مشاعر مشتتة وأهداف غير واضحة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة عمري 22 عام، في الحقيقة لا أعلم بالضبط ما هي مشكلتي لكي أشرحها، لا أعلم حتى إذا كان لدي مشكلة أم لا أنا لا أعلم حقيقة نفسي أبداً، ولا أستطيع أن أكون صورة واضحة لشخصيتي لكي أستطيع منها أن أرى مشاكلي وأواجهها، أشعر أنني لا أعرف من أنا..... عندما يسألني أحد عن طموحاتي أو يطلب مني أحد أن أصف شخصيتي وما أحب وما أكره، أجد نفسي عاجزة عن الرد، وحتى إذا أجبت أظل أتساءل بعدها هل هذا فعلاً أنا ؟
طوال حياتي وأنا أعيش بأحلام وأهداف متغيرة بين الحين والآخر، ولا أعلم هل هذا شيء طبيعي أم لا؟ حتى علاقاتي مع الآخرين لا أعرف كيف أصفها، أنا شخصية انطوائية، لا أختلط مع الناس ليس فقط لشعوري بالخجل من التعامل منهم ولكن أيضاً لأني أحب عزلتي كثيراً، ولا أشعر بأنني أنتمي لهذا العالم، أشعر بأنه غريب عني، أحب أن أعيش في عالمي الخاص الذي صنعته لنفسي والذي قد يكون غريباً للكثيرين، لدي عدد قليل جداً من الأصدقاء، ورغم أني أعلم أنهم يحبونني إلا أن مشاعري ناحيتهم متغيرة، تارة أحبهم وتارة أكرهم وتارة أشعر أنهم غرباء عني، وذلك بدون أسباب قوية أو واضحة وأحياناً بدون أي أسباب تماماً .
أشعر أن مشاعري غير مفهومة بالنسبة لي، قد أشعر في بعض الأحيان أن بي مشكلة ما وأني لست طبيعية، وفي حين آخر أسخر من نفسي وأقول لها أنها ليس بها أي مشكلة وأني فقط أهول من الأمور، كذلك أنا سريعة الغضب لأتفه الأسباب التي قد تكون غير معقولة، ولكنني دائماً أحاول أن لا أصب غضبي على الآخرين، وتكون النتيجة أنني أكتمه بداخلي فأشعر بالاكتئاب ويزداد الغضب بداخلي تجاه كل شيء، ومنذ حوالي سنة بدأت في جرح نفسي عندما أشعر بالحزن أو الغضب أو بالفراغ الشديد، فأصب كل شيء على نفسي وأرتاح قليلاً بعد هذا التصرف،
قد أجد نفسي أحياناً أتصرف تصرفات لا أفهمها، فمثلاً أتحدث مع صديقتي لتخبرني بشيء ما تكرهه، وفي تلك اللحظة أكون أنا لا أكره هذا الشيء، ثم بعدها أجد نفسي أكرهه أنا أيضاً، وكأنني تأثرت بها، كما أن قراراتي لا أعرف إذا كانت فعلاً تكون نابعة من نفسي أو نابعة ممن حولي، فمثلاً بعد انتهائي من الجامعة التحقت بالدراسات العليا مع صديقتي، وكنت مقتنعة أن هذا قرار صائب في ذلك الحين، ولكن بعد فترة وجيزة وجدت نفسي لا أعرف لماذا اتخذت هذا القرار، هل أنا فعلاً مقتنعة به أم لا، هل هذا ما أريد، هل أنا أستطيع أن أكمل بهذا الطريق، وجدت نفسي حائرة لا أفهمني تماماً .
منذ حوالي ثلاثة أشهر أصبت باضطراب الهلع والاكتئاب، وقد كانت فترة صعبة للغاية، وخلال بداية هذا الاضطراب كان يحدث معه تقلب مزاجي غير طبيعي تماماً، كنت أكتئب بشكل مفاجئ وأفرح بشكل مفاجئ وأغضب بشكل مفاجئ ثم أصاب بالهلع بشكل مفاجئ أيضاً، كنت أشعر باضطراب شديد في مشاعري بشكل مبالغ فيه، فأنا في حالتي الطبيعية متقلبة المزاج ولكن في تلك الفترة كان تقلب المزاج عسيراً ومكثف ومتعب للغاية بشكل غير محتمل .
أيضاً بعد تناول الدواء بفترة قصيرة ازداد الاكتئاب للغاية وكانت لدي أفكار انتحارية وكانت تراودني كثيراً فكرة قتل نفسي بالدواء أو بقطع شرايين يدي،
لا أعلم هل هذا له علاقة بالدواء أم أنه اكتئاب، كنت أفكر كل يوم بالانتحار وأبكي وقد قاومت تلك الأفكار بصعوبة بالغة حتى اجتزت تلك الفترة، وزالت الأفكار الانتحارية وانتهى الاكتئاب ورجعت لحالتي الطبيعية، هذه الأفكار استمرت معي لشهر كامل ولكن بشكل متقطع ولكن زادت حدة الاكتئاب وتلك الأفكار بشكل كبير في نهاية الشهر واستمرت لمدة 10 أيام متواصلة حتى انتهت، علماً بأنني أتناول دواء اسيتالوبرام ودواء ميرتازابين .
