وسواس قهري متشعب الأساليب والأفكار!
السلام عليكم
شكراً جزيلاً على إعطاء الفرصة لنا لنتكلم بحرية عن مشاكلنا.
لا أعلم كيف أبدأ بالضبط وماذا أسرد بالضبط، لأن الوسواس القهري أخذ عدة مسارات وأشكال طوال السنين فجائني في الأفكار العقائدية والصلاة والطهارة وغيرها!
بدايته كانت عندما عمري 13 عاما، جائتني أفكار ذهنية تحمل شتم في الدين، فذهبت لخالتي لأنها قريبة مني وسألتها: ماذا يحصل لو شتمت الله؟ (وأعتقد أنني لم أخبرها أنها فكرة ذهنية)، فصرخت في وجهي قائلة: ما هذه الأفكار الشيطانية! فخفت كثير واستمرت الوسواوس... وكانت تسبب لي ضيقا شديداً وأصبح ذلك الضيق يظهر على ملامحي، حتى أن خالتي نفسها كانت مستاءة من رؤيتي والحزن يظهر في وجهي... وكانت تسألني عن سبب ذلك ولم أخبرها بالطبع، ولم أعلم ماذا يجب أن أفعل ولمن ألجأ!
بعد سنوات وصلت للمرحلة الجامعية فقرأت في كتاب عن الاضطرابات النفسية واكتشفت أن ما أعانيه هو مشكلة الوسواس القهري، ولكن فات الآوان ولا أستطيع التخلص أو مجاراته بعد أن تغلغل في أفكاري!
وبدأت أضرب وجهي بيدي بسبب الضغط الذي لا يمكنني تحمله!
أصبح الوسواس والأفكار والصور الذهنية تتطور وتتبلور وتتحول إلى أفكار اقتحامية مزعجة جدا جدا تعكر صفو حياتي، ولا أريد أن ألجأ لطبيب نفسي في مستشفى وأصادف شخص يعرفني... فيقوم بإخبار الآخرين، فأنا أعرف نظرة المجتمع وأعرف أنه قد يتهموني باتهامات تشبه الجنون!
أنا بطبيعتي أحب الدقة والنظام الشديد ولا أجرح أحداً ومهاً جدا لدي أن أحسن للجميع... حتى لو قاموا بإسائتي، والحمد لله سمعتي طيبة ومحبوبا في عائلتي وعند الآخرين، ولكن مع ذلك تغيرت عندي بعض الأمور وأثرت في نفسيتي.
بعد الجامعة خطبت عدة مرات ولم استطع الاستمرار لعدم الانسجام وكان الأمر ينتهي بفسخ الخطبة والطلاق! وبعد أن وجدت الفتاة المناسبة وخطبتها... لاحظت بأنها تنزعج من علاقاتي الإجتماعية، وذهابي للأصحاب وذهابي "للواجبات" مثل الأعراس والمناسبات، وأصبحنا نتجادل ونغضب كثيراً وأصبع الوضع متوتراً! فقررت أن أترك ما يسبب لي زعزعة في استقراري... وقللت كثيراً من خروجي لأحافظ على عائلتي!
والآن أصبح ذلك طبعاً ألازمه، أصبحت لا أطيق الخروج كثير وأخاف من مقابلة الآخرين وأحاول الإبتعاد عن التجمعات والمناسبات ودائماً أشعر بالضيق وعدم الثقة وأتلعثم أثناء الكلام، أصبحت أفضل جلوس المنزل أغلب الوقت وأشغل نفسي بالتلفاز وغيره، وخروجي مع الآخرين قليل.... وقد أكون أصبت أيضاً بــ "الرهاب الإجتماعي" !
الآن أصبحت زوجتي أكثر نضجاً ووعياً... وهي حنونة ومتعاونة وتعلم عن "الأفكار الاقتحامية" التي تروادني، وأصبحت الآن تحاول أن تدفعني للخروج ومقابلة الأصدقاء ولكن فات الآوان فلم أعد أرغب في ذلك!
وأيضاً من ضغوطاتي هو عملي في وظيفة تتطلب مني مواجهة الآخرين... وأنا لا أطيق مواجهة الآخرين، وأصبحت عديم التركيز وسهل التلعثم في الكلام، ومضت سنين ولم أستطع تغير الوظيفة ! وأخشى أنني لو غيرتها فلن يتغير شيء لأنني أعتقد أن وظيفتي هي أفضل الخيارات السيئة !
ولاحظت أنني أذبل أكثر وأكثر كلما أصابتني عقبة في الحياة !
قبل عدة سنوات زادت علي الضغوطات وأصبحت أضرب نفسي وألعن نفسي وأتسبب بكدمات في أماكن متفرقة من جسدي!
كنت بشوشاً
كنت اجتماعياً
كنت متفائلاً
كنت واثقاً ومتحدثاً جيداً،،،،،، وكل ذلك تغير!
