الوسواس القهري يقتلني في كل ثانية أعيشها
السلام عليكم، إخوتي الأفاضل أنا عمري 15 سنة، في السابق كنت مريضاً بالوسواس القهري _منذ أن كنت في السابعة من عمري_ المتعلق بالنظافة وترتيب الأشياء وهذا قبل التزامي ولكن مع الوقت تغلبت عليه بفضل الله،
ولكن بعد التزامي ظهر لي وسواس آخر شديد وهو الوسواس القهري الديني، أشعر وكأن شيطانا داخلي يعيش معي، بدأ أولاً بوسواس الشرك وأنا _الله يعلم_ الشرك هو أعظم ما أخاف منه، الذي أوهمني أن أشرك بالله وأبتدع خصوصاً أثناء الصلاة ثم وسواس الشك في الله والدين والنبي ولكن الحمد لله تغلبت عليهم بفضل الله بصعوبة، ولكن لم أعتقد يوماً أني سوف أصل لمرحلة سب الله _عز وجل_ والعياذ بالله وأحياناً وساوس أي شيء أراه تقول لي أنه الله _والعياذ بالله_ وهذا أكثر شيء يؤرقني.
وصل بي لدرجة التفكير في الانتحار وهذا ما حصل، ففي إحدى المرات حاولت خنق نفسي، وصلت لحد لم أعد أشعر بالهواء بداخلي وأني أختنق فتوقفت فجائني الوسواس اللعين وقال لي: أرأيت؟! أنت أردت الانتحار لكي لا تسب المولى ولكن توقفت لأنك جبان وتخاف الموت وتريد سب الله.
وأنا قد بحثت في عدة مواقع دينية وموقعكم هذا شاهدت جميع الاستشارات وقدمت عدة فتاوى في مواقع عدة ولكن دون جدوى (لا رد) فأرجو من حضرتكم الرد عليّ لأني في حالة نفسية جد مدمرة، وأنا لأسباب معينة عائلية لا أستطيع أبداً زيارة طبيب نفسي، لا أستطيع البوح بها.
وها قد جائني وسواس لعين آخر قبل أيام لم أستطع بأي وسيلة دفعه كالسابق، يأتيني يسب الله بألفاظ بذيئة أقسم بالله أن تُشلّ يدي خيرٌ لي أن أكتبها أو أن أموت خيرٌ من أن أنطق بها فأدفعه فيأتيني سؤال ما هو أصل الله _والعياذ بالله_؟ فيأتي الوسواس اللعين فيقول لي أصله كذا وكذا، لا أستطيع البوح بما يقول لي، ولكن هو واحد من مخلوقات الله وليس بالإنسان _والعياذ بالله_ فأستغفر الله وأنتهي أو يقول لي أن الله إله وكذا _والعياذ بالله_ ولكن الوسواس القذر _أعزكم الله_ يظل يرددها لدرجة وصلت لحد الإيمان بها وهذا ما يؤرقني، أحس أني مؤمن بما يقول لي الوسواس وفي نفس الوقت لست مؤمناً به!!
والله لا أستطيع أن أشرح لكم كيف ولكن أحس أن مفهوم الله بدأ يتغير في رأسي واستبدل بأكاذيب الوساوس، وأنا أكتب لكم هذه الاستشارة وأنا أقرأ ما أكتب يقول لي الوسواس ها قد قرأتها يا كافر. فكيف أتخلص من هذا الكفر؟ وعندي سؤال آخر، أنه من يأتيه الوسواس لا يحاسب عليه ما لم يتكلم أو يعمل أي ما لم تستقر في قلبه، فأريد معنى تستقر في قلبه هل هي أن يؤمن بها أو أن تظل في تفكيره دائماً؟
وهل أنا كافر لأني آمنت بما يقوله هذا الوسواس ؟؟
وعلماً بأن لدي وساوس أخرى عندما أذكر لفظ الجلالة تأتيني نفس الفكرة البشعة لم تفارق رأيي أبداً؟؟؟
28/3/2020
رد المستشار
الابن الفاضل "Zaki" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
وسوست طفلا بالنظافة وترتيب الأشياء ولم تحصل على حقك في العلاج وربما اعتبر أهلك الأمر عاديا بشكل أو بآخر ولسبب أو لآخر.... ثم تطور الوسواس متغيرا إلى مساحة اهتمامك الجديدة بعد الالتزام.... ثم في الوسوسة الدينية التي بدأت بعد الالتزام فأنت بدأت موسوسا بالخوف من أن تكون كفرت ثم انزلقت مع الوساوس والقهور لفترة طويلة حتى وصلت إلى ما يشبه القناعة اليائسة أنك بالفعل كفرت !! وهكذا المسار المعتاد لمن لا يعرف كيف يتعامل مع هذا النوع من الوساوس.... وفي حالتك وصل عبث الوسواس بك أن تجعلك تقدم على قتل نفسك خنقا لكي يوقعك في فخ ها قد خفت الموت ولا تخاف الكفر !... وظللت في الفخ حتى بدأت تقتنع أنك كفرت.
