حائرة..
أنا أعاني من مشكلة تسبب لي الحرج دائماً، وهي أني أصاب بشرود أو سرحان لثوان معدودة، وقد تحدث لي هذه الحالة وأنا أتكلم مع أحد؛ فأسكت فجأة.. أريد أن أعرف هل هذه الحالة مرضية؟ وهل يمكن علاجها بشكل كلي؟ وشكرًا.
8/1/2019
رد المستشار
لست حائرة فقط أيتها الأخت السائلة، بل أنت محيرة أيضًا، ومحيرة جداً في الحقيقة، فقد قلت حالتك كلها في أقل من سطرين، وسألت سؤالك فيما يقارب نصف سطر، ولم تلق السلام علينا مثلاً، ثم تسألين هل وصلكم سلامي؟! بل كنت ببساطة تشتكين من عرض يضايقك، ولا تدرين إن كان مرضيا أم لا!وتسألين في ذلك موقعنا ولم يكن لديك الوقت الكافي للشرح على ما يبدو، ولكن علينا أن نتعامل مع سؤالك لأننا التزمنا بذلك؛ ولأن الطبيب النفساني كثيرًا ما يحب من يحيرونه!
لم تكوني تقصدين طبعًا وضعنا في حيرة -لا سمح الله- لكنك اشتكيت لنا من عرض يسبب لك الحرج دائمًا، وهو الشرود لثوان معدودة! ثم ضربت لنا مثلاً لكي نفهم قصدك من الحرج، وهو سكوتك عن الكلام فجأة وأنت مع أحد أو بعض الناس!
عمرك أنت ما بين العشرين والخامسة والعشرين، ومستواك التعليمي جامعي، ربما حاصلة وربما في طريقها للحصول على البكالوريوس، ولكن عمر شكواك مجهول بالنسبة لنا!
أنت تشتكين من شكل من أشكال نوبات اختلال الوعي، فلو أن الحالة التي تشتكين منها تحدث لك منذ الطفولة فهي نوبات الغياب Absence seizures، ولا بد في تلك الحالة أنك كنت ستُعرضين على الطبيب؛ لأنك كنت ستتعثرين في دراستك الابتدائية بسبب عجزك عن التركيز في الفصل، وغالبًا ما كانت هذه الحالة ستزول بالتدريج مع التقدم في العمر لتنتهي عند بلوغك مرحلة المراهقة، وذلك إن لم تأخذ شكلاً آخر من أشكال نوبات اختلال الوعي، وكلها حالات كانت ستجبرك وتجبر أفراد أسرتك على طلب العلاج منذ فترة طويلة، ليست هذه حالتك إذن.
وأما ثاني الاحتمالات فهو أن يكون ما يحدث لك ليس غيابًا لحظياً عن الوعي وإنما هو توقف مفاجئ لتيار الأفكار، وهو ما نسميه في الطب النفسي بتوقف الأفكار Thought Blocking، وهو ما يمكن أن يحدث في حالات القلق الشديد والمتعلق غالبًا بانضغاط موقفي حاد، حيث تشعرين فجأة بتوقف تيار الأفكار لحظة ثم تعاودين بعد ذلك الاستمرار في نفس اتجاه أفكارك، وتشعرين بأن فكرة ما أو شعورًا ما قد تسبب في تشتيت انتباهك لحظيا.
وهذه قد تكون حالتك، إلا أن توقف الأفكار في بعض الأحيان يكون علامة مبكرة على وجود اضطراب جوهري في التفكير Formal Thought Disorder في مراحل اضطراب الفصام المبكرة، حيث يحس المريض فجأة بخلو عقله تماما من الأفكار المتعلقة بما كان يتكلم فيه ويستمر ذلك لحظة، ثم يتكلم بعد ذلك في موضوع آخر! وكثيرًا ما يعجز المريض عن تقديم تفسير لما يحدث له خاصة في المراحل المبكرة من الذهان، أو لعله يرجع ذلك -عندما تتشكل الأفكار الذهانية (الضلالات Delusions) في عقله- إلى قيام شخص ما أو منظمة ما بسحب الأفكار من عقله. ولن يكون توقف الأفكار بالطبع هو العلامة الوحيدة على وجود الذهان، ولذلك فإن من المستبعد أن تكون هذه هي حالتك.
إذن فما لدي من تفسير للعرض الذي تشتكين منه هو أن توقف الأفكار عندك راجع لأسباب نفسية في الأساس، إما أن تكون القلق الشديد المتعلق بمواقف معينة، وقد يشكل جزءًا من رهاب ما مثل الرهاب الاجتماعي! ولكنك لم تذكري لنا في إفادتك ما يؤكد ذلك.
وأما الاحتمال الأخير فهو أن يكون السبب هو قلق متعمم Generalized Anxiety مزمن أو مجرد انشغال زائد عن الحد بمشكلة ما في حياتك ولم تذكريها لنا، أو لعله جزء من اضطراب انشقاقي تحولي Dissociative Conversion Disorder.
وأجد نفسي مرغمًا في آخر المطاف على أن أقول إن ما تعانين منه قد يكون أمرًا عرضيا بسيطًا لا يستدعي أكثر من أن تأخذي قسطًا أوفر من الراحة الجسدية والذهنية، وتدربي نفسك على الاسترخاء الذهني في المواقف الاجتماعية.
وقد يكون علامة على وجود اضطراب نفسي ما، وعليك في هذه الحالة أن تعرضي نفسك على أقرب طبيب نفساني متخصص لكي يستطيع تشخيص حالتك ويقدم لك العلاج المناسب.
ودائماً أهلاً وسهلاً بك على موقع مجانين فتابعينا بأخبارك .