إذا مرت علي لحظة وشعرت بالسعادة أستغرب وأتسائل: مالذي يجري؟؟ لماذا لا أشعر بالضيق؟؟
مشاكلي الحالية هي:
وساوس قهرية في العقيدة (شتم وشكوك)
أفكار اقتحامية (تأتيني في أي لحظة / من كلمة أسمعا أو عبارة أقراها أو مشهد أشاهدها أو فكرة تتولد في رأي لوحدها)
الخوف من الخطأ والحرج الشديد
الخوف من العلاقات الإجتماعية
الإحساس بالإحباط وانعدام الثقة
أكثر الأفكار المتكررة في هذه الأيام:
1. أفكار فيها أفكار جنسية وأمور تتعلق بالدين! وهي مؤلمة فتاكة جداً جداً.
2. أمور دينية ولكن أقوم بها بشكل قهري أو طقسي، مثل ذكر "الصلاة على النبي"، كلما تأتي على ذهني أشعر بأنه يجب أن أقولها... وأحينا إذا قلتها مرة يجب أن أقولها ثانية وثالثة ربما رابعة، ولا مشكلة لدي في ذلك فهذا شيء حسن ومستحب وفيه ثواب ولكن طريقتي في تكرارها ليس مثل الشخص الطبيعي ! وأنا أرغب في موازنة الأمور!
صنعت لنفسي ما يشبه الجدول لكي أوزن تكراري لها. أقولها عند خروجي من المنزل... وأقولها عند دخولي للمنزل وأقولها عند ركوبي للسيارة وعند وصولي للعمل وطبعا أكررها بين وقت وآخر، مع أني لم أسمع حديثاً "يوجب" ذكرها في هذه الأماكن وإذا تجاهلتها.... ألوم نفسي وأشعر بالضيق لأنني أشعر بأنني تجاهلت "الصلاة على النبي" ! الموضوع مربك بالنسبة لي وتفكيري!
قبل عدة سنوات جائتني فكرة مماثلة، كنت أسجد مراراً وتكراراً كلما تذكرت أحد آيات "السجدة" في ذهني!
وأخيراً، لجأت لأحد الأخصائيين النفسين واستفدت كثيراً ولله الحمد في ذلك الوقت ولكن ذلك تغير ورجع كل شيْ مشابهاً لما كان عليه, وأصبحت أتشنج بسبب هذه الأفكار وأحرك أصابع يدي بطريقة مشدودة وأحياناً أصدر أصواتاً غير مقصودة بسبب الضيق الشديد وكتمي لنفسي بسبب الأفكار الإقتحامية حتى وأنا مع الآخرين... وأتمنى أنهم لم يلحظوا ذلك!!
لجأت لبعض الحبوب ولم أستفد كثيراً وكانت تسبب لي الدواخ اسمها هو:
1. Best 5-HTP
2. Ginkgo Biloba 120mg
شكراً جزيلاً لكم، أنا في انتظار إجاباتكم....
وأتمنى أن تكون هي الخطوة العلاجية الأخيرة التي أحتاجها
22/12/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكراً لتواصلك معنا، وما ذكرته يبدو أنه يحمل الكثير الكثير من الانزعاج والتعطيل لحياتك، لكن يبدو أنك بحاجة قبل كل شيء للتفكير بالطريقة التي تتعامل بها مع حالتك المرضية، فيبدو أنك كما ذكرت كنت تريد من هذه الحالة المرضية لا زوال لوحدها، أو أن تستطيع أن تتعداها لوحدك، وللأسف فإن اضطراب الوسواس القهري يحتاج للعلاج والمساعدة العلاجية من قبل متخصصين، أما اللجوء للمعالجات الدوائية دون وصفة طبية وإشراف طب نفسي فقد يتسبب بتفاقم المشكلة وليس علاجها.
الأخ الكريم، هنالك ظاهرة سلوكية نسميها (التكيف الزائد) وكلمة تكيف لوحدها تدل على أننا نحاول أن نتكيف مع الأمور الجديدة وغير المتوقعة مع المساهمة في حل المشكلة، لكن التكيف الزائد يعني أن تتكيف مع المشكلة وتعتبرها أمراً لابد منه وتتقبل أثرها عليك، وهي بكل بساطة قابلة للعلاج، إن علاج الوسواس القهري يحتاج لجهد وتعب ويأخذ فترة زمنية طويلة بعض الشيء، لكن النتائج تكون مُرضية غالباً، فكما تحدثت سابقاً، فإن الوسواس قد نقلك لمرحلة المخاوف والقلق الإجتماعي، وهذه النقلات الوسواسية لا تتوقف، فكل مرحلة عمرية قد تتسبب هذها لنقلات بمشكلة جديدة.
إن الخطوة العلاجية الحقيقية التي تحتاجها هي اللجوء للعلاج الدوائي المرافق بالعلاج السلوكي المعرفي، فالاستشارة المكتوبة لا تقدم إلا بعض التوجيه، والوساوس تحتج لعلاج حقيقي وعميق، لذلك ننصحك فوراً بالتوجه للعلاج، وإعطاء فرصة لا تقل عن سنة واحدة للعلاج حتى تنال النتائج المرجوة.
نتمنى لك السلامة، ولا تتردد في مراسلتنا لأي جديد.