الخوف من كل شيء والوسواس في كل شيء
السلام عليكم. أنا طبيبة أسنان عمري ٣٠ عاما بدأت مشكلتي منذ عام عندما كنت أعمل في إحدى دول الخليج وقد تلقيت خبر وفاة عمي في نفس الوقت الذي كان عندي فيه إجهاض للمرة الثانية ونزيف لمدة شهرين فقد أصبت بنوبة هلع كنت دائمة القيئ وكنت لا أنام ولا آكل.
وقلت لزوجي أني أشعر أن موتي اقترب خاف علي وأمرني بالنزول لمصر ونزلنا أنا وزوجي وابني وذهبت عند أطباء كثيرين لكن دون فائدة واقترح علي أحد الأقارب الذهاب لطبيب نفسي وقمت بزيارة طبيبة نفسية وقالت أن عندي حالة هلع وكتبت لي cipralex وهدأت والحمد لله وبدأت قليلا قليلا أسيطر على نفسي والحمد لله.
وعادت تدريجيا الأعراض وهي القيئ والتفكير وعدم النوم وذلك لقراءتي الكثيرة لمثل هذه المشاكل، أشعر أنني سوف تطبق على نفس المشاكل التي أقرأها وبعدت قليلا عن قراءة هذه المشاكل وهدأت الحمد لله
وأنا الحمد لله أواظب على الصلاة والأذكار حتى شهر أغسطس الماضي عندما رأت طبيبتي أني تحسنت قالت لي أن أقلل الجرعة للنصف ومشيت عليها تقريبا شهر حتى حدث الحمل الذي كنت أنتظره منذ عامين وقد أوقفت السيبراليكس تماما وكنت الحمد لله أقاوم حتى بداية رؤيتي لقطرة دم نزلت مني وبدأ الوسواس مرة أخرى أني سوف أجهض مرة رابعة أو أن جنيني سوف ينزل مشوها أو أن حملي لن يكتمل.
وسيطرت مرة أخرى على نفسي عندما رأيت تحسن الأوضاع ولكني عندما رأيت خبر انتحار إحدى الطالبات في كلية الصيدلة نتيجة الوسواس القهري بدأت أتخيل أني سوف أقوم بفعل نفس الشيء وأخاف أيضا على نفسي أو أحبابي أن أقوم بأذيتهم، أصبحت أخاف من السكين ومن أني أقوم بضرب ابني حتى أن أهلى يقولون أني أدلـله والحقيقة أني أخاف عليه من نفسي.
وقد قام زوجي بمساعدتي كثيرا وأختي أيضا وأهلي عموما ولكني أشعر أنهم ملوا مني، أنا أتألم كثيرا ويؤذيني أيضا القيئ وقلة النوم والخوف الشديد خصوصا عند استيقاظي من النوم، أخاف على جنيني أن يتأثر بكل هذا ويأتيني أيضا الشك في الدين وهذا يؤلمني جدا جدا.
أريد استشارة سيادتك ماذا سيحدث لي؟؟؟ أخاف من المستقبل جدا أعلم وأثق تمام الثقة أن الله لن يخيب دعائي ورجائي وسيشفيني بإذن الله وكل ما هو قادم خير.
ولكن يؤلمني تقصيري في حق نفسي وعدم تقويمها وفي حق أسرتي وابني أيضا
أرجوك ساعدني
1/12/2019
رد المستشار
السيدة "رحاب".... يبدو واضحا من أنك تعانين من مشكلتين هما الخوف والوسواس، وغالبا ما يرتبط الخوف بالوساوس.
سوف أعطيك فكرة مبسطة عن الوسواس.
الأفكار الوسواسية : وتحصل على شكل أفكار أو كلمات أو تخيلات (صور ذهنية) تفرض نفسها على وعي المصاب ضد إرادته، وتكون عادة مزعجة. ويحاول المصاب أن يبعدها عن وعيه إلا أنها تعود، مثل ان يخطر في باله فكرة أو صورة ذهنية له وهو يمارس الجنس مع محرم، ويحاول أن يبعد هذه الصورة ولكنها تعود... وهكذا. وقد تحصل حالة اجترار لمشكلة دينية كما هو الحال عندك. ويحصل لديه صراع داخلي لا ينتهي إلى قرار.