الخطأ الأول هو أنك ظللت تحاول دفع الوساوس وهي لا تندفع لأنك مريض بالوسواس القهري فلا تندفع إلا بالإهمال والتجاهل المستمر والمتكرر بإصرار ومنذ الوهلة الأولى التي تعرف فيها أنه وسواس.... في غير المهيئين للوسواس القهري ينجح دفع الوساوس فمرة واحدة يستعيذ الشخص بالله أو يستغفر ويعرض متجاهلا ببساطة فينتهي الأمر لكن المريض يهتم بالخاطر أكثر ويقيم وقوعه وأثر وقوعه في نفسه بشكل مبالغ فيه وهو لذلك يدفع فيفشل فيكرر المحاولة منزلقا في عدد المسارات كالنفي والتفنيد والتساؤل عن وجاهة الفكرة وعن أثرها في نفسه، وعن موقفه الشعوري منها وهل هو يستجلبها أي يرغب فيها؟ وهل رفضه الداخلي لها ثابت موجود أم أنه تحول ؟ أي أنه أصبح مقتنعا بالفكرة أو لم يعد يرفضها كما كان ....إلخ.... وهو في كل هذه الحالات يقع الخطأ الثاني.
والخطأ الثاني هو عمليات الاستبطان الوسواسية المتتالية (التحقق الاستبطاني) أي محاولة التحقق من الحالات الداخلية للنفس وهو ما تقوم به لتعرف موقفك المعرفي من الفكرة أو موضوع الوسوسة أي التفتيش في الدواخل. ذلك أنه مما يميز مرضى الوسواس القهري وبعض اضطرابات القلق وجود صعوبة تركيبية وظيفية في الوصول إلى حالاتهم الداخلية حيث لا يستطيعون ببساطة ما يستطيعه الإنسان الطبيعي ببساطة من استبطان مشاعره الوجدانية وحتى الجسدية على الأقل أثناء مرضهم وعلى الأخص فيما يتعلق بموضوع الوسواس أو القلق المرضي.... وليست فقط صعوبة في الوصول إلى الحالة الداخلية وإنما أيضًا قابلية عالية للشك في المعلومات الداخلية .... بما في ذلك هل ما زلت مؤمنا أم كفرت ؟ وهل أنا رافض أم موافق على كذا ؟... إلخ.....
بالتالي يمكن جدا أن يشعر الموسوس أنه أصبح لا يرفض الوساوس الكفرية أو أصبح مقتنعا بها (وغير مقتنع في ذات الوقت!!)... بالضبط كما عبرت أنت يا "Zaki" حين قلت : (أحس أني مؤمن بما يقول لي الوسواس وفي نفس الوقت لست مؤمناً به!!)... الموسوس حين يود التحقق من نيته في فعل ما على سبيل المثال فإنه يخفق لأنه يصعب عليه الوصول إلى ما في قلبه ولذلك قلنا: أكاد أقول ألا نية للموسوس.... ونفس الكلام ينطبق على محاولة استبطان الإيمان أو الكفر فكلها حالات داخلية.... لا تفعل ولست مطالبا شرعا لا بذلك ولا باستحضار النية ولا باستبطان ما استقر في قلبك وما لم يستقر !! لأنك موسوس والموسوس لا يوقن من نفسه شيئا يبني عليه كما جاء في الفواكه الدواني للنفراوي.... أي أن الموسوس لا يستقر في قلبه (في موضوع وسوسته) شيء يحاسب عليه وبالتالي فإن الموسوس بالكفر لا يكفر حتى وإن ظن أن أراد !!.
حيرني التفكير في تلك الأسباب العائلية التي تمنعك من زيارة الطبيب النفساني!... على كل اقرأ ما كتبته ردا عليك واتبع الروابط.... وسيساعدك هذا إن شاء الله كثيرا.... لكنه قد لا يكون كافيا وتبقى ضرورة العلاج النفساني لدي متخصص هي الواقع يا "Zaki".
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.