أعتذر عن الإطالة
وأتمنى أن تساعدونني لأعلم هل أنا طبيعية وكل ما أمر به أمر طبيعي أم لا !
6/5/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة "سارة" حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أهلا ومرحبا بك على موقعك، لقد قرأت رسالتك مرات للتوصل للتشخيص المناسب لحالتك، لكن ينقصني بعض التفاصيل التي لم أتمكن من الحصول عليها من رسالتك ، فمثلا تنتابك نوبات مختلفة من الحزن، وأحيانا الفرح، ولم تذكري مدة كل نوبة، ومتى تبدأ، ومتى تنتهي،
ولكني استوضحت من رسالتك أنك بجانب ما تعانينه من وجود اضطراب في المزاج بين نوبات الفرح ونوبات الاكتئاب تعانين أيضا من الاندفاع والغضب السريع وسهولة الانفعال، كما تعانين من نوبات القلق والخوف والهلع، بالإضافة إلى تشتت المشاعر، وعدم وجود استقرار في مشاعرك اتجاه الأشخاص ، وتغير المشاعر اتجاههم بسرعة وبدون أسباب واضحة، كذلك تعانين من عدم وضوح الأهداف، والجهل بالذات فكل ما يخص ذاتك في أحيان يتضح لك، وفي أحيان لا تعرفيه ، بالإضافة لوجود محاولات متكررة لإيذاء الذات ، ووجود أفكار انتحارية.
وكل هذه السمات – يا ابنتي الكريمة – تجعلني أرجح إصابتك باضطراب الشخصية (الحدية)، مع وجود مشاكل في العلاقة مع الآخر، ويمكننا أن نقول أنه اضطراب في شخصية، لأنه عادة ما يشخص اضطراب الشخصية بعد مرور 18 سنة، حيث يكون الشخص بعد هذا السن قد تجاوز مرحلة تكوين الشخصية.
والشخصية الحدّية – أو ما يُسمَّى بالشخصية البيْنيَّة – هي شخصية ما بين العُصاب والعصبية والذُّهان، لذا سُمِّيتْ بالحدِّية، ومن أكثر سماتها هي العصبية، الاندفاع، عدم المبالاة في كثير من الأمور، الشعور بالخواء والفراغ الداخلي ، اضطراب الهوية الجنسية، عدم القدرة على الاستمرار في علاقاتٍ مثمرة، إيذاء النفس في بعض الأحيان، والتقلُّب المزاجي الشديد، وفي بعض الحالات قد تطرأ تغيراتٍ ذُهانية في شكل هلاوس وفي شكل وهامات، لكنها تكون لفترة قصيرة ، وغالبا ما يصاحبها وجود اضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق والرهاب .
تقريبًا هذه هي السمات الرئيسية للشخصية الحدِّية، والشخصية الحدِّية لا تُشخَّص قبل أن يبلغ الإنسان سِنَّ الثامنة عشرة، وتختفي بعض أعراضها بمرور السنين والأيام، فيما مضى كان يُعتقد أنها شخصية استمرارية لا يتحسَّن منها الإنسان، لكن هذا الكلام ليس صحيحًا الآن، كما أن الشخصية الحدّية الآن نعتبرها طيفًا، يعني: بعض الناس لديهم بعض سمات الشخصية الحدّية، وبعض الناس لديهم سمات متوسِّطة الشدة والكثافة، وبعض الناس لديهم المرض بكل معاييره التشخيصية.
أما عن أسباب الإصابة فغالبا ما يكون بسبب الأم الغير قادرة على التعامل بنجاح مع الواقع كنموذج تعليمي للطفل، أو العنف والحرمان أثناء الطفولة.
وفيما يتعلق بالعلاج-يا ابنتي العزيزة- فأنتي تحتاجين إلى العلاج النفسي، بجانب العلاج الدوائي بالحبوب، وهو علاج بالجلسات النفسية، تحتاجين إلى شخص معالج نفسي يقودك من خلال الجلسات والعلاج النفسي للوصول إلى التوازن النفسي المطلوب، كما أنك تحتاجين بجانب علاجك الدوائي الحالي – وهو مضادات للاكتئاب – إلى أحد العقاقير التي تسمى بموازنات المزاج حيث ستعمل على تقليل الاندفاعية ونوبات الغضب لديك، كما ستحتاجين أيضا إلى أحد عقاقير مضادات الذهان لتساعدك على التغلب على اضطراب الأفكار والمشاعر لديك.
وفي كل الأحوال يجب مراجعة طبيب نفسي لأخذ التاريخ الطبي كاملا لتأكيد التشخيص، ووضع الخطة العلاجية المناسبة، وفقك الله وسدد خطاك.
واقرئي على مجانين:
مقالات عن الشخصية الحدية
استشارات الشخصية الحدية
ويتبع >>>>>: سمات شخصية حدية ..... عقار ومراجعة طبية م