الدافع الوسواسي obsessional impulse : في هذه الحالة قد تكون الأفكار والصور الذهنية الوسواسية موجودة لكن الشيء البارز هو وجود دافع للقيام بعمل ما impulse ولا ينفذ هذا الدافع مهما بلغ خوف المريض من أن يفعل الشيء، مثلا : قد تتخيل أم نفسها أنها تطعن طفلها بسكين أو تقذف به من الشباك أو تؤذي أحبابها كما هو الحال عندك
الأعمال القهرية: تأخذ أشكالاً متعددة مثل العد وإعادة العد والتأكد من إغلاق الباب مرة أو مرات، أو إطفاء الغاز مرة أو مرات checking & rechecking أو التنظيف وتكرار التنظيف والترتيب وإعادة الترتيب، والطقوس rituals الغريبة، مثل أن يشرب الماء من كأس على 35 جرعة أو أن يمشي بخطوط مستقيمة ويحرف بزوايا... أو يجري بعض الطقوس داخل الحمام للتأكد من أنه لم يتنجس. وقد تتلو الأعمال القهرية الأفكار الوسواسية، مثلا أحد المرضى كلما أطفأ النور خطر في باله أن والده سيموت، فصار كلما كبس على زر وأطفأه عاد إلى لمسه مرة أخرى وهو يردد لا لا لن يحدث. وشخص آخر خطر على باله أن والدته المريضة سوف تموت إلا إذا صعد على شجرة عالية ولمس أعلى غصن فيها.
خوفك من رؤية الدم تبعها الوسواس... وخوفك من حادث الانتحار تلاها وسواس... وهنا تكمن مشكلة معك، وهي إحدى المشاكل التي تصادف أهل المريض (أهلي عموما ولكني أشعر أنهم ملوا مني) وهي كيفية مواجهة المريض والمرض، فهناك من يحاول مواجهة المريض بالجدل وكيفية التصدي للوسواس وآخر بالغضب. ومحاولة العلاج بهذه الطرق تكون ذات طابع عاطفي.
وهنا تكمن مشكلة أخرى حيث يبدأ تفاقم المرض المشكلة كما هو الحال لديك، وليس هناك أسوأ من محاولة التصدي للفكرة في رأس المريض والجدال معها، فالمجادلة لا تجدي. فما أن تحاول اسرة المريض بطريقة لفهم الوسواس إلا واستجاب الوسواس بطريقة أخرى أي يزداد قوة وحدة.
وهذا ما حدث فعلا معك حيث ازداد الوسواس خبثا واستحواذا عليك مما جعلك رهينة له وخاصة أنك حبلى (وبدأ الوسواس مرة أخرى أني سوف أجهض مرة رابعة أو أن جنيني سوف ينزل مشوها أو أن حملي لن يكتمل) كما ورد في الرسالة... وازداد سوءا عند قراءة خبر انتحار إحدى الطالبات في كلية الصيدلة نتيجة الوسواس القهري (أتخيل أني سوف أقوم بفعل نفس الشيء وأخاف أيضا على نفسي أو أحبابي أن أقوم بأذيتهم أصبحت أخاف من السكين ومن أني أقوم بضرب ابني). .
ما أريد قوله لك ببساطة... مهما حاولت (أو يحاول أحد ما) منع الوسواس لن تتمكني ولن تستطيعي أن توقفي هذه الوساوس... لأن لديك القابلية للوسواس... لكن لا يعني ذلك اليأس... أنصحك أن تقرئي عن الوسواس للأستاذ الدكتور وائل أبو هندي (نطاق الوسواس القهري: المفهوم؟) على موقع مجانين. أو إن تيسر لك الأمر أن تذهبي إليه لمساعدتك في العلاج أو إلى الأقرب من محل إقامتك. لا تتأخري...