل خطوة وكلمة تقولينها بسبب الناس. ومع أن التفكير أنت المسؤولة عنه، لكنّ السبب في الأخير هو "الناس" ولا أدري ما علاقة الناس بفشلك في الدراسة ! وهذا يدل على طريقة اللوم التي تتبعينها في تفسير فشلك وأخطائك.
ثم تتحدثين عن الوظيفة وأنّك لن تقبلي بها حتى إنْ عُرضت عليك وبدل ذلك تريدين فقط السفر.
وتشتكين من الأهل وحرص الوالد وثقافة المجتمع وانغلاقه وتعامله مع الأنثى. وتبررين بذلك فشلك وقعودك.
ألا تلاحظين أنها ميكانيزمات دفاعية منك لتجنب الاعتراف بالتقصير منك، والأهم لتتجنبي الاعتراف بضعفك أو رهابك الاجتماعي أثناء مواجهة الناس والمجتمع، بعيدا عن اتهامه بما قد يكون فيه، لكنه لا يرتبط بفشلك إلا برابط متخيّل منك في كثير من جوانبه !
هذا لا يعني أن المجتمع والثقافة ليس لها دور سلبي في بعض الأمور. لكن تمييز الأثر السيئ من المتخيّل هو ما نتحدّث عنه هنا.
خوفك من نظرات الناس وجعلهم ميزان الخطأ والصواب عندك، ما هو إلا دليل على ضعف التوكيدية low self-esteem منك يا "رور"، فكان الضغط النفسي عليك كبيرا ولم تتأقلمي في الجامعة وأجوائها المنفتحة التنافسية والتي تسحق الانطوائيين والمترددين. فلم تستطيعي التركيز في دراستك بسبب التوتر والقلق الاجتماعي. وأنا موقن أن علاقاتك في الجامعة كانت محدودة جدا إن لم تكن منعدمة !
ثم مكوثك في البيت وعدم توظفك دليل على رهابك الاجتماعي social phobia وضعف المهارات التواصلية. وبرّرت ذلك برغبتك "الهروبية" للسفر للخارج، ففي الخارج تتفجر طاقاتك وتزدهر أمامك الحياة، كما تعتقدين، على عكس المجتمع المتخلف والتقاليد البائدة والأسرة التي لا تفهمك!
والحقيقة التي أستشفّها من خلال السطور، أنّك خائفة أيضا من السفر لبلاد غريبة وترك الأهل. ولو كنت من النوع الذي يواجه لكُنت مثل الكثير من النساء في نفس بلادك، يحاولن رغم الصعوبات، وتختار لنفسها شيئا حتى مع ضعف المردودية المادية، لتشعر بأنها منتجة وتحقق ذاتها وطموحاتها ولو نسبيّا. وهذا أكثر توكيدا في حقك بما أنك ماديا مرتاحة ولن تعتمدي فقط على راتبك.
ومن المنطقي أن تكون الفتاة الغنية التي لا تعمل ولا تدرس ذات نشاطات حتى إن كانت الأسرة محافظة، فهي ستختار نشاطات يرضى بها الأهل. لكنك عكس ذلك ! ألاحظت الخلل مجددا ؟
ولا أعتقد أن قرار عودتك للجامعة أو دراسة شيء آخر حتى في مدرسة حرّة، سيُعارضه أهلك بما أنهم يقبلون فكرة أن تدرسي في الجامعة. ومع ذلك لم تفعلي !
إنك تسيرين في الطريق الخطأ يا صديقتي، فبدل أن تواجهي مخاوفك وعيوبك وسمات شخصيتك وتفهمي نفسك بموضوعية وصدق. تقومين بعملية تحويل ولوْمٍ لكل من حولك، كنوع من النقمة والاعتراض على الوضع وتحميلهم المسؤولية. ولن ينفعك هذا في أي شيء صدّقيني. سوى بخداع مجهودات التغيير عندك. مثل أن تتخيلي أن حياتك ونجاتك لن تكون إلا في بلاد أخرى. فهذا مجهود في غير محلّه، على الأقلّ في المرحلة الحالية.
وأقول لك شيئا ربما لن يعجبك. فحتى إن سافرتِ للبلاد "المنفتحة" فستُصدمين بصعوبة تأقلمك مجددا في كثير من الجوانب، وضعف ثقتك في اتخاذ القرارات وتحمّلها أمام الناس والافتخار بها. حتّى أنّك امتنعت عن إخبارنا بهوايتك، وأظن أن السبب هو خوفك من التقييم السلبي لها ومدى مناسبَتِها لك كامرأة عربية، وهذا حتى وأنت مجهولة وتتوجهين إلى موقع استشارات وليس لأسرتك أو عموم الناس ! الذين أتخموك بانتقاد هوايتك على ما يبدو.
يمكنك يا صديقتي أن تُثبتي ذاتك وأنت بين ذويك، ثم إن ظهرت خطة معينة للهجرة ستدرسينها بنضج أكبر وليس لمجرد الانتقام والهروب من وسط تظنينه السبب في كل متاعبك.
ويمكنك أيضا تعلم الكثير من الأشياء، ولا تُعوِزُك المادّة، وحتى من لا يملك شيئا، أمامه النت يتعلم منها العجب العُجاب. من تقنيات حاسوبية مرورا بالرسم والموسيقى، إلى فنون القتال ! فما يمنعك سوى نظرتك الدونية والسلبية لذاتك.
بكاؤك قد يخفف عنك. لكنه سيضعفك، وسيزيد من تقمّصك لدور الضحية الذي تلعبين بطريقة لا شعوريّة. ليس العيب أن تبكي. فهي حاجة، لكن المشكل هو وظيفة ذلك البكاء عندك.
فكُفي عن لوم الآخرين وانظري لنفسك بصدق وموضوعية وبطريقة عقلانية، بعيدا عن الدرامية واللوم والانتقاد اللاذع لنفسك. لكن من أجل معرفة مواطن الخلل فيها والعمل عليها بعيدا عن الأوهام والدفاعات النفسية الخدّاعة. فأنت مقتدرة متى تحرّرت، ويمكنك فعل الكثير من الإنجازات والهوايات.
ويُسعدني دائما أن أجد المستشير مقتدرا ماديا، لأن زيارة مختص نفسي ستكون سهلة عليه، فأنصحك بذلك لكي يضع لك برنامجا للعمل على توكيد الذات والتفكير الإيجابي. وإن كان سيُشكّل مختص رجلٌ عائقا عن التعبير. فاذهبي عند امرأة.
وتابعينا بالتطورات، ومرحبا بأي تعقيب منك.
وأتركك مع بعض الروابط:
كيف تتقبل النقد دون توتر؟
الطريق نحو الإيجابية بالتأكيد هو السلوك التوكيدي
الذكاء الاجتماعي واللغة العربية ومجانين!
تقبل النقد والثقة بالنفس تحمل الحياة
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي
التعليق: أستاذ حسن أشكرك جداً على نصائحك وأعتذر لعدم توضيحي لبعض الأمور فعندما كتبت الرسالة السابقة كنت بحالة يرثى لها وأقول لك أني لا أضع اللوم على المجتمع وأعترف كنت في أيام الجامعة ضعيفة الشخصية وعلاقاتي محددة بسبب خوف أبي علي يرهبني من كلام المجتمع كثيراً مما سبب ضغطا نفسيا أدى إلى كسر شخصيتي وخسرت من أيام دراستي 3 سنوات
ولكن بعد التخرج ومراجعتي لأسباب فشلي ورسوبي ناقشت أبي بهذا الخصوص ورأى أن مصلحتي فوق كل شيء وفوق كلام الناس بل وأعطاني ثقة وحرية أكثر من قبل لكثير من الأمور وشخصيتي الآن تغيرت نحو الأفضل أصبحت أعتمد على نفسي وطورت من موهبتي وهي الأعمال اليدوية وتصميم الأزياء وبالعكس أهلي شجعوني على تطويرها لكن اختصاصي الهندسي وموهبتي هذه لا تنفع شيئاً في بلدي ولا أحد يرغب باختصاصي
فأبقى في حيرة من أمري لو بقيت هكذا وانصعت لكلام الناس كيف أني جالسة بدون زواج ولاوظيفة ولازم أتزوج فإني بذلك سأرجع لنقطة البداية بيد أني اخترت تطوير اختصاصي واخترت السفر وأنا على خطى ذلك وسأسافر قريباً، لكن؟ كما قلت أنت ما زال لدي رهبة من عدم التأقلم من المجتمع الجديد وأخاف أيضاً من فشلي مرة أخرى رغم الآن شخصيتي مختلفة عن قبل، ما زال الماضي يرهبني فقل لي كيف أتغلب على هذا الخوف وأكسب دراستي وشبابي بالتركيز المثمر وعلاقاتي الاجتماعية وأقوي شخصيتي بالأكثر ؟؟
أرجو